النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: الكابوس

  1. #1 الكابوس 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    15
    معدل تقييم المستوى
    0

    الكابوس

    الشمس ساطعة ، و حرارة الصيف تشوي الوجوه .. و الحقيبة الجلدية تثقل كاهله ... متى سيصل إلى المنزل ؟؟ ... بضع شجيرات تقف على جانبي الطريق . صرير بعض الحشرات يبقر السكون المطبق . لاحت معالم القرية القابعة وسط الجبال وهي تهتز تارة ، و تارة تنخفض ، أثناء كل خطوة .. عدل من وضع الحقيبة ، ليخفف من الألم الذي أحدثته أحزمتها على مستوى كتفيه النحيفين .. و لكي لا يستطيل صمت الطريق ، أخذ يحرك شفتيه الجافتين ، مرددا النشيد الذي حفظه في الفرعية :

    تراه باكرا يعدو و أمر الفصل يشغله
    صقيع البرد يلسعه و حر الصيف يلفحه
    شعاب الوادي تعرفه وخبز الأمس مأكله
    يئن بحمل محفظته بها كتب تعلمه

    وقبل أن يصل إلى المنزل المبني من الطوب الأحمر الممزوج بالقش .. ترامى إليه صوات النساء ، وهن يولولن بكل ما جادت به حناجرهن .. و يصحن بكلام لا يكاد يستبينه ... لكن ، ما يزرع دهشته و يثير استغرابه ، هو أن مصدر كل هذا الصخب والضجيج هو منزله ... أسرع . ايقاع خطواته يزداد درجات ، حتى بدا أنه قد تجاهل تعبه ... دفع الباب الكبير بنصف جسمه النحيل ... من هناك ؟؟ من سيكون ؟ المرأة التي تتمرغ على الأرض ، ما هي إلا أمه .. و الشابة التي نشرت رجليها ، و هي تنتف شعرها خصلة خصلة ؟ من تكون إلا أخته ؟! .. و الذين تجمهروا حولهما ، و هم يتابعون المشهد بأعين دامعة ، هم الجيران ... لكن ، لم كل هذا ؟؟ و الشخص الذي يرقد وسط كل هؤلاء ، غير آبه بما يقع حوله ، كأنه ليس من سكان هذا الكوكب .. من يكون ؟؟
    شيع الصغير بنظرات ملؤها تأثر لم يخل من شفقة ، و قد صاحبتها كلمات ، تناثرت من هنا و هناك :
    - ها هو .. لقد حضر لتوه من المدرسة ...
    - أنظروا ! لقد أتى ابنه ...
    - المسكين ! !
    - حكمة ربنا ! قدره أن يعيش يتيما !
    - رفقا به ! لا تدعوه يرى الميت !
    و وسط الصخب الذي استحال سيد المكان ، اندفع الطفل نحو الشخص المدد .. و .. رفع الغطاء ...
    ما هذا ... ؟؟
    لما رفع الصبي الغطاء عن جسمه الذي كان يتصبب عرقا ، التفت يمنة و يسرة ، فوجد المكان خاليا من كل آدمي ... أين أمه وأخته ؟ و أين اختفى الجميع ؟؟
    تسلل الى الغرفة المجاورة تحت جنح الظلام .. حافي القدمين ...
    و بسرعة ممزوجة بالذعر ،
    رفع الغطاء عن .. "جثة " أبيه .
    انتبه الأب مذعورا هو الآخر :
    - سعيد ! ما الذي أيقظك في هذه الساعة ... ؟؟
    تكور الطفل في حضن أبيه و هو يقول بعينين بريئتين ، كللتهما الدموع :
    - لا شيء يا أبي .. ! هم الذين قالوا يجب ألا تراه ... !
    - ماذا ؟؟
    - ...........
    و في غمرة دهشته الكبيرة ، ضم الأب ابنه بكل حنان ، و أحنى رأسه يطبع قبلة على جبينه المتصبب عرقا .
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2 رد: الكابوس 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Jan 2008
    المشاركات
    28
    معدل تقييم المستوى
    0
    سلاما وبعد...
    كان كابوسا اذ...
    اسلوب حياكة القصة رائع ...عنصر التشويق اسدي على حروفك بهاء...
    ردود فعل بطل القصة اسبغتنا الوانا طبيعية جميلة ...
    امتعتنا دمت للمربد كاتبا..
    رد مع اقتباس  
     

ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •