لم تأخذه في الله لومة لائم
سلطان العلماء وفحل النجباء المشهود له بالصلاح والعلم ناسكا ورعا ، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر من أعاظم المتواضعين أمام الفقراء وللبدع كان أشدهم من المحاربين ، لا يهاب الخلفاء ولا الملوك والسلاطين مادام يعلم في قرارة نفسه أنّ قول الحق في وجه الباطل لا يستهان به ، وميزان القوّة يستمدها من هيبة الله خالقه ...الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) آل عمران إنه الدمشقي القاهري الشافعي الفقيه العالم العامل والصالح المحدّث ؛ مجاز القرآن وصاحب الفتاوى المصرية والموصلية
العز بن عبد السلام
من أجلّ مواقفه الحكيمة أنه
"دخل سلطان العلماء مرةً إلى هذا السلطان في يوم عيد، فشاهد العسكر مصطفين بين يديه وقد خرج على قومه في زينته، وأخذت الأمراء تُقبِّل الأرض بين يديه، والعز بن عبد السلام يرى هذا الموكب العظيم، فالتفت -رحمه الله- إلى السلطان، وناداه: يا أيوب ! ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبويء لك ملك مصر ثم تبيح الخمور؟! فقال: هل جرى هذا؟ فقال العز: نعم الخانة الفلانية يباع فيها الخمور، وغيرها من المنكرات، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة، يناديه كذلك بأعلى صوته والعساكر واقفون. فقال السلطان أيوب : يا سيدي! أنا ما عملته هذا في زمان أبي. فقال العز: أنت من الذين يقولون: { إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ } (2) ، فرسم السلطان بإبطال تلك الخانة ومنع بيع الخمور. ورجع العز منتصرًا مسرورًا؟ لتغيير هذا المنكر، وقال له بعض تلاميذه ( الباجي ): يا سيدي كيف الحال؟ فقال العز بن عبد السلام : يا بني رأيته في تلك العظمة، فأردت أن أهينه؟ لئلا تكبر عليه نفسه فتؤذيه. فقال له: يا سيدي! أما خفته ؟فقال. والله يا بني لقد استحضرت هيبة الله -تعالى- فصار السلطان قدَّامي كالقط! (1)"
(1) هو الملك الصالح أيوب، ابن السلطان الملك الكامل محمد بن العادل، ولد سنة 603 بالقاهرة، وتوفي في ليلة النصف من شعبان سنة 647هـ، انظر: سير أعلام النبلاء، 23 / 187-192(2) سورة الزخرف، الآية 22