صفحة 6 من 6 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6
النتائج 61 إلى 68 من 68

الموضوع: مع رجاء النقاش

  1. #61 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 58 ) بين قراقوش وسميح القاسم

    بقلم: رجاء النقاش
    ...........................

    شاعرنا العربي الفلسطيني الكبير سميح القاسم‏,‏ الذي فاز هذا العام بجائزة نجيب محفوظ من اتحاد الكتاب‏,‏ له مسرحية قصيرة عنوانها قرقاش‏,‏ وهو اسم قام الشاعر الكبير باشتقاقه من اسم قراقوش المعروف‏,‏ وقراقوش هو الاسم الذي أصبح رمزا للظلم ومخالفة العدالة بصورة كاملة‏.‏ وكلمة قراقوش في الأصل كلمة تركية معناها النسر الأسود‏,‏ و قراقوش في التاريخ هو بهاء الدين قراقوش الذي توفي بالقاهرة سنة‏1201‏ ودفن بها‏,‏ وكان وزيرا خطيرا لصلاح الدين‏,‏ وقراقوش هو الذي بني القلعة‏,‏ وأنجز بناءها علي خير وجه وفي أسرع وقت‏,‏ وشخصية قراقوش التاريخية تختلف عن شخصيته الشعبية‏,‏ ذلك لأن الشخصية الشعبية هي نموذج حي للطغيان واضطهاد الناس وتسخيرهم بقسوة شديدة في الأعمال المختلفة‏,‏ والصورة الشعبية لـ قراقوش هي الصورة التي اعتمد عليها سميح القاسم‏,‏ وهي صورة الطاغية الظالم‏,‏ وقد كان سميح موفقا غاية التوفيق عندما جعل اسم بطل المسرحية هو قرقاش وليس قراقوش‏,‏ وذلك حتي لا يصطدم في قليل أو كثير مع شخصية قراقوش التاريخية‏,‏ وسميح يريد أن يقدم إلينا بطل مسرحيته في صورة طاغية غير مشكوك في طغيانه ونذالته وعشقه الدموي للحرب والقتل وسفك الدماء‏,‏ فاختار له اسم قرقاش بدلا من قراقوش‏,‏ لأن قراقوش له تاريخ معروف وبعض كبار المؤرخين يدافعون عنه ويرون أنه من المظلومين وليس من الظالمين‏.‏
    صورة قرقاش في مسرحية سميح القاسم الجميلة هي الصورة الشعبية الغارقة في الظلم إلي حد إثارة الضحك والسخرية‏,‏ وسوف نتوقف أمام مشهدين من المحاكمات التي أقامها قرقاش لبعض مواطنيه‏,‏ حيث نجد أمامنا صورة للقسوة والجنون‏,‏ تشبه ما كان عليه نيرون‏,‏ الذي أحرق روما وهو في منتهي الابتهاج‏,‏ لأنه كان يريد أن يعيد بناءها من جديد‏,‏ أو ما كان عليه إمبراطور روماني آخر هو كاليجولا‏,‏ الذي حين غاب عن عاصمته روما أناب عنه حصانه في حكم البلاد والعباد‏.‏
    والحقيقة أنه يوجد في كل طغيان جانب هزلي مثير للسخرية‏,‏ ولعل هذا هو الأساس الذي أقام عليه شارلي شابلن فيلمه الشهير عن الزعيم النازي هتلر‏,‏ فبقدر ماكان هتلر مرعبا‏,‏ كان مضحكا أيضا‏,‏ وقد استطاع شارلي شابلن بعبقريته الفنية أن يكشف للعالم عن الجوانب المثيرة للسخرية في شخصية هتلر‏,‏ فأضحك الدنيا علي هتلر الذي كان يخيف الناس ويسيل منهم الدموع والدماء معا‏.‏
    في مسرحية قرقاش يتساءل الطاغية عن سبب بكاء امرأة من مواطنيه‏,‏ فيقال له إنها فقدت ابنها في إحدي الحروب التي شنها الطاغية‏,‏ فضحك الضاغية قرقاش وأشار إلي المرأة ثم توجه إليها بالحديث ساخرا منها‏,‏ حيث قال‏:‏
    من أين تعلمت الحزن
    يا بنت الخائن والبلهاء؟
    ومتي أصبح في هذي الدولة
    يفعل ما طاب له‏..‏ من شاء؟
    ثم يتجه الطاغية قرقاش إلي أحد مساعديه ويقول‏:‏
    من هذي اللحظة في هذا اليوم
    عينتك أنت وزيرا للحزن
    فاحزن باسم الشعب‏!‏
    ثم يصدر الطاغية حكمه العجيب علي المرأة المتهمة بالحزن‏,‏ ويكون الحكم علي هذه الصورة المثيرة‏:‏
    وعليها نحكم بالآتي‏:‏
    تقفين علي ساق واحدة
    ستة أيام
    وقبيل اليوم السادس‏,‏ تلدين
    سبعة أولاد
    سابعهم يؤخذ للخدمة في الجندية
    والستة‏..‏ أيضا للخدمة في الجندية‏!‏
    ولاشك أنها صورة فنية رائعة‏,‏ تلك الصورة التي رسمها سميح القاسم للطاغية الذي لن نجد صعوبة في أن ندرك أنه رمز للصهيونية وإسرائيل‏,‏ ففي ظل الطغيان ممنوع علي الشعب أن يحزن‏,‏ وعلي جميع المواطنين أن يكونوا فرحانين‏,‏ تعبيرا عن سعادتهم بشقائهم في ظل الطاغية المجنون‏.‏
    المشهد الثاني الذي يكشف لنا عن ضحك كالبكا في مسرحية سميح القاسم الصغيرة الجميلة هو مشهد الطاغية بعد أن حكم علي أحد مواطنيه بالإعدام شنقا‏,‏ وعند تنفيذ الحكم يظهر أن المواطن المحكوم عليه قصير بحيث لا تصل رقبته إلي حبل المشنقة‏,‏ وهنا يلتفت الطاغية قرقاش إلي الذين يقفون حوله من مساعديه الأقربين ويقول لهم‏:‏
    حسنا‏..‏ من منكم يفضله طولا؟
    ثم يتأمل المحيطين به ويختار أحد أقرب مساعديه وأعوانه لأنه أطولهم قامة‏,‏ ويأمره أن يتقدم إلي المشنقة ليتم شنقه بدلا من الرجل القصير‏,‏ فالمهم عند الطاغية هو أن يتم الإعدام‏,‏ وليس المهم من يكون الضحية‏,‏ بل لا بأس أن يكون الضحية من أقرب مساعديه‏,‏ فلذة الإعدام والشنق عند الطاغية لا تفرق بين القريب والبعيد‏,‏ وهنا نسمع الطاغية يقول لمساعده الذي تقرر إعدامه لسوء حظه بسبب طول قامته وإمكانية وصول رقبته إلي حبل المشنقة‏:‏
    أو لم تسمعني يا هذا؟
    حاول أنت
    أقدم‏..‏ أقدم
    لابد لنا من تنفيذ الحكم
    في شخص ما
    ويتم إعدام مساعد الطاغية شنقا‏,‏ أما الطاغية فيقول في فرح جنوني وهو يشاهد رأس مساعده يتدلي من حبل المشنقة‏:‏
    هذا شيء رائع
    حقا‏..‏ شيء رائع
    أو ليس كذلك؟
    علي أن مسرحية سميح القاسم البسيطة البديعة تنتهي بهزيمة ساحقة لم يتوقعها الطاغية أبدا‏,‏ فالطغيان أعمي‏,‏ ولا يستطيع أن يري أي شيء آخر غير نفسه‏,‏ وقد عرف الأمير ابن الطاغية بنتا جميلة من بنات الشعب‏,‏ وذاب فيها عشقا ومحبة‏,‏ ولكن الحب ممنوع في إمبراطورية الطغيان‏,‏ كما أن حب ابن الأمير لبنت من بنات الشعب هو جريمة ليس لها غفران‏,‏ ولذلك فقد قام رجال الطاغية بقتل الفتاة المحبوبة‏,‏ وعندها قام الأمير بقتل نفسه حزنا علي ضياع سعادته وموت فتاته أو عذراء الشعب المذبوحة‏,‏ كما تقول مسرحية سميح القاسم‏.‏
    ومن أجل هذين الشهيدين في الغرام الطاهر ثار الشعب‏,‏ ووجدها فرصة للانتقام من قرقاش الطاغية‏,‏ وكان الانهيار قد أصاب قرقاش عندما علم بصدمة انتحار ابنه‏,‏ الأمير العاشق‏,‏ وأقبل الفلاحون علي الثورة وقتلوا قرقاش‏,‏ وهتف فلاح بين إخوانه الفلاحين بقوله‏:‏
    عاش الملك العادل
    فرد عليه الفلاحون‏:‏
    نحن الملك العادل
    نحن‏..‏ الملك‏..‏ العادل
    أي أن الطغيان قد انهار وعاد السلطان للشعب‏,‏ وكان لابد من كارثة تبرر الثورة وتدفع إليها وتملأ القلوب بالشجاعة‏,‏ وكانت الكارثة هنا هي مقتل عذراء الشعب وانتحار حبيبها الأمير‏,‏ والكوارث دائما هي أم الثورات والانقلابات التاريخية‏.‏
    بقي أن نقول إن شعر سميح مليء بهذه الإمكانيات المسرحية الكبيرة‏,‏ وهناك بعد ذلك ملاحظة أخيرة‏,‏ وهي أن مسرحية قرقاش كانت قد تم إعدادها للعرض علي المسرح المصري منذ أكثر من عشرين سنة‏,‏ علي يد المخرج الكبير سعد أردش‏,‏ ولكن المسرحية صودرت وتم منعها في آخر لحظة‏.‏ ولا أدري كيف ولماذا تصادر مثل هذه المسرحية الجميلة النبيلة؟‏..‏
    إنني أتمني إعادة التفكير في تقديم المسرحية من جديد‏,‏ وأتوجه بهذه الأمنية إلي الأخت العزيزة المثقفة الأديبة الفنانة الدكتورة هدي وصفي‏,‏ آملا أن تقدمها ـ هذا الموسم ـ علي مسرح الهناجر الذي تديره بكفاءة وهمة وإرادة ثقافية وفنية عالية‏.‏
    ............................................
    *الأهرام ـ في 10/12/2006م.
    رد مع اقتباس  
     

  2. #62 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 59 ) مــرتزقة ومــــوهوبون

    بقلم: رجاء النقاش
    .........................

    في كل بيئة أدبية وثقافية يظهر المرتزقة والموهوبون‏,‏ ويدور بينهما صراع عنيف ينتهي بانتصار أحد الجانبين‏,‏ وللأسف فإن الموهوبين هم الذين يتعرضون في معظم الأحوال للهزيمة‏,‏ لأن عددهم أقل‏,‏ ولأنهم ينصرفون بجهودهم إلي تنمية مواهبهم والتعبير عن هذه المواهب بأفضل صورة‏,‏ فالموهبة تحتاج إلي الاتقان‏,‏ والموهوب الحقيقي لا يلتفت إلي المؤامرات والدسائس أو يفكر فيها وإلا فقد قدرة التركيز علي موهبته‏,‏ وهذا التركيز هو مهمته الأولي في الحياة‏,‏ وفي المقابل فإن مرتزقة الأدب والثقافة يعيشون علي تلك المؤامرات والدسائس‏,‏ لأن هؤلاء المرتزقة إن كانوا موهوبين في شيء فإن ذلك هو صناعة التآمر‏,‏ والعمل الأصلي لهؤلاء المرتزقة هو شن الحرب علي الموهوبين وتنكيد عيشهم ووضع العقبات في طريقهم‏.‏ ونعود إلي بعض الصفحات في تاريخ الأدب العربي‏,‏ لنجد أمامنا فصلا مؤلما من فصول الحرب المستمرة والمتكررة بين المرتزقة والموهوبين‏,‏ ويتجسد هذا الفصل في قصة المتنبي مع الحياة الأدبية في مصر‏,‏ في عصر كافور الإخشيدي‏,‏ ففي هذا العصر جاء المتنبي إلي مصر وقضي فيها مايقرب من خمس سنوات دون انقطاع‏,‏ وكان المتنبي يمثل أرقي ما وصلت إليه الموهبة الشعرية العربية في عصره‏,‏ ولم يكد المتنبي يصل إلي مصر حتي ثار الحسد والحقد في قلوب المرتزقة الذين أحسوا منذ اللحظة أن وصول المتنبي العظيم فيه خطر غير محدود عليهم‏,‏ وعلي ما هم فيه يرتعون من مناصب وممتلكات مادية مختلفة تتيح لهم الرخاء والاسترخاء‏,‏ وقد كان هؤلاء المرتزقة جميعا بالنسبة للمتنبي من أصحاب المواهب المحدودة أو المتوسطة في أحسن الأحوال‏,‏ ولم يطق هؤلاء المرتزقة وجود المتنبي في مصر‏,‏ لأن المتنبي سوف يطفيء نورهم ويقضي علي انفرادهم بالنفوذ والسلطة‏,‏ بما يملكه من قوة العبقرية والنبوغ‏,‏ مع شدة اعتزازه بكرامته الفنية والشخصية‏.‏
    كان المتنبي قد ترك سيف الدولة في حلب بعد أن قضي في بلاطه تسع سنوات‏,‏ هي أسعد سنوات عمره وأخصب مراحل إبداعه الفني‏,‏ فقد كتب خلالها مجموعة من أروع قصائده‏,‏ وعندما علم كافور‏,‏ حاكم مصر في ذلك الحين‏,‏ بنبأ الخلاف الذي نشأ بين سيف الدولة والمتنبي‏,‏ بذل جهدا كبيرا لاقناع المتنبي بالذهاب إلي مصر‏.‏ وأعطي للمتنبي وعودا كثيرة‏,‏ حتي وافق المتنبي علي التوجه إلي مصر فوصلها سنة‏346‏ هـ وبقي فيها إلي سنة‏350‏ هـ‏.‏ وفي مصر كان هناك طبقة من المثقفين تحيط بكافور الإخشيدي‏,‏ وكان علي رأس هؤلاء جميعا وزير هو جعفر بن الفضل بن جعفر الذي كان معروفا باسم ابن حنزابة نسبة إلي أمه وكان اسمها حنزابة ولا أدري من أين جاء هذا الاسم‏,‏ وأغلب الظن أنه اسم فارسي أو تركي‏.‏ المهم أن الوزير ابن حنزابة هذا قد طمع في أن يمدحه المتنبي ببعض شعره‏,‏ ولكن المتنبي لم يتجاوب مع رغبات الوزير‏,‏ ولعل المتنبي كان يحس أنه لم يأت إلي مصر ليمدح كل من هب ودب‏,‏ وكل من يستحق أو لا يستحق‏,‏ هذا والمتنبي لم يقطع صلته بسيف الدولة‏,‏ ويطوي المسافات الشاسعة ليمدح الوزراء وأشباه الوزراء‏,‏ ومن هنا بدأ ابن حنزابة في التآمر علي المتنبي وتشويه سمعته والعمل علي
    إثارة حاكم مصر كافور الإخشيدي ضد هذا الشاعر العظيم‏.‏
    أخذ الوزير الموتور يردد في كل مكان بأن المتنبي يسرق معانيه من شعراء آخر‏,‏ فهو ليس بشاعر ولكنه لص‏,‏ كذلك أخذ الوزير يجمع حوله بنفوذه عددا من مرتزقة الشعر والأدب ليجعل منهم حزبا ثقافيا ضد المتنبي‏,‏ وكان بين هؤلاء شاعر اسمه أبو القاسم ابن العفير فأخذ يهجو المتنبي بشعر محدود القيمة‏,‏ لا جمال فيه ولا عمق ولا صدق‏,‏ وكان من بين هؤلاء أيضا عالم لغوي هو محمد بن موسي بن عبدالعزيز الكندي‏,‏ وكان الناس يسمونه الموسوس‏,‏ وإن كان قد اشتهر باسم سيبويه المصري وأخذ هذا العالم اللغوي الذي انضم إلي حزب المرتزقة يمشي في مجالس العلم ومنتديات الثقافة والأدب معلنا علي رؤوس الجميع أن المتنبي يخطيء في اللغة والنحو‏,‏ وأخذ سيبوبه المصري هذا يتصيد الأخطاء للمتنبي ويفتعل ذلك افتعالا شديدا وينشر علي الناس نبأ هذه الأخطاء المفتعلة‏,‏ كل ذلك رغم أن المتنبي كان بجانب موهبته الشعرية من أعلم الناس باللغة العربية‏,‏ ومن أكثرهم فهما وذوقا ومعرفة بأسرار هذه اللغة‏,‏ ولو لم يكن المتنبي شاعرا كبيرا لكان من عظماء اللغويين‏,‏ ومع ذلك فقد أصبح الهم الأكبر لسيبويه المصري هو أن يسيء إلي المتنبي ويهدم سمعته الأدبية الرفيعة وينغص عليه حياته في مصر‏,
    فكلما أنشأ المتنبي قصيدة جديدة أخذ سيبويه المصري يفتش في هذه القصيدة عن أخطاء‏,‏ وعندما كان يعجز عن الوصول إلي مثل هذه الأخطاء‏,‏ فإنه كان يلفق العيوب والمآخذ التي لا تقوم علي أي أساس من المعرفة أو الذوق‏,‏ ومن المعروف أن علم النحو العربي حافل بالمدارس المتضاربة والمتناقضة‏,‏ وبالامكان وصف ما هو صواب في مدرسة نحوية بأنه خطأ في مدرسة نحوية أخري‏,‏ وهكذا يمكن اللعب بالنحو لتخطئة أعظم الأدباء‏,‏ فهناك ألاعيب نحوية عند التحقيق فيها فإن العلم ينفيها بصورة كاملة‏.‏ وتلك اللعبة السخيفة هي التي استخدمها سيبويه المصري في حربه ضد المتنبي من أجل القضاء علي هيبته الأدبية‏.‏ ومن الذين التفوا حول الوزير ابن حنزابة ضد المتنبي شاعر مصري هو ابن وكيع التنيسي نسبة إلي جزيرة تنيس في منطقة بحيرة المنزلة في مصر‏,‏ حيث ولد هذا الشاعر ومات هناك‏,‏ وابن وكيع بالنسبة إلي المتنبي يعتبر شاعرا متوسط الموهبة أو دون ذلك بكثير‏,‏ ومع ذلك فقد شغل هذا الشاعر نفسه بتأليف كتاب عن سرقات المتنبي من شعر الآخرين‏,‏ وأسماه باسم المنصف‏,‏ والحقيقة أن هذا الكتاب لم يكن منصفا أبدا‏,‏
    وهكذا وقف حزب المرتزقة ضد المتنبي‏,‏ ذلك الموهوب الأعظم بقصد تحطيمه والإساءة إليه‏,‏ وبقصد أكبر هو تطفيشه من مصر في أسرع وقت‏,‏ حتي يرتاح المرتزقة ويناموا مطمئنين‏.‏
    ولعل هؤلاء المرتزقة لم يجدوا لجهودهم أثرا كافيا‏,‏ فقد ظل جمهور الأدباء في مصر والعالم العربي يتنافسون علي حب المتنبي وقراءة أشعاره ودراستها وترديدها‏.‏ ومن هنا كان علي حزب المرتزقة أن يضرب ضربة أخري قاضية‏,‏ وهي إفساد العلاقة بين حاكم البلاد كافور والمتنبي‏,‏ فركزوا جهودهم علي توصيل رسائل مستمرة إلي كافور تحضه علي الحذر من المتنبي والتخلص منه في أسرع وقت‏,‏ فالمتنبي صاحب طموح سياسي‏,‏ وقد يتآمر علي كافور للاستيلاء علي الحكم بدلا منه‏,‏ وهي خطة معروفة ومتكررة عند أحزاب المرتزقة علي مر عصور التاريخ المختلفة‏,‏ فالمرتزقة يلتفون حول مراكز السلطة‏,‏ ويصورون لأصحاب هذه المراكز أنهم هم المخلصون دون غيرهم‏,‏ وبعد أن يجدو أذنا صاغية لهم‏,‏ فإنهم يبدأون في العمل علي تصفية أعدائهم والدس لهم والتخلص منهم‏,‏ وذلك باتهامهم بأنهم ضد السلطة‏,‏ وأنهم يعملون علي هدم هذه السلطة ثم إقامة سلطة جديدة لهم‏,‏ والمرتزقة لا يقدمون علي شيء من ذلك إلا بعد أن يهيئوا الجو النفسي العام لكي تكون مثل هذه التهمة مقبولة‏,‏ ومن هنا يسهل للمرتزقة أن يضربوا ضربتهم الأساسية ضد الموهوبين‏,‏ ويبعدوهم عن الساحة ويقضوا عليهم‏,‏ خاصة إذا كان هؤلاء الم
    وهوبون من ذوي الاهتمامات السياسية الواضحة مثلما كان الحال مع المتنبي‏,‏ مما قد يثير الشك والقلق حول هذه الشخصيات‏.‏
    وهذا هو ماحدث مع المتنبي في مصر‏,‏ فبعد أن كان كافور سعيدا إلي أبعد حد بوجود المتنبي إلي جانبه في مصر‏,‏ تغيرت نفسيته تجاه المتنبي‏,‏ ويبدو أنه لم يستطع أن يخفي مشاعره‏,‏ وما كان باستطاعته أن يفعل‏,‏ فالمتنبي شاعر شديد الحساسية‏,‏ ولاشك أنه أدرك الانقلاب الذي حدث لكافور‏,‏ فبدأ يخطط للهروب من مصر‏,‏ ولم يكن كافور جاهلا بالأدب والثقافة‏,‏ ولم يكن جاهلا بقيمة المتنبي وأهميته‏,‏ فقد كان كافور كما قال عنه المؤرخون من محبي الشعر والشعراء‏,‏ وكان كما يقول المؤرخ الذهبي في كتابه النجوم الزاهرة‏:..‏ عظيم الحرمة‏,‏ خبيرا بالسياسة‏,‏ فطنا ذكيا‏,‏ جيد العقل‏,‏ داهية‏,‏ وكانت تتم عنده كل ليلة قراءة السير وأخبار الدولتين الأموية والعباسية‏.‏ ومعني هذه الشهادة لكافور من جانب المؤرخ الذهبي والتي كررها مؤرخون آخرون في حق كافور أنه كان علي استعداد لتقدير المتنبي وإعطائه حقه من الحرص عليه وتكريمه ورعايته وحمايته من الحاسدين والحاقدين‏,‏ أي من حزب المرتزقة الذي يتصدي للموهوبين في كل عصر وكل مكان‏..‏ لقد كان ذلك ممكنا لولا حزب المرتزقة الذي التف حول كافور وآثار في قلبه الشكوك والمخاوف‏,‏ مما أدي بكافور إلي التضييق علي المتنبي وبث العيون والرقباء عليه لمعرفة حركاته وسكناته‏,‏ وأدي بكافور أيضا إلي إخلاف وعوده للمتنبي‏,‏ وبذلك انتصر حزب المرتزقة ضد المتنبي‏,‏ وأصيب الشاعر العظيم بالضيق الشديد من وضعه الأليم‏,‏ فهرب من مصر وكتب قصائده الهجائية العنيفة ضد كافور ورجاله‏,‏ وشدد في قصائده هذه علي حزب المرتزقة هؤلاء‏,‏ فأدانهم وفضحهم في قصائد كثيرة وامتلأت أشعار المتنبي بعد خروجه من مصر بالمرارة‏,‏ ولكنها كانت شعرا قويا خالدا‏,‏ ولا يزال الكثيرون منا يرددون إلي الآن الكثير من أبيات المتنبي ضد كافور ورجاله‏,‏ وضد أحوال مصر في ذلك العصر الذي تقدم فيه حزب المرتزقة وانهزم حزب الموهوبين‏,‏ ولاشك أن كافور قد خسر كثيرا بالميل إلي المرتزقة الذين يحسنون الدس والإساءة إلي الناس‏,‏ فقد كتب عنه المتنبي قصائد بالغة الروعة فنيا وبالغة المرارة من حيث الإحساس والشعور‏,‏ وقد رددها الناس في عصرها ومازالوا يرددونها إلي الآن‏,‏ وأصبحت الصورة التي رسمها المتنبي لكافور هي الصورة الشائعة عنه حتي اليوم‏,‏ وهي صورة بالغة السوء‏,‏ أما صورة كافور في التاريخ فلا يذكرها أحد إلا المتخصصون في الدراسات التاريخية والمؤرخون أحيانا يرفضون شهادة الشعراء‏,‏ رغم أن الشهادة الشعرية إن كانت قوية وصادقة تكون أكثر تأثيرا وأوسع انتشارا وأبقي في الأرض‏.‏
    .........................................
    *الأهرام ـ في 20/5/2007م.
    رد مع اقتباس  
     

  3. #63 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 60 ) رجاء النقاش.. الناقد المفرد في محبة الجميع

    بقلم: شمال يوسف
    ..........................

    الاحتفاء برجاء النقاش ليس واجباً صحفيا أو ثقافيا، تقوم به مؤسسة صحفية او ثقافية، ولكن هذا الاحتفاء واجب قومي علي جهات عديدة ان تتضافر من اجله، وتحتشد له، وتحشد للقيام به طاقات عديدة، كما كان رجاء ذاته يحتشد بكل طاقاته من اجل أي قيمة يحتفي بها، أو من اجل اكتشاف كان يزيح عنه الستار، فمن نافل القول ان نعلن في هذا المقام الضيق نبل المسيرة، وطول الاجهاد الذي عاناه الرجل واستمتع به وأمتعنا، ليكشف عن قيمة عظمي هنا، وقيمة كبري هناك، علي رأس هذه القيم شعراء المقاومة، وإفساح مجلة الهلال لنشر دواوين كاملة لهم، عندما كان رجاء النقاش رئيساً لتحريرها، فنشر ديوان آخر الليل للشاعر الشاب اليافع - آنذاك - محمود درويش، ونشر في عدد تال ديوان ادفنوا موتاكم وانهضوا للشاعر الشاب أيضاً - آنذاك - توفيق زيادة وأظن أن فضيلة نشر الدواوين في مجلات - الآن - قد انزوت وانتفت وانتهت من حياتنا الثقافية، وليتها كانت مستمرة، لكان الحال غير الحال، وكان رجاء أول من كتب كتابا كاملا عن محمود درويش، فراهن علي قيمة كبري، وشاعر قدير، لا يتسم بصفة المقاومة فحسب، بل كان صوت المقاومة الأول في الشعر العربي منذ ذلك الوقت البعيد، وهذا ليس جديداً علي رجاء النقاش، فالذي يعرف تاريخ الرجل سيعرف ان هذه الفضيلة كانت ديدنه منذ ان ولج الحياة الأدبية والثقافية، فهو الذي كتب مقدمة ضافية وتاريخية لديوان مدينة بلا قلب للشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، وكان عمر الاثنين - آنذاك - لم يتجاوز الخامسة والعشرين، إذ كانت عام ،1959 وأظن ان هذه الدراسة الجادة والتاريخية، تعتبر احدي الركائز الأساسية التي دشنت للشعر الحديث، في معركته مع المدرسة القديمة، والتي كان يتزعمها - آنذاك - الكاتب والمفكر والشاعر عباس محمود العقاد، وكان هناك رهط من الشعراء المخضرمين ضد هذا اللون من الكتابة الشعرية، وعلي رأس هؤلاء الشاعر عزيز أباظة، ولم يكتف الاثنان أي العقاد بمناقشة هؤلاء الشعراء، بل حاولا حذفهما من خارطة الشعر بشكل مطلق ومتربص، وفي ذلك الوقت، وفي عز احتدام هذه المعارك، كانت دراسة أو مانيفستو رجاء النقاش، ومقدمته الرصينة لأحمد عبدالمعطي حجازي ويعلن فيها ان حجازي ورفاقه يمثلون نقلة في تطور المجتمع العربي ذاته، فعندما يقول: ان مرحلة العام السادس عشر لم تكن مرحلة في عمر الشاعر وحسب.. بل كانت ايضاً مرحلة في عمر حياتنا العربية.. عندما أراد الشاعر ان يتجاوز مرحلته الذاتية، كان في نفس الوقت يريد ان يتجاوز نفس المرحلة في حياة المجتمع الذي يعيش فيه.. إذن فرجاء لم يقدم لشاعر طليعي - آنذاك - فحسب، بل كان يقدم لحركة كاملة لذلك هو الذي كتب مقدمة ديوان صلاح جاهين عن القمر والطين عام ،1962 وصدر الديوان عن دار المعرفة، وكان علامة بارزة في مسيرة جاهين، بل وفي تطور الشعر المصري المكتوب باللغة الدارجة، وبعد ذلك جاءت مرحلة الطيب صالح، كذلك لعب معه ذات الدور الذي اضطلع به رجاء النقاش، دور الكشف والتنقيب والدرس النقدي العميق، والترويج المحترم، لكل ما هو غال وثمين وقيم في حياتنا الأدبية والسياسية والثقافية، وذلك في عز تصاعد قمم أدبيةعربية في مجال الرواية، مثل نجيب محفوظ وفتحي غانم وحنا مينة وآخرين.. لكن النقاش استطاع مستنداً علي موهبة كبيرة ان يفسح مكانا واسعاً للطيب صالح في مجال الرواية وينشر له روايته الأولي موسم الهجرة الي الشمال في روايات الهلال ويكتب عنها دراسة مطولة، تنبيء عن كاتب كبير، وعن موهبة ضخمة وبالإضافة الي كل هذه الأيادي البيضاء التي كانت لرجاء النقاش علي هذه المواهب وغيرها، كتب عن قمم راسخة كبيرة عربية كانت او مصرية، او عالمية، فكتب عن الشعراء بابلو نيرودا، وقسطنتين كفامتين، ورابنداران طاغور، ورسول جمزاتوف، ولورانس داريل، وبرنارد شو، وعن نجيب محفوظ، ويوسف إدريس، وحنا مينة ومحمد مندور، وطه حسين، وعباس العقاد وغيرهم.
    ورغم ان رجاء النقاش عندما ينحاز لكاتب، فهو لا يتواني عن كيل المديح له، ورعايته نقدياً، ويوفر له كل سبل التطور، ويدافع عنه ويقاتل من اجله، أسوق مثالاً واحداً عندما تعرض الروائي المصري فتحي إمبابي لعائق ما، انبري النقاش - دون ان يعرفه - للكتابة عنه، ولفت نظر الكتاب والنقاد، وأزعم ان امبابي كسب اسمه وأدبه تعاطفاً كبيراً بعد ما كتبه رجاء النقاش عنه.. اقول رغم اندفاع النقاش - هكذا - وانحيازه لكل قيمة يحترمها ويقدرها ويحبها، فهو يكون ساخطاً أشد السخط عمن يراهم قد انحرفوا عن المباديء، ونذكر هنا مثالين، الأول في كتابه أدب وعروبة وقومية الذي صدر في أوائل الستينيات عندما هاجم الحزب القومي السوري، ودعاواه العنصرية، وكتب عن الشاعر أدونيس كتابة سلبية، لأن أدونيس - كان آنذاك - ضد العروبة ورموزها بشكل مطلق، وكان يدعو للفينيقية، داعياً لتخليص ما أسموه بالهلال الخصيب من شوائب أي عروبة، حسب الزعيم أنطون سعادة ، كما يتضح ذلك من السيرة الذاتية التي كتبها الراحل هشام شرابي في كتابه جمر ورماد . أما المثال الثاني فهو كتاب الانعزاليون الذي كتبه النقاش دفاعاً عن العروبة، عندما - رأي - توفيق الحكيم وحسين فوزي ولويس عوض، قد كالوا ضربات موجعة لقضية القومية العربية والعروبة معاً.. فكتب النقاش كتابه هذا، مدافعا عن العروبة غير آبه بما يشغله هؤلاء من مكانة أو مكان، فالذي شغل رجاء ان هؤلاء قد انحرفوا عن الصواب، فلذلك حقت عليهم اللعنة.
    أفضال رجاء النقاش علي الثقافة العربية، والابداع العربي، والنقد العربي، والصحافة الأدبية العربية كثيرة، لذلك عندما تصدر دار الهلال عدداً خاصاً يحتفي برجاء النقاش، فعلينا ان نضرب لها تعظيم سلام ، ونؤدي لها التحية، بقدر ما هي أدت هذه التحية لأحد أعلام الثقافة العربية الكبار، وهذا لا يعفينا من ان نطالب المؤسسات القومية ان تحتفي برجاء الكاتب والنقاد والانسان، وهناك مؤسسات ليست مصرية فحسب تدين لفضل رجاء النقاش، ولكن هناك ايضاً مؤسسات وبلداناً عربية اخري عليها ان تؤدي واجبها تجاه هذا الرجل الذي خدم في سلاح الثقافة لفترة تصل الي الستين عاماً، خدمة جليلة وتستحق منا نحن من تعلمنا علي قلمه كيف تكون الكتابة، وكيف تنبني الثقافة.
    لذلك فمبادرة دار الهلال لها منا ألف تحية، ولكل الأقلام التي أفصحت وأبانت عن حبها وتقديرها لها ألف تقدير، من مجدي الدقاق رئيس التحرير الي الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي الذي بدا متحيراً بماذا يبدأ مقاله، الي جابر عصفور الذي سرد تاريخاً مجيداً للرجل، وعدد فيه أفضاله علي الثقافة العربية عموما، الي الروائي خيري شلبي الذي كتب بمحبة فياضة، والأقلام العربية مثل خيري منصور الذي لم يقتصر الكتاب عن النقاش ككاتب وناقد مفرد، ولكن منصور نظر له كجبل ملأ الحياة الثقافية العربية ابداعات وأفكاراً جادة، وسميح القاسم الذي وجه تحية واجبة.. وهناك من ناقش النقاش نقاشاً جاداً ومستفيضاً ومسؤولاً مثل الناقد ابراهيم فتحي، والناقد مهدي الحسيني.. وإن كنت لم أرتح لما كتبه وديع فلسطين لأنه أراد يدس بضعة مرارات في الكتابة، وأراد - أيضاً - ان ينال من بعض ما كتب عنهم رجاء النقاش وخاصة أنور المعداوي، وشعرت ان تقريع فلسطين لرجل رحل مثل أنور المعداوي منذ أربعين عاماً، وكأنه تقريع لرجاء النقاش ذاته، وتطاول علي المعداوي، واصفاً إياه بالوصولية وساخراً منه عندما كتب - المعداوي - مقالاً عنوانه صالحني توفيق الحكيم علي زجاجة كوكا كولا .. ويعلق - فلسطين - كاتباً: ما شاء الله زجاجة كوكا كولا هي التي غيرت رأي المعداوي في الحكيم ..
    ويستطرد فلسطين قائلاً: ورجاء النقاش تعاطف مع المعداوي يلتمس له المعاذير مرة بأمراضه ومرة بطموحه . وكنت أود أن ينأي فلسطين بنفسه عن تصفية الحسابات في مناسبة احتفالية مثل هذه..
    تحية لدار الهلال، ومجلة الهلال، ولكل الأفلام التي كتبت عن النبيل رجاء النقاش وفي انتظار المؤسسة التي ستقوم بالمبادرة.
    رد مع اقتباس  
     

  4. #64 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 61 ) رجاء النقاش يدخل عالم نساء شكسبير
    ................................................

    أصدر الكاتب والناقد المصري رجاء النقاش كتابا جديدا بعنوان "نساء شكسبير" عن دار الشرقيات بالقاهرة يرى فيه أن الملكة إليزابيث الأولى التي حكمت بريطانيا في القرن السادس عشر كانت أهم شخصية نسوية في عصرها شكلت مصدر إلهام الشاعر المسرحي الإنجليزي الشهير وليام شكسبير في رسم بطلات في مسرحياته.
    ولا يسعى النقاش في كتابه الجديد "نساء شكسبير" إلى تقديم كاتب جديد بقدر ما يهدف لإعادة اكتشاف جانب واحد من جوانب ثرية تنطوي عليها أعمال شكسبير الذي ترجمت أعماله أو بعضها إلى معظم اللغات.
    وفي رأي النقاش أن شكسبير في أعماله يقدم المرأة في نماذج متعددة إلا أن هناك بعض السمات المشتركة بينها وهي العمق والجمال والصدق ويضيف "نكاد ونحن نعيش مع نساء شكسبير ننسى أننا نعيش في عالم فني خيالي، هذا جانب من عظمة فن شكسبير الذي يفيض بقوة الحياة ويكاد يخرج بالشخصيات التي يرسمها من صفحات المسرحيات لتمشي على الأرض وتعيش بين الناس".
    وأشار إلى أن لدى نساء شكسبير قوة إرادة وقدرة على اتخاذ قرارات صعبة وخطيرة ولهن رأي مستقل وهن قادرات على التحدي والدفاع عن أنفسهن حتى الموت متسائلا "من أين جاء شكسبير بهذه الصورة القوية للمرأة ضاربا المثل بنساء وصفهن بالفارسات منهن جولييت وديدمونة وكليوباترا؟".
    وقال إن الدراسة المتأنية للسياق التاريخي الذي عاش فيه شكسبير تثبت أن هناك شخصية وصفها بالعجيبة والجبارة سيطرت على ذلك العصر وحددت صورة المرأة فيه وهي شخصية الملكة إليزابيث التي حكمت بريطانيا.
    وأضاف أن "شكسبير صور كليوباترا أنثى ذكية وجدت نفسها أمام حقيقة ثابتة من حقائق التاريخ في مصر فعندما تكون مصر ضعيفة فلا بد لها من حليف قوي يحميها ويحفظ عليها استقلالها، فإن لم تجد مصر هذا الحليف القوي تحولت إلى مستعمرة".
    وأوضح أن هذه النماذج للمرأة عند شكسبير تعطي إشارات وصفها بالذكية والمدهشة لفهم المرأة ولكنها لا تقدم إلينا مفتاحا سحريا نستطيع أن نفتح به جميع الأبواب المغلقة في عالم المرأة.
    يذكر أن للنقاش كتبا نقدية منها "ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء" و"عباقرة ومجانين" وكان آخر كتبه "قصة روايتين" وهو دراسة نقدية فكرية مقارنة لروايتي "ذاكرة الجسد" للجزائرية أحلام مستغانمي و"وليمة لأعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر.
    كما كان من أول النقاد العرب الذين انتبهوا إلى أعمال الشاعر الفلسطيني محمود درويش وأصدر عنه كتاب "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة".
    المصدر: رويترز
    ................................................
    *الأخبار ـ في 10/2/2005م.
    رد مع اقتباس  
     

  5. #65 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 62 ) رجاء النقاش وقراءة جديدة للعلاقة بين التاريخ والإبداع
    .................................................. ...............................

    في كتابه الجديد "شخصيات وتجارب" يلقي الكاتب المصري رجاء النقاش الأضواء على لحظات ومواقف تاريخية ألهمت عددا من المبدعين العرب والأجانب بأعمال لا يزال لها حضورها وتأثيرها، حينما يرى في التاريخ مصدرا مهما ونبعا من ينابيع الفن الجميل.
    يرى النقاش في الكتاب الذي صدر في القاهرة عن دار أطلس للنشر والإنتاج الإعلامي وضم فصولا متفرقة عن الشاعر المتنبي وعميد الأدب العربي طه حسين ورئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة شوقي ضيف الذي توفي قبل أسبوع، أن في التاريخ العربي صفحات تصلح لقصائد تخاطب النفس الإنسانية ولكنها لا تزال تبحث عن شعراء.
    فعلى سبيل المثال يشير إلى أن الاهتمام بالتاريخ أفاد الشاعر اليوناني قسطنطين كفافي (1867–1923) الذي ولد ودفن بمدينة الإسكندرية في مصر حيث تعمقت رؤاه وزادت ثراء رغم أنه -بحسب الكاتب- لم يفكر لحظة في أن يكون مؤرخا يسجل الأحداث أو يقوم بتفسيرها وتحليلها، ولكنه يتعمق في قراءة التاريخ ليستخرج منه اللحظات الشعرية التي كان يجد فيها مادة لقصائده.
    وأضاف النقاش أن الشاعر البريطاني الأكثر شهرة وليام شكسبير (1564–1616) الذي ترجمت أغلب أعماله إلى معظم اللغات استلهم أحداثا كثيرة من مسرحياته من وقائع وشخصيات تاريخية بعد إخضاعها لعملية اختيار وتأمل وجداني بهدف تخليصها من التفاصيل التي لا تخدم الدراما.
    حادثة دنشواي
    ويورد الكاتب أنه في التاريخ المصري الحديث هناك واقعة هي إعدام بعض الفلاحين في قرية دنشواي شمالي القاهرة عام 1906 أمام الأهالي، وهو ما أكد النقاش أن الشاعر المصري صلاح عبد الصبور أختار أحد الضحايا لهذه الواقعة التاريخية وكتب فيه قصيدته "شنق زهران" عام 1954.
    وأوضح أن هذه المحاولة التي وصفها بالعجيبة جاءت ضمن سياق رواية "أمريكانلي" أو "أمري كان لي" التي صدرت في مصر عام 2003 للروائي المصري صنع الله إبراهيم الذي سجل ملخص محاضرة حول حادثة دنشواي للباحث الإسرائيلي ماتيتياهو بيليد أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة تل أبيب.
    وقال النقاش إن بيليد اعتبر زهران مجرما ذا تاريخ طويل في خرق القانون وقد وصفته محاضر التحقيق في حادثة دنشواي بأنه زعيم العصابة الذي حرض الفلاحين على الإساءة إلى الضباط الإنجليز ما أدى إلى قتل هؤلاء الضباط.
    غير أن المؤلف اعتبر "محاضرة بيليد -عضو الكنيست الذي كان جنرالا في الجيش الإسرائيلي- جزءا من حرب قاسية واسعة النطاق يتم شنها علينا الآن.. حرب عدوانية سيئة النية ومحاولة لإفقاد المصريين والعرب جميعا ثقتهم بتاريخهم واحترامهم لأنفسهم".
    عبقرية النقاش
    وفي رأي كثير من رموز الحركة الثقافية في مصر فإن الكاتب رجاء النقاش يقف في مقدمة نقاد عرب نجحوا في تبسيط النظريات النقدية بصورة دفعت القراء إلى حب الإبداع والنقد معا، إذ ليس النقد الأدبي في منهجه مجرد شرح أو تفسير للروايات والقصص والأشعار، ولكنه تنوير للقارئ بالسياق العام للعمل الإبداعي وكاتبه وقارئه أيضا بهدف إشراك المتلقي في نقاش ثقافي يحمل الجدية والمتعة معا حول اللحظة التاريخية التي يعيشها.
    يذكر أن للنقاش كتبا نقدية منها "نساء شكسبير" و"ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء" و"أبو القاسم الشابي شاعر الحب والثورة" و"الاعتزاليون في مصر" و"عباقرة ومجانين" و"قصة روايتين" وهو دراسة نقدية فكرية مقارنة لروايتي "ذاكرة الجسد" للجزائرية أحلام مستغانمي و"وليمة لأعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر.
    كما أنه قدم عام 1958 لأول أعمال الشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي "مدينة بلا قلب" كما كان من أوائل من تحمس للشاعر الفلسطيني محمود درويش وأصدر عنه عام 1969 كتاب "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة"، بالإضافة إلى اكتشافه لرواية صارت من كلاسيكيات الأدب العربي وهي "موسم الهجرة إلى الشمال" للسوداني الطيب صالح.
    المصدر: رويترز
    ................................................
    *الأخبار ـ في 18/3/2005م.
    رد مع اقتباس  
     

  6. #66 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 63 ) جولة الكتب
    يقدمها: مصطفي القاضي
    ......................................

    رجاء النقاش.. وملكة تبحث عن عريس
    .................................................. .......

    ملكة تبحث عن عريس كتاب جديد للكاتب الكبير رجاء النقاش.. صدر عن كتاب أخبار اليوم بمقدمة دقيقة لرئيس التحرير الزميلة الكاتبة الصحفية نوال مصطفي.
    يؤكد رجاء النقاش في مقدمة الكتاب أن البطل الأساسي في هذا الكتاب هو المرأة.. المرأة التي تعمل والمرأة التي تضحي والمرأة المليئة بالأسرار والمرأة التي تحب الرجال والمرأة التي لا تحب الرجال وغير ذلك من ألوان النساء اللاتي نقرأ عنهن في كتب الأدب أو كتب التاريخ أو اللواتي نعرفهن ونراهن أمامنا يعملن ويقتحمن الحياة ويحاولن مواجهة الدنيا بسحرهن أو بذكائهن أو بما يملكن من حيلة وبعد نظر والحقيقة أن هذه الصور والحكايات التي أبطالها سيدات وآنسات من كل الألوان وكل الأزمان وكل البيوت إنما تستطيع أن تقول لنا شيئا واحدا لا شك فيه عند الجميع وهو أن المرأة هي الحياة فكل مشاعر الإنسان ترتبط بالمرأة وكل التجارب والمشاكل تبتدي بالمرأة وتنتهي إليها.
    ويحدثنا رجاء النقاش عن المرأة القوية التي لم تعرف الشكوي والبكاء طوال حياتها رغم ما مرت به من آلام وهي ايفا براون عشيقة هتلر التي طلبت منه أن يتزوجها لليلة واحدة هي ليلة انتحارها وكذلك زوجة مساعده ووزير إعلامه جوبلر التي طلبت المساعدة لكي تقتل أولادها الستة وعن سميرة موسي عالمة الذرة المصرية التي غلبت الرجال في هذا المجال ولقيت حتفها في ظروف غامضة في أمريكا وأيضا حكاية أول ثلاث ممثلات عربيات في مصر وكانت مسلمة ومسيحية ويهودية وغيرها من الصور التي تؤكد أن المرأة هي الحياة والموت أيضا.
    ..............................
    *عن صحيفة: الجمهورية.
    رد مع اقتباس  
     

  7. #67 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    (64 ) آراء غريبة للويس عوض يناقشها النقاش في كتاب جديد:
    أحمد شوقي شاعر قصور وأم كلثوم مليونيرة... وأشياء أخرى
    .................................................. .......................................

    بيروت – جهاد فاضل
    في كتابه الجديد «لويس عوض في الميزان» يتعرض الناقد المصري الكبير رجاء النقاش لبعض ما ورد في كتاب «أوراق العمر» الذي قدم فيه الدكتور لويس عوض كثيرا من تجاربه الانسانية، وجانبا مهما من آرائه وأفكاره. ومن جملة ما يفنده النقاش في كتابه هذا ما ورد في كتاب لويس عوض عن أمير الشعراء شوقي وعن المطربة الكبيرة أم كلثوم.
    ترد في «أوراق العمر» ثلاث اشارات عن شوقي هي التالية وبنصها الحرفي:
    - مبدأ المساواة بين الطبقات وتوزيع الثروة دعوة لها سوابق في التاريخ الاسلامي، فهي ليست بالضرورة ماركسية لينينية، وانما خميرتها موجودة في بعض تيارات الفكر الاسلامي، مما جعل شاعرا «ارستقراطيا» مثل شوقي، ومغنية «مليونيرة» مثل أم كلثوم يصوران النبي محمدا عدو البولشفية. يقول شوقي: «الاشتراكيون أنت إمامهم».
    - وقد بلغت «سخافة» شوقي انه أنشد في تمجيد انتصار مصطفى كمال:
    الله أكبر كم في الفتح من عجب.
    يا خالد الترك جدّد خالد العرب.
    فحاول احياء رموز الفتوحات الاسلامية في وصف قائد معركة وطنية بحت، اشتهر بعلمانيته المتطرفة، وبانه صاحب الدعوة الطورانية الذي صفى ف كرة الجامعة الاسلامية وادار ظهره للعرب الذين قاتلوا تركيا تحت لواء الانكليز في الجزيرة العربية.
    - كنت عند وفاة سعد زغلول قد قرأت القصيدتين «السخيفتين» اللتين نشرهما شوقي والعقاد في رثاء سعد، وقد كان مطلع قصيدة شوقي:
    شيّعوا الشمس ومالوا بضحاها
    وانحنى الأفق عليها فبكاها
    كنتُ يومئذ احسن (والكلام لا يزال لعوض) انها قصيدة رائعة مؤثرة، ولكني بعد ان نضجتُ ادركت انها قصيدة ملفقة مفتعلة قالها شوقي، وهو الذي كان له حضور شعري في جميع المناسبات، حتى لا يقال انه لم يشارك الشعب المصري احزانه القومية، وقد شارك سعد في حفل تنصيب شوقي أميرا للشعراء، بل وتصدر الحفل، وبهذا رفع شوقي درجة أو درجات على حافظ ابراهيم، رغم ان شاعر النيل كان وفديا، بينما كان أمير الشعراء «سرايتلي» أو شاعر البلاط، فقد كان من مخلفات الخديوي عباس حلمي والارستقراطية التركية، وكان في وجدانه وعقليته أقرب الى الحزب الوطني، غريبا في عالم الفلاحين ذوي الجلابيب الزرقاء وعالم الافندية الذي كان يتزعمه سعد زغلول. ويرى لويس عوض ان قصيدة شوقي هذه سخيفة، لانها تعتمد على التشبيه والاستعارة، وتغترف من رصيد البلاغة التقليدية بدلاً من التعبير الذي يحس به الشاعر فعلاً..
    يرفض رجاء النقاش تعابير عوض واحكامه عن شوقي: «الارستقراطي»، «السرايتلي» (اي تربية السرايات والقصور)، و«القصيدة الملفقة»، و«السخيفة»، الامر الذي يوحي بأن عوض يتحدث عن «رقة» من رمم التاريخ والادب، لا عن شخصية مثل شخصية احمد شوقي الذي كان في عصره (1868-1932) ملء السمع والبصر، ولم ينطفئ عنه البريق والضوء بعد وفاته، بل لا يزال هذا الشاعر العظيم حتى الآن شخصية ساطعة تدور حولها الدراسات الادبية والفكرية والتاريخية في كل الجامعات العربية.. «اما شعره، فلا يكاد يوجد انسان متعلم في الوطن العربي كله إلا ويحفظ له عدة ابيات من شعره».
    وبعد ان يفند النقاش كل عبارة وردت في حديث عوض عن شوقي يقول: «ان شوقي كان اكبر من هذا بكثير. فهو شاعر من اكبر شعراء العربية في كل العصور». ولو عددنا بعد القرآن خمسة مصادر اساسية لتكوين «ثقافة عربية اصيلة، فسوف يكون ديوان شوقي ومسرحياته على رأس هذه المصادر».
    المغنية المليونيرة
    اما «المغنية المليونيرة» ام كلثوم، فيقول النقاش «انني لا استطيع ابدا ان اتصور وصف ام كلثوم بأنها «مغنية مليونيرة» الا بأنه سخرية بالغة الظلم، بعيدة كل البعد عن الانصاف».
    ويضيف رجاء: «ان الالفاظ في اللغة العربية وفي كل لغة اخرى لها معناها المباشر الصريح. ولكن هذه الالفاظ لها ظلال اخرى لا تكون في اللفظ نفسه، ولكننا نشعر على الفور بظلال المعنى عندما نستمع الى اللفظ نفسه.
    فعندما نقرأ كلمة «مغنية» فاننا نفهم المعنى، ولكننا نشعر بشيء غير مريح عندما نقول «مغنية مثل ام كلثوم». فكلمة «مغنية» تنطبق حتى على مطربات الدرجتين الثانية والثالثة ممن يقدمن الترفيه والتسلية للسكارى في النوادي الليلية. وهنا يشعر المرء المنصف لتاريخ الفن وتاريخ المجتمع وتاريخ النهضة في بلادنا، بأن شيئاً من الظلم قد اصاب ام كلثوم، وعندما لا نجد من الاوصاف لام كلثوم إلا أن نقول عنها انها «مغنية مليونيرة»، نشعر بأن في هذا الوصف شيئاً اكثر من السخرية. فهو وصف ينطوي على النقمة والغضب والشعور الكامن في النفس بالرفض لهذه الفنانة».
    طبعا يشرح رجاء النقاش بعد ذلك اي غبن لحق بسيرة ام كلثوم وبتاريخ الفن والغناء العربي المعاصر على يد لويس عوض (الذي اعتاد قراؤه على مثل هذه الشطحات منه) عندما لا يبقى في نفسه عن ام كلثوم سوى انها «مغنية مليونيرة».
    يعقوب اللعين
    وعلى هذا النحو يفنّد رجاء احكاماً كثيرة للويس عوض في كتابه «أوراق العمر»، لم يحالفها التوفيق مثل انتصار عوض «للمعلم يعقوب»، وهو «فتوة» قبطي التحق بجيش بونابرت في مصر وأنشأ فرقة عسكرية للتعاون مع الفرنسيين في ضرب المصريين.
    والجبرتي، وهو مؤرخ ذو نزعة وطنية، ينعت يعقوب بـ «اللعين»، في حين ان لويس عوض يلحقه بأبطال مصر الخالدين في التاريخ مثل محمد علي وجمال عبدالناصر. ويبني عوض قناعته هذه على موقف مشكوك فيه، مفاده ان «يعقوب اللعين» هذا ترك الفرنسيين وامتطى بارجة حربية بريطانية، وقال قبل أن يموت على ظهر هذه البارجة، انه يريد ان يتحالف مع الإنكليز لتحرير مصر من الفرنسيين ومن العثمانيين أيضاً.. في حين ان سيرة حياته كلها كانت سيرة ملوثة على النحو الذي يفصّله رجاء في كتابه، مستشهداً على ذلك بآراء نخبة من المؤرخين المصريين الثقات.
    الكتّاب الزنادقة
    ويناقش رجاء النقاش بعد ذلك آراء غريبة للويس عوض لا يدري أحد كيف اقتنع عوض بها، من مثل قوله في كتابه «أوراق العمر»:
    «وجدت سلامة موسى صريحاً في اشتراكيته، صريحاً في زندقته. بينما وجدت العقاد زنديقاً يغطي زندقته بمقولاته الفلسفية، فيؤلّه الشعراء ويسوي بين وحيهم ووحي الأنبياء، وجاهر بعدائه للاشتراكية وبدعوته للفردية. كان العمالقة الثلاثة، سلامة موسى والعقاد وطه حسين، زنادقة كل على طريقته الخاصة: كانت زندقة العقاد من منطلق مثالي، وزندقة سلامة موسى من منطلق مادي. أما طه حسين فقد كانت آية زندقته كتابه «في الشعر الجاهلي» الذي قال فيه صراحة «ان قصة إبراهيم وإسماعيل وبناء الكعبة ليست لها حقيقة تاريخية بل هي مناقضة للتاريخ»!
    ويحلل رجاء النقاش آراء لويس عوض هذه ويدحضها على ضوء كتابات هؤلاء الإعلام ومواقفهم، ما عدا سلامة موسى الذي تأثر عوض بكتابه «تربية سلامة موسى» في المنهج وطريقة العرض. ويرى رجاء ان في كتاب عوض «أوراق العمر» وكذلك في كتاب سلامة موسى «تربية سلامة موسى» قدراً عالياً من الصراحة والصدق، وهو أمر غير مألوف في كتابات السيرة الذاتية في الأدب العربي.
    ....................................
    عن(القبس) الكويتية.
    رد مع اقتباس  
     

  8. #68 رد: مع رجاء النقاش 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    المشاركات
    1,123
    معدل تقييم المستوى
    19
    ( 65 ) القاهرة تكرم رجاء النقاش مكتشف المواهب
    .................................................. ................

    مثقفون يجمعون على دور الناقد رجاء النقاش في اخراج شعراء وادباء عرب الى الواجهة ويطالبون بحصوله على جائزة مبارك.
    يختلف المثقفون في مصر على أشياء كثيرة وعلى مثقفين مرموقين لكن لديهم حدا أدنى من الاتفاق على ما يمثله الناقد البارز رجاء النقاش من قيمة إنسانية ونقدية.
    وبدا في حفل تكريم النقاش الاثنين في نقابة الصحفيين بالقاهرة أن القيمة الفكرية لا تنفصل عن النبل الإنساني والدور الذي ينذر له إنسان نفسه في سبيل الآخرين خاصة إذا كانوا يبشرون بموهبة يراهن عليها.
    وعبر عن هذا المعنى الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي أرسل كلمة أشاد فيها بدور النقاش (73 عاما) في "كسر العزلة" عن الشعراء في الأراضي الفلسطينية في ستينيات القرن العشرين حين كتب عنهم محتفيا بهم وفي مقدمتهم درويش الذي أصدر عنه النقاش عام 1969 كتابا عنوانه "محمود درويش شاعر الأرض المحتلة" قبل أن يخرج درويش من بلاده وينال شهرته الواسعة.
    وأضاف درويش أن النقاش لم يكف عن "التبشير النبيل" بكل موهبة جديدة منطلقا من حس عروبي.
    وبدأ الحفل بكلمة للشاعر المصري حلمي سالم أشار فيها إلى أسطورة يونانية تخص نوعين من الناس أحدهما كلما لمس شيئا صار حديدا والثاني كلما لمس شيئا صار ذهبا.
    وقال إن النقاش من النوع الأخير فكلما أدار منبرا ثقافيا جعله أكثر حيوية بحماسه لكل جديد في الابداع كما تجلى في الستينيات حين تولى رئاسة تحرير "الهلال" أقدم مجلة ثقافية عربية وعندما انتقل عام 1971 رئيسا لتحرير مجلة "الإذاعة والتلفزيون" جعل منها مطبوعة ذات توجه ثقافي حيث نشر رواية "المرايا" لنجيب محفوظ مسلسلة قبل صدورها في كتاب.
    وسافر النقاش إلى قطر مديرا لتحرير صحيفة "الراية" ثم تولى رئاسة تحرير مجلة "الدوحة" منذ تأسيسها عام 1981 حتى إغلاقها عام 1986.
    وقال سالم إن معظم رموز الإبداع الأدبي في العالم العربي "زهور من غرسه" حيث برز النقاش منذ كان في مطلع العشرينيات من عمره ناقدا موهوبا يعبر من خلاله روائيون وشعراء عرب إلى الحياة الأدبية وبعضهم أكبر منه سنا مثل الروائي السوداني الطيب صالح الذي أعاد النقاش اكتشاف روايته الشهيرة "موسم الهجرة إلى الشمال" والشاعر المصري أحمد عبد المعطي حجازي الذي كتب له النقاش مقدمة ديوانه الأول "مدينة بلا قلب".
    وقال نقيب الصحفيين المصريين مكرم محمد أحمد إن النقاش "علم من أعلام الصحافة والنقد" على مدى أكثر من نصف قرن. ثم منح درع النقابة إلى النقاش الذي تسلم أيضا درع مؤسسة "دار الهلال" من رئيس مجلس إدارتها عبد القادر شهيب ودرع حزب التجمع منظم الاحتفال من رئيسه رفعت السعيد.
    وقال السعيد إن النقاش رجل يبدو هادئا رومانسيا لكنه "سياسي قوي وناقد مستنير يدافع عن العقل... "النقاش" رجل والرجال ليسوا بشهادة ميلاد بل بشهادة المواقف. يتألق رجاء في هذا الوطن بسبب ندرة الرجال" مضيفا أن النقاش ظل طوال مسيرته النقدية مدافعا عن قيم الجمال والاستنارة ضد القبح والتخلف.
    ومن كتب النقاش "ثلاثون عاما مع الشعر والشعراء" و"أبو القاسم الشابي.. شاعر الحب والثورة" و"عباقرة ومجانين" و"نساء شكسبير" و"عباس العقاد بين اليمين واليسار" و"قصة روايتين" وهو دراسة نقدية فكرية مقارنة لروايتي "ذاكرة الجسد" للجزائرية أحلام مستغانمي و"وليمة أعشاب البحر" للسوري حيدر حيدر.
    ونال النقاش جائزة الدولة التقديرية في الآداب بمصر عام 2000.
    وطالب نقيب الصحفيين في الاحتفال الاثنين بمنح النقاش جائزة مبارك وهي أرفع جائزة مصرية وأيده في هذا المطلب الناقد السينمائي علي أبو شادي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة وهو الجهة التي تنظم وتمنح جوائز الدولة بفروعها المختلفة.
    .....................................
    *الوسط ـ في 22/2/2008م.
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. أنيس النقاش
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11/01/2014, 10:43 PM
  2. رجال واقفون
    بواسطة وردة قاسمي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 17/05/2010, 11:36 AM
  3. تأملات في الإنسان - من أعمال رجاء النقاش
    بواسطة وليد زين العابدين في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 24/07/2009, 10:58 AM
  4. وفاة الناقد المصري رجاء النقاش
    بواسطة د.ألق الماضي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09/02/2008, 09:19 PM
  5. رجال واشباه رجال
    بواسطة وائل في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 01/01/2008, 03:31 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •