النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: اللقاء

  1. #1 اللقاء 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    15
    معدل تقييم المستوى
    0
    اللقاء

    رآها لأول - و لآخر مرة - في محطة القطار . و الحق يقال أنها استطاعت خلب لبه ...
    كانت تقف موجهة بصرها نحو موقف الحافلات . لا تتزحزح عيناها عنه ، إلا لتسترق نظرات خاطفة إلى ساعتها الذهبية التي تزين معصمها الفاتن ...
    تمنى في تلك اللحظة أن يكون موقفا للحافلات ...
    كانت تخطر في جلباب أبيض ناصع .. لم يضاهيه بياضا إلا لون بشرتها الناعم ، محيطة عنقها العاجي ، بشال وردي اللون فاتحه . و قد انسابت خيوط شعرها الذهبي على كتفيها . أما عيناها ، فإن كان للناس عقول يفقهون بها ، لاستغنوا عن أضواء مصابيح الأعمدة الباردة ليلا ، و لأجمعوا على الاكتفاء بالنور المنبعث منهما ....
    لأول مرة يكتشف قصور الشعراء ، اللذين طالما تغنى بقصائدهم الغزلية ، أمام وصف كل هذه المحاسن ... بل سخر من كل نحات يمكن أن يدعي تجسيم هذا الجمال برخامه ... أما الرسام فمن غبائه أن يتصور مطاوعة ريشته له لتصوير هذا الجمال الأخاذ .. و حسبه أن يكسرها يائسا و هو يتلو قول الشاعر :
    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا و يأتيك من الأخبار ما لم تزود
    أشرقت في ذهنه لمحة مضيئة : " ماذا لو حدث و كلمته هده الفاتنة ؟؟ "
    أعلم أنه من الحمق تصور هذا ، لكن كل شيء يهون في مملكة الخيال الرحبة ...
    هبها قصدتك بقوامها الممشوق الجميل مستفسرة :
    - " معذرة يا سيدي ! متى تمر الحافلة رقم ... ؟ "
    - " على الساعة ... "
    - " شكرا جزيلا " !
    - " العفو ! تبدين غريبة ، أليس حدسي في محله ؟ "
    - " آسفة أن أقول لك أجل ، ليس في محله .. بل أنا من سكان البلدة ، و إن شككت في أمري ، دعني أحدد لك أي مكان ترغبه ... "
    - " فكرة جيدة ! " . حك أرنبة أنفه . " أين يقع شاطئ المدينة مثلا ؟أراهن أنك ستخطئين . "
    - " أحقا ؟؟ حسنا ، تتجه عبر الطريق كذا وكذا ، ثم ... ما رأيك الآن ! "
    - " في الحقيقة .. هزمتني .. على فكرة .. ما رأيك في لقاء في الشاطئ غدا ، مادمت تعرفين مكانه جيدا ؟ أتراك موافقة ؟؟
    - " في الحقيقة لا مشكل لدي ، لكن بعد الخامسة .. لدي التزامات ... "
    - " أنا أيضا أحب منظر الغروب! "
    - " عظيم ! اتفقنا . "
    وما كادا ينهيان حوارهما ، حتى رآها تذوب وسط الزحام وهي تلوح له مودعة ، إلى أن ابتلعها باب الحافلة ...
    كره الأبواب ساعتها ... لقد نسي أن يسألها عن اسمها .
    جميلة ! لا بد أن اسمها جميلة !
    وفي الغد ، عند الغروب ، كان صاحبنا يجلس وحيدا مفترشا رمال الشاطئ الرحبة ...
    كانت يده تمسك وردة ، بدأت تذبل لطول الانتظار ... أما اليد الأخرى ، فقد كانت أصابعها تخطط على الرمال خطوطا دائرية وأخرى متقاطعة ...




    و حين بدا قرص الشمس ، آخذا في الاحمرار ، و هو يغوص في مياه البحر اللامعة ، كان صاحبنا قد فرغ من دفن وردته الذابلة في عمق الرمال ...
    نفض يديه من الحبيبات العالقة ، ثم دسهما في جيبي معطفه ، وهو يصعد المنحدر في تثاقل ...
    و لأول مرة ، وجد نفسه فجأة يجهر بأفكاره ، حتى تطلعت إليه أنظار بعض الناس في شفقة ...
    انتبه إلى نفسه ، فلم يجد بدا من الإسراع في الخطو دفعا للحرج ...
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: اللقاء 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية ابو مريم
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    985
    مقالات المدونة
    2
    معدل تقييم المستوى
    19
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد السميع مشاهدة المشاركة
    اللقاء

    رآها لأول - و لآخر مرة - في محطة القطار . و الحق يقال أنها استطاعت خلب لبه ...
    كانت تقف موجهة بصرها نحو موقف الحافلات . لا تتزحزح عيناها عنه ، إلا لتسترق نظرات خاطفة إلى ساعتها الذهبية التي تزين معصمها الفاتن ...
    تمنى في تلك اللحظة أن يكون موقفا للحافلات ...
    كانت تخطر في جلباب أبيض ناصع .. لم يضاهيه بياضا إلا لون بشرتها الناعم ، محيطة عنقها العاجي ، بشال وردي اللون فاتحه . و قد انسابت خيوط شعرها الذهبي على كتفيها . أما عيناها ، فإن كان للناس عقول يفقهون بها ، لاستغنوا عن أضواء مصابيح الأعمدة الباردة ليلا ، و لأجمعوا على الاكتفاء بالنور المنبعث منهما ....
    لأول مرة يكتشف قصور الشعراء ، اللذين طالما تغنى بقصائدهم الغزلية ، أمام وصف كل هذه المحاسن ... بل سخر من كل نحات يمكن أن يدعي تجسيم هذا الجمال برخامه ... أما الرسام فمن غبائه أن يتصور مطاوعة ريشته له لتصوير هذا الجمال الأخاذ .. و حسبه أن يكسرها يائسا و هو يتلو قول الشاعر :
    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا و يأتيك من الأخبار ما لم تزود
    أشرقت في ذهنه لمحة مضيئة : " ماذا لو حدث و كلمته هده الفاتنة ؟؟ "
    أعلم أنه من الحمق تصور هذا ، لكن كل شيء يهون في مملكة الخيال الرحبة ...
    هبها قصدتك بقوامها الممشوق الجميل مستفسرة :
    - " معذرة يا سيدي ! متى تمر الحافلة رقم ... ؟ "
    - " على الساعة ... "
    - " شكرا جزيلا " !
    - " العفو ! تبدين غريبة ، أليس حدسي في محله ؟ "
    - " آسفة أن أقول لك أجل ، ليس في محله .. بل أنا من سكان البلدة ، و إن شككت في أمري ، دعني أحدد لك أي مكان ترغبه ... "
    - " فكرة جيدة ! " . حك أرنبة أنفه . " أين يقع شاطئ المدينة مثلا ؟أراهن أنك ستخطئين . "
    - " أحقا ؟؟ حسنا ، تتجه عبر الطريق كذا وكذا ، ثم ... ما رأيك الآن ! "
    - " في الحقيقة .. هزمتني .. على فكرة .. ما رأيك في لقاء في الشاطئ غدا ، مادمت تعرفين مكانه جيدا ؟ أتراك موافقة ؟؟
    - " في الحقيقة لا مشكل لدي ، لكن بعد الخامسة .. لدي التزامات ... "
    - " أنا أيضا أحب منظر الغروب! "
    - " عظيم ! اتفقنا . "
    وما كادا ينهيان حوارهما ، حتى رآها تذوب وسط الزحام وهي تلوح له مودعة ، إلى أن ابتلعها باب الحافلة ...
    كره الأبواب ساعتها ... لقد نسي أن يسألها عن اسمها .
    جميلة ! لا بد أن اسمها جميلة !
    وفي الغد ، عند الغروب ، كان صاحبنا يجلس وحيدا مفترشا رمال الشاطئ الرحبة ...
    كانت يده تمسك وردة ، بدأت تذبل لطول الانتظار ... أما اليد الأخرى ، فقد كانت أصابعها تخطط على الرمال خطوطا دائرية وأخرى متقاطعة ...




    و حين بدا قرص الشمس ، آخذا في الاحمرار ، و هو يغوص في مياه البحر اللامعة ، كان صاحبنا قد فرغ من دفن وردته الذابلة في عمق الرمال ...
    نفض يديه من الحبيبات العالقة ، ثم دسهما في جيبي معطفه ، وهو يصعد المنحدر في تثاقل ...
    و لأول مرة ، وجد نفسه فجأة يجهر بأفكاره ، حتى تطلعت إليه أنظار بعض الناس في شفقة ...
    انتبه إلى نفسه ، فلم يجد بدا من الإسراع في الخطو دفعا للحرج ...
    لقاء لم يتحقق ، وذبول صاحب معه تذمرا لبطل القصة....
    جميلة بعد نظرة وموعد....
    أنصحك دائما باختزار القصة والهحتفاظ بما يلزم مادمنا نكتب القصة القصيرة..
    ننتظر منك المزيد ،تحياتي..
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. ( ما بعد اللقاء ) للدكتور محمد غنيم
    بواسطة عبد المنعم جبر عيسي في المنتدى الشعر
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 23/05/2012, 07:00 PM
  2. اللقاء
    بواسطة العيسوى الصغير في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 19/09/2009, 12:15 PM
  3. ما أرق اللقاء بعد الفراق..يوسف أبوسالم
    بواسطة يوسف أبوسالم في المنتدى الشعر
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: 03/04/2009, 12:06 AM
  4. سلاما ووداعا ربما يأتى اللقاء
    بواسطة محمد عبدالله في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02/04/2009, 05:28 PM
  5. مناجاة عند المقام :شعر ابوالقاسم الزليتنى
    بواسطة ابوالقاسم الزليتنى في المنتدى الشعر
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24/03/2008, 10:36 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •