لا أذكر أنني خفت من الحمى ولا من ألوان الحاجة، ولا أعلم في نفسي رهبة صنعها الزمان ولا خوف الوحدة ولا الخوف من الخوف نفسه..
لكنني طالما خفت من ذلك المخلوق المجهول المسمى.. "الحب"..!!..
كان الخيال الصغير في أعماقي يحذرني من تلك الرهبة الصاخبة في أعماق غريمي المخيف..
رهبة ملأت نفسي وفاضت بها كأس الحيرة البريئة في ذاتي حتى همّت بتذوقها.. فالرشفة الواحدة لا تُسكر..
وكما أن النفس ينازعها نصلُ الحذر روحَها.. نازعتني نفسي نفسَها..
فتعثرت.. وأطرقت مليّا ..
وظننت أن الرشفة إن لم تسكر فربما أفسدت على مذاقي طعوم أقداح حياتي القصيرة الباقية..
ولم أتذوق من أقداحي الكثير، حتى قدّر لي أن ألقى كلماته بين الكلمات..
فمدت الحروف أعناقها كأنما تطاول بكبرياء جرأتها عثرات خجلي الصغير..
وكنت لا أرتشف من الكلمات أكثر من حروف معناها..
فلما قرأته.. ارتشفتني حروفه فبقيت بلا معنى..
وكنت لا أخاف الوحدة.. ولم أعرف وحشتها غابر عمري..
فلما أنست بألفة حديثه ما عاد شيء يخيفني سواها..
تعلّمت أن العجب شكل من الطبيعة في غير شكلها..
فسألت نفسي يومذاك هل الإعجاب صنع أبدع صناعة من العجب؟
وحيث أن إعجاب المرأة برجل من الرجال صناعة أبدعتها الطبيعة، فليس لقلبها مفتاح سوى طبيعتها المخلوقة لتبدع منها خلقا جديدا يشب ويهرم..
ويموت حين يموت في طبيعة لم يخلقها الله..
لم أتعلق يوما بخرافات التنجيم..
ولم أفضل بين الأرقام عددا يفضل في رنّة معناه على عدد.. لكنني حين تعلقت بالرقم "2".. عرفت أنني وقعت في الحب..!!..