الكيبوتز (مزرعة جماعية يهودية)
بعد زيارة زيفا وعمتها ليومين، غادرت لقضاء ستة شهور في الكيبوتز 'Ein Hashofet' وهي واحدة من أكثر من 150 وحدة إدارية تعمل في إسرائيل. ومنذ ذلك الحين بدأ انتشار العديد منها- خاصة في المقاطعة المستلبة من العرب الفلسطينين. الكيبوتز هي مضاربة زراعية وأحياناً صناعية. من المهم أن أوضح أن نظام الكيبوتر الاسرائيلي هو فكرة ماركسية نقلها إلى إسرائيل اليهود الأشكيناز الذين هاجروا إلى إسرائيل من بولندا وروسيا. هؤلاء اليهود هم قسم من جماعة اليهود المعروفين بالبَلَْشَفِيين. وقد كانوا قبل عام 1917القوة التي وضعت حجر الأساس للثورة البلشفية في روسيا سنة 1917 وبداية الشيوعية.
مجدداً أود أن أوضح وأؤكد أن نفس تلك الجماعة من يهود الأشكيناز الشيوعيين/الاشتركيين ممن هاجروا إلى إسرائيل قد تحكموا بالحركة الصهيونية وفرضوا هيمنتهم على الحكومة الإسرائيلية منذ بدايتها في 1948.
الآن نعود للكيبوتز..
قبل حلول عام 1967 قام اليهود بمعظم أعمال الكيبوتز. لكن منذ حرب 1967، قام بها العرب وبعض المتطوعين القادمين من وراء البحار لقاء أجور زهيدة. يتقاسم أعضاء الكيبوتز اليهود كل شيء بالتساوي، كما يحصلون على الثياب والطعام وبعض الحسومات. وكل الفوائد الصادرة من المضاربة تذهب لحساب الكيبوتز ليستفاد منها في المستقبل.
كل واحدة من هذه الكيبوتز تنتسب لأحزاب شيوعية بدءاً من الاشتراكية وانتهاءً بالشيوعية المطلقة.
رغم أن الكيبوتز الذي كنت فيه لم يكن مركزاً شيوعياً إلا أنني كنت سعيداً لمغادرته بعد أربعة شهور (قبل شهرين من الموعد المخطط له). كنت خلالها أتودد لزيفا التي كانت السبب في مغادرتي بعد أربعة أشهر فقط، وذلك لنتزوج.
مشاكل سببَّها زواجنا
عُقدت مراسم الزواج في الكنِيْس اليهودي. كان الاحتفال جميلاً رغم بساطته. كنت وزيفا سعيدين جداً لكن زواجنا سبّبَ مشاكل خطيرة. كما تعلمون فإن زيفا يهودية شرقية وأنا يهودي أشكينازي، وزواج اليهود الاشكيناز من اليهود الشرقيين أمر لا ينظر إليه الأشكيناز الحاكمين في إسرائيل بعين الرضا. ولفهم السبب عليكم بمعرفة الفرق بين اليهود الشرقيين واليهود الأشكيناز.
أقنعت ماكينة الدعاية الصهيونية القوية الشعب الأميركي أن اليهود هم يهود وأنهم جنس واحد من البشر وهم "شعب الله المختار". سأعالج كذبة "شعب الله المختار" لاحقاً. لكن أولاً عليكم أن تعرفوا أن اليهود ليسوا جنساً واحداً من البشر.
يوجد في العالم جماعتين مختلفتين من اليهود جاؤوا من منطقتين مختلفتين من العالم. اليهود الشرقيون من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واليهود الأشكيناز من أوربا الشرقية. اليهود الشرقيون هم الجماعة الأقدم التي ذكرت في الكتاب المقدس لأنهم يعيشون في المنطقة التي وصفها الكتاب المقدس، وبهذا يكون بينهم وبين العرب صلة قربى والفرق الوحيد بينهم هو الدين.
أما اليهود الأشكيناز الذين يشكلون الآن 90 بالمئة من يهود العالم فلهم بداية غريبة نوعاً ما. وفقاً للتاريخ فإن معظمهم ظهروا منذ حوالي 1200 عام. وهذا ما حدث:
عند التخوم الشرقية لأوروبا عاشت قبيلة من الناس عرفت باسم الكارزرس وفي السنة 740 بعد الميلاد قرر ملك الكازرس وبلاطه تبني دين لشعبه. فتم استدعاء ممثلين عن الديانات الثلاثة الرئيسية المسيحية والإسلامية واليهودية ليعرضوا تعاليمهم الدينية. فاختارت القبيلة الدين اليهودي ولكن ليس لأسباب دينية. لأنهم لو اختاروا الإسلام فسينالون غضب العالم المسيحي القوي. ولو اختاروا المسيحية لأغضبوا العالم الإسلامي القوي. ولهذا لم يكن اختيارهم الأسلم للديانة اليهودية لأسباب دينية وإنما لأسباب سياسية.
خلال القرن الثالث عشر أُخرج الكازرس من أرضهم وهاجروا غرباً ليستقر معظمهم في بولندا وروسيا. ولأن هؤلاء اليهود الكازرس الأشكيناز اختاروا اليهودية فهم ليسوا يهوداً حقيقيون، على الأقل ليسوا من سلالة اليهود.
خلال تاريخهم طبق هؤلاء اليهود الأشكيناز الروسيين والبولنديين النظام الشيوعي والإشتراكي وعملوا على تنفيذ أفكارهم في هذه البلدان.
حوالي عام 1800 وجد عدد كبير من هؤلاء اليهود الشيوعيين في ألمانيا والبلقان ثم في كل أنحاء أوروبا. وأصبحوا مضطهدين من قبل القياصرة بسبب تدخلهم في الشؤون الحكومية والاجتماعية لروسيا. ولهذا بدأت هجرتهم. بعضهم إلى فلسطين والبعض الآخر إلى أميركا الوسطى والجنوبية وعدد أكبر إلى الولايات المتحدة.
يتبع...
ــــــــــــــــــــــــــــ
ابو العربي
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكراً لمرورك الكريم
وأهلاً بك..