((فتاة الرومللي))
الرومللي: اسم ولاية عثمانية, كان بها سكان مسلمون, في بلغاريا حالياً, أخذتها من الدولة العثمانية دول البلقان في حروب دامية عام 1912م. وهذه القصيدة من شعر والدي رحمه الله عام 1912م. وقد ألقيت ومثلت على مسرح المدرسة العلمية في حمص آنذاك, ونشرت في جريدة المفيد البيروتية في بيروت 25جمادى الأولى عام 1331هجرية.
((فتاة الرومللي))
شاهدت ربَّةَ خِدرٍ ذاتَ أسمالِ
تجري وتعثر في جلبابها البالي
تبكي بحزن فتهتز القلوب لها
رباه كن عون أيتامي وأطفالي
هناك أمسكت قلبي أن يطير وهل
قلبي حديدٌ فأغدو قبل تسآلِ
ناديت يا أخت ما هذا البكاء وما
أسبابه؟ أنبئيني صحة الحالِ
فبادرت ونشيج الشجو يحبسها
وكفكفت دمعها الجاري بتهطال
ياعم قد هجمت يوماً على بلدي
أوشاب صربٍ لئامٍ نسلُ أنذال
أشباهُ وحشٍ أغاروا يفتكون بنا
سلباً ونهباً لأرواحٍ وأموالِ
فهبَّ بعلي وإخواني مدافعة
عن الحقيقة, إذ عرض الفتى غالي
فباء بعلي جريحاً حاملاً لأخي
وقال هاتي فقيد العم والخال
كيما أقبله قبل الممات, فما
أحلاه إن كان دون العرض والمال
فرحتُ أجلب أيتامَ الجريح عسى
يسلو وليس عن الأوطان بالسالي
فعدت أحمل في يدي وأجرّ
الآخرين كأفراخٍ وأشبالِ
لما انتهيت إليه كان منتهياً
من الحياة: فهاجت حاله حالي
أرجعت أطفاله باكين من ألم ال—فراق يمشون في بؤس وإذلال
======
رباه إن أوروبا اليوم ظالمة
فجازِ يارب ظلاماً لأطفالي
ماذا أقول لعصر النور إذ عملت
بنوها أعمالها في عصرها الخالي
فاحفظ لتاريخ عصر النور مافعلت
وحوش بلقانة من سوء لأفعال
ياقوم لا تعتبوا يوماً على أحدٍ
العتب أجدر في من غرّ بالآلِ
نحن الجناة تركنا الجدّ وانسلخت
عنّا كرائم أخلاقٍ وأعمال
كأنه لم يكنْ عزٌّ ولاعمرت
أسلافنا دور مجدٍ صرحُها عالي
لهفي على الملك قد دكّت معاقلهُ
أبكي عليه بإرنانٍ وأعوال
ياقوم إن حياة الملك في خطرٍ
فأنقذوا أمةً عمّتْ بأهوالِ
تداركوا أمةً من قبل أن تصل ال-روح التراقي بلا بطءٍ وإهمال
ياقوم: إني أرى بين الرماد وميضاً
ناره سوف تذكو أي إشعال
بُعثت علينا من الآفات أعظمها
لو قاربت جبلاً دكته في الحال
لماذا القعود وبيت الله يندبنا
إلى القيام وصوت الصحب والآل
ياأمة لعبت أيدي الزمان بها
ومزقتها يدا خبٍّ ومحتال
أين الجماعات تسعى في تقدمنا؟
أين التعاون في بذلٍ لأموال؟
أين الأساطيل تمحو سبةً علقت؟
بنا وتقطع أطماعاً لمغتال
أين المدافع تحمي حرمة هتكت؟
منا وتحيي تعلاتي وآمالي
يا آل يعربَ قد كاد العدو لنا
وما بنا غير أصواتٍ وأقوالِ
لماذا الجمود وأغلال العدو على
رقابنا أثقلتنا أيّ إثقال؟
هل استطبنا حياة الذلّ في دعةٍ؟
لاخير في دعةٍ تدعو لإذلالِ
سكوتكم يارجال الشرق أطمعهم
فيكم فخفوا بإيضاعٍ وإرقالِ
وكان ماكان مما سطرت لهم
يد التواريخ في مقت وإخجال
ياقوم جودوا بمال كي نرى لكم
عزّاً منيعاً فما أنتم ببخّال
لاخير في المال إن حُمّ القضاء غداً
والعِزّ خيرٌ بإملاقٍ وإقلال
ياصاحب المال ليس الجود يفقر أو
لإقدام من يبتغي الحسنى بقِتّال
دعوا التحزب فيما بينكم وصلوا
أواصرَ الحبّ في حلّ وترحال
إن التفرق مدعاة الخراب لغد
ساء الطريق الذي يدعو لإضلال
يا قوم إن لم ندع هذا الشقاق فقد
ضاعت ثمالة أوطان وأطلال
يا آل عدنان هبوا من رقادكمُ
هبوا ولا تسمعوا تفنيد عذّال
وأرجعوا شرفاً ضاعت معالمه
فالمجد مابين عسّالٍ وفصّالِ
وحركوا طرف عزم للحياة ولا
تثنوا العزيمة من إرعاد جهال
ا=========ه