صفحة 3 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 الأخيرةالأخيرة
النتائج 25 إلى 36 من 63

الموضوع: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود

  1. #25 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    بركاتك يا شيخ رجب !

    بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
    .............................................

    كان مهرجاناً شاملاً ، انتقل من تلفزة النظام البوليسي الفاشي ، إلى قنوات رجال القروض ، إلى صحف لاظوغلى وطشة الملوخية ولحم البعرور وتبولة الشام .. كان المهرجان بسبب موافقة رئيس الدولة على علاج الشيخ " رجب هلال حميدة عضو مجلس الشعب ( المعارض !) على نفقة الحكومة لمدة ستة شهور في عاصمة أجنبية .. أسهبت أجهزة الدعاية الحكومية وشبه الحكومية في الحديث عن كرم الدولة وسخائها مع مواطنيها الذين لا تفرق بينهم على أساس الموالاة والمعارضة ، فمع أن الشيخ رجب ( معارض !) وصوته عال ضد الحكومة، وضد الفساد، وضد محاربتها للأحرار، فقد اتصل به سيادة الرئيس، بعد أن نقل إليه سيادة اللواء رئيس الديوان الجمهورية خبر الموافقة على العلاج .
    قالت أجهزة الدعاية إن الشيخ رجب فوجئ بالرئيس يتصل به، ويتحدث معه حديثاً أبوياً ويطمئن عليه وعلى أسرته ويتمنى له الشفاء، ويُعبّر عن تضامن الدولة معه حتى يرجع بالسلامة عائداً في إهاب الصحة والعافية وطول العمر.
    الشيخ رجب عبّر هو الآخر عن شكره وامتنانه واعتزازه بأبوة السيد الرئيس، وقال ذلك في الاتصالات الهاتفية التلفزيونية والصحفية التي انهالت عليه عقب إذاعة خبر علاجه على نفقة الدولة، وقال الشيخ رجب إنه كتب طلبا – مجرد طلب على ورقة بيضاء – وأرسله إلى السيد الرئيس، فجاءت الموافقة بأسرع مما يتوقع، وحققت حلمه في العلاج خارج البلاد.
    فرحت – والله – لموقف الدولة ، وموافقتها على علاج مواطن مصرى ، قبل أن يكون عضواً أو نائبا بمجلس الشعب ، مؤيداً أو معارضاً ، حقيقيا أو مستأنسا ، فهذا لا يعنينى ، بقدر ما يعنينى أن من جرّب الألم وعاش محنة المرض ، يتمنى العافية لكل الناس ، ولو كانوا من خصومه وأعدائه ، فلا شىء يقهر الإنسان إلا الدّاء والدواء . كلاهما مرّ وقاس ، وكلاهما يُعيد الإنسان إلى ربّه ليستشعر قدرته وعظمته ورحمته ، حيث لا يُساوى المريض وهو سليم جناح بعوضة ، ولا يزن مثقال ذرة عند ربّه حتى وهو سليم معافى ، ولكنه كرّمه وأعطاه العقل وأفاض عليه نعمة الدين ليتعرف على خالقه ، فيسمع له ويُطيع ، ويبتعد عن الطغيان والجبروت وقهر أخيه الإنسان .
    ويبدو أن بركات الشيخ رجب كانت حاضرة ، حيث غابت عن الدكتور عبدالوهاب المسيرى ، مثقف الأمة ، الذى أبت نفسه أن تذلّ لأحد غير لله ، وتعفف عن قبول التبرعات من الشعب لعلاجه ، ورضى بقدره مستسلماً لإرادة الله . فى حين صمتت السلطة البوليسية الفاشية عن نداءات من يملكون الأقلام والأصوات لمعالجته على حساب الشعب ومن ميزانيته ، لأنه فى أبسط الأحوال مواطن مصرى خدم بلاده خدمة جليلة تفوق ما يقدمه أعضاء مجلس الشعب أجمعين ، مع احترامى لهم جميعاً ، فالذى أنجزه لا يقدرون جميعاً على إنجاز بعضه ، وفى الوقت ذاته كان ينفق من جيبه وميراثه على موسوعته – كما أشرت فى المقال السابق – ثم إنه كان أكثر تطبيقا عمليا لما تعلمه ولما يؤمن به ، حين نزل إلى الشارع ليتظاهر ضد الطغيان والفرعنة وإهدار كرامة الإنسان ، مع أن من فى مثل عمره – وقد قارب السبعين – يجب أن يخلد إلى الراحة والهدوء ، ولكنه أبى أن يقعد مع القاعدين ، أو يكتفى بكلام يذهب مع الريح ، وراح يتقدم الشباب والرجال والنساء الذين واجهوا الخوذات الغبية والنبابيت البلهاء والبيادة العمياء !
    المسيرى معارض للدولة ، ولكن معارضته – كما يرى النظام البوليسى – تخرجه من سياق المعارضة إلى نوع آخر ، لا أعرف كيف أسميه ، بدليل أنها فرّقت بينه وبين المؤيدين ، ورفضت أن تعالجه على نفقتها ، وتركته أو تركت أمره ، ليتولاه أمير سعودى ، أو تاجر مصرى يعرف قيمة الرجل ، فرقّ لحاله ، وتبرع من ممتلكاته أو ثروته ، ليقوم بما كان ينبغى أن تقوم به الدولة تجاه أحد مواطنيها اسمه عبدالوهاب المسيرى !
    كان الرجل منتسباً إلى إحدى الجامعات المصرية ، وأستاذا بها ، ولا أدرى أظل مرتبطاً بها ، أم انفصل عنها ، وإن كانت السيدة حرمه مازالت – فيما أعلم – أستاذة بإحدى الكليات الجامعية ، ويُفترض أن الجامعة التى تنتسب إليها أو ينتسب هو إليها ، أن تعالجه وتتولى شئونه الصحية ، ولكن أمر علاج أساتذة الجامعة ، يمثل جرحاً غائراً فى أعماق هيئة التدريس عموماً ، باستثناء من التحقوا ببلاط النظام ، وعاشوا على أعتابه ، وعيّنوا أنفسهم فى وظيفة " مسوّغاتى " أو " مشعللاتى " على رأى " سعاد حسنى " حين عيّنت " فريد شوقى " فى وظيفة " مشعللاتى " !
    أستاذ الجامعة البعيد عن النظام البوليسى الفاشى ، أمامه طريقان للعلاج لا ثالث لهما ، أولهما ما يُسمى بالتأمين الصحى ، نظير الخصم الإجبارى الذى يُستقطع من مرتبه الشهرى المحدود ، وعليه إذا أراد الكشف والتشخيص والعلاج ، أن يأخذ بطاقته ، ويذهب بعد طلوع الشمس – لا أبالغ – ليحجز مكانه وسط طوابير الموظفين والعمال والطلاب الذين حضروا للعلاج ، وحتى يأتى موعد الكشف عليه يكون النهار قد بدأ يميل إلى الشيخوخة والشمس تستعد للغروب ، ناهيك عن " بهدلة " الزحام و " بعثرة " الكرامة !
    أما الطريق الآخر ، فهو اختراع أخذت به بعض الجامعات – أو كلها لا أعرف – وهو خصم مبلغ إضافى من المرتب ، نظير ما يُسمى الرعاية الصحية ، حيث تتعاقد الجامعة مع بعض المستشفيات الخاصة على علاج الأساتذة وحدهم دون أسرهم . فيأخذ الأستاذ خطابا من كليته ويذهب إلى المستشفى التى تُحوّله إلى طبيب متعاقد معها حيث يجلس فى انتظار دوره .. ثم يقرر له العلاج المطلوب ، وقد يسبق ذلك تحاليل وأشعة ونحوها ، فيضطر للذهاب – وهو غالباً شيخ مهدّم تجاوز الستين – إلى مستشفى الجامعة التعليمى لينتظر دوره أو أدواره وسط الزحام القادم من التأمين الصحى والأقسام الاقتصادية ( يعنى التى تعالج بالفلوس ) ثم يعود ليكتب طلباً بالعلاج إلى رئيس الجامعة الذى يُحوّله إلى لجنة طبية التى تقرر الاستحقاق من عدمه ، وبعدئذ يدخل متاهة الموافقات والمراجعات والبحث عن الأصناف الموجودة فى صيدلية الجامعة ، أو شراء البديل ، وتحرير طلب بقيمتها مع الفواتير التى تصرف أو لا تصرف بعد شهور ومشاوير تهدّ الحيل ، إذا كان هذا " الحيل " موجوداً أصلاً !
    أما العلاج فى الخارج ، فأيامه "بيضاء" . " أبيض " من قرن الخروب ! وقد رأيتم ما جرى للمسيرى !
    ولكن الأساتذة المحظوظين من أهل البلاط أو الحرملك ، فالطريق أمامهم مفتوح ، والتسهيلات بلا حدود ، وباقات الورد ، ولو فى باريس – بلا عدد !
    لا تحدثنى عن بقية الناس من الذين أنهكتهم الأغذية المسرطنة والمياه الملوثة ، والغلاء الفاحش ، والمجارى الطافحة ، والمخدرات المنتشرة ، والمساكن الزدحمة ، والأيام الخانقة .. فهؤلاء الذين يمثلون الأكثرية الساحقة التى لا تعرف السلطة البوليسية الفاشية عنها شيئاً ، ولا تُريد ، وبالتالى ، فإن حلمهم بالعلاج المجانى أو شبه المجانى ، قد تم وأده تماماً ، فأقل تذكرة دواء لا تقل قيمتها اليوم عن مائة أو مائتى جنيه . مرتب شهر كامل للشخص المحظوظ الذي يجد عملا ؛ وربما أكثر ..ومع ذلك فإن كتاب لاظوغلى لا يذكرونهم بكلمة ، وإن كان أحدهم سخر بوقاحة من المسيرى وتمنى له الشفاء !
    .................................
    *المصريون ـ في 5/6/2007م.
    رد مع اقتباس  
     

  2. #26 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    سعيكم مشكور.. " على جزمتنا" !

    بقلم: أ. د . حلمي محمد القاعود
    ........................................

    لم أكن أنوي الإشارة إلى ما يسمى بانتخابات مجلس الشورى . فمعروف سلفا ؛ أنها ليست انتخابات " ولا يحزنون " ، بل هي تمثيلية سخيفة اخترعها النظام البوليسي الفاشي ، ليجمّل وجهه القبيح أمام العالم ، وليس لاصطفاء نخبة حقيقية من ذوي الخبرة والإخلاص تؤدي دورا حقيقيا يخدم البلاد والعباد .والبسطاء الأميون في أعماق الريف يدركون جيدا أن مثل هذه المجالس ؛ لاتخدم سوى أعضائها والنظام الذي أتي بها ، وتحليل – من الحلال – كل ما يقترفه النظام من محرّمات ضد الشعب والأمة جميعا .
    كنت أتمنى أن تنفق المائة مليون جنيه – وقيل ثلاثمائة مليون – المخصصة للانتخابات على مصالح الناس ، بدلا من إنفاقها على انتخابات صورية ، يعلم الناس جميعا أنها مزورة ، وأنها تتم بإرادة البوليس وإشرافه ، وليس القضاء ؛ كما يكذبون علينا صباح مساء .
    عاجلني صوت المذيعة الكذابة في نشرة التاسعة مساء الأحد 11/6/2007م، وهي تجزم بصيغة قاطعة أن خمسة وثلاثين مليونا من الناخبين المصريين قد توجهوا إلى لجان الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى ، بعد أن فاز أحد عشر عضوا بالتزكية . المذيعة الكذابة كانت تستخدم صيغة الفعل الماضى التي تفيد التقرير والحدوث ، وكان الواقع يكذب كلامها والصحف الحكومية نفسها التي صدرت في اليوم التالى تؤكد أن نسبة الحضور 22% مع أن الواقع يؤكد أن الذين ذهبوا أقل من واحد بالمائة من مجموع الناخبين !
    كنت أتمني أن يستفيد الناس بما أنفق على هذه الانتخابات الصورية في مشروعات مفيدة مثل الصرف الصحى وتنقية المياه الملوثة التي أهلكت كُلى المصريين وأكبادهم وأمعائهم ، ثم تقوم بتعيين من تختارهم وتجد لديهم الاستعداد للتصفيق الحاد ، والهتاف القوي ، والردح الأصيل لخصوم السلطة البوليسية الفاشية .
    لن يعارضها أحد ،ولن يقف في طريقها أحد ، فكل الناس تخشى منهج " الفرم" الذي ظهر مع أزهى عصور الحرية والديمقراطية والرخاء والعدل والإنصاف !
    كنت أتمنى أن تريح الحكومة البوليسية نفسها ، ولا تعلن عن انتخابات صورية ، لا يحضرها أحد ، بل تعتقل من يترشح لها من الإخوان المسلمين " قمة المواطنة " ! وتلقي بهم مع الأنصار والأتباع في السجون ، وتحرمهم من ذويهم ، وأقاربهم دون جريمة تذكر ، فهم مثلا لم يغرقوا أكثر من ألف مصري في البحر ، ولم يقتلوا أحدا في حوادث القطارات والسيارات ، ولم ينهبوا أموال الدولة بالقانون في صفقات مشبوهة ، ولم يسرطنوا الغذاء ، ولم يسمموا الدواء ، ولم يتصوروا على السيديهات المخلة ، ولم يقدموا للناس دما مغشوشا ، ولم يستولوا على أراضي الدولة بأقل من سعر التراب .
    كنت أود من النظام البوليسى الفاشي أن يريح ويستريح ، ويعلن أنه سيختار الأعضاء الذين يعجبونه شكلا ومضمونا ، ويصدر قرارا بتعيينهم وكفى الله المؤمنين القتال .. فالناس تعلم جيدا أنه لا المعارضة مؤثرة ، ولا الصحافة مقلقة ، ولا تصريحات " مجرم الحرب " جورج بوش " مغيرة .
    الناس واثقون تماما أنهم سيظلون هكذا تحت رحمة النظام البوليسي الفاشي حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا .. وهم واثقون أيضا أنهم يستحقون ذلك ؛ لأنهم صمتوا طويلا أمام القهر والعسف والتنكيل ، بل إنهم صفقوا لذلك وهتفوا .. هل نسينا ذلك الذي رقص في مجلس الأمة غداة الهزيمة ابتهاجا ببقاء الزعيم ، ونسى أن سيناء ضاعت مع القدس والضفة والقطاع والجولان ؟
    الناس يعلمون أن مجلس الشعب ومجلس الشورى وبقية المجالس التى صنعها النظام البوليسي الفاشي على " جزمة" أصغر جلاد في دائرة اسطنها منوفية !!
    عضو مجلس الشعب عن عن هذه الدائرة طبيب بيطري ، مرّغوه في الوحل ، ومزقوا ملابسه ، وسحلوه فى الشارع ؛ وهو خارج من سرادق عزاء ، وقالوا له : سعيكم مشكور ! وقال له الجلاد الصغير : أنت ومجلس الشعب "على جزمتنا" ! . نشرت ذلك الصحف والمواقع الألكترونية !
    لم يغضب نواب الحصانة في الوطنى ، ولا أحزاب بير السلم ، لأن " جزمة " النظام ممثلا في أصغر جلاد فوق الجميع أوتحتهم ، شرف وعز ومجد وتقدير .. يالها من جزمة !! ولم تغضب صحافة لاظوغلى أو الحديد والصلب أو السيراميك أو التوكيلات أو الأراضى المنهوبة ، لأن جزمة البوليس تختلف عن الجزم الأخرى التي يؤلفون حولها الحكايات ، وينسجون عنها الأساطير .. أما جزمة البوليس ، فهي طاهرة ونقية ورائحتها زكية وتردّ روح أى صحفي من الخدم وأىّ عضو من الوطني وبير لسلم !
    صحيح أن نواب الإخوان غضبوا واعتصموا وصدقوا ما قاله الرجل الثاني في البروتوكول عن حضور وزير الداخلية للاعتذار ، ولكن الأنباء جاءت بما لا يشتهى الرجل ، فالوزير لم ولن يعتذر ، وصحف لا ظوغلى قالت إن النائب هو الغلطان، لأنه سدّ الطريق بسيارته ، وأن الجلاد الصغير لم يتفوه بكلمة ، ولم يلمس العضو المحترم !واخبطوا دماغكم في أقرب حائط يابتوع الإخوان ، والمستقلين كمان !
    ومع ذلك يخرج الصديق عصام العريان ليقول إن في الانتخابات سبع فوائد ومآرب أخرى !
    إني أختلف معك يا دكتور عصام ، وأحرجك – على طريقة محاور العبارة 98!- فدخول الانتخابات في ظل الأوضاع الجديدة غطاء شرعي للنظام البوليسي أمام العالم ، وفي ظل غياب الإشراف القضائى الحقيقي الكامل فلن ينجح أحد من الإخوان وربما ينجح واحد أو اثنان ، ولكن لن تتكر تجربة مجلس الشعب 2005م ، وإحساسي يقول إن النظام سيحل المجلس ليتخلص من مجموعة ال88 ، ويأتي بمجلس آخر غير مزعج لن يتسرب إليه عضو واحد من الإخوان ، فالتزوير سيكون علنيا وواضحا ، وعلى عينك يا تاجر !
    ومن باب أولى أن يستجيب أعضاء ال88 لكرامتهم قبل كرامة زميلهم المسحول ، ويقدموا استقالة جماعية قبل أن يقيلهم النظام من خلال حل المجلس في تغييرات بدت بشائرها في ظهور نجل الرئيس قبل الرجل الثاني في البروتوكول على شاشة التليفزيون في أثناء الإدلاء بأصواتهم !
    وأظنك تذكر يادكتور عصام أن الجلاد الذي أعلن ذات يوم أن سيضرب في سويداء القلب ، وأنه على استعداد لقتل خمسمائة ألف مواطن من أجل الاستقرار ، لم يقل ذلك عبثا ، أو كان فلتة لسان ، أو تعبيرا عن رؤية شخصية ، ولولا أن فضحته جريدة "الشعب" – المغلقة - وهو يسبّ أصحاب المناصب الكبيرة والصغيرة ، يومها كتب "عادل حسين" – رحمه الله – خذوا السكين من يد هذا المجرم ! لولا ذلك لمضى الأمر كما يريد المجرم الجلاد ، ولقتل من شاء ، دون أن يسائله أحد !
    الانتخابات لا فوائد لها في ظل هذا الوضع الشائن الشاذ ، والضحايا يدفعون ثمنا بلا مقابل ، والأولى في هذه المرحلة على الأقل ؛ تحرير الناس ، والشباب خاصة ، من الغيبوبة التي يصنعها النظام بالكذب والتزييف والتزوير والقهر ، والاعتماد على أحزاب بير السلم التى يديرها أصحاب مصالح صغيرة ، وخاصة سلالة هنري كورييل !
    علموا الناس كيف تتحرر بالقرآن وقيمه وسلوكه من عبودية الجبابرة والطغاة ، ربّوا الأجيال تربية قرآنية ،حرمت منها في المدرسة والجامعة والإعلام والثقافة ، وهي مهمة صعبة للغاية ، وأصعب من السياسة بكثير ، ولكنها أكثر جدوي ، وأكثر تأثيرا .. وساعتها سيسقط الجلادون الفاشيون تلقائيا .. واسلمي يامصر !
    ..........................................
    *المصريون ـ في 12/6/2007م.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #27 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    الأدب الأفغاني الإسلامي

    بقلم الدكتور حلمي محمد القاعود
    .................................................. .

    يظل العالم العربي في حاجة إلى تعرف آداب الشعوب الإسلامية في آسيا وإفريقية ، على الأقل من باب الواجب المعرفي ، فقد اهتم الأدباء العرب ونقادهم بالانغماس في المركزية الأوربية وما يحيط بها من آداب تابعة لها بحكم الثقافة أو اللغة أو الدين ، ومن المفارقات أن الأدباء العرب مثلا يعلمون عن أدب أمريكا اللاتينية الكثير ، ولا يعلمون إلا القليل عن الأدب الفارسي والتركي ، وأعتقد أنهم لا يعلمون شيئاً ألبتة عن الأدب البنغالي أو الملايوي أو الإندونيسي ، بل إنهم لا يعرفون أدباً أو أدباء في بلاد تنتمي إلى الجامعة العربية مثل الأدب الصومالي أو الأدب الجيبوتي أو الأدب في جزر القمر . قد يكون الانبهار بالمركزية الأوربية من وراء إهمال الآداب في العالم الإسلامي ، وقد يكون توجه النخبة المعادي للثقافة الإسلامية عموماً من وراء البعد عن آداب شعوبها .. ولكن المحصلة في النهاية هي الجهل شبه التام بآداب الشعوب الإسلامية ، وخاصة ما صدر منها عن تصور إسلامي أو رؤية إسلامية .
    ولعل المشروع الذي أخرجته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إلى الوجود للتعريف بآداب الشعوب الإسلامية يعدّ الأول من نوعه في هذا المجال ، فقد رتّبت عمادة البحث العلمي لنشر سلسلة آداب الشعوب الإسلامية ، وبالفعل ظهر من هذه السلسلة عدة دراسات مهمة ؛ عن الأدب التركي، والأدب الأوردي ، و الأدب الأفغاني ، ورابعها عن الأدب الأوزبكي، وكلها تؤصل للأدب الإسلامي في تركيا والباكستان وأفغانستان .. وقد اخترت الدراسة الثالثة لأقدمها إلى القراء بحكم أن كثيرا من القراء العرب يفتقدون النصوص الأدبية الأفغانية الإسلامية بين أيديهم . وجدير بالذكر أنني قدمت منذ سنوات وعقب الاحتلال السوفياتي لأفغانستان الذي وقع عام 1979م دراسة حول شعر الشاعر الأفغاني العظيم " خليل الله خليلي " ، ومن خلاله عرّفت ببعض ملامح الأدب الأفغاني الإسلامي المعاصر ، وخاصة ما تعلّق منه بمقاومة العدوّ الشيوعي المستعمر ، وأتباعه من الشيوعيين الأفغان الذين نشروا الإلحاد والموت والقهر والدمار في شتى أرجاء أفغانستان !
    الدراسة التي بين أيدينا من تأليف وإعداد وترجمة الدكتور " محمد أمان صافي "، وتنطلق من الوحدة الحضارية والثقافية للمسلمين بوصفها وحدة حضارية أصيلة وثقافة إسلامية مستقلة ، والأدب هو الشاهد على هذه الوحدة ، فروحه وتصوّراته ورؤاه تصدر عن منبع واحد هو الإسلام ، ولا يؤثر في ذلك ما تنتجه النخبة المتغرّبة في البلاد الإسلامية ، فأدبها هو الاستثناء المخالف الذي يثبت الوحدة الحضارية والثقافية للمسلمين .
    لقد صمدت الأمة الإسلامية في وجه النكبات والغزوات التي ألمت بها ، وجعلتها شيعاً وأحزاباً؛ بفضل الله أولاً ، ثم بفضل أدبها الإسلامي الذي عبر عن فكرها المشترك ومشاعرها الواحدة ، وتاريخها الواحد ، وهو ما جعلها تستمد من هذا الأدب أصالتها ورسوخها في النضال والكفاح والصمود ، وتفوّت على الغزاة والطامعين فرصة إبعادها عن دورها الحضاري الإسلامي ، أو قطع صلتها بالتراث الإسلامي العظيم .
    إن الأدب الأفغاني من أهم الآداب الإسلامية ، وأعظمها فائدة ، وأجملها متعة ، وأصدقها رواية ، ونصوصه كل شيء إسلامي للإنسان عامة، وللمسلم خاصة، تقدم البناء الفكري والسلوكي والذوقي ، وتقدم المتعة الجمالية، والقيم الإنسانية ، والمنفعة التعليمية ، والعذوبة الفنية ، والتسلية النفسية في بيان إسلامي ساحر جميل . إنه أدب جدير بالاهتمام ، وجدير بالترجمة .
    وإذا كان الأدب العربي هو الجناح الأول للأدب الإسلامي ، فإن جناحه الآخر يتمثل في آداب الشعوب الإسلامية غير الناطقة بالعربية ، ولا يجوز أن يبقى الجناح الأول بعيداً عن الجناح الآخر ، أو العكس ، فبالجناحين يستقيم التحليق في الآفاق الأدبية الإسلامية ... وبالترجمة يمكن فتح باب جديد واسع في الأدب الإسلامي مازالت دروبه بكراً ، ومازالت دراساته وساحاته ميادين واسعة للباحثين والدارسين والمترجمين .
    يحدد الدكتور " محمد أمان صافي " خصائص الأدب الأفغاني الإسلامي ومميزاته في النقاط التالية :
    1 – هو أدب إسلامي عريق نشأ في ظلال الإسلام ، وتحت رعاية اللغة العربية ، وكانت العناية به إسلامية أفغانية ، وكانت نهضته وتطوره مبنيتين على الأسس والمبادئ الإسلامية . وقد نشأ نشأة إسلامية في منبت إسلامي طيب ، وفي شعب شديد التماسك بالإسلام يأمر الشعراء والأدباء والكتاب بالتقيد الشديد بالتزام قواعد الإسلام ، وتطبيقها في القول والفعل ، كما يأمرهم ويحضهم على الالتزام بالخلق القويم .
    2 – وهو أدب ينطلق من التصوّر الإسلامي للخالق العظيم ، وللإنسان والكون المحيط بالإنسان ، وللحياة التي يعيشها ، ويدعو الإنسان إلى عبادة الخالق العظيم في هذه الحياة ، ليس هذا فحسب بل يقوم برسم معالم الطريق الرئيسة ليسلكها في رحلة حياته الطويلة ، فلا غرابة أن نرى الروح الإسلامية تسري في عروقه المعنوية والصورية ، إنه أدب يهتف في شعره ونثره بعظمة الإسلام ، ويدعو بقوة إلى التمسك بأهداب الدين الإسلامي حيث إنه طريق النجاة من الضياع .
    3 – واقع الأدب الأفغاني واقع إسلامي ، منه يستقي قيمه وسلوكياته ، وعليه يعتمد في واقعه الأدبي ، حيث إنه لا يعرف العيش في أبراج عاجية بعيداً عن الحياة والناس . والحياة في منازل الأفغان حياة إسلامية ، والناس فيها مسلمون شديدو التمسك بالإسلام . ولابد للأدب أن ينفعل بالحياة والأحياء تأثراً وتأثيراً ، وقيود الواقع الحيّ تشدّه شدًّا إلى أن يقوم بتصويره وتجسيده ، فيصبح على واقع الحياة والأحياء ، حلوه ومرّه .. إنه أدب إسلامي حاول على مدى تاريخه العريق أن يقدم وصفاً مطابقاً للواقع ، وأن يعكف على دراسة مشكلات الحياة الإسلامية ، ومناقشة حلولها الإسلامية ، وجعل من واقع الحياة مصدراً استقى منه أعماله الأدبية بحيث يمكننا أن نرى فيه صورة صادقة وواقعية للحياة الإسلامية .
    4 – الأدب الأفغاني مظهر من مظاهر الانتماء الإسلامي في أجلى صورة، ومظهر التغنّي بأمجاده ومآثره التاريخية الممتدة في جذور انتمائه إلى أعمال التاريخ ، وفي اعتزازه بالإسلام وبقيمه ومثله العليا . وقد واجه بقوة محاولات القضاء على مظهر الانتماء الإسلامي ، ولم تتمكن مظاهر التغريب من التغلب عليه ، بل قاومها ودافع عن المظاهر الإسلامية .
    5 – الأدب الأفغاني الإسلامي أسهم في إقامة المجتمع الإسلامي وفي تكوين الفرد المسلم ، وفي غرس الولاء الإسلامي ، وفي تنمية المسؤولية الإسلامية، والحرص الشديد على الذوق الجمالي الإسلامي ومجابهة الأفكار الهدّامة ، وتأكيد العبودية لله ، والمشاركة في مظاهر بهجة المسلمين وسرورهم بالانتصارات في الفتوحات الإسلامية ، وفي تصوير تلك الفتوحات والانتصارات في القديم والحديث ، وقد وفق الأدب الأفغاني في تصوير هذه الغايات والأهداف النبيلة في الإطار الذي حدّده الدين الإسلامي ، وهي غايات وأغراض جميلة تدور حولها الدراسات الأدبية في عصرنا الحاضر . لقد ظل الأدب الأفغاني الإسلامي يؤدي دوره لخدمة الإسلام دون أن تحطمه حملات المذاهب المادية !
    6 – إن الأدب الأفغاني الإسلامي في جملته أدب إسلامي الأساس والمنطلق ، إسلامي الواقع والمظهر والانتماء ، إسلامي الإسهام في إقامة المجتمع وتربية الفرد . ومع ذلك فإن بعض الأدب الأفغاني ضل الطريق وشذّ عن الجادّة الإسلامية ، ولا قيمة لهذا " البعض " أما رسوخ الأدب الإسلامي الذي يمثّل الصورة الغالبة . " ويكفيه فخراً أنه ليس في أدب الناطقين بالأفغانية مكان للكافر والكفر " !
    هذه الخصائص والمميزات التي ذكرها الدكتور " محمد أمان صافي " يترجمها إلى واقع عبر صفحات دراسته من خلال النصوص الأدبية الأفغانية الإسلامية ، ومن خلال إطلالة ضافية تتناول تأثير الإسلام في نشأة اللغة الأفغانية ( البشتونية = البختونية ) وكتابتها بالحروف العربية بعد أن عادت إليها الحياة ودبت فيها الحركة ، وهجرت نهائيا الهجائية القديمة التي كانت تستخدم في كتابتها .. ثم تركّز الدراسة الحديث عن الشعراء والأدباء الأفغان الإسلاميين في كل فترة من تاريخ الأدب الأفغاني ، وبيان ما أجادوه في الأدب الإسلامي من الأفكار والتصوّرات والأخيلة ، وما صوروه في شعرهم من المعاني والمفاهيم الإسلامية ، مع الاعتماد على الشواهد الأدبية ، ونقلها من الأفغانية إلى العربية ، وهذا في الحقيقة يمثل رحلة الأدب الأفغاني عبر القرون .
    ويمثل القسم الثاني من الدراسة لبّها وجوهرها ، أو نموذج الأدب الرفيع للأدب الأفغاني الإسلامي ، وبعد مقدمة تاريخية حول الجهاد الأفغاني الإسلامي ، فإن الدراسة تدعونا لمعايشة أجمل نماذج الشعر والنثر التي قالها الشعراء والأدباء الأفغان المسلمون ، خاصة في ظل الاحتلال الشيوعي الروسي وأتباعه من الشيوعيين الأفغان .
    وكان من توفيق الباحث أنه وضع النصوص المترجمة باللغة البشتونية ، ليستزيد القراء والباحثون الملمّون بهذه اللغة من متعة الاطلاع عليها ، والتغلغل في جماليّاتها .
    ويصعب في هذه الكلمات الموجزة أن نلمّ بجميع ما أورده الباحث من نماذج أدبية تتناول الجهاد الأفغاني قديماً وحديثاً ، ولكننا سنكتفي بالوقوف أمام بعض الشعراء والكتاب من الأدباء الإسلاميين الأفغان المعاصرين الذين آثروا أدب الجهاد الإسلامي بقصائدهم وكتاباتهم .
    وينبغي أن نتذكر أن الشيوعية الأفغانية أشدّ الشيوعيات عداوة للأفغان ، وكرها للإسلام ، وحقداً على المسلمين ، تضع في طريق القيم الإسلامية ، والأفغانية كل العقبات والعراقيل ، وقد استعانت بالروس الغزاة ، وقامت بإنزال المحن بالمسلمين ، وأعدمت كثيراً من الأبرياء ، أو اعتقلتهم ، وشردت الآمنين ، وذلك بعد أن قفزت على كرسي الحكم في كابل ، وبعد أن احتل الروس أفغانستان بالقوة . وقد لعب الحزبان الشيوعيان : خلق وبرشام دور العملاء في هذه العمليات الإجرامية .
    (يتبع)
    رد مع اقتباس  
     

  4. #28 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    لم يكن أمام الشعب الأفغاني المسلم إلا القيام بالجهاد الإسلامي لمواجهة القهر والقمع والتنكيل التي تمت فيها ممارسة أشرس أساليب المقاومة الإسلامية ، وأشدّها فتكاً وتأثيراً . وبدأت مسيرة الجهاد الأفغاني إسلامية ، وانطلقت إلى كل الآفاق دفاعاً عن الدين والوطن .
    لقد استشهد الباحث في سياق الجهاد الأفغاني الإسلامي المعاصر بأشعار وكتابات عدد كبير من الشعراء والأدباء ، منهم : عبد الله غمخور ( الحزين ) والشيخ عبد الباري غيرت ، وحبيب الله رفيع وديدار خان أحمدزي ، وجوهري ، وعبد المتين تسكين ، والصادق كل زرك زردان ، وغمجين ( الحزين المتألم ) ، ومحمد يونس خالص ، وقيام الدين كشاف ، وتوريالي زازي ، وعيسى محمد ، ومحمد عارف غزوال ، وسيد محيي الدين هاشمي وعبد رب الرسول سياف ..
    كنت أتمنى أن يستعرض الباحث بعض أشعار " خليل الله خليلي " ، ومع أنه أشار إليه في سياق البحث ، ووصفه بالشاعر العظيم ، فقد كنت أتمنى أن يحظى منه ببعض الاهتمام وتقديم بعض النماذج الشعرية له . ولا أدري سبباً معقولاً يجعله يتجاوزه ، فقد غنّى الشاعر خليلي لأفغانستان غناء عذباً شجياً دامعاً ، وهو في مهجره بعيداً عن وطنه ، محروماً منه ، ملهوفاً عليه .
    قدم الباحث الشعراء والأدباء الأفغان الإسلاميين من خلال نبذة قصيرة تتناول سيرتهم وإنتاجهم الأدبي ، مع تقديم نماذج شعرية أو أدبية ، واتسعت هذه النبذة أحياناً وضاقت في أحيان أخرى ، وفقاً لمستوى الشاعر أو الأديب ومقدار إنتاجه الشعري أو الأدبي .
    وقد بدأ البحث المرحلة المعاصرة للجهاد الإسلامي الأفغاني بالشاعر عبد الله بن عبد الودود – الملقب بغمخور – أي الحزين – الذي يبدو أكبر الشعراء المعاصرين سنَّا حيث ولد عام 1921م = 1339هـ في ولاية كونر ، بمنطقة جميلة رائعة في أحضان الظلال الوارفة ، وعبير الأشجار الخضراء الناضرة .
    عاش غمخور في بيت علم وزعامة ، وفي بيئة متوسطة الحال . اشترك والده الحاج عبد الودود، وعمه الشيخ عبد الرحمن في حرب الاستقلال في عهد الملك أمان الله خان ، الذي أعلنها ضد الإنجليز في الهند .
    عمل غمخور في السلك الحكومي الإداري ، وخاصة إذاعة كابل ، وتشبع بعداوة الإنجليز، وبشعور العطف والشفقة على الناس ؛ وهذه المشاعر تبدو واضحة في شعره . ويمتاز غمخور بثقافة متنوعة تركت آثارها على إنتاجه الأدبي ، ونظراته النقدية ، ساعدته على إجادة الكتابة وقول الشعر، وإنتاجه الأدبي يجمع بين السلامة والقوة ، وبين وضوح الفكرة وعمقها . قال عنه الأستاذ " خليل الله خليلي " شاعـر أفغانستان العظيم : " إنه شاعر قدير ، زوّد الأدب الأفغاني بمجموعة من شعره النفيس " . وقال عنه " سيد شمس الدين مجروح " ، وزير العدل الأسبق في أفغانستان ، وأحد علمائها وأدبائها المشهورين : " يكمن في شعر عبد الله غمخور كثير من الدرر واللآلئ المبتكرة " . وقال عنه الأديب " هميش خليل " المؤلف والمحقق الأفغاني : " إن الشاعر عبد الله غمخور يدافع عن هوية بلاده بفمه وقلمه وقدمه .. إنه شاعر ومقاتل ومجاهد " .
    لقد صور واقع الجهاد الأفغاني الإسلامي بمنتهى الدقة والوضوح ، ودون مواربة ، ودعا المجاهدين إلى النهوض بمسؤولتهم ، وحمل الأمانة ، والاتحاد إن أرادوا النصر على الأعداء ، وقد انتقد كثرة الزعامات وإضاعة الوقت والهدف . يقول :
    لقد كثر الكلام وتعدد الأفواه وفقد الهدف
    زادت المؤتمرات وزادت الحكايات وفقد الغرض
    ويقول :
    لا تسألوا عن جنون الزعامة وهوسها
    لقد فقد أصحاب القلوب ما يشغل القلوب !
    فقد أصل " غمخور " في أشعاره المتنوّعة لفكرة الحماسة والجهاد من خلال التصور الإسلامي ، حتى في شعره الذي أنشأه في الموضوعات الوطنية :
    إنني عبد الله ذاهب إلى التضحية بنفسي
    لقد ثرت غيرة على الإسلام وغيرة على الأفغان
    إنني قد قمت بصيحة التكبير لأجل الإسلام
    وقمت بالرحيل مع الأسرة لأجل شعبي ..
    وفي قصيدة بعنوان " اليوم الدامي " يصور شكواه المرة الحزينة التي أثارتها مشاهد الجرائم الوحشية التي ارتكبها الشيوعيون ضد شعبه . يقول فيها متحدثا عن حزب " خلق " الشيوعي :
    كلتا يديه مخضبتان بدمائنا الوردية بوضوح
    وكل أسنان فمه الفاغر محمرة بلحومنا
    لا تقل ، إنها أعلام حمراء للشيوعيين " الخلقيين "
    بل إنها ثياب صدورنا الحمراء التي قطعت
    ليست قطع القماش وحدها تبدو ملونة بدمائنا القانية
    بل الأسواق أيضا محمرة بدمائنا النازفة الغارقة
    إن مصاصي الدماء ممن يعبدون لينين اعتدوا علينا
    فاحمرت البيوت ، بل القرى والمساجد بدمائنا الوردية
    ويستمر الشاعر في الإنشاد مستثمرا ببراعة المفارقة بين لون الدم ، وشعار الشيوعيين ، حيث يرى الحمرة صبغت كل شيء في أفغانستان ، لأنها صارت دما ينزف في كل شبر من أرجائها ، وليس مجرد راية حمراء يرفعها الشيوعيون .. حتى يصل في بعض أجزاء القصيدة إلى القول :
    الآن مات المحراب والمنبر
    لأن أعلام الملحدين المعلقة مصبوغة بالحمرة الدامية !
    ويسجل " غمخور" آلام الهجرة والأنين الذي انتشر في حدائق الطيور ، والدماء القانية التي صارت رداء للوطن ، في قصيدة ملحمية طويلة تبشر بالأمل القادم والنصر الموعود ، والنور الذي سيشرق من جديد ، وسينجو العالم من براثن ذئاب لينين . ولا ينسى " غمخور " وهو يرصد الألم ويبشر بالأمل أن يلتفت إلى زعماء الجهاد وخلافاتهم المؤسفة ، فيبكتهم ويستنكر أفعالهم ويحذرهم من ضياع الدين والوطن :
    لماذا تركتم الجهاد أيها الزعماء وبدلتموه
    بصيحات ونعرات الاتحاد .. الاتحاد الفارغة ؟
    يا جياع الثورة وعشاق المال اسمعوا القدر :
    إن دين الأفغان ودنياهم قد ضاعا .. وضاعا !
    ومع متابعة " غمخور " لحركة القادة المجاهدين وما يحدث بينهم من خلافات ، فإنه يشيد دائما بالمقاتلين المسلمين الأفغان ، ويبارك انتصارهم على الشيوعيين الملاحدة ، وله قصائد طويلة في هذا السياق منها قصيدته الجميلة التي يهنئ فيها الشعب في " كونر " بانتصاره وبطولاته ، يقول في ختامها :
    أيها الفجر الجديد للحياة الجديدة ، لك التهنئة
    لقد نفذت البطولة الكبرى ، فلك التهنئة .
    وعندما انتصر الأفغان وتم طرد الروس بعد هزيمتهم الفاضحة ، قال " غمخور " مقطوعة قصيرة لها دلالتها العميقة مخاطبا المجاهد الأفغاني المسلم المنتصر :
    أحدث سيفك وقع رجع الصدى في العالم ، بورك فيك
    وأخرجت الروس من ترابك الطاهر ، بورك فيك
    فأصبح بذلك دور " آريانا " التاريخي مفتوحاً يا ابن الأفغان
    كيف أمكنك التغلب على هذا المارد ؟ ، بورك فيك
    من الشعراء المهمين الذين ترجم لهم الكتاب ، الشاعر " غمجين " ، ومعنى اسمه : " الحزين المتألم " ، وهو من المتخصصين في الإنشاد في موضوعات الجهاد الأفغاني . وموضوعاته نماذج أدبية إسلامية سامية الهدف ، عالية الأسلوب ، وهي ألصق بالجهاد الذي أصبح من الحياة اليومية للأفغان .
    وديوان " غمجين " الذي أسماه " جهاد جذبه = جاذبية الجهاد " مرآة لحياته الجهادية الصادقة ، تكمن فيه أبعاد شخصيته الأدبية ، وصراعات الجهاد وانتصاراته ، ولغته الشعرية التلقائية ؛ وهي لغة حية دافقة ، زاهية ولكنها بسيطة بساطة طبعه وحياته ، عميقة وصافية صفاء جوهره ، وفيها جميع عناصر الحياة من الجهاد بمشاهده ومناظره وانتصاراته . إنه كائن حيّ داخل تشكيلة الحياة الجهادية المتحركة بكل أبعادها وأشكالها وقوالبها المتأرجحة بين تقدم للهجوم وتأخر للإعداد .
    إن جرأة التناول ، وطراوة الخيال ، واتساع الأفق بعض ما تميز به الشاعر " غمجين "، فقصائده ذات علاقة وثيقة وطيدة بالأجواء والأحوال السائدة في أفغانستان . وشعر " غمجين " الجهادي ممتلئ بتفاؤل عميق ، وهو مثل الشعراء الأفغان الآخرين ، يؤمن بأن النصر في النهاية من نصيب الجهاد ، وأن حكومة إسلامية ملؤها السعادة والإشراق ستنهض في بلاده ؛ لذا نراه يلح على الجهاد والمجاهدين والفدائيين .
    وفي قصيدته " الفدائي الطاهر " يقول :
    لا خوف عندي من قصف القنابل ولا من الغاز السام
    مائة حسرة وأسف على الموت الذي يتم اليوم
    عندما يلفظ الإنسان أنفاسه في حضن أمه بدلال
    يا " غمجين " إن الصفقة لإحدى الحسنيين
    الفدائي النقي الخالص إما أن يكون شهيدا ، وإما غازيا
    ويتعجب " غمجين " ، خداع الشيوعيين المحليين ومكرهم ، فيكشف أساليبهم وألاعيبهم ، ويتحدث في قصيدته " لون البقرة أسود ولبنها أبيض " عن " نجيب الله " الحاكم الشيوعي وكلامه المعسول ، فيقول :
    مهما يتحدث " نجيب " عن قصص الود والحب
    الشائقة العذبة ذات الدلال واللطف الكثير
    من أجل خداع عامة الناس بمكر وحيلة
    وهي قصص مملوءة بالفساد ، وملونة للإضلال
    يجد نفسه بأنه في عداد المسلمين من غير وضوء
    ومن حوله يقف الروس الحمر يحملون السياط
    كيف يمكنه إخفاء الشمس المشرقة بإصبعين
    الكل يعلم أن لبن البقرة السوداء أبيض
    ما دام هو يحمل في أذنه حلقة العبودية للروس
    أقوم أنا " غمجين " فأشرب من الحزن دم مهجتي
    (يتبع)
    رد مع اقتباس  
     

  5. #29 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ولا ريب أن حرارة الشعر لدى " غمجين " والشعراء الأفغان الإسلاميين ، ترتبط ارتباطا وثيقا بصدق مشاعرهم وصفاء أحاسيسهم وتعبيرهم عن التجربة الشعرية من داخلهم ، ولعل ذكر الشاعر لاسمه ، أو جعل نفسه طرفا في بناء القصيدة الإسلامية الأفغانية من وراء هذه " الحرارة الشعرية " .
    يشغل النثر في دراسة الدكتور " محمد أمان صافي " حيزا محدودا ، ويتوقف عند الكتاب والأدباء الذين كتبوا المقالة وحدها ، لذا لم يقدم من النثر الأفغاني الإسلامي إلا نماذج للمقالة ، واختفت الأجناس النثرية الأخرى ، مثل القصة القصيرة والرواية والخطبة والخاطرة والمسرحية والحوارية ... وكان يمكنه أن يثري هذا الجانب لو قدم بعض النماذج أو أشار إليها بالعرض أو التلخيص ، وسبق أن قدمت " لمرال معروف " روايتين ، الهجرة إلى أفغانستان " التي ترجمها " محمد حرب " ، ورواية " معسكر الأرامل " التي ترجمتها " ماجدة مخلوف " وقد طبعتها رابطة الأدب الإسلامي ، وهما من الأدب الأفغاني الإسلامي المتميز .
    تقدم الدراسة عددا من أدباء المقالة في أفغانستان ، منهم الزعيم محمد يونس خالص ، والشيخ قيام الدين كشاف ، والأديب توريالي زازي ، والأستاذ عيسى محمد ، والأستاذ محمد عارف ، والأستاذ سيد محيي الدين الهاشمي ، والأستاذ عبد رب الرسول سياف ، كما سبقت الإشارة .
    يقدم من الكتاب الزعيم محمد يونس خالص ، ولعله أكبر الأدباء الناثرين سنّا ، فهو من موليد 1298هـ 1919م بولاية ننكرهار بشرق أفغانستان ، وهو من زعماء المجاهدين ، ويكاد أن يكون مدرسة تتعانق فيها أساليب القتال بأساليب الأدب .
    قضى الشيخ محمد يونس خالص حياته في تدريس العلوم الإسلامية والعربية ، وإلقاء الخطب الدينية والإمامة في المساجد، بالإضافة إلى إذاعة الأحاديث الخاصة بتفسير القرآن الكريم من الإذاعة الأفغانية والكتابة في الجرائد والمجلات نثرا وشعرا .
    وقد هاجر إلى بيشاور ، وانضم إلى " الحزب الإسلامي " بزعامة حكمتيار ، ثم انشق عليه عام 1979م ، وأسس حزبا خاصا به يحمل اسم " الحزب الإسلامي " أيضا . وشارك – مع تقدمه في السن – في كثير من عمليات الجهاد التي قادها بنفسه ، وإيمانه لا يتزعزع بانتصار الثورة الإسلامية الجهادية في أفغانستان ، وقيام حكومة إسلامية صحيحة فيها . وله مجموعة كبيرة من الآثار الأدبية والفكرية أهمها " الدرر الدينية ، وروح الاجتماع ، والدين والتمدن الإسلامي ، والإسلام بين العلماء الضعاف والشباب الجاهل ، ومن النماذج التي كتبها خالص مقالة " خائن الشعب " التي نشرها في مجلة " بيام حق " رسالة الحق التي كان مديرها المسؤول ؛ وجاء فيها :
    " خائن الشعب هو الذي يقوم بالقضاء على لغة الشعب وعاداته المفيدة، وتقاليده الشعبية، ويقوده إلى تقليد الأجانب .
    هو الذي يخلق التفرقة والحقد بين أفراد الشعب، ويفرق بينهم بتميزات مخالفة للعدالة .
    هو الذي يقتل في الشعب مشاعره الدينية الحقة، ويقضي على الشعائر، والتعاليم، والمحاسن الدينية .
    إنه ذلك الذي يضحي بأموال الشعب، وأعراضه، ودمائه في سبيل تلبية رغباته الشخصية، ومطالبه النفسية .
    هو ذلك الذي لا يتحرك غيره على ناموس الشعب . إنه ذلك الذي يقضي على شخصيات الكثيرين لأجل رفع شأن شخصيته الخاصة .
    هو الذي يتهم كثيرين من الأبرياء لينالوا الجزاء باسم المجرمين لإثبات مصالحه الخاصة . هو ذلك الذي يقوم في بلده بالدعاية للأجانب ، ويعمل لمصلحتهم .
    إنه ذلك الذي لا يقدر الشخصيات البارزة في بلده ، وينظر إلى شخصيات الأجانب بتقدير واحترام، وهم لا شخصية لهم .
    هو ذلك الذي ... "
    وواضح من هذا النص أنه يشير إلى الحاكم الشيوعي لأفغانستان، أي حاكم، سواء كان طرقي، أو حفيظ الله ، أو كارمل، أو نجيب .. فهذه الصفات الواردة في المقالة تنطبق عليه وتختص به .
    إن الأدب الأفغاني الإسلامي، يحتاج فيما أتصور إلى دراسات أخرى موسعة تتناوله بالدرس والتحليل، واستخراج مكنوناته ومميزاته ، والإضافة إلى ما كتبه الدكتور " محمد أمان صافي " ، بالبحث عن الشعراء والكتاب الذين لم يرد لهم ذكر أو نص في دراسته .
    وتبقى هذه الدراسة خطوة مهمة على طريق التعريف بآداب الشعوب الإسلامية عامة ، والأدب الأفغاني الإسلامي خاصة، نأمل أن تتلوها خطوات أخرى موفقة إن شاء الله تعالى .
    رد مع اقتباس  
     

  6. #30 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    جابر عصفور.. والطاهر وطار

    بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
    ................................

    "الطاهر وطار" كاتب جزائري يساري, كتب إلى وزير الثقافة المصري ينتقد مؤتمر المثقفين الذي انعقد أول يوليو الحالي, ولكن هذا الانتقاد لم يعجب صديقي اللدود "جابر عصفور" وزير الثقافة التنفيذي (أمين المجلس الأعلى للثقافة), وأرجع صديقي اللدود موقف "الطاهر وطار" إلى تحالفه مع الجماعات الإسلامية الجزائرية!! المؤتمر حضره قرابة مئتي كاتب ومفكر معظمهم من الشيوعيين القدامى وبعض الليبراليين, واثنين من المحسوبين علي التيار الإسلامي، أحدهما وزير سابق, والآخر أستاذ قانون.
    المفارقة أن "جابر عصفور" كتب قبل أيام في "الأهرام" يشيد برواية "الزلزال" لـ "الطاهر وطار"؛ لأنها تتعمق في شخصية الإرهابي.. أي المتدين المسلم! وعدّه رائداً في هذا السياق.. بالطبع فإن مؤلف "الزلزال" لم يتعاطف مع "الإرهابي" وقدمه في صورة بشعة دون أن يقدم المقابل غير الإرهابي من المتديّنين الصالحين!
    رد مع اقتباس  
     

  7. #31 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    الغوريلا .. تهجو الإسلام !!

    بقلم: أ. د . حلمي محمد القاعود
    ...........................................

    لا أدري لماذا قفزت إلى ذهني صورة الغوريلا ، ذلك الحيوان الوحشي المخيف ، وأنا أطالع بعض الكتابات التي تهجو الإسلام وتحرّض عليه ، ولم تعد تجد في ذلك غضاضة أو خجلا ، مع أنها تطعن في دين الأغلبية الساحقة من أبناء هذا الوطن التعيس .. ويأتي الهجاء والطعن على صفحات دوريات يملكها هذا الشعب ، ويمول خسائرها دافع الضرائب المصري المسكين ، وهو الذي لا يفرط في دينه ولا يرضى بالطعن فيه.. بالطبع نحن لا نلوم الغوريلا التي تهجو الإسلام بكل وقاحة وتتحدى المجتمع الإسلامي وقوانينه ، فضلا عن دستوره ، لأنها تستشعر أولا أن هناك نوعا من الحماية الخارجية التي يسبغها العدو الصليبي الاستعماري ممثلا في الولايات الأميركية المتحدة ، والمؤسسات المعادية للإسلام في الغرب بصفة عامة ، ثم هناك ثانيا الرضا الكامل من النظام البوليسي الفاشي الحاكم الذي يعتقد أن الإسلام "السياسي" هو عدوه الأول ، والخطر الأكبر على وجوده الفاشي ، حيث يمثل الإسلام عنصر المقاومة الوحيد الحي الباقي في الساحة ، لمجابهة الاستبداد والخنوع ، فضلا عن الفساد والإفساد اللذين صارا علامة مميزة للمرحلة الراهنة !
    بشاعة الغوريلا لا تقتصر على شكلها الشيطاني الذي يوحي بالرعب والقبح – مع أنها قد تكون حيوانا طيبا لا يعقر أحدا عندما تمتلئ بطنه بالطعام – ولكن من يمثلونه من كتاب البلاط أو كتاب الحرملك ، أو الباحثين عن الرزق الحرام يعطونك هذا الانطباع بالتوحش والبشاعة ، وأنت تطالع وقاحتهم ضد الإسلام وقيمه وتشريعاته انطلاقا من مقولات كاذبة ، وتدليس متعمد ، وافتراء واضح.
    حين تقرأ مثلا من ينفى أن يكون هناك فراغ ديني في مصر ، ويعتقد أننا نعاني من تخمة دينية انطلاقا من كون ما يسميه باللغة الدينية هي السائدة بشراسة في المجتمع وفي الصحف والمجلات وفي المترو , في الميكروباصات ، في الأتوبيسات ، في التوك توك ، في الإعلانات ، في المؤسسات حين يأتي وقت الصلاة ، في المسلسلات ، في مناهج التعليم ، في مجلات الموضة ، في المسرحيات ، في الأفلام ، في ألعاب السيرك وألعاب الأطفال ، في المطبوعات الكثيرة ، في الجرائد والكتب الدينية التي تصدر يوميا وشهريا ، في نساء مصر اللاتي يرتدين الحجاب والنقاب ويذهبن إلى الدروس الدينية ، وحمامات السباحة (!!) حيث يجلسن ويقرأن القرآن بصوت مسموع ، وإذا نزلن إلى الماء يرتدين ما يوهات شرعية تخفى كل الجسم باللون الأسود ، والتخمة موجودة في مجمع البحوث الإسلامية الذي يصادر الروايات والمسرحيات والقصائد الإبداعية ، والتخمة موجودة في كل من هب أو دب يذهب إلى النائب العام يرفع قضية تكفير (!!)ضد المبدعين والمبدعات ، ويطالب بإسقاط الجنسية المصرية عنهم ، ومنع كتبهم من السوق ، وحظر سفرهم ، والتخمة الدينية موجودة في التيارات الدينية الإسلامية التي تمهد لإقامة الخلافة الإسلامية ، والتخمة الدينية موجودة في التاكسيات وشرائطها التي تشتم النساء ، وتطالب بحجز المقابر للآخرة ، التخمة الدينية موجودة في مشايخ الفضائيات المتأنقين الذين يقدمون الفتاوى للفتيات المحجبات الصامتات ، والأولاد المتأسلمين الذين يتكلمون بشكل يسبب الاكتئاب واليأس من ترسيخ التيار المدني في المجتمع ، والغثيان من اختراق سلطة القهر بالدين !!التخمة في الإنفاق على بناء المساجد وإعداد الدعاة الدينيين والتمويل الخرافي للمطبوعات الدينية من جهات معروفة وغير معروفة .. لقد أغلقت اللغة الدينية – حسب الغوريلا – والمرجعية الدينية ، والمناخ الديني ، كل منافذ الهواء مما يؤكد أننا لسنا في فراغ ديني !
    وتقول الغوريلا إننا نضع النقاب ليس على الرءوس فحسب بل على العقول ، والنقاب حالة أفراد فقدوا الزمن " فهاجروا خارجه ، هربا من مجتمع ذكوري سيئ النظرات بذيء العبارات .
    ثم ترى الغوريلا أن أساتذة التكفير يحتلون أرفع المناصب ، ويمثلون محاكم التفتيش ، ويتربصون بأصحاب الفكر والمبدأ والبحث في نوايا الكتاب والأدباء ويصادرون كتبهم وإبداعهم ..
    وتقول الغوريلا إن المتطرفين الإسلاميين يدعون أنهم جند السماء فيرفضون القيم الأميركية المتحضرة ، ويفرضون قيم التخلف والبداوة والصحراء على الآخرين .... الخ
    والذي يتأمل هذه المقولات التي تلح عليها الغوريلا في صحف لاظوغلي وصحف اليسار المتأمرك ، وكتابات مثقفي الحظيرة ، وكتبة البلاط ، وأغوات الحرملك .. يجد أنها تسير في سياق واحد ، لا يتغير ,, هو هجاء الإسلام ، والزراية به ، والرغبة الشيطانية في استئصاله من الوجود لحساب السادة المستعمرين والسادة المستبدين !
    إننا بإزاء خلط عجيب ، وكذب مفضوح ، وتدليس بشع ، تؤكده أحوال الإسلام والمسلمين داخل مصر وخارجها ..إننا أمام هجاء رخيص لا يستحق عناء الرد والتفنيد لأنه يكشف عن نفسه ببساطة شديدة ، ويقول إنه ادعاء لا أساس له من الصحة ، لأن التخمة الدينية لو كانت موجودة بالفعل لتغيرت الأحوال ، وما كنا بهذا التردي الذي وصلنا إليه في ظل النظام البوليسي الذي لا يعرف التسامح أبدا مع الإسلام الفاعل والباني والمنتج ، أما والأمر غير ذلك فإن مقولات الغوريلا باطلة وغير صحيحة ..
    والنقاش العلمي لهذا التخليط العجيب قد يطول ويمله القارئ، ومع ذلك فسوف نكتفي بالإشارة إلى نقطة بسيطة لكشف تهافت منطق الغوريلا وعدم عقلانيته ، واستناده إلى الديماغوغية التي تقوم على المغالطة والمغالبة ليس أكثر ..
    لو كان لدينا تخمة دينية كما تزعم الغوريلا ، ما عانينا من انهيار اقتصادي ، ولا نقص في الإنتاج ، ولا تخلف في شتى الميادين حتى كرة القدم ، تتفوق علينا فيها موزمبيق ، كما تتفوق علينا في مجال التعليم الجامعي ! وذلك لسبب بسيط جدا ، وهو أن الإسلام دين علم وعمل ، وإتقان وإجادة ، وقد آثرت الحكومات المتتابعة منذ ستين عاما ؛عسكرية أو بوليسية ، أن تنفذ الإرادة الاستعمارية الصليبية بمطاردة الإسلام ، وتخليق نخب خائنة وموالية له تهجو الإسلام بمناسبة وغير مناسبة ، وتشكك في تشريعاته وتزري بأتباعه ، بل تقصيهم وتستأصلهم ، وتلقيهم في السجون ، وتعلقهم على أعواد المشانق ، وتحرمهم من مخاطبة الناس ، وممارسة نشاطهم السياسي والاجتماعي مثل بقية خلق الله ، وقد رأينا ما فعله ديكتاتور تركيا يوم أسقط الخلافة وعلق علماء الدين على المشانق في الميادين العامة، وارتمي بكل قواه في أحضان الصليبيين الاستعماريين ، ونسى أن شعبه ، ومثله بقية الشعوب الإسلامية لا يمكن أن تفرط في دينها ، وهاهم الأتراك بعد ثمانين عاما يقولون للصليبيين وخدامهم من أمثال الغوريلا : لا.
    وقد رأينا قبل شهور قليلة كيف قام النظام البوليسي الفاشي الذي تسميه الغوريلا دولة مدنية – أي علمانية – أي ضد الدين الإسلامي وحده، تلقى بالعشرات من الإسلاميين في المعتقلات والسجون ، وتحولهم إلى محاكمات عسكرية ، وتصادر أموالهم وتغلق مكتباتهم ، وصحفهم ودور النشر التابعة لهم ، دون أن تنطق الغوريلا من أي فصيل باستنكار ما حدث ، أو تقول إنه مخالف للمواثيق الدولية وحقوق الإنسان ، والدستور والقانون ، فضلا عن الشرائع السماوية .. وهو ما يدحض كل ما زعمته الغوريلا عن تخمة دينية لا وجود لها على أرض الواقع ، حيث يتم حصار الإسلام في كل المجالات في الصحافة والثقافة والإعلام والتعليم ، وحرمان من تشم فيه رائحة التدين من الوظائف المؤثرة فلا يدخل صحيفة قومية و، ولا جامعة ولا التلفزيون الرسمي ولا القضاء ، ولا كليات الشرطة أو الكليات العسكرية ، ولا حتى النوادي الرياضية المعروفة ..إن التعليم على سبيل المثال يجعل مادة التربية الدينية مادة نجاح ورسوب فحسب ،وحصة التربية الدينية مستباحة من بقية المدرسين الذين يجدون فيها فرصة لإعطاء دروسهم الخصوصية في المواد التي يدرسونها ، ولذلك يكون كتاب التربية الدينية هو الكتاب الوحيد الذي لا يفتحه الطالب إلا في ليلة الامتحان ؛ لأنه واثق أنه سينجح في هذا المادة بقوة السلطة ، سواء أجاب في الامتحان أو لم يُجب ، وبعد أداء الامتحان يلقيه الطالب في أقرب سلة مهملات ! فأين هي التخمة الدينية أيتها الغوريلا المتوحشة ؟
    لو أن الغوريلا تأملت بعض المظاهر الدينية ، وخاصة في إطار الطبقة العامة ، لعرفت أن هذا في معظمه ينتسب إلى ما يعرف بالتدين الشعبي الذي يعبر عن مقاومته للسلطة المعادية لدينه وعقيدته بطريقته الخاصة ، حيث لا يملك النظام الفاشي للمحجبة شيئا ، ولا يقدر على هدم المسجد ، ولا يستطيع أن يمنع امرأة من النزول في الماء بكامل ملابسها السوداء أو البيضاء ..صحيح أنه يمنع علماء الدين الحقيقيين من صعود المنابر ، ويفضل عليهم الجهلة وعملاء ه، ولكن المصريين البسطاء يصنعون علماءهم وأشرطتهم ونماذجهم حتى لو ركزت على الهوامش والفضائل دون الفرائض والواجبات .. ويبقى لهم في كل الأحوال شرف المقاومة ، أما الذين يلمّعون بيادة النظام ، ويمنحهم صحفه وإعلامه لمهاجمة الإسلام وهجائه ، وتحتضنهم قوى الشر الصليبية الاستعمارية بالمال والدعاية والشهرة والمؤتمرات والندوات في عواصم الغرب ؛ فهم في الخانة التي يعرفون اسمها ، ولا أريد أن أسميها ، وفي يوم ما ستنتصر إرادة الشعب على إرادة النخب العميلة ، وفي تركيا مثال ساطع لهذا الانتصار الذي لا بد أن تعرفه الأمة في يوم ما بإذنه تعالى .
    .................................
    *مدونة الدكتور حسين علي محمد
    رد مع اقتباس  
     

  8. #32 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    تجار الدراما.. وإرهاب الحكومات!

    بقلم: د. حلمي محمد القاعود
    ............................................

    يلعب معظم تجار الدراما والأفلام والمسرحيات من كتاب ومخرجين ومنتجين وغيرهم دورًا مزدوجًا في خدمة القوى الاستعمارية الدولية والحكومات العربية التابعة لها، وفي الوقت نفسه يزعمون أنهم يقدمون صورة الإسلام السمح من خلال أعمالهم وكتاباتهم.
    هذا الدور المزدوج يمثل حالةً من حالات انحطاط الدراما والفن، لأنها تُحوّلها إلى صورة دعائية فجة للحكومات التي تحتفي عادةً بالأعمال التي تتناول عنف بعض الجماعات، وتغدق على المشاركين فيها كثيرًا من الرعاية والامتيازات والشهرة والجوائز، فضلاً عن العوائد المادية والأدبية التي تأتي نتيجة لشراء الجهات الإعلامية الرسمية (التلفزة والإذاعة) لهذه الأعمال، واستضافة أصحابها في البرامج والصحف والندوات والمؤتمرات وإجزال العطايا والهدايا والجوائز لهم!
    أهم ما يُميز هذه الأعمال هو إدانتها للإسلام، وليس للقائمين بالعنف أو الإرهاب، وسبق أن كتبت عن هذا الملمح تفصيلاً في أكثر من مناسبة، ولكن الذي أريد أن أؤكد عليه هو تقديم الصورة القبيحة الدموية الجاهلة التي يعيشها بعض الأفراد، والسلوكيات التي يُمارسونها في واقعهم وحياتهم بوصفها من خصائص الإسلام الطبيعية ومعطياته الحقيقية.
    إنهم مثلاً لا يقدمون شخصًا ضلّ الطريق، وانساق إلى العنف في ظل ظروف معينة ونتيجة لأسباب خاصة، ولكنهم يقدمونه كأنه نبت شيطاني تغذيه جهات أجنبية (؟) يستسلم لها استسلامًا كاملاً، ولا يوجد له في أعمالهم الفنية والدرامية مقابل إسلامي حقيقي، يقدم الإسلام بسماحته ورحمته وكرمه وتعففه وشرفه وكبريائه وعزته.. إن المقابل الذي يقدمونه هو المسلم الذي "تأورب" أو "تغرّب" أو تثقف بالثقافة الأوربية الغربية بكل ما فيها من قيمٍ مغايرة وسلوكيات مختلفة.. وتفيض على هذا المقابل الغريب ملامح الإنسانية الرقيقة والبشرية المسالمة؛ سواء كان شيوعيًّا أو وجوديًّا أو إلحاديًّا أو سكيرًا أو عربيدًا أو إباحيًا بصفةٍ عامة.
    بل إنَّ المفارقةَ تتأتي في بعض الأحيان حين يقدمون صورة المتشدّدين والمتزمتين من غير المسلمين، فهم يقدمونهم في صورةٍ محبوبةٍ جميلة.. فهذه الزوجة غير المسلمة مثلاً، حين تأخذ من زوجها غير المسلم موقفًا حادًّا وعنيفًا؛ لأنه يلعب الورق أو يشرب الخمر، لا يصورونها جافة خشنة قاسية الملامح كما يصورون الشخصيات الإسلامية التي يزعمونها متشددة أو متطرفة، بل يقدمونها في صورة الإنسان الباحث عن الأخلاقِ والمروءة والشرف مما يجعل الجمهور يؤيده ويقف من ورائه!
    وواضح أن إنتاج الأعمال الدرامية التي تعالج العنف والإرهاب- كما يزعمون- تأتي في سياق دولي عدواني تقوده جهات استعمارية معروفة، ليست غايتها التعريف بسماحة الإسلام ومسالمته بقدر ما تهدف إلى تشويهه وتنفير الناس منه وأولهم المسلمون العوام الذين حرمتهم الحكومات الإسلامية من دراسة الإسلام ومعرفة أصوله الصحيحة وقواعده السليمة، وفرضت عليه حصارًا استئصاليًّا في كل مكانٍ يمكن أن يكون فيه فعّالاً ومثمرًا للإسلام والمسلمين بدءًا من الإعلام والتعليم والثقافة حتى القضاء والنيابة والمؤسسات العسكرية والبوليسية.
    إن الإسلام لا يقرّ العنف أو الإرهاب ضد أي أحدٍ من الناس، فما بالك بالمسلمين إخوة الدين وأشقاء العقيدة وأهل الوطن ورفاق المجتمع..؟ إنها حالة واحدة فقط يفرض فيها الإسلام على القادرين حمل السلاح ويُجبرهم أن يرفعوه ضد الغزاة الذين يعتدون على الأوطان ويردعون البلاد والعباد.. أما الاعتداء على الآمنين والمسالمين، فهو أمر يرفضه الدين نصًّا وتطبيقًا.
    ولا شك أن العنف الذي عرفته بعض البلاد العربية في العقود الأخيرة، هو ظاهرة غريبة ليست مألوفة في مجتمعاتنا الإسلامية المسالمة، وقد انحسرت هذه الظاهرة التي كانت تتبناها مجموعات محدودة، نتيجة لعوامل صنعتها السلطات الحاكمة في الأغلب الأعم.
    وكان يمكن لتجار الدراما أن يُعالجوا هذه المسألة في سياق عام ضمن ظواهر اجتماعية أخرى موضحين أسبابها والدوافع التي قادت إليها. ولكن تجار الدراما، وأغلبهم شيوعي أو علماني أو مرتزق يسعى إلى الكسب بأيةِ وسيلة ولو كانت حرامًا، وجدوا الفرصة سانحة، فصنعوا بالوحي البوليسي أو التطوع التلقائي مسلسلات وأفلامًا وتمثيليات، وقاموا بالترويج لها في أجهزة الدعاية التي تسيطر عليها الدولة تؤكد على عدوانيةِ الإسلام وفقدان البديل الإنساني الذي يمثله المسلم المعاصر.. وأضافوا إلى ذلك حالة دعائية مفتعلة تقول إن هناك من يكفرهم؛ وإنهم مهدّدون في حياتهم، وإنهم معرضون للاغتيال، ومعظم ما يقولونه تهويل لا أساسَ له في الواقع، يشبه بعض الرسائل المجهولة التي تصل إلى كتاب الصحف والمجلات ردًّا على بعض مقالاتهم، ويأتيني شخصيًّا كثير منها على الشبكة الألكترونية (النت)، باسم المجلات والصحف والمواقع التي أكتب فيها، ولا آبه لها؛ لأنها في الأغلب الأعم رسائل "فشنك" لا قيمة لها، ولكن القوم صنعوا من أنفسهم ضحايا، وصنعوا من أنفسهم أبطالاً وشهداء، وهم في الحقيقة لا يتجاوزون مخبري الشرطة وعملاء المباحث.
    إن العنف صناعة حكومية في أغلب الأحوال، صنعتها سجون الاستبداد وما يجري فيها من تعذيبٍ وحشي، لا تقره شريعة ولا عقيدة ولا قانون، وصنعتها ممارسات حكومية ظالمة، جعلت الناس تفقد الأمل في العدل والمساواة والكرامة، وصنعتها ممارسات حكومية إجرامية فقدت الرشد والاتزان، ففاقمت من الفقر والتخلف والقهر، وساندت النهب والفساد والانحراف، وخلفت فيالق من العاطلين والمتسكعين بلا عمل ولا هدف ولا غاية، وصار القانون في حماية الأقوياء، وضد الضعفاء.. وانهار التعليم والعلم والثقافة والصناعة والزراعة، ولعبت الدول الكبرى بجواسيسها وعملائها وأتباعها في كل مرافق المجتمع والحياة التي يعيشها العرب والمسلمون؛ ثم كانت الجريمة الكبرى التي ارتكبتها الحكومات العربية الإسلامية بمحاربة الإسلام ودعاته، والتضييق على الفكر الإسلامي في الإعلام والتعليم والثقافة والمساجد، وتفريغ الأزهر والتعليم من العلوم الشرعية الإسلامية والعربية.
    كل هذا لا يذكره تجار الدراما، ولكنهم يركزون على جانبٍ واحدٍ فقط، هو تقديم المسلم الإرهابي الدموي الذي لا يتورع عن القتل وسفك الدماء واستحلال دماء الآخرين واستباحة كل شيء، وامتلاك قلبٍ من الصخر لا يأبه للضعف الإنساني ولا يصغى لخفق القلوب!
    إن تجار الدراما، وخاصةً الشيوعيين- أو من كانوا كذلك ثم تأمركوا- والمرتزقة الذين جاءوا من قاع المجتمع، يرتكبون جريمةً حقيرةً في حقِّ المجتمع والوطن والأمة، وقبل ذلك الإسلام والمسلمين، وهم يخونون بلادهم ويخدمون أعداءها، ولو ادَّعى بعضهم أنه مطلوب على قائمة "الموساد"!
    رد مع اقتباس  
     

  9. #33 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ولا عزاء لأدونيس فى نوبل

    بقلم: د.حلمى محمد القاعود
    .............................................

    قبل أيام كتبت عن جائزة نوبل التى مُنحت فى أكتوبر 2006م للروائى التركى (( أورهان باموك ))، الذى كتب عدّة روايات تعالج الصراع بين الشرق الإسلامى والغرب الصليبى ، وتنحاز للطرف الثانى بصفة عامة ، حيث عبّر عن إدانة بلاده بسبب المذابح المزعومة ضد الأرمن والأكراد التى يدعيها الغرب ، وقلت إن (( باموك )) لو أدان مذابح الغرب الاستعمارى الصليبى ضد العراقيين والأفغان والبوسنيين ، مثلا.. ما كان قد حصل على جائزة نوبل أبداً .
    كان عدد من الكتاب العرب وغير العرب من الذين ينتمون إلى العالم الإسلامى ، ينتظرون الحصول على الجائزة ولكن " التركى " سبق بها . وكان من بين هؤلاء الكتاب على أحمد سعيد ( أدونيس ) ، وهو من الطائفة النصيرية ( التى تسمى بالعلوية ) الحاكمة فى دمشق ، وانتمى إلى القوميين السوريين، وبعد الوحدة السورية المصرية ترك سورية احتجاجاً على الوحدة وعاش فى بيروت ، ويُقال إنه " تنصّر " وتم تعميده فى جامعة القديس يوسف ، التى منحته درجة دكتوراه الفلسفة فى الأدب عن كتابه الشهير " الثابت والمتحول " الذى صدر فى ثلاثة أجزاء .
    وأدونيس ، الذى ولد عام 1930م فى قرية قصابين باللاذقية ( معقل الطائفة النصيرية / العلوية ) ، هو فى الأصل شاعر ، أصدر مجموعة كبيرة من الدواوين ، من أشهرها : أغانى مهيار الدمشقى ، دليلة ، قالت الأرض ، وقدم قراءة للشعر العربى القديم ، ومختارات منه محتذيا فى ذلك الشاعر الرائد " محمود سامى البارودى " مع الفارق الزمنى والفكرى بين الاثنين .
    وأبرز أفكار أدونيس ، التى عبّر عنها بصورة واضحة وصارمة مبثوثة فى مجلة "مواقف " ، فضلاً عن شعره ، هى رفض الإسلام ، والإيمان بمقولات لينين عن الدين بصفة عامة ، وكان يمثل فى الستينيات مع مجموعة من الشعراء اللبنانيين ما يُسمى بشعراء الرفض . والرفض ليس التمرد على الاستبداد أو الظلم أو التخلف ، ولكنه رفض الإسلام والعروبة والوحدة ،ثم تبني ما يسمى الآن بالحداثة بمفهومها الغربي، ويركز دائماً على أن الحياة العربية ليس بها محور غير الانحطاط وأن العربى لا يخرج عن كونه طفلاً أو هيكلاً عظمياً ، وأنه ليس الله فى المنطقة العربية هو الميت ولكنه كذلك العالم والإنسان . وأن القرآن " خلاصة تركيبية لمختلف الثقافات التى نشأت قبله "، وأن عودة العربى إلى نقائه الأول لا يمكن أن تتحقق إلا فى ضوء عودة الشاعر يوسف الخال إلى المسيح !
    وشعر " أدونيس " يمتلئ بعدد من الرموز التى تدور حول النار ، وفينيق ، والصلب ، والجلجلة ، والطوفان والمطر ، والجرح ، والوثنية . ثم إنه يتخذ من " مهيار الديلمى " الشعوبى القديم رمزاً له فى " مهيار الدمشقى " .
    ومن أشعاره : " إننى مهيار هذا الرجيم / إننى خائن أبيع حياتى / إننى سيد الخيانة " . ومنها : " لا الله أختار ولا الشيطان / كلاهما جدار / كلاهما يُغلق لى عينى " أو " أعبد فوق الله والشيطان / دربى أنا أبعد من دروب / الإله والشيطان " أو " خريطتى أرض بلا خالق / والرفض إنجيلى " .
    وبعد أن انتهى " أدونيس " شاعراً بحكم الزمن وتقدم السن واحتضان الأنظمة الشمولية له ، واحتفائها به فى مناسباتها المختلفة ، بل واختلاق المناسبات التى تدعوه إليها ، وتقيم له الأفراح والزينات ، وتُضىء له الشاشات الصغيرة ، ليعبّر عن استعلائية مرذولة ، واحتقار للآخرين وخاصة من الشعراء والنقاد والمفكرين الذين ينقضون أفكاره وتصوّراته ، فقد راح يعزف على وتر آخر ، يصب نغماته فى آذان الغزاة اليهود والغرب الاستعمارى . وبدلاً من أن يقف مع شعوب الأمة العربية فى كفاحها ضد الغزاة والأعداء ، فإنه ينعطف تحت مسميّات براقة ، ليلوى أعناق المضطهدين من أمته نحو قضايا هامشية ، وكأنه يؤكد على صواب ما يفعله الغزاة والأعداء .
    من ذلك مثلاً خطابه الذى وجهه إلى السلطات اللبنانية عام 2001م فى جريدة الحياة ، والانتفاضة الفلسطينية الثانية فى عنفوانها يطالبها فيها بمنع عقد مؤتمر " مراجعة الصهيونية " . إنه لا يُشير أبدا إلى المجازر الصهيونية ضد الشعب الفلسطينى ، وعدوانها المستمر على جنوب لبنان وتحليق الطائرات اليهودية فى السماء اللبنانية التى يعيش تحتها .
    إنه يرى أن " الثقافة العربية " هى الثقافة المجرمة الآثمة التى يجب أن توجه إليها اللعنات ، لأنها تنشغل بمطاردة اليهود وتدمير الغير ، والنتيجة أنه لم تعد لدينا قضية إنسانية (!) تتجاوز حدود أنانيتنا ولماذا لا يمكن أن نحارب إسرائيل ونسالم فى الوقت نفسه الفن والأدب اللذين ينتجهما كبار الأدباء والفنانين اليهود خارج إسرائيل وداخلها ؟ "
    لا شك أن الشاعر الكبير أدونيس لايدرى شيئاً عن واقع الصراع الجارى بين الغزاة النازيين اليهود ، وبين من يفترض أنهم شعبه وأهله وأنه واحد منهم . ولا ندرى هل لديه علم عما يقوله عنا أدباء اليهود وفنانوهم وصورة العربى فى قصصهم وأشعارهم ومسرحهم ؟
    هل تزعجه العمليات الاستشهادية ، وعمليات المقاومة عموماً ، ولا يُزعجه قصف بيروت وغزة وخان يونس والمخيمات الفلسطينية ؟
    وهل ما يقوله أدونيس عن " ثقافتنا المتوحشة " له علاقة بالمؤتمرات التى انعقدت فى برشلونة وغيرها وشارك فيها مع نفر من اليهود الغزاة ؟
    لا ريب أن أدونيس كان يتهيأ بكلامه وأفكاره ليتلقى جائزة نوبل ، ولكنها للأسف أخطأته ، وذهبت إلى " درويش " أكثر عشقاً للأوربيين ، وهو التركى " أورهان باموك " .
    ويبدو أن بعض الجهات العربية لم يرضها أن يحزن " أدونيس " الذى طال انتظاره لنوبل ، ولم تأت ، فجهزت له نوعاً من التعويض الذى يجعله موجوداً على الساحة ، ولو أعاد إنتاج كلامه القديم ، فقد قررت مكتبة الإسكندرية استضافته لمدة أسبوعين ضمن برنامج يُسمى الباحث المقيم ، يلقى فيه أربع محاضرات ، ويلتقى عدداً من رواد المكتبة المختارين بدقة ، فيلقى محاضرة عن " الثابت والمتحول " فى الثقافة العربية : قراءة لكتابه الثابت والمتحول " وأخرى عن " الذائقة الشعرية " وثالثة عن " الشعر والفكر " ورابعة عن " الشعر والهوية " .. وبذا تكون مكتبة الإسكندرية قد قدمت عزاءً مناسباً لأدونيس الذى يرى ثقافة أمته لا تهتم بالإنسانى الذى يحيى الذات وتحيا بها الذات وتساعد الآخرين على الحياة . لكنها مشغولة بتشويه الإنسان اليهودى والاستعمارى طبعا وقتله والتضحية به ونفيه !!
    أما رأيه في المصريين الغزاة ، فهو أمر يحتاج إلى كلام كثير ، ويكفى أنه يرى أن كل شىء يبدأ بالفراعنة ينتهي بالموت والخراب ، وسماهم في عهد الوحدة مع سورية بالرمل والغربان ..!!
    ما رأيكم دام فضلكم فى أسطورة " أدونيس " الذى يرى فيمن يقتلنا إنسانية وتحضراً ، ويرى فى ثقافتنا توحشاً وتخلفاً ؟
    ....................................
    *المصريون ـ في 1/11/2006م.
    رد مع اقتباس  
     

  10. #34 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    كامل أمين.. شاعر الملاحم الإسلامية

    بقلم: أ.د. حلمي محمد القاعود
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    قبل ربع قرن تقريباً، رأيت رجلاً أبيض الشعر، متواضع الهيئة، يدخل مكتب رئيس التحرير لإحدى المجلات الأدبية، ويتحدث حول أعماله الشعرية، وقصائده التي يرشحها للنشر، كان متحمساً حماسة الشباب، مع أنه كان في ذلك الحين يبدو قد جاوز الستين بسنوات، عرفت أن الرجل هو الشاعر "كامل أمين"، واسمه الكامل: "كامل أمين محمد"، وكان له موقف من الحياة والمجتمع، يقوم على التصور الإسلامي، ويرفض التصورات العلمانية والماركسية التي كانت سائدة في الواقع الثقافي آنئذ، وهو ما جعل القوم المهيمنين على الصفحات الأدبية في الصحف والمنابر الثقافية ودور النشر الرسمية، يقفون منه موقفاً سلبياً، ويرفضون نشر إنتاجه الشعري والأدبي.
    وفي مرحلة تالية، أتيح له أن يجد فرصة مناسبة لنشر بعض أعماله، سواء في الصحف أو المجلات أو دور النشر الرسمية، ولكن عودة الماركسيين والعلمانيين إلى الهيمنة مرة أخرى حجبه عن القراء وعن الساحة الأدبية بصورة شبه كاملة!
    وقبيل وفاته في الأسابيع الماضية اشتد به المرض، فتوسطت له كاتبة إسلامية عند بعض ذوي النفوذ من مثقفي السلطة وكتابها كي يعالج لدى المستشفيات المتخصصة على نفقة الدولة، ووعد هؤلاء بعلاجه، ولكن مر الوقت والمرض يرعى جسد الشاعر المسن الفقير، وتجاهل ذوو النفوذ من مثقفي السلطة وكتابها أمر الرجل، حتى قضى نحبه، دون أن تكلف الصحف الرسمية وغير الرسمية نفسها عناء نشر خبر في سطرين عنه، ولم تستطع أسرته أن تنشر نعياً له!! وبالطبع لم يكتب أحد عنه شيئاً، لا مقالاً، ولا تحقيقاً ولا متابعة، مما يحظى به صغار الأدباء اليساريين والعلمانيين، عندما يصابون بالكحة أو الأنفلونزا!
    وسمعت أن الكاتبة الإسلامية التي توسطت من أجل علاج شاعرنا الراحل، أعادت الكرة مرة أخرى من أجل نشر إنتاجه الشعري والأدبي الضخم، ولكن القوم لن يسمعوا لها لسبب بسيط جداً، وهو أن كامل أمين "ليس يسارياً ولا علمانياً"، وقبل ذلك وبعده، فهو يعبِّر عن تصور إسلامي يرفضه اليساريون والعلمانيون جميعاً!
    نشأته
    ولد كامل أمين، في مدينة "طنطا" عاصمة مديرية الغربية، في الخامس من يوليو سنة 1915م، وقد تلقى تعليمه في المدارس الفرنسية أولاً، وواصل دراسته بعدئذ في المدارس المصرية، واشتغل موظفاً في وزارة الري "الأشغال"، وعاش حياة متواضعة حتى أحيل إلى التقاعد، وقد منح تفرغاً لبعض الوقت من وزارة الثقافة.
    نشر الشاعر قصائده في المجلات الأدبية والإسلامية، وكانت "الرسالة" تتزين بقصائده، وبمطولاته، وفي المرحلة الساداتية كان ينشر في "الأهرام"، و"الثقافة"، و"الهلال" وغيرها، واتسم شعره بقوة السبك، ووضوح العبارة، وقرب الألفاظ، وإيثار الموضوع الإسلامي، والدفاع عن الفكرة الإسلامية في مواجهة خصومها.
    من بناة الملاحم في الشعر الحديث
    ويعد كامل أمين من الشعراء البناة للملحمة في الشعر العربي الحديث، وكما نعلم فالملحمة لم تكن معروفة في شعرنا العربي الذي تغلب عليه صفة الغنائية، أي المقطوعات والقصائد التي يعالج من خلالها الشاعر موضوعه أو تجربته. الملحمية كانت من سمات الشعر اليوناني القديم، والشعر الروماني القديم أيضاً، والشعر عند اليونان والرومان كان وسيلة للتعبير المسرحي والملحمي، بحكم معتقداتهم وتصوراتهم، حيث كانت تقوم على الوثنية وتعدد الآلهة، وصراع هذه الآلهة مع البشر، وخاصة أبطال وقادة اليونان والرومان. لقد امتزجت الوثنية عند هؤلاء بالأسطورة والخرافة، وهو ما عبر عنه شعراء الإغريق والرومان في أعمال ملحمية شهيرة ترجمت إلى معظم لغات العالم، ومنها: أجا ممنون، ألكترا، حاملات القرابين...
    ومع أن العرب قبل الإسلام كانوا وثنيين، وكانت لهم أساطيرهم وخرافاتهم، إلا أن طبيع تهم وبيئتهم ورحلتهم في المكان والزمان، جعلتهم ينتمون إلى القصيدة الغنائية دون المسرح والملحمة، وفي بدايات عصر النهضة، سعى "محب الدين الخطيب"، ليكون للعرب والمسلمين ملاحمهم التي تقوم على تاريخهم الحقيقي، وفيه من الصراع بين الحق والباطل، ما يفوق أساطير اليونان والرومان وخيالاتهم، وقد ذهب إلى "أحمد شوقي" أشهر شعراء العصر الحديث آنئذ، وعرض عليه فكرة نظم الملحمة إسلامياً، ولكن "شوقي" صمت ولم يعلن قبوله أو رفضه، فذهب الرجل إلى "أحمد محرم" وعرض عليه الفكرة، فقبلها على الفور، وبدأ في النظم ونشر الملحمة "الإلياذة الإسلامية" أو "مجد الإسلام"، في مجلة "الفتح"، على أجزاء، وكان محرم بذلك أول من راد هذا الطريق وعبّده لغيره من الشعراء العرب المحدثين، المفارقة أن "شوقي" فاجأ الناس بعد ظهور "إلياذة محرم" بنشر "مطولته" ولا أقول ملحمته المعروفة باسم "دول العرب وعظماء الإسلام"، ترصد حركة الإسلام منذ فجر الدعوة حتى أيامه، ولكن لم تكن لها قوة ملحمة "محرم".
    جاء "كامل أمين" ليحقق أول ملحمة عربية إسلامية مكتملة فنياً، ولم يكتف بملحمة واحدة فقط، ولكنه كتب أكثر من ملحمة، وساعده على ذلك قدرته الكبيرة على النظم وطواعية اللغة، ودراسته الجيدة للسيرة النبوية والتاريخ الإسلامي.
    كانت أول ملحمة يكتبها هي ملحمة "السماوات السبع" عام 1957، وكانت بداية متواضعة من حيث المستوى الفني، تلتها ملحمة "عين جالوت"، وإني لأعدها أعظم ملاحمه على الإطلاق، ليس لضخامتها أو تعبيرها عن معركة خالدة في حياة الإسلام والمسلمين، حيث كان الانتصار كبيراً ورائعاً وفريداً على التتار الغزاة، ولكن لأنها استطاعت أن تبني فنياً لحظة من أروع لحظات التاريخ الإسلامي، وتثبت بحق أن تراثنا التاريخي فيه ثروة هائلة من الأحداث والوقائع الباهرة التي تفوق خيال اليونان وأساطيرهم، كما تفوق ما لدى نظرائهم من الرومان.. ومع أن الشاعر أنجز هذه الملحمة عام 1968 (العهد الناصري)، فإنها لم تنشر إلا عام 1975م (المرحلة الساداتية).
    تابع الشاعر كتابة ملاحمه التاريخية، فكتب ملحمة "القادسية" عام 1978م، عن المعركة العظيمة التي خاضها المسلمون ضد الفرس، وانتصروا عليهم فيها.
    وهناك ملحمة أخرى هي الملحمة "المحمدية" عام 1979م، وترصد السيرة النبوية، وقد تناولتها في كتابي "محمد صلى الله عليه وسلم في الشعر العربي الحديث".
    إن "كامل أمين" في احتشاده لكتابة الملحمة التاريخية الإسلامية ليعد صاحب جهد فريد وكبير ونادر، نقل الشعر العربي من الغنائية إلى الملحمية، وأغناه بهذا التراث، فضلاً عن توظيفه في ميدان جديد يبعده عن كثير من السلبيات التي تصاحب الشعر الغنائي.
    مجموعة دواوين
    ومع ذلك، فإن "كامل أمين" أصدر مجموعة من الدواوين التي تضم قصائد غنائية معظمها يدور حول الدفاع عن الإسلام واستنهاض الأمة وشحذ عزيمتها لمواجهة المحن والأزمات والصعاب والتغلب عليها.
    أصدر عام 1947م ديوانه "نشيد الخلود"، وفي عام 1964م أصدر ديوانه "المشاعل"، وأصدر عام 1979م ديوانيه: "مصباح في الضباب"، و"عندما يحرقون الشجر".
    ومن المؤكد أن أوراقه التي تركها بعد رحيله، تضم كما علمت شعراً كثيراً لم ير النور، في ظل الحصار المفروض على التوجه الإسلامي بصفة عامة، سواء كان شعراً ملحمياً أو غنائياً.
    ويحسن أن نتناول نموذجاً من شعره، قبل ختام هذه السطور؛ لعلنا نرى فيه بعض خصائص شعره، يقول في إحدى قصائده "صيحة مسلم"، مدافعاً عن اللغة العربية "لغة الضاد" وربط الهجوم عليها بالمؤامرة الكبرى على الإسلام والمسلمين:
    رحمة الله والسماء عليها / كانت الضاد للكتاب لسانا
    وبها كان يهبط الروح جبريل / ويوحى للمصطفى القرآنا
    أيها المفلسون من كل شيء / فارقونا وهرّجوا في سوانا
    كل تاريخنا ديون عليكم / لا تظنوا استرداده إحسانا
    كل وجه لكم بألف يهوذا / ألف قابيل واغلٌ في دمانا
    قد تركنا كتابنا فضللنا / بعد أن كان في الكتاب هدانا
    أيها المسلمون في كل أرض / التقوا حول دينكم حيث كانا
    ولعل تسمية القصيدة "صيحة مسلم"، تتناغم مع صوت الجهارة الذي يسودها، واللغة المباشرة التي لا تلجأ إلى المجاز كثيراً، والتعبير القوي العميق عن القضية التي يدافع عنها، ويستبسل في سبيل المنافحة عن حماها، فهو مستمسك بالضاد التي صنعت مجداً، وكانت وسيلة الخير الإلهي الذي أصاب المسلمين وهو القرآن الكريم، وبالإضافة إلى ذلك، فهو يرى أن الضاد طريقنا لاستعادة المجد، وتقدم الصفوف، أما الذين يحاربون اللغة، فهم "يهوذا" و"قابيل"، ويدلل على خسارة الأمة وضلالها بترك كتاب الله، ويوجه نداءه إلى المسلمين كافة بالالتفاف حول الإسلام والتمسك به؛ لأنه طوق النجاة.
    رحم الله "كامل أمين"، فقد استمسك بإيمانه وكرامته حتى مات في صمت، مؤمناً زاهداً كريماً.
    رد مع اقتباس  
     

  11. #35 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    قراءة في كتاب «الصحافة المُهاجرة»
    للدكتور حلمي محمد القاعود

    بقلم:أ.د. حسين علي محمد
    ......................................

    في 190 صفحة من القطع المتوسط صدرت عن دار الاعتصام بالقاهرة الطبعة الثانية من كتاب الناقد المعروف الدكتور حلمي محمد القاعود "الصحافة المُهاجرة: دراسة وتحليل، رؤية إسلامية"، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت منذ ثمانية أعوام عن الدار نفسها.
    ويقع الكتاب في أربعة أبواب تتناول ظاهرة الصحافة العربية المغتربة؛ حيث صدر الكثير من الصحف والمجلات العربية في باريس ولندن وقبرص … وغيرها.
    ويرى المؤلف أنّ أصحاب هذه الصحف والمجلات هاجروا بها، أو أنشأوها، بعد الحرب اللبنانية الأهلية في منتصف السبعينيّات. ويرى أنه كان من المنتظر أن تُعالج هذه الصحف قضايا العرب والمسلمين بحيدة وانتصاف، ولكن كيف يتم ذلك، والظاهرة "كانت في المحل الأول تجارية تقوم لدى كثير من أطرافها على لعبة محرّمة وآثمة، إنها لعبة العمل لحساب من يدفع، والدفاع عنه بالباطل، وتزداد حرارة الدفاع كلما ازداد مقدار الدفع، ثم إن كثيراً من أطراف اللعبة لم يكونوا بمعزل عن التلوث الفكري والعقدي، بل كانوا قادةً وروّاداً في هذا المجال، وكان رائدهم الأول وهدفهم النهائي هو تلويث الإسلام، وتشويه الصحوة الإسلامية لحساب جهـات شتى، مع تقنين الطغيان في العالم العربي، وتكريس الاسـتبداد والقهر، وتجميل الوجوه القبيحة في عالم الفكر والسياسة. (ص143).
    ولقد أضاف المؤلف إلى هذه الطبعة الباب الرابع ( ص ص143-179)، وهذا الباب عنوانه "بعد ثماني حجج"، يُثبت فيه الكاتب بالوثائق كيف كانت دعاواه صادقة في طبعة الكتاب الأولى، فهذا صاحب إحدى المجلات الأسبوعية ـ التي مازالت تصدر في باريس ـ يقول أثناء أزمة الكويت 1990م "وأعرف أنَّ هناك من سيُعيِّرني بأن لحـم كتفيَّ من العراق، ولن أتردّد في القول: نعم، هذا صحيح" (ص154).
    لا نستطيع في هذه الزاوية أن نتناول كل زوايا ظاهرة الصحافة المُهاجرة: النشأة، والانحراف العقدي، والاستمرار في هذا الطريق الطويل الموحل، ولماذا استمرّت؟ وهل ستستمر في المستقبل؟
    يكفينا ـ في النهاية ـ أن نقول: هذا كتاب جدير بالقراءة، ونرشحه لمكتبتك.
    رد مع اقتباس  
     

  12. #36 رد: مع الناقد الأديب الدكتور حلمي محمد القاعود 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    قراءة في كتاب "الحداثة تعود.."
    تأليف: د. حلمي القاعود

    عرض: أ.د. حسين علي محمد
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    ارتبطت الحداثة العربية ـ في بعض تجلياتها ـ بالمُخالفات العقدية، والجرأة في استخدام اسم "الله" ـ جل وعلا ـ فيما لا يليق، ومن ذلك ما يقوله "نزار قباني" في قصائد عديدة، مجترئاً على عقيدتنا في وجوب تكريم الله وتنزيهه، فيصفه بما لا يليق في مثل قوله:
    (والله مات وعادت الأنصاب).
    وبقوله:
    (بلادي تقتل الرب الذي أهدى لها الخصبا).
    وقوله:
    (حين رأيت الله مذبوحاً في عمان).
    وقوله:
    (من بعد موت الله مشنوقاً على باب المدينة).
    وقوله:
    (ويتزوج الله حبيبته).
    يدور كتيب الحداثة تعود للدكتور "حلمي محمد القاعود" (56 صفحة من القطع الصغير) حول ظاهرة الحداثة في حياتنا الفكرية والأدبية، وهذا الكتيب موجّه لمخاطبة القارئ العادي "ليحذره من مغالطة شاعت في أوساطنا الثقافية فحواها أن الحداثة مرحلة من التطور والتجديد ضرورية لفكرنا وأدبنا جميعاً، وأنها أمر طبيعي يتسق مع تطور الحياة والمجتمعات".
    والحداثة كما يراها الغرب مصطلح term "يضم عدة اتجاهات خاصة ظهرت في النصف الأول من القرن العشرين… ويعني عدم التواصل أو الانقطاع عن الماضي تاريخيا وجماليا، أو رفض كل القيم المرتبطة بالماضي". وهذا ما جاءت تُنادي به الحداثة العربية على أيدي عرّابها أدونيس (في مجلته "مواقف"، العدد 6 ، 1969) حيث يقول:
    "ما نطمح إليه ونعمل له كثوريين عرب (!) هو تأسيس عصر عربي جديد. نعرف أن تأسيس عصر جديد يفترض ـ بادئ ذي بدء ـ الانفصال كلية عن الماضي. نعرف كذلك أن نقطة البداية في هذا الانفصال ـ التأسيس ـ هي النقد: نقد الموروث، ونقد ما هو سائد وشائع. لا يقتصر دور النقد هنا على كشف أو تعرية ما يحول دون تأسيس العصر الجديد، وإنما يتجاوزه إلى إزالته تماماً".
    "إن ماضينا عالم من الضياع في مختلف الأشكال الدينية والسياسية والثقافية والاقتصادية. إنه مملكة من الوهم والغيب تتطاول وتستمر، هي مملكة لا تمنع الإنسان العربي من أن يجد نفسه وحسب، وإنما تمنعه كذلك من أن يصنعها".
    والدكتور "حلمي محمد القاعود" في تتبعه لـ "أدونيس" ومن لف لفه من الحداثيين يرى تعسر محاولة التفريق بين الحداثة الفكرية التي تعنى بإلغاء الماضي والانفصال عن التراث ومحاربة الإسلام من جهة والحداثة الأدبية، يقول:
    "لقد حاولت أن أُقنع نفسي باستخدام مصطلح "الحداثة الأدبية"، وإن كان داخلي غير مقتنع أصلاً؛ لسبب بسيط، وهو أن أية نظرة أدبية لا بد أن تنطلق من مفاهيم فكرية أو أسس أيديولوجية، أيا كانت هذه الأسس أو تلك المفاهيم".
    لقد ازدهرت الحداثة العربية ووراء ازدهارها:
    * الإلحاح الدؤوب والمستمر الذي جعل القيمة الأدبية للشكل الأدبي (النقد الشكلاني من البنيوية إلى الأسلوبية) وإغفال الإشارة ـ عمداً ـ إلى الموضوع الأدبي حتى لو كان إلحاداً صارخاً، أو جنساً مكشوفاً، أو شذوذاً فجاً.
    * التزوير والتزييف الذي يمارسه نقّاد الحداثة حيث يفسرون النصوص الحداثية التي لا تلتزم بأي تقليد فني تفسيرات غريبة وعجيبة، بل مضحكة في بعض الأحيان.
    * جذب أصحاب المواهب الضحلة وطلاب الشهرة ـ وهم كثر ـ وجواز مرورهم الإيمان بالحداثة أو الماركسية.
    ويختم المؤلف بحثه الموجز بسؤال:
    ـ وما العمل؟
    ويجيب:
    "لابد من التوعية والمتابعة: التوعية بخطورة الحداثة منهجاً فكريا، والمتابعة لمسيرتها تطبيقاً بشعاً يرفض الحرية والدين والجمال".
    لقد جاء كتاب الدكتور "حلمي محمد القاعود" في وقته فهو يكشف عن ظاهرة الحداثة الفكرية التي استشرت في حياتنا الأدبية، وأصبحت مرضاً لا يُمكن البرء منه، وظهرت تجلياتها واضحة في العديد من الأعمال الأدبية (كالشعر والقصة والرواية والمسرح)، وقُدِّمت الدراسات المطوّلة عن أصحابها الذين أصبح لهم منابرهم وإصداراتهم في العالم العربي من الماء إلى الماء (أو من الخليج إلى المحيط).
    لكننا لا نُوافق الدكتور "حلمي محمد القاعود" في أن "الحداثة الأدبية هي الحداثة الفكرية"؛ فقد جاء في آخر المعاجم الأدبية "معجم مارتن جراي" martin gray حول "مصطلح الحداثة":
    " تعتبر الحرب العالمية الأولى 1914-1918م بصفة عامة مستهل الفترة الحديثة في الأدب، و"الحداثة" هي التي تُميِّز بعض خصائص كتابات القرن العشرين فيما يتعلّق بمدى اختلافها عن الأعراف الأدبية الموروثة من القرن التاسع عشر … وأهم الملامح المميزة خاصية التجريب التي يُعتقَد أنها استجابة للحياة في عالم يتبنّى الطرائق العصرية، وقد حدثت الابتكارات التقنية الجذرية في جميع الأجناس الأدبية الرئيسة"
    وطبقاً لهذا التعريف لمصطلح "الحداثة" فنحن نختلف مع الدكتور "حلمي محمد القاعود" في جعله الحداثتين الأدبية والفكرية مصطلحاً واحداً "يضم تحت ردائه نخبة من أصحاب الفكر ومحترفي الأدب الذين يتفقون فيما بينهم على قطع صلة العربي المُعاصر بماضيه تماماً… سواء أكان هذا الماضي العقيدة الإسلامية أو التاريخ أو التراث، اللهم إلا ما اتفق من هذا التراث أو ذلك التاريخ مع مناهجهم، سواء تمثّل في الحركات الشعوبية أو الباطنية أو الإلحادية (الزنادقة)، أو غير ذلك ممّا يتناقض مع الإسلام وتصوُّره الصحيح"
    إنّ الحداثة في تصوّرنا حداثتان:
    الأولى: حداثة فكرية، وهذه نرفضها؛ لأنها تريدنا أن ننخلع عن الماضي، فأي ماضٍ لنا نخجل منه ونريد الانخلاع عنه؟!
    إن ماضينا الإسلامي بإشراقاته وانتصاراته مازال ماثلاً للعيون، ومازلنا نعيشه ونتمثله حتى لو امتلأت حياتنا بالإحباطات والمثبِّطات، فكيف ننخلع عن هذا الماضي الذي نعيشه بكل ذرة من كياننا؟
    الثانية: حداثة أدبية، وهي التي تُريد التجديد في أشكال الكتابة، فكيف نرفضها ونُلحقها بالحداثة الفكرية المرفوضة؟
    صحيح أن كثيراً من أهل الحداثة الأدبية يُمكن أن نُلحقهم بأهل الحداثة الفكرية، وهؤلاء مَن يملؤون الساحة ضجيجاً وصخباً
    لكن في المقابل هناك من يرتبط بالإسلام، وينطلق منه لمواجهة العالم وإشكالاته، بفنه "الحداثي"، ومن هؤلاء في الشعر: صابر عبد الدايم، وأحمد فضل شبلول، وعبدالرحمن العشماوي، ومحمد بنعمارة، وحسن الأمراني، ومحمد علي الرباوي، وجميل محمود عبد الرحمن، وعبد الله السيد شرف، ونشأت المصري، ومحمد سعد بيومي، ومحمود مفلح … وغيرهم.
    هؤلاء يكتبون قصيدة التفعيلة ـ وهي شكل حداثي للشعر ـ بجودة واقتدار، ويكتب بعضهم ـ نشأت المصري ـ قصيدة النثر، فلماذا نُلحقهم بركب المُعادين للأمة، من الحداثيين الفكريين، وهم منهم براء؟!
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مائة عام على مولد الناقد الكبير محمد مندور
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 01/01/2009, 05:20 AM
  2. قراءة الأديب أحمد مكاوي لسرداب التاجوري
    بواسطة مريم خليل الضاني في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 17/12/2008, 09:44 PM
  3. من هو الأديب الحق؟ ومن هو الناقد الحق؟ ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 08/01/2008, 04:52 AM
  4. حلمي
    بواسطة هيا الشريف في المنتدى الشعر
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30/08/2007, 06:15 PM
  5. حوار مجلة «حياة» مع الأديب الدكتور حسين علي محمد
    بواسطة د. حسين علي محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 23/09/2006, 08:48 AM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •