صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 24 من 25

الموضوع: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقيقة علمية جديدة

  1. #13 استجابة القارئ 2/1 مستوى الاستجابة الإقصائية في تلقي الريادةد. محمد الصفراني@ 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    ونعني بالاستجابة الإقصائية : إقصاء إبداع العواد الدال على ريادته؛ سواء أكان الإقصاء بالتقليل من شأنه، أم بتفريغه من مضامينه الريادية .
    ويتحقق الإقصاء بتدخل الذات القارئ في الموضوع المقروء، وقد وجدنا هذا المستوى من الاستجابة لدى باحثين تدخلوا في منجز العواد في دراساتهم فأخرجوه من سياقيه العربي والمحلي وشرطه الثقافي الذي يحدد موقعه الحقيقي من مسيرة الريادة والإبداع على مستوى الشعر العربي الحديث استنادا إلى نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" الذي عرضناه في المقال الماضي وهو نص تفعيلي (حر) أثبتنا له البنية التفعيلية إلا أن بعض الباحثين أباحوا لأنفسهم التدخل في التشكيل البصري الكتابي للنص كيما ينسجم وأحكامهم الإقصائية المسبقة الرامية إلى إخراج هذا النص من دائرة الشعر التفعيلي مما يترتب عليه نفي ريادة الشعر الحر عن العواد.

    ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة إقصائية مركبة الباحثة آمنة عقاد ويتجسد الإقصاء المركب في كونه لا يكتفي بالإقصاء فحسب؛ بل يمارس إلى جانب الإقصاء تفريغ إبداع العواد من مضامينه الريادية. فقد توقفت عند نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" واستندت إليه في إقصاء العواد عن ريادة الشعر الحر بتفريغ نصه من مضامينه الريادية حيث تقول والواقع أن هناك أمرين في شكل القصيدة يغريان القارئ المتعجل بالحكم على القصيدة بأنها من الشعر الحر : توزيع التفعيلات على سطور، واختلاف هذه السطور في عدد التفعيلات، ولكننا لا نميل إلى إطلاق مصطلح الشعر الحر على هذه القصيدة، لأن من أهم شروط الشعر الحر هو توزيع التفعيلات بحرية تامة وفق ما يقتضيه التدفق الشعوري دون قيد أو شرط أو نظام معين يخضع له الشاعر، كما أن عدد التفعيلات الثلاث التي التزمها الشاعر أو مضاعفها توحي بأن القصيدة مقامة على بحر المتقارب المجزوء ذات الشكل العمودي ويمكننا قراءة قصيدة العواد على الشكل التالي :

    المقطوعة الأولى :

    لقد آن أن تستحيل ال

    مدامع يا موطني

    إلى بسمات وضاء

    وأشياء لم تعلن

    وأن تتقوى بعزم

    كرهت له أن يني

    وتدفع شبانك الطا

    محين إلى المعليات

    لتنعش روح الأمل

    المقطوعة الثانية :

    أفق واستمع ثم الق

    بها نظرة للنجوم

    تريك أشعة نجم

    يضيء بليل بهيم

    بدا كالسهى وسيسري

    كبدر يشق الغيوم

    يقود مسيرك حتما

    إلى عزة في الحياة

    متوجة بالعمل(1)

    وتتجلى الاستجابة الإقصائية بتفريغ نص العواد من مضامينه الريادية في استخدام الباحثة آلية إقصائية جديدة تتمثل في انتهاك حرمة الشكل الشعري لنص العواد من خلال لوي عنق الشكل الشعري من الحر إلى العمودي لإخضاعه عنوة لفكرتها. وفي هذا تجن على الشعر وعلى الشاعر، فهل كان العواد يجهل شكل الشعر الحر وهو الذي كتب نصين منه في صحيفة القبلة قبل كتابته نصه المعتدى عليه بزمن طويل؟ !! وهل كتب العواد في شعره العمودي نصا متهالكا بمستوى النص المتهالك الذي قدمته الباحثة بعدما شوهت النص الأصلي وحولته إلى الشكل العمودي في بيت كامل وشطر يتيم وأشبعته تدويرا وإقواء ومزقته بما يوافق فكرتها؟ !! وبعد ذلك خلصت إلى إطلاق حكمها على النص الذي يتمثل في أنها لا تميل إلى إطلاق مصطلح الشعر الحر عليه لأن من أهم شروط الشعر الحر توزيع التفعيلات بحرية تامة وفق ما يقتضيه التدفق الشعوري دون قيد أو شرط أو نظام معين يخضع له الشاعر. وهو حكم يفتقر إلى الموضوعية لأنه مبني على الإحساس والشعور وهو بالتالي يحتاج إلى تأكيده بمستند نصي نابع من تحليل النص تحليلا يبرز الموجات الشعورية ويقيس توازيها وتوافقها مع التدفق الموسيقي للنص وهذا ما لم تفعله الباحثة، فما تشعر الباحثة أنه نظام خارجي متبع قد يكون في حقيقته هو نفس نظام التدفق الشعوري الذي جرت عليه الدفقات الشعورية لكل مقطع. فالسطر الشعري "هو كمية القول الشعري المكتوبة في سطر واحد سواء أكان القول تاما من الناحية التركيبية أو الدلالية أم غير تام. حيث يتحكم في السطر الشعري قانونان هما : قانون المسافة، وقانون الاتجاه"(2). وأي تدخل في السطر الشعري يعد انتهاكا لقانونيه وعبثا بمكوناته. لكن الباحثة تلوي أعناق الحقائق الإبداعية الدالة على ريادة العواد إرضاء لاستجابتها الإقصائية بتفريغ نص العواد من مضامين ريادته الشعر الحر متناسية أن ما فعلته في نص العواد يمكن فعله في نص الكوليرا لنازك الملائكة وغيره من نصوص الشعر الحر وبالتالي تنتهي قضية الشعر الحر برمتها في الشعر العربي الحديث .

    @@@@

    إن استجابة آمنة عقاد الإقصائية بتفريغ إبداع العواد من مضامين ريادته الشعر الحر شكلت منطلقا لاستجابات اقصائية مماثلة لدى كثير من الباحثين الذين جاءوا بعدها والذين توقف معظمهم عند نفس النص الذي درسته وهو "خطوة إلى الاتحاد العربي" وكرروا ما قالته آمنة عقاد في هذه القصيدة ونفوا من خلال ما قالته آمنة وكرروه هم ريادة العواد الشعر الحر.

    ومن أبرز الباحثين الذين اقتفوا أثر آمنة عقاد وتبنوا استجابتها الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر عبد الله الغذامي حيث يقول ولا بد أن أشير هنا إلى الوهم الذي وقع فيه بعض الكتاب السعوديين حينما ادعوا أن الشاعر محمد حسن عواد قد كان سباقا في كتابة الشعر الحر وذلك في قصيدته "خطوة إلى الاتحاد العربي" المنشورة في ديوان (البراعم) والتي كتبها العواد عام 1942م ولكنه لم ينشرها إلا بعد ذلك بوقت طويل. والقصيدة ليست شعرا حرا على الإطلاق فهي مكونة من سبعة مقاطع في كل مقطع خمسة أبيات موزونة مقفاة على بحر المتقارب" (3). وفي هذا الرأي تناقض مع الرأي الذي سقناه في محور الاستجابة الموضوعية للغذامي نفسه. وبالرغم من اعتراف الغذامي بريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي إلا أنني أتساءل عن سبب تجنب الغذامي إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الشعر العربي الحديث من خلال دراسة مدونة العواد الشعرية التي تشتمل على نصوص شعرية حديثة تثبت ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الشعر العربي الحديث مثل نصي العواد المنشورين في صحيفة القبلة "تحت أفياء اللواء" ونص "نطلب العزة أو يهراق دم"؟!! كما أنني أتساءل عن مدى علم الغذامي بهذين النصين وما يمثلانه من أهمية تأريخية وفنية؟ !! ولعل حسن الهويمل يجيب عن تساؤلي حيث يقول "لست أعرف تفاصيل تلك المعركة العنيفة بين الدكتورين عبد الله الغذامي، وإبراهيم الفوزان حول العواد، وإن كنت أشعر بمسؤوليتي الشخصية عن كسر جليد الجفوة القائمة بينهما بعد صداقة وخلطة، أعرف أنهما تجادلا حول أهمية العواد، وكان الغذامي - على ما أذكر - يعيش خيبة الأمل بعد رحلة دراسية تطبيقية في شعره أضاعت عليه الجهد والوقت، وذلك حين أراد أن يطبق منهجه النقدي الجديد الذي طبقه فيما بعد على الشاعر حمزة شحاته"(4) فهل عسر هضم منهج الغذامي النقدي إبداع العواد كاف لتبني الغذامي استجابة آمنة عقاد الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر؟ . وليت الغذامي وقف من العواد موقف محمد حسين زيدان رحمه الله من العواد حيث يقول "ولقد تحدث إلي بعد جفوة بيني وبينه، رجعنا بها إلى صفوة، فلست من العيابين له، وحتى في أيام جفوته لي لم أكن أبخسه حقه، فالعواد الإنسان قد يغضبني، ولكن العواد / الموقف، الشاعر المجدد، لا بد وأن أكون المفاخر به"(5).

    ومن الباحثين الذين تبنوا استجابة آمنة عقاد الإقصائية لريادة العواد الشعر الحر أحمد الطامي الذي توقف عند نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" حيث يقول "لقد كان الشكل المطبعي الذي ظهرت به القصيدة دافعا لبعض النقاد لاعتبارها من المحاولات المبكرة لشعر التفعيلة. والحقيقة أن الذين اعتبروها قصيدة من شعر التفعيلة اعتمدوا على تقسيم الشاعر للأشطر فظهرت وكأنها قصيدة تفعيلة"(6) فأقصى بذلك العواد عن ريادة الشعر الحر.

    وإلى جانب تلك الاستجابات الإقصائية نجد استجابات كثيرة تطرقت إلى ريادة العواد من زاوية نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" ومن زوايا أخرى مثل استجابة بكري شيخ أمين الذي يصنف العواد تارة في الرومانسيين إذ يقول "وشعراء الرومنسية في السعودية كثيرون معظمهم من الشباب تراوح أعمارهم بين الثلاثين والأربعين وأشهرهم محمد حسن عواد"(7). ونجده يصنف العواد تارة أخرى في الواقعيين إذ يقول "وهناك فئة قليلة جدا لا تكاد تشكل تيارا مستقلا له معالمه وسماته اختارت أن يكون فنها للمجتمع، أو أن تكون ملتزمة بالقضايا الاجتماعية والحيوية وهي بذلك تخطو خطوات المدرسة الواقعية التي كادت أن تسيطر على أدب بعض البلاد العربية ومنهم العواد"(8). وتتجلى استجابة بكري بالتقليل من شأن ريادة العواد الشعر الحر في التناقض الذي يبدو في تصنيفه العواد مرة في الرومانسيين وأخرى في الواقعيين. وإن دل هذا التناقض على شيء فإنما يدل على الهروب من مواجهة قضية ريادة العواد الشعر الحر.

    ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة إقصائية بالتقليل من شأنها عبد الله المعيقل حيث يقول "لن أطلق على العواد صفة مفكر فهو ليس كذلك، وهذا لا يقلل من مكانته في تاريخنا، كما أن صفة شاعر قد تنطبق على زملاء آخرين له أكثر مما تنطبق عليه، ولنا في هذا أن نختلف ما وسعنا الاختلاف"(9). وتتجلى استجابة المعيقل الإقصائية بالتقليل من شأن ريادة العواد الشعر الحر في محاولته نفي صفة شاعر عن العواد مما يعني إقصاءه عن ريادة الشعر الحر.

    إن الباحثين السابقين - مع احترامنا لجهودهم البحثية - لم يكلفوا أنفسهم عناء النظر في مدونة العواد الشعرية المطبوعة في دواوينه وليس المنشورة في صحيفة القبلة بدليل أن للعواد نصا من الشعر الحر نشره في ديوانه آماس وأطلاس الصادر قبل ديوان البراعم المتضمن نص "خطوة إلى الاتحاد العربي" وإذا كان نص خطوة مثار خلاف بين الباحثين بوصفه من الشعر الحر أو من العمودي فإن نص الآماس لا يحتمل الجدال من هذه الناحية لأنه منشور قبل تجربة باكثير ونازك والسياب "حيث نشر في صحيفة صوت الحجاز عدد 131السنة 3، 1353ه 1934م تحت عنوان الاستشفاء"(10) وهذا النص منشور في ديوان الآماس بعنوان "نحو النور"(11) :

    1- هتف القلم

    1- فشجا الأمم

    3- ودعا بني العرب الكرام إلى الصعود

    3- نحو الحقيقة غير أنهم رقود

    3- ذهبت سدى صرخات قلبك يا يراع !

    1- عشنا سدى

    1- طول المدى

    3- أفلا زحام على الحياة ولا اقتحام

    3- حتى متى قواد فكرتنا نيام؟

    3- هبوا معا نعنى بفوضى الاجتماع

    1- حكماءنا ! !

    1- خطباءنا ! !

    3- كتابنا شعراءنا المتيقظين

    3- لا تهملو مرضا ألم بنا سنين

    3- داووا الحياة وبرروا علل الصراع

    1- سلّوا اليراع !

    1- ودعوا النزاع

    3- وابغوا العراك فلا حياة بلا عراك

    3- واستمطروا همما تحن إلى الحراك

    3- وإلى الحياة، وغادروا سقط المتاع

    1- ليس المديح

    1- يشفي الجريح

    3- ويحلل الأوصاب من ألم الخمول

    3- ما إن يرام المجد في أدب يزول

    3- المجد رفع الروح عن نوم التلاع

    1- وخذوا الزمام

    1- وإلى الأمام

    3- فهنا على لجج المزاعم زحمة

    3- تقف النفوس بها وما هي نعمة

    3- أبدا وأن الوهم يجتذب الضياع

    يبني العواد نصه على نظام الشعر الحر، فقد أقام وزنه على أساس تفعيلة "متفاعلن" التي يقوم عليها بحر صاف هو بحر الكامل. وقد جعل العواد من تفعيلة "متفاعلن" وحدة موسيقية مستقلة بذاتها. إلا أنه التزم بنظام صارم في التوزيع. فالنص يتكون من ثلاثين سطرا يتراوح نصيب كل سطر من التفعيلات بين " 1- 3" تفعيلات، وقد جرى تقسيم التفعيلات على أسطر النص على نظام هندسي يتمثل في تفعيلة واحدة في كل سطر من الأسطر ( 1- 2). وثلاث تفعيلات في كل سطر من الأسطر ( 3- 4- 5). وتفعيلة واحدة في كل سطر من الأسطر ( 6- 7). وثلاثة تفعيلات في كل سطر من الأسطر ( 8- 9- 10) وتجري بقية الأسطر على هذا النظام إلى آخر النص. وقد كتب العواد نصه على هيئة السطر النثري الذي يخالف الشكل التناظري للقصيدة الكلاسيكية القائمة على البيتية المبنية على بحور الشعر العربي المعروفة. وبهذا يتبين لنا أن النص يتوافق مع مفهومنا الإجرائي للشعر الحر موافقة تامة. كما يتوافق مع مفهوم العواد للشعر الحر كما ورد في مدونته النقدية .

    @ جامعة طيبة

    الهوامش:

    1- عقاد، آمنة عبد الحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

    2392- الصفراني، محمد بن سالم - التشكيل البصري في الشعر العربي الحديث من 1950م إلى 2004م - أطروحة دكتوراه مخطوطة - جامعة الملك سعود - الرياض - 2006م - ص

    3145- الغذامي، عبد الله - الصوت القديم الجديد دراسات في الجذور العربية لموسيقى الشعر الحديث - ط 1- كتاب الرياض - عدد 66- الرياض - 1420ه - ص

    439- الهويمل، حسن بن فهد - في الفكر والأدب دراسات وذكريات - ص

    547- الباعشن، محمد سعيد - العواد وهؤلاء - دار الوزان - القاهرة - د ت - ص

    635- الطامي، أحمد بن صالح - محمد حسن عواد : نهار التجربة - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- جدة - يونيو - 2004م - ص

    7839- أمين، بكري شيخ - الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية - ص

    8387- أمين، بكري شيخ - الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية - ص

    9388- المعيقل، عبد الله حامد - مؤثرات الإقناع عند محمد حسن عواد - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- نادي جدة الأدبي - جدة - يونيو - 2004م - ص

    10757- عقاد، آمنة عبد الحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

    11393- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 1- آماس وأطلاس - ص56
    المصدر

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  2. #14 استجابة القارئ2/3مستوى الاستجابة الموضوعية د . محمد الصفراني 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    إن تباين استجابة القراء تجاه مثير واحد هو ريادة العواد الشعر الحر ظاهرة علمية صحية تدل على تفاعل الأوساط العلمية بمشاربها المختلفة مع هذا المثير . وبتتبع الدراسات النقدية التي شغلت ريادة العواد الشعر الحر حيزا فيها تمكنا من استقطاب استجابات القراء إلى مستويين رئيسين هما الاستجابة الموضوعية والاستجابة الإقصائية وقد بسطنا القول في المقال السابق عن مستوى الاستجابة الإقصائية وسنبسط القول في هذا المقال عن مستوى الاستجابة الموضوعية .
    ونعني بالاستجابة الموضوعية : "مسلك الذهن الذي يرى الأشياء على ما هي عليه فلا يشوهها بنظرة ضيقة أو بتحيز خاص"

    1.وتتحقق الموضوعية بإبعاد مؤثرات الذات القارئة عن الموضوع المقروء . وقد وجدنا هذا المستوى من الاستجابة لدى باحثين استحضروا منجز العواد في دراساتهم ووضعوه ضمن سياقيه العربي والمحلي وشرطه الثقافي الذي يحدد موقعه الحقيقي من مسيرة الريادة والإبداع على مستوى الشعر العربي الحديث .

    ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على مستوى العالم العربي استجابة موضوعية عبد الرحيم أبو بكر الذي توقف عند نص العواد الموسوم ب (خطوة إلى الاتحاد العربي) الذي أبدعه سنة 1924م واستند إليه في إثبات ريادة العواد الشعر الحر حيث يقول "ولا أريد هنا أن أسترسل مع الكتابات النقدية التي نقضت تلك الأسبقية المزعومة (أي : نازك الملائكة، والسياب، وباكثير) ولكن أريد أن أقف بالقارئ عند نص شعري لشاعر معاصر من شعراء الحجاز أجد فيه أسبقية يمكن أن ترقى إلى مزاحمة تلك الأسبقيات في قضية الشعر الجديد الحر ولو من الناحية التأريخية، هذا النص لم يتعرض له أحد من الذين حاولوا أن يؤرخوا لميلاد حركة الشعر الحر، لا لشيء إلا لأن الشعر الحديث في الحجاز ظل شعرا إقليميا في أكثر أحواله لولا تعرض قلة من الأدباء العرب الذين عرضوا للكتابة عن بعض شعرائه بمناسبة إصدار ديوان أو ما إلى ذلك من المناسبات التي تجعل هذا الأديب أو ذاك يجود بكلمة مجاملة أو تقريظ . وأعني بهذا النص قصيدة : خطوة إلى الاتحاد التي أنشأها الشاعر محمد حسن عواد في أوائل العشرينيات من هذا القرن" 2.وقد أورد عبد الرحيم أبو بكر حكمه هذا في رسالة ماجستير حيث أشار إلى هذا في مستهل كتابه إذ يقول "قدمت هذه الرسالة إلى كلية الآداب بجامعة القاهرة وناقشتها لجنة مكونة من الأستاذ الدكتور شكري محمد عياد المشرف على الرسالة رئيسا، والأستاذ الدكتور حسين نصار، والأستاذ الدكتور أحمد كمال زكي عضوين ونالت درجة الماجستير في الآداب بتقدير جيد جدا، وكانت المناقشة في 16رجب 1393ه، الموافق 15أغسطس سنة 1973م" . 3ويكتسب هذا النص الموازي أهميته من وجهة نظري من خلال الإقرار الضمني من قبل المشرف ولجنة المناقشة بصحة هذه النتيجة التي لو لم تكن صحيحة لما أجيزت رسالة الباحث من غير تعديلها كما هو معمول به في الأوساط الأكاديمية . مما يعني إقرار : شكري عياد، وحسين نصار، وأحمد كمال زكي، بريادة الشاعر السعودي محمد حسن عواد الشعر الحر .

    ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر استجابة موضوعية إبراهيم الفوزان الذي توقف عند نص العواد الموسوم ب (خطوة إلى الاتحاد العربي) واستند إليه في اثبات "حقيقة أن العواد قد سبق غيره في ريادة الشعر الحر والمنثور لا في الحجاز وحده بل وفي بعض البلاد العربية وهو ما يمكن إدراكه من خلال تتبع آثار غيره في هذه الأشكال الجديدة من الشعر" . 4فهو يثبت للعواد الريادة على مستوى العالم العربي في مجالي الشعر المنثور والشعر الحر.

    وإذا كانت استجابتا عبد الرحيم أبو بكر وإبراهيم الفوزان - وهما الوحيدتان في هذا المستوى في حدود علمي - قد أنصفتا العواد على المستويين العام والخاص، فإن ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي برزت في استجابات كثير من دارسي الأدب العربي في السعودية حيث يكاد يجمع عليها كل الباحثين تقريبا استنادا إلى نص (خطوة إلى الاتحاد العربي) .

    ومن أبرز الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية عبد العزيز السبيل، وقد قدمت استجابته على سواها من استجابات المستوى المحلي لأنها تقف في منطقة وسطى من مستويي الريادة العربية والمحلية، فهو يعلق سؤال الريادة على المستوى العربي ويثبتها للعواد على المستوى المحلي حيث يقول "وإذا كان سؤال ريادة العواد لشعر التفعيلة في العالم العربي سيبقى معلقا، فإن ريادته لشعر التفعيلة على المستوى المحلي ستكون دون منافس"

    5.ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية عبد الله الغذامي الذي يسوق رأيه في ريادة العواد الشعر الحر بشكل غير مباشر وذلك في معرض حديثه عن حركة الشعر الحر في المملكة العربية السعودية حيث يقول "لم يكن أمام هذا الجيل من تأسيس حداثي سوى تجربة وحيدة كان العواد هو رمزها وهو أستاذها" .

    6ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية وقلقة في آن واحد عبد الله الحامد حيث يقول "لم يكن العواد شاعرا كبيرا لكنه كان صاحب مذهب في الأدب سواء في إطار الفكرة، أم مضمون التجربة، والمتأثرون بمدرسته كثيرون سواء من المجددين، أو المخضرمين من الرومانسيين، الذين تفاعلوا مع الحركات التجديدية في البلاد العربية" . 7ويكرر الحامد الاستجابة ذاتها في كتابه التالي دونما جديد حيث يقول "لم يكن العواد شاعرا كبيرا لكنه كان صاحب مذهب في الأدب في الأسلوب والموسيقى والتجربة، والمتأثرون بمدرسته كثيرون سواء من المجددين أو المخضرمين الذين تفاعلوا مع الحركات الشعرية في البلاد العربية" 8وهذه الاستجابة وإن كانت منصفة إلا أنها تنطوي على تناقض ؛ إذ كيف لا يكون العواد شاعرا كبيرا ويكون في الوقت نفسه صاحب مذهب في الأدب ؟ وما فائدة تكرار الاستجابة ذاتها في كتابين يفصل بينهما عامان سوى الحيرة في التثبت والقناعة من ريادة العواد الشعر الحر .

    ومن الباحثين الذين كانت استجابتهم لريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي استجابة موضوعية حسن الهويمل حيث يقول "إنني لا أتردد أبدا في اعتبار العواد من رواد الأدب الحديث في المملكة، وفي الوقت نفسه لا أستطيع المضي إلى أكثر من ذلك فأجعله مدرسة أدبية قائمة بذاتها" 9.ويثبت سعد البازعي ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي حيث يقول "وقد يكون من المفيد أن أشير إلى أنه من الناحية التاريخية لم تكن بلادنا متخلفة عن غيرها من الدول العربية، بل إن هناك من يقول إنها واكبت تلك الدول في إبداع القصيدة الحديثة كما نجد في التجارب الشعرية لمحمد حسن عواد" . 10ويثبت عثمان الصوينع ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي حيث يقول "حمل لواء التجديد في الشعر السعودي الحديث عدد غير قليل من من الشعراء السعوديين المعاصرين، وفي مقدمتهم الشاعر السعودي المعاصر محمد حسن عواد"

    11.ومن خلال استجابات دارسي الأدب العربي في السعودية نحو ريادة العواد الشعر الحر يتضح لنا أن معظم دارسي الأدب العربي في السعودية يثبتون - دون منافس - ريادة العواد الشعر الحر في المملكة العربية السعودية .

    1- وهبة، مجدي والمهندس، كامل - معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب - ط 2- مكتبة لبنان - بيروت - 1984م - ص

    2396- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ط 1- منشورات نادي المدينة المنورة الأدبي - المطبعة السلفية - 1977م - ص

    3217- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ص

    41- الفوزان، إبراهيم - الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد - ج 3- ط 1- القاهرة - مكتبة الخانجي - ص 1140- ص

    51145- السبيل، عبد العزيز - شعر التفعيلة : سؤال الريادة - مجلة علامات - ملتقى قراءة النص الرابع - المجلد الثالث عشر - الجزء 25- نادي جدة الأدبي - جدة - يونيو 2004م - ص

    6859- الحميدين، سعد - الأعمال الشعرية - ط 1- دار المدى - دمشق - 2003م - ص 6(مقدمة بقلم الدكتور عبد الله الغذامي).

    7- الحامد، عبد الله - في الشعر المعاصر في المملكة العربية السعودية - ط 2- دار الكتاب السعودي - الرياض - 1986م - ص

    8.91- الحامد، عبد الله - الشعر الحديث في المملكة العربية السعودية - ص

    9.184- الهويمل، حسن بن فهد - في الفكر والأدب : دراسات وذكريات - ط 1- منشورات نادي المدينة الأدبي - 1408ه - ص

    10.47- البازعي، سعد - ثقافة الصحراء - ط 1- مكتبة العبيكان - الرياض - 1991م - ص
    1119- الصوينع - عثمان - حركات التجديد في الشعر السعودي المعاصر - ج 2- ط 1- 1987م - ص 387.
    المصدر

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  3. #15 موجهات تلقي ريادة العواد نحو الاستجابتين الموضوعية والإقصائية / د. محمد الصفراني 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    ونعني بموجهات التلقي: مجموع العوامل التي كان لها الأثر البارز في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر سواء نحو جهة الاستجابة الموضوعية، أم نحو جهة الاستجابة الإقصائية.
    ومن خلال تتبعنا موجهات تلقي قضية ريادة العواد الشعر الحر وجدناها تتمثل في أربعة موجهات.

    1-2- القيود المنهجية.

    ونعني بالقيود المنهجية: ما يفرضه الباحث على دراسته من محددات وشروط بيئية مكانية أو زمانية لإبراز إطار بحثه.

    ويعد القيد المكاني من أهم القيود المنهجية التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهتي الاستجابة الموضوعية، أو الإقصائية. ويتمثل توجيه القيد المكاني ريادة العواد نحو جهة الاستجابة الموضوعية في أن معظم الدراسات التي تناولت الأدب العربي في السعودية وتطرقت إلى قضية ريادة العواد الشعر الحر توقفت عند إثبات ريادة العواد الشعر الحر على المستوى المحلي، وقلدته الريادة. ويتمثل توجيه القيد المكاني ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية في أن تلك الدراسات نفسها لم تستطع التوسع في إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الأدب العربي الحديث بشكل عام بسبب خضوعها للقيد المنهجي المكاني الذي تقوم عليه والذي يحصرها داخل الإطار الجغرافي لحدود المملكة العربية السعودية. وبالرغم من اشتغال القيد المكاني على جهتي الاستجابة إلا أن كسره كان سيقود تلك الدراسات إلى - منذ زمن مبكر - إثبات ريادة العواد الشعر الحر على مستوى الأدب العربي الحديث ومن هنا فإن للدراسات المتبنية للاستجابة الموضوعية مبررا منهجيا لتوقف عند حدود المحلية في قضية ريادة العواد الشعر الحر.

    2-2-القوانين النقدية.

    ونعني بالقوانين النقدية: القوانين التي وضعتها نازك الملائكة والتي تقضي من خلالها بدخول النص الشعري حيز الشعر الحر أو خروجه منه.

    وتعد القوانين النقدية من أهم الموجهات التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية. حيث توقف معظم الباحثين عند نص العواد الموسوم ب "خطوة إلى الاتحاد العربي" الذي أبدعه العواد سنة 1924م وحللوه على ضوء قوانين نازك الملائكة النقدية في الشعر الحر التي وضعتها سنة 1947م وهذا لا يستقيم من ناحيتين :

    1- أن قوانين نازك الملائكة لم تنبثق عن استقراء نصوص حرة سابقة بل هي موضوعة لتؤسس لنصوص آتية.

    2- إن نص العواد محل التحليل كتب قبل صدور قوانين نازك الملائكة بثلاث وعشرين سنة، وبناء عليه فلا يجوز محاكمة ما فات من نصوص الشعر الحر على ضوء قوانين تؤسس لما هو آت من نصوص الشعر الحر من وجهة نظر نازك الملائكة فقط.

    وقد ساهمت القوانين النقدية التي وضعتها نازك الملائكة في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر وجهة إقصائية على المستويين المحلي والعربي.

    إن قوانين نازك الملائكة لا تكتسب أي شرعية نقدية نظرا لأنها غير منبثقة عن إرث إبداعي مؤسس، هذا إلى جانب صدورها عن عقل فرد عربي واحد، وليس من العقل ولا من العدل ولا من الموضوعية أن يحدد فرد واحد من بنات أفكاره هو وحده للأمة العربية القوانين التي تبدع شعرها من خلالها. لأن في هذا انتقاصاً من الشخصية العربية الإبداعية وتحجيماً للإبداع. واقتراف ما لم يجرؤ على اقترافه أحد. ولنا في الخليل بن أحمد الفراهيدي أسوة حسنة في هذا الباب. إذ إنه بالرغم من عبقريته وعلو قدره إلا أنه لم يجرؤ على سن أوزان أو قوانين للشعر العربي من بنات أفكاره وتصوراته الشخصية، بل عكف على الشعر العربي يتأمله ويستقرئه إلى أن قادته عبقريته إلى استنباط جملة من القوانين في الموسيقى والقافية من كم هائل من الشعر العربي المتراكم قبله على مر القرون، وقدم للأمة العربية علما جديدا هو علم العروض، أي أنه استنبط من موجود ولم يؤسس على مفقود. وقد لاقى إبداع الفراهيدي قبولا وإعجابا من الدارسين على مر التاريخ لأنه معرفة مؤصلة ومستقاة من تراكمات معرفية على مدى قرون طويلة. أما قوانين نازك الملائكة، فهي قوانين سنتها نازك ليكتب الشعراء على سننها ولذا فإنها لا تصلح إلا لتحليل نصوص نازك الملائكة وحدها لا شريك لها ابتداء من نص الكوليرا إلى أخر نص يسطره قلمها من الشعر الحر. ولصياغة قوانين للشعر الحر ذات صبغة علمية تقوم على استقراء النصوص واستنباط القوانين مثلما فعل الفراهيدي فإنني أظن أنه لا سبيل إلى ذلك إلا بإتباع الخطوتين التاليتين:

    1- أن ترصد نصوص الشعر الحر ابتداء من سنة 1921م سنة إبداع العواد نص "تحت أفياء اللواء" إلى سنة 1947م سنة إبداع نازك نص الكوليرا، وإبداع السياب نص "هل كان حبا".

    2- أن تستنبط قوانين كتابة الشعر الحر من خلال الخطوط العريضة التي تشترك فيها مجمل نصوص الشعر الحر المرصودة.

    3-2- السمات الشخصية للعواد.

    ونعني بالسمات الشخصية للعواد: ما تتسم به شخصية العواد من سمات لها دور في توجيه ريادته الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الموضوعية أو جهة الاستجابة الإقصائية.

    ومن سمات العواد الشخصية التي وجهت تلقي ريادته الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية: حدة طبع العواد في التعاطي مع القضايا الثقافية وطرح ما يؤمن به من آراء تتعلق بالفكر والثقافة والأدب. ويتجلى هذا الجانب في معارك العواد الأدبية وصراعاته الفكرية مع معاصريه من رموز الفكر والأدب، فقد اختلف مع محمد حسين زيدان اختلافا وصل حد الجفوة ولعل ما يهمنا من هذا الاختلاف ما ورد على لسان الزيدان من توصيف دقيق لجانب الحدة في شخصية العواد حيث يقول "كل عيبه أنه لا يقتني الكثير من الأتباع ولا يعنى بالقليل من الأسياد.. هو سيد نفسه" 1والشعور بسيادة الذات ينبع من الإيغال في الشعور بالفردية والاعتداد المفرط بالذات الناتج عن حدة الطبع المنفر للأتباع والقالي للأسياد.

    ويعبر حسن الهويمل عن سمة حدة طبع العواد حيث يقول "وأسلوبه في التعامل مع الأشياء يحمل الآخرين على تبني توجهات مضادة، ومن أبرز سماته الجرأة والاعتداد بالنفس، والمباهاة بالرأي، والادعاء الجازم كقوله: "ابتدعنا، جددنا، ابتكرنا، جاهدنا، استطعنا" وهي مقولات تعيد إلى الذهن زهو الدكتور زكي مبارك وصلفه وتعاليه إلا أن هناك فرقا بين الرجلين فزكي مبارك يدافع عن حق مسلوب والعواد ينازع على قضايا مطروحة في الطريق. وجرأة العواد تحمله على عدم الاكتراث بعواقب الآراء التي يسوقها بصيغة الجزم كقوله "الشعر المنثور شعر أصيل" وبسبب هذه الجرأة خاض معارك عنيفة حول قضايا عدة"

    2.ويعبر عبد الفتاح أبو مدين عن سمة حدة طبع العواد حيث يقول "كان طابع أدبه القوة، لأنها تكمن في نفسه، وكان عنيدا، والعناد ينطلق من القوة وكان واضحا لأن الوضوح سمة الذين يعملون ويسيرون في الضوء أما العمل في الظلام والتعتيم فهو منهج الجبناء الضعاف " 3.ومما يؤكد بروز سمة الحدة في طبع العواد أن عبد الرحيم أبو بكر أحد أشد نقاد العواد موضوعية قد أبدى - وهو في ذروة الذود عنه وإنصافه - تذمره من حدة طبع العواد بعد ما أورد مقتبسا من كلام العواد عن نفسه مجليا دوره في تجديد الأدب حيث يقول "هكذا أشاد العواد بدوره في حركة التجديد، وأفصح عنها في اعتداد معهود منه، وليس لي تعليق على هذه الأسطر إلا أنه كان يحسن بالناقد العواد أن يترك تقدير أمر الدور الذي قام به إلى الباحثين والدارسين ممن يتعرض لبحث التطوير والتجديد اللذين طرآ على الشعر الحديث في الحجاز، فذلك خير من الحديث عن النفس " 4.هذه النبرة الخافتة في مخاطبة العواد لا تخلو من العتاب واللوم والإشارة الضمنية إلى سمة حدة طبع العواد في طرح الرأي على الآخرين بصورة مستفزة تصدم أحلامهم وتعري مبالغ إراداتهم.

    ومن السمات الشخصية التي وجهت تلقي ريادة العواد الشعر الحر نحو جهة الاستجابة الإقصائية: حساسية العواد من الألقاب التشريفية في ميدان الأدب، وتتضح هذه الحساسية في رفض العواد لقب أمير الشعراء الذي دشن لأحمد شوقي حيث يقول "رأيي في هذه الألقاب سيئ لأنني أعتقد أنها موازين مغشوشة لتقويم الأدب تخدع السامعين والقارئين، وتنفخ فيمن توجه إليهم روح الغرور واستبطان الزعامة الموهومة، هذا فضلا عن أنها تعابير خاوية لا تحمل معاني صحيحة محترمة وأنها مبالغات مضحكة لا يطلقها إلا متملق، فالشعر ليست فيه إمارة ما، والفكر لا يحكمه أحد من رجاله ولا من غير رجاله لأنه بطبيعته حاكم غير محكوم وسيد غير مسود " 5.هذه الحساسية منعت العواد من الاهتمام بإبراز دوره الريادي، كما منعته من استقطاب أقلام معاصريه للاعتراف له بالريادة بالرغم من إدراكه ووعيه بأنه رائد الشعر الحر. وقد ساهمت سماتا العواد الشخصية المتمثلتين في حدة الطبع والحساسية تجاه الألقاب في توجيه تلقي ريادته الشعر الحر وجهة إقصائية.

    4- 2- تجاذبات المراكز والأطراف.

    إن بحث تلقي ريادة العواد الشعر الحر في الأدب العربي الحديث ليلقي الضوء على قضية خطيرة تلف الإبداعات الأدبية البازغة من قلب الجزيرة العربية. وتتلخص هذه القضية في محاولة ما يعرف بمراكز الثقل العربي متمثلة في: بغداد، وبيروت، والقاهرة، الاستئثار ببعض منابع الريادة مستفيدة من تقدمها في مجالات الطباعة والإعلام بوسائطه المتنوعة الذي يفوق إلى حد ما الإمكانيات ذاتها لعرب قلب الجزيرة العربية، إلى جانب الغياب شبه التام للنقاد القوميين في شبه الجزيرة العربية. وقد ساهم جذب المراكز في توجيه تلقي ريادة العواد الشعر الحر وجهة إقصائية.

    @ جامعة طيبة M_alsafrani@hotmail.com

    الهوامش:

    1- الباعشن، محمد سعيد - العواد وهؤلاء - ص

    235- الهويمل - حسن فهد - في الفكر والأدب: دراسات وذكريات - ص

    349- الباعشن، محمد - العواد وهؤلاء - ص

    4331- أبو بكر، عبد الرحيم - الشعر الحديث في الحجاز - ط 1- ص

    5185- الفوزان، إبراهيم - الأدب الحجازي الحديث بين التقليد والتجديد - ج 3- ص951
    المصدر

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  4. #16 رؤية العواد النقدية (2/1) / د. محمد الصفراني@ 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    إن تأريخ كتابة العواد مدونته النقدية لا يقل أهمية عن تأريخ 1921م الذي نشر فيه نص "تحت أفياء اللواء" في صحيفة القبلة. وقد حدد العواد تأريخ بداية كتابة مدونته النقدية في معرض حديثه عن الجزء المهم من تلك المدونة وهو كتاب "خواطر مصرحة" حيث يقول "كتبته في ثنايا أيام سنة 1344ه 1926م وكنت أستقبل السنة العشرين من حياتي وكان أسلوبي فيه أسلوب المتعلم الثائر على منهج تعليمه" 1.ويضاف إلى كتاب الخواطر كتاب "الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية"، ومقدمات دواوين العواد الشعرية التي بث قيها آراءه النقدية مبلورا من خلالها ومن خلال كتابيه ما اسميته مدونة العواد النقدية. فقد كان العواد يحرص على كتابة مقدمات دواوينه الشعرية بنفسه بخلاف غيره من شعراء المملكة "وإذا كان بعض الرواد من أدباء المملكة في بحثهم عن الانتشار والشهرة قد جعلوا كبار أدباء الوطن العربي يكتبون مقدمات دواوينهم وكتبهم فإن العواد قد آثر أن يكتب مقدماته بنفسه وقد يكون الباعث من وراء ذلك رغبته في بسط آرائه النقدية وإحساسه العميق بمكانته الأدبية والتي لا تقل - في نظره على الأقل - عن مكانة الأدباء العرب خارج بلاده كالعقاد، وطه حسين، ومحمد حسين هيكل، وغيرهم" 2ومن هنا نستنتج أن إبداع العواد الشعر الحر قد سبق تنظيره له بخمس سنوات.
    إن خطاب العواد في مجمله يقوم على الدعوة إلى التحرر والانعتاق من التصورات المسبقة والأحكام القبلية للقضايا الراهنة من خلال إعمال النظرة الواقعية البراجماتية التي تنبع من الموضوع في ذاته ومن أجل ذاته. فهو يرى أنه "يجب أن نكون متحررين في ألسنتنا، وفي أقلامنا، وفي تفكيرنا، وفي دفاعنا" 3.ويستعمل العواد مصطلحات متعددة مثل: التحرر، والثورة، والعصرية، والتجديد، للدلالة على مفهوم واحد هو (التطور) ويعرف العواد التطور بقوله "إن التطور هو الانسلاخ من الماضي بما له وما عليه" 4.ومفهوم التطور عند العواد يشبه - إلى حد ما - ما يعرف في أيامنا هذه بالحداثة بوصفها حالة من التجديد الواعي الذي يترتب عليه التقدم نحو الأفضل في شتى الميادين. ولذلك اختار العواد لنفسه طريق التطور عندما قدمت له هزازة الهديتين: "جاءت هزازة يوما لإيقاظ فكري، هزازة الجنية رسولة الخير والشر والباطل والحق، هزازة ملاك الوحي والشعر والإلهام رأيت في إحدى يديها مشعلا ناريا وسيفا مسلولا يبرق ويضيء ولكنه يرسل شررا، وفي الأخرى رأيت صفحة حلوى وكوبا من الماء العذب الفرات. وإذ قدمت هزازة نحوي هديتها مددت يدي وتناولت الهدية الأولى مؤثرا مشعل النار لأننا في ظلمات، وسيف الحرب لأننا في بدء تكوين ثورة فكرية - هي ثورة الجديد على القديم، والحرية على التقليد - وبالرغم من هذا فالرأي العام في بني قومي لا يريد إلا حلوى" 5.وقد حمل العواد مشعل النار وسيف الحرب معلنا بدء حركته الأدبية: "كفى يا أدباء الحجاز أن لا نزال مقلدين حجريين إلى الممات ؟ وأقسم لولا حركة عصرية في الأدب تقوم الآن في الحجاز بهمة لفيف من أحرار الأدب العصري الحديث لما عرف العالم شيئا في الحجاز يدعى الأدب الصحيح" 6.وقد كانت الحركة العصرية في الأدب التي انطلقت في الحجاز هي حركة الشعر الحر.

    ولكي يعرف العواد بحركة الشعر الحر أقدم على صياغة نظرية نقدية بلور فيها المفاهيم الرئيسة الصانعة لحركة الشعر الحر. وقد انطلقت حركة الشعر الحر لدى العواد من قضية مركزية هي قضية الشكل الشعري ومتطلبات المرحلة الجديدة من حياة الشعر والشعراء. فهي النواة التي بنى عليها اعتراضه على القصيدة العمودية. إذ يرى العواد أن الموضوعات الحديثة التي جدت ونادى بها تتطلب نظاما موسيقيا على نفس مستواها من الجدة. ويرى أن القصيدة العمودية لم تعد تلائم مستجدات المرحلة، وأن تكرارها سيفضي إلى تكرار الروح واللغة والموضوعات القديمة مما يبقي الشعر في دائرة الماضي الذي ينشد العواد الخلاص منه نحو ارتياد آفاق جديدة. وبتتبع آراء العواد النقدية نستطيع نسج خيوط نظريته في الشعر الحر التي تتضمن مجموعة من القضايا المهمة مثل: مفهوم الشعر الحر وشكله وأوزانه وقوافيه، ومقياس الشعر الحر، وقضية الإلهام، وعناصر الشعر، ووظيفته، ورسالته، وموضوعاته وقضية الوحدة العضوية بحيث تشكل هذه القضايا في مجملها نظرية العواد في الشعر الحر.

    يقارب العواد مفهوم الشعر الحر من خلال موسيقى الشعر فيرى أن "للشعر نوعان من الموسيقى، نوع داخلي يحس به الشاعر الموهوب داخل أعماقه، ويسمى الموسيقى الداخلية. ونوع خارجي تحققه الكلمات والأداء التعبيري العام وتحدده الأوزان والقوافي وهذا النوع الأخير هو الذي يتناوله علم العروض" 7.فالعواد يحدد موسيقى الشعر في أربعة جوانب هي: الكلمات، والتعبير الشعري العام، والأوزان، والقوافي. من غير أن يلتفت إلى جانب المعنى. ويشير العواد إلى وجود طبيعتين مختلفتين للشعر والعروض "فطبيعة الشعر تتصل بالروح والنفس وما فيها من أفكار ومشاعر وخلجات وهذه أشياء داخلية. أما طبيعة العروض فتتصل بالعمليات الفنية الخارجية التي تباشر قوالب الشعر، وليس الشعر ذاته وهذه العمليات هي أساليب لنظم الشعر" 8.ويؤكد العواد أن النظم / الوزن العروضي ليس من شروط الشعر حيث يقول "ليس باللازم أن لا يكون الشعر إلا منظوما"9، محددا قيود الشعر حيث يقول "وقيود الشعر المقيد - عندي - هي القافية والبحر والتفعيلة: فالبحر هو الوزن العام لكل القصيدة في مجموعها. أما التفعيلة فهي الوزن الخاص لكل بيت من أبيات القصيدة. وقد تشترك عدة أبيات في وزن واحد خاص. وهذه القيود كما هو ظاهر قيود تتناول شكل الشعر ليس إلا ولا تمس مضمونه بشيء فالوزن والمعنى والفكرة والهدف والإشارات والأوحاء يجب أن تنطلق. أن تتحرر. أن لا تخضع لشيء من خطط القدماء أو سياسة ذوي السلطة الزمنية أو السلطة الروحية إن كان لهذه وجود بعد" 10.فالدعوة إلى انطلاق (الوزن، والمعنى، والفكرة، والهدف، والإشارات، والأوحاء) والإبقاء على (التفعيلة كوحدة موسيقية) هي أسس حركة الشعر الحر التي تزعمها العواد الذي يرى أن الشعر الحر هو "الذي يقوم على التفعيلة الخليلية" 11ولذا فإن "الخليل بن أحمد الفراهيدي هو مبتكر الأساس الذي يقوم عليه بناء الشعر الحر"

    12.ويرى العواد أن الشعر الحر "موزون مقفى" 13ويقصد بالوزن التفعيلة ويقصد بالقافية "تلك القافية الرشيقة التي يترك اختيارها للمعنى وللجرس الموسيقي الخارجي وللانسجام العام مع هيكل ما قبلها وما بعدها من القوافي انسجاما موسيقيا لا لفظيا" 14.وبعد أن يحدد العواد أسس ومبادئ حركة الشعر الحر يثور على شكل القصيدة التي كان يكتبها معاصروه حيث يقول "ولكن أين الشعر الذي تنظمونه أو تروونه ؟ هل تلمسه في تخميس أو تشطير أو تشجير. أواه: كل هذا أيها المتشاعرون صديد فكري، وقيوء لو أنفق العمر أجمعه في مثلها لما وصل الناظم إلى الشعر. الشعر جميل، أما أمثال هذا فلا... ما الشعر إلا روح متمردة شيطانية عاتية تأبى أن تسكن أمثال هذه الخرائب البالية المتحطمة. الشعر روح سام يهبط من السماء فإن وجد في الأرض مستقرات وأكسية من الألفاظ تليق بعظمته وسموه وإلا عاد أدراجه طائرا إلى حيث مقر الأملاك. أو مباءة الشياطين. ليس الشعر ألفاظا ومعاني فقط وإنما الشعر أمر آخر وراء الألفاظ والمعاني وفوق الأفكار والتعابير" 15.فالعواد يركز على شكل الشعر الحر في تعريفه للشعر نابذا كل أشكال الشعر المهترئة من تشجير وتخميس وتشطير مرورا بشكل القصيدة العمودية. فشكل الشعر الحر هو الأثير لدى العواد، وهو الذي رافقه منذ أول حرف خطه في مملكة الشعر حيث يقول "بدأت أنظم بعد أن شعرت فعلا بالشعر، ولم يكن شعري كله نظما، بل كان يبرز مع النظم الشعر المنثور والشعر المطلق (أو المرسل). والشعر الحر وكنت أنظم - إذا نظمت - على بعض الأوزان دون البعض الآخر، وقد تعلمتها من النماذج الشعرية دون أن أعرف أسماءها وقواعدها" 16.ويقول في مقدمة ديوان البراعم "ولم أكن أعرف الشعور الأوتوماتيكي الرتيب، أو ما يسمونه نظم الشعر، ولكني كنت أبحث جاهدا عن القوالب وطرق التعبير" 17وقد تمثل شعر العواد الحر في بداياته الشعرية في النماذج التي عرضناها في مدونته الشعرية مثل نص "تحت أفياء اللواء"، و"نطلب العزة أو يهراق دم" وما تلاهما من نصوص من الشعر الحر ضمنها دواوينه المطبوعة.

    @ جامعة طيبة

    M_alsafrani@hotmail.com

    - 1عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص / ج

    2- عقاد - آمنة عبدالحميد - محمد حسن عواد شاعرا - ص

    3104- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ط2- ص

    4115- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

    532- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

    619- عواد، محمد حسن- خواطر مصرحة - ص

    751- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ط1- دار الطباعة الحديثة - د ت - ص

    825- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    9165- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    1059- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص

    1165- عواد محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    1249- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    1316- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    14109- عواد، محمد حسن - الطريق إلى موسيقى الشعر الخارجية - ص

    15110- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص 30-
    1633- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- رؤى أبو لون - ص

    17252- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- البراعم - ص 101
    المصدر

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  5. #17 رد: الدليل المادي على ريادة العواد الشعر الحر 
    الأخت ألق الماضي:

    أولاً-لم تعجبني عبارة ريادة الشعر الحرولا عبارة الدكتور (حقيقة علمية) فالريادة لا يمكن أن تكون جهداً شخصياً صراحة كلهم يشتركون في الريادة ولا عبرة كما اعتقد في نشر القصائد وتاريخ نشرها والأفضل أن ننظر إلى هذه التجارب المبكرة على أنها إرهاصات تبشر بالحداثة وتثبت أنها لم تكن نبتة غريبة بل كان لها رواد في كل قطر من الأقطار العربية

    ثانياً- اسمحي لي أن أورد كلام الشاعر علي الدميني المنشور في جهات الشعر في ملف خاص عنه وهذا كلامه بالحرف الواحد وأود أن أعرف من هو صاحب السبق:

    (وحين أفتح صفحات التاريخ الذي لم أعايشه، فإنني أود الإشارة إلى تجربة رائد التجديد والنزوع نحو الحداثة في بلادنا، وهو الأستاذ المرحوم محمد حسن عواد، والذي عبر عن ذلك التشوف الحي نحو الحداثة، ونافح عنه، واحتمل تبعات موقفه الثقافي والجمالي والسياسي، من خلال تجربته المبكرة لكسر عمود الشعر حين كتب مغامرته الأولى في بداية العشرينيات، والتي سبقت تجارب رواد قصيدة الشعر الحر، ونثبت هنا مطلع نص طويل كتبه في حوالي عام 1924م، بعنوان "خطوة إلى الإتحاد العربي":

    لقد آن أن تستحيل المدامع يا موطني
    إلى بسمات وضاء
    وأشياء لم تعلنِ
    وأن تتقوى بعزمٍ
    كرهت له أن يني
    وتدفع شبانك الطامحين إلى المعليات
    لتنعش روح الأمل.
    أفقْ واستمع
    ثم ألق بها نظرةً للنجوم
    تريك أشعة نجمٍ
    يضئ بليل بهيم."

    وقد أشار إلى هذه التجربة عبد الرحيم أبو بكر في كتابه "الشعر الحديث في الحجاز" الذي أعده كرسالة لنيل شهادة الماجستير في عام 73م، وأورد مقتطفات من مقدمة الديوان التي تؤكد على مصداقية تاريخ كتابتها حيث يقول العواد في تلك المقدمة "في سنة 1924م انتهت الأزمة الوطنية التي نشأت في عهد الانتقال بين الحكومة الذاهبة والحكومة الحاضرة باتحاد الحجاز ونجد في حكم مستقر هو حكم صاحب الجلالة الملك عبد العزيز آل سعود أدامه الله، فاتسعت رقعة الفكرة الوطنية التي كنا نتمثلها في الحجاز وحده، فحققها جلالته بضم نجد وملحقاتها وأطراف الجزيرة في دولة واحدة هي الآن الدولة العربية السعودية، ورأى الشاعر أن هذا النجم البادي يشير إلى كوكب أكبر وأنه نواة الدولة العربية الكبرى.."
    وقد توج العواد انهمامه بتحديث بلادنا، بنشر بياته النقدي الشهير عبر كتابه "خواطر مصرحة" الصادر في عام 1925 ميلادية، والذي طرح من خلاله تصورا إصلاحيا وتحديثياً شاملا في الميدان الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، كما نادي فيه بضرورة كفالة حقوق المواطن في العدالة والحرية، وبضرورة تعليم المرأة وتحريرها من أسر العادات والتقاليد البالية، كما دعا المثقفين إلى الانفتاح على ثقافة الآخر وإبداعاته الأدبية والمعرفية. ولعل العبارة التالية - التي اخترتها على عجل- قادرة على الإفصاح المكثف عن موقفه من الحياة وروح العصر، حيث يقول: نريد حرية عصرية تحارب الوهم، وتسعى إلى الحقائق، وأن يحتكم الناس إلى ميزان الذوق والعقل والعلم". ولا أظن هذه العبارة التي شرحها في كتاب كامل تبتعد كثيراً عن بعض مرتكزات الحداثة.
    لقد حاول العواد الخروج من الأرض الضيقة - بحسب الشاعر إبراهيم الحسين- بخطاب تحديثي كهذا، يسهم به في إخراج المجتمع من معضلة التمركز حول الذات، وأن يؤسس - منذ زمن بعيد- لخلق مناخ ثقافة الحوار والعقلانية والانفتاح على الآخر، ولكن قوى المحافظة أفرادا وجماعات وأدت تلك الصرخة العقلانية المبكرة، وقادت حملة شعواء ضد صاحبها، حيث مُنع كتابه من التداول، وكاد أن يودع السجن لولا تدخل بعض العقلاء، حسب ما أورده ضياء عزيز في حوار معه لمجلة "النص الجديد".
    ولسوف يقود أبناء تك القوى المحافظة لاحقا، حملاتهم ضد العقلانية والتحديث، والتي تمثلت في كتاب العقيلان "جناية الشعر الحر"، وفي إيقاف المربد، وفي ما حواه شريط سعيد الغامدي، وكتاب عوض القرني "الحداثة في ميزان الإسلام"، وفي مجزرة الحداثة، مما سنفصل فيه فيما بعد.
    وهكذا يتم وأد الصوت التحديثي، و يتكرس تدخل المؤسسة المحافظة في حرية الفضاء الثقافي والإبداعي، وتطفأ جذوة الرؤى النقدية المستنيرة، ولا يجد الأحفاد إلا تاريخ أجدادهم وآبائهم منزوياً في الكتب المنسية، ويستمر ترسيخ مفاعيل القطيعة بوجهها المزدوج، حيث يتم تغييب الإضاءة الملهمة في السياق المحلي وقمع النزوع الفردي الخالص في حق مقاربة التجديد والحداثة، فيما يتم تسييج الحاضر ضد الإضاءة القادمة من خارج المكان، ويجبر المثقف على الإحساس بأنه شريك لإدوارد سعيد - مع المفارقة- في اللامكان.
    ولكل هذا، ولغيره مما لم يقل، أعتقد بأنني لا أذهب إلى التبرير بقدر ما ألامس الحقيقة القائلة، بأن عملية كسر عمود الشعر في المملكة تغدو لدى شعرائها ولدى الكثيرين من نقادها، هي الحداثة بعينها، لأنها تشتبك مع الذائقة المكرسة، ومع سلطة الثقافة الشفهية، ومع المؤسسات المهيمنة بالمعنى الشامل، في صراع، حول قطبيات، الأصالة والمعاصرة، والقدامة والحداثة، والثبات والتحول، والانغلاق والانفتاح، والوضوح والغموض، من خلال مرموزية هذا الفعل الشعري البسيط.
    ويمكننا الآن القول بأن العواد قد ذهب قبل الأوان، إلى تجريب التحرر من القيود ومنها قيد الوزن والقافية، متأثراً بمحاولات مدرسة أبوللو وبشعراء المهجر، ومستجيباً لما تنطوي عليه نفسه من طموح وثورة على الركود، ولكنه لم يكسر عمود الشعر، أو يكتب النص المضاد - بحسب الغذامي- ولم يدفع بالتجربة إلى آفاق تخليق النموذج القادر على التأثير في محيطه الثقافي، غير أن تلك الخطوة السابقة في الزمن لتجربة رواد قصيدة الشعر الحر، كانت علامة في الطريق تشير إلى حراك ثقافي متعدد الوجوه، يرفض قيد النمط، ويؤسس لخلخلة سياق النص المكتمل والتذوق الساكن، ويحفز على اجتراح خيار حرية التشكيل والتعبير معاً.)


    انتهى كلام الدميني فما رأيك؟؟

    أقلل عتابك فالمقام قليلُ

    والدهر يعدل تارة ويميلُ
    رد مع اقتباس  
     

  6. #18 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقيقة علمية جديدة 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    الفاضل صلاح الحسن...
    لي رأي أؤمن به في كل ما يتعلق بريادة فن أدبي أو غيره ...
    لا شك أن الريادة الحقيقية هي ريادة الممارسة بمعنى التنظير الناضج الواعي الذي يصحبه تطبيق لتأكيده...أما التجارب السابقة فللإنصاف ينبغي ألا تهمل وإنما يؤرخ لها...وهنا نخرج من الإشكالية ولا نبتعد عن الحقيقة ...فيكون هناك سبق تاريخي...ويكون هناك ريادة فنية حقيقية...
    لو طبقنا هذا الأمر ووضعنا نصب أعيننا الحقيقة ولا سواها ستنجلي الأمور...
    لأضرب مثلا للتوضيح...
    المقامات أحد الفنون التي اختلف الباحثون في ريادتها وأصولها ولهم أقوال عدة...لكن نستطيع أن نقول أول من كتبها تاريخيا أحمد بن فارس ثم ابن دريد ثم...إلخ...أما الرائد الحقيقي الذي نظر لها وطبقها ونضجت لديه فنيا فهو بديع الزمان الهمذاني...
    أظن أن هذا التقسيم : ريادة تاريخية - الأسبقية الزمنية - وريادة فنية - الممارسة الواعية الناضجة - هو الأسلم والأصوب وإلا إن سلمنا بالريادة دون فحص فكل يوم سيخرج رائد جديد...
    احترامي...

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  7. #19 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقيقة علمية جديدة 
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ألق الماضي مشاهدة المشاركة
    الفاضل صلاح الحسن...
    لي رأي أؤمن به في كل ما يتعلق بريادة فن أدبي أو غيره ...
    لا شك أن الريادة الحقيقية هي ريادة الممارسة بمعنى التنظير الناضج الواعي الذي يصحبه تطبيق لتأكيده...أما التجارب السابقة فللإنصاف ينبغي ألا تهمل وإنما يؤرخ لها...وهنا نخرج من الإشكالية ولا نبتعد عن الحقيقة ...فيكون هناك سبق تاريخي...ويكون هناك ريادة فنية حقيقية...
    لو طبقنا هذا الأمر ووضعنا نصب أعيننا الحقيقة ولا سواها ستنجلي الأمور...
    لأضرب مثلا للتوضيح...
    المقامات أحد الفنون التي اختلف الباحثون في ريادتها وأصولها ولهم أقوال عدة...لكن نستطيع أن نقول أول من كتبها تاريخيا أحمد بن فارس ثم ابن دريد ثم...إلخ...أما الرائد الحقيقي الذي نظر لها وطبقها ونضجت لديه فنيا فهو بديع الزمان الهمذاني...
    أظن أن هذا التقسيم : ريادة تاريخية - الأسبقية الزمنية - وريادة فنية - الممارسة الواعية الناضجة - هو الأسلم والأصوب وإلا إن سلمنا بالريادة دون فحص فكل يوم سيخرج رائد جديد...
    احترامي...
    لكن لم تقولي لي ما رأيك بكلام علي الدميني وأيهما كان له السبق في الكتشاف ريادة العواد التاريخية كما ذهبت
    أقلل عتابك فالمقام قليلُ

    والدهر يعدل تارة ويميلُ
    رد مع اقتباس  
     

  8. #20 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقي 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الحسن مشاهدة المشاركة
    لكن لم تقولي لي ما رأيك بكلام علي الدميني وأيهما كان له السبق في الكتشاف ريادة العواد التاريخية كما ذهبت
    أخي الكريم الشاعر الدميني والدكتور الصفراني هناك من سبقهما بالقول بريادة العواد وقد أثبتا ذلك وأشارا إليه...
    السبق لا ينسب إليهما...
    هي جهود ومحاولات للم شتات ما سبق والاستنتاج...

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  9. #21 رؤيةالعوادالنقدية(2-2)/ د.محمد الصفراني 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    ويقارب العواد مقياس الشعر الحر، ويرى أن "للشعر مقياس، ومقياس الشعر الصحيح والشعر الحي هو أن يغمر النفس بالإعجاب، ويحفزها إلى إفاضة الثناء على الشاعر حين يقرأه القارئ وهو مسترسل في عالم آخر من عوالم النفس التي تقدر القوة، وتؤمن بعظمة الصدق وروعة الفن، وهو ذلك الذي يستشف الفكر من وراء نغماته وموسيقاه أجمل معابر النفس الإنسانية إلى آفاق الكمال البشري" 1.فالشعر الصحيح هو المولد للهزة أو الرعشة في المتلقي عند سماعه، هذه الهزة هي معيار ومقياس الشعر الصحيح عند العواد وهي في الوقت ذاته مقياس الشعر الصحيح في الدراسات النقدية قديما وحديثا .
    ويقارب العواد قضية الإلهام، ويرى أن الدافع إلى الإبداع الشعري لا علاقة له بعوالم الخرافة فيقول "ليس هناك أي شيطان أو شيطانة تتصل بالشاعر عند مباشرة إنتاجه الشعري، وليس الشاعر بمحتاج إلى مثل هذا، سواء كان من الشعراء المحلقين أم المتوسطين في الشعر، ولكنها الفكرة الشعرية أو الإحساس الشعري هما اللذان يستخدمهما الشاعر الواعي كدافع للشعر، ولا صلة للفكرة الفنية أو للإحساس الفني بعالم الأرواح المحجوبة مطلقا" 2، وإنما القضية تتمثل في الإلهام الصادر عن تلاقي صوتي العقل / الفكرة الفنية، والقلب / الإحساس الفني،
    ويقارب العواد عناصر الشعر الحر، ويرى أن الشعر الحر يتكون من عناصر تجتمع على أديم النفس الإنسانية "فالنفس الإنسانية بحر مصطخب الأمواج تكونه موجة تتلوها غيرها حتى تفسح لهذه النفس آفاقا جديدة تنقلها إلى أفق منها يقابله أفق : فمن قوة يقابلها ضعف! إلى يأس يقابله أمل! ونعماء تقابلها بأساء! وحب يقابله بغض! ونجاح يقابله إخفاق! ووجوم يقابله تفكير! وجمود يقابله انطلاق! وحيرة يقابلها عزم ومضاء! ومرح وانشراح يقابلهما أسى واكتئاب! ومن هذه العناصر مجتمعة يتكون الشعر" 3، وهذه العناصر هي أقرب ما تكون إلى الثنائيات الضدية التي تعد من أهم المبادئ التي ترتكز عليها البنيوية في تحليل النص الشعري والكشف عن عناصره الرئيسة، ويرى العواد أن هذه العناصر لابد أن تنصهر في عنصر عام يمتلكه الشاعر الصادق "وفي كل الحالات يتزود الشاعر الصادق بزاد الشاعرية وهو الخيال الحي الذي يجنح الشعور النفسي والتفكير الفني بأجنحة تسمو به إلى الأولمب وقتما شاء، ولكنها لا تقطع الصلة بينه وبين كوكب الأرض متى كان من القدرة الشاعرة بحيث يستطيع ضبط الموازنة في التجوال بين العالمين" 4، فالخيال في نظر العواد هو العنصر المهيمن على عناصر الشعر بحيث لا تصبح تلك العناصر عناصر شعرية ما لم تنصهر في بوتقة الخيال .

    ويقارب العواد وظيفة الشعر الحر، ويرى أن وظيفة الشعر تكمن في المتعة والكشف حيث يقول "هذا هو الشعر، وهو الناتج الطبيعي الصادق لهذه القوى النفسية في هذا المعترك، وهو الفن الجميل الذي يضفي على الحياة لونا يخف به محملها على النفس الإنسانية، أو يضيف إليها تعبيرا ناطقا يكمل تعبيرها الصامت المتمثل في الجمال والجلال والرهبة، وفي القوة والحقيقة، ومظاهر الأشياء المحسوسة ومعانيها المدركة وهو لهذا جزء طبيعي من القسط الهائل للنفس من ذخر الحياة" 5، فالوظيفة الشعرية في نظره تتركز في الجانبين الداخلي / النفسي متمثلا في المتعة، والخارجي / الواقعي متمثلا في الكشف .

    ويقارب العواد رسالة الشعر الحر، ويرى أن "رسالة الشعر هي رسالة الفن نفسه، ورسالة الفن هي تعميق الحياة - والحياة هنا هي الحياة العامة وليست الحياة الإنسانية وحدها - وإنما ثروتها في النفوس، والصعود بالآدمية إلى أفق سام من آفاق الخلود" 6، وبهذه الرؤية لرسالة الشعر يقترب العواد من رسالة الفنون المتمثلة في تعميق الحياة من خلال تكوين وتربية الذائقة الراقية القادرة على تذوق معاني الحياة والكون .

    ويقارب العواد موضوعات الشعر الحر، ويرى أن "بعضاً من شبابنا الأدباء وبعضاً من قراء الكتب الدارجة يقرض القطع الشعرية البديعة الناصعة - ناصعة والحق يقال - ولكن ماذا يضمنها من الأفكار ؟ ينظمها في الخمريات حتى يسابق أبا نواس، وفي الغزل حتى يغلب الشاب الظريف، وفي المديح حتى يفوق البحتري، وفي الحماسة حتى ينسينا ذكر عنترة، وفي الحكمة حتى لا يضاهيه أبو العتاهية، وكل هذه من الأفكار المائتة التي دفنت مع عصور أبي نواس والشاب الظريف والبحتري وعنترة وأبي العتاهية فلا تصلح لنا، أما إذا لم نستطع أن نأتي بفكر جديد ولدينا من الأفكار والمقاصد والأغراض الشعرية ما يكمم أفواهنا عجزا وقصورا عن استيعابه فأحر بنا أن نحطم أقلامنا ونسكت" 7، فالعواد يعيب على معاصريه من كتاب القصيدة العمودية الركون إلى الموضوعات الشعرية القديمة البالية مثل : الوصف، والغزل، والمديح، والحماسة، والحكمة، ولا يكتفي العواد بطلب السكوت عن الخوض في هذه الموضوعات بل يقترح على الشعراء موضوعات بديلة فيقول "أمامنا الوطن بحاجاته المادية والمعنوية وما يتطلبه الشعر فيها! أمامنا العادات والأخلاق بما فيها من فساد يتطلب النقد! أمامنا الحرية بأنواعها وما يجب من تمكينها في النفوس! أمامنا الشرق الكسول الخامل وما يجب من تنشيطه! أمامنا الطبيعة بظاهرها وباطنها ووحيها للعقل والقلب! أمامنا العرب بحالتهم السياسية وواجب الشرق في هذا المجال! أمامنا الغرب باختراعاته ومدهشاته وأعماله وما يتطلبه المقام في ذلك من تمثيله والحث على منافسته، أمامنا الحياة كلها بما فيها من خير وشر، إذن : فما لنا نرجع إلى الوراء حتى في الأدب وهو أول الطريق ؟!" 8، وبعد أن يقدم العواد البدائل تتبلور له هذه الموضوعات في موضوع جامع يطرحه في مقدمة ديوانه الأول الآماس فيقول "وموضوع الشعر هو الحياة العامة بأسرها، وآصل ما فيها - في رأينا - هو الطبيعة، وأعمق ما في الطبيعة هو الإنسان" 9فالعواد يطلب من الشعراء التعبير عن موقف الإنسان من الطبيعة والحياة والكون أو بعبارة أخرى صياغة الموقف الوجودي الذي يعبر عن اللحظة التي يعيشها الشاعر أو تلك التي هربت منه أو التي يصبو إليها ويتوق إلى عيشها بحيث تصب هذه الموضوعات في موضوع عام هو الحياة العامة بأسرها، ولذا يقيس العواد حداثة الشعر الحر بمدى اقترابه من الواقع المعيش أو ابتعاده عنه "فالشعر الحديث المحترم هو الشعر الواقعي الذي يتفاعل مع الجو الذي يوجد فيه" 10في تجسيد حي لروح الواقعية الأدبية التي يمثلها العواد وينتمي إليها .

    ويقارب العواد الفرق بين البحر التام في القصيدة العمودية والتفعيلة كوحدة مستقلة في الشعر الحر وذلك في معرض حديثه عن قضية الوحدة العضوية إذ يقول "وقد جنح الشعر الحديث إلى وحدة القصيدة بدلا من وحدة البيت، وبعكس ذلك فرق وحدة الوزن إلى وحدات تفعيلية صغيرة، وهذا الأسلوب هو جزء من رسالة العصر أيضا، فوحدة القصيدة تجعل منها نتاجا متكاملا يتناوله السامع وهو مأخوذ به عقليا، أما تمزيق وحدة البحر، أو الوزن ففيه تبسيط مناسب للعنصر الموسيقي في القصيدة، وتلوين يطرب السامع أو القارئ حين يتهادى إليه النغم اللفظي بين اللحن والإيقاع" 11فالعواد يشيد بالتفعيلة كوحدة مستقلة في الشعر الحر على حساب البحر التام في القصيدة العمودية مما يدل على أنه يعي الفرق بين الوحدتين العضوية والموضوعية ويؤكد في الوقت نفسه على شرط توافر الوحدة العضوية في القصيدة الحديثة .

    هذه هي أهم الخطوط العريضة لنظرية العواد في الشعر الحر، وقد قاد العواد بعزيمة قوية ووعي مسبق حركة الشعر الحر التي عبر عن وعيه بقيادتها بقوله "ونسجل هنا أننا - وبعض أصدقائنا المجاهدين في الأدب - جاهدنا في تجديد الشعر وتصحيح فهمه ومقاييسه لهذا "الجيل الجديد" واستطعنا أن نوجه بعض شعراء هذه البلاد بدراساتنا وأمثلة شعرنا إلى الطريق الفنية الصحيحة فانتقل الذوق الشعري بل الذوق الأدبي كله من دائرة اللفظ المرصوف الموشى بأنواع البديع، والمعنى التافه أو العادي الذي ليس وراءه حياة فكرية أو شعورية، فأصبح الآن ينحو إلى المقاصد المحترمة التي تطلب من وراء الألفاظ، وأصبح الشعر الموهوب بفضل هذا التجديد فكرة وشعورا وحياة نابعة تحس بها نفس إنسانية مستقلة الوجود، وإن كان هذا النوع ما يزال قليلا بعد، وكم كنا وما زلنا نعمل في هذه السبيل الوعرة بطريقة الهدم وطريقة البناء؛ فأما الهدم فيتمثل في مقالاتنا وأبحاثنا النقدية التي صدعنا بها أولا في كتابنا المطبوع "خواطر مصرحة" ثم في كتابنا المخطوط "تأملات في الأدب والحياة" 12فالعواد يدرك تماما أنه يقود ثورة أدبية تتمثل في حركة الشعر الحر، ويدرك أنه يحتاج إلى حشد الأفكار والأقلام في سبيل توطيد دعائمها على أرض الواقع .

    وإن قدم لنا العواد طريقة الهدم وسكت عن تقديم طريقة البناء فلأن ما بناه يتحدث عن نفسه مثلما شاهدنا في مدونته الشعرية، ولأن ما هدمه من البنيات التقليدية في القصيدة العمودية يتمثل في نظريته في الشعر الحر الذي يتمتع بمكانة أثيرة في نفسه لما يملكه هذا الشعر من آفاق تعبيرية لا تحد، وفي هذا يقول العواد "فالشعر العصري الحديث المعبر عن هذه الآفاق المتسعة هو الشعر المفضل عندي، وهو الشعر الحي لأنه يتفاعل والعصر الذي نعيش فيه ويحمل أقدس رسالاته وهي الحرية الفردية، واشتراك أفراد الإنسان في الحقوق والواجبات الجماعية، والسيادة على المرجعية، والاعتزاز الفردي بمواهب الفرد، وإخضاع هذه المواهب لخدمة الشعب وتفتيح وعيه" 13مما يحمله على الخروج من مأزق التقوقع وبوتقة الانصهار في الماضي نحو آفاق جديدة للكتابة الشعرية الحديثة شكلا ومضمونا ممثلة في الشعر الحر.

    1- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

    210- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- رؤى أبو لون -

    3259- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

    417- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

    515- عواد، محمد حسن -ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

    615- عواد، محمد حسن -ديوان العواد -ج1- آماس وأطلاس - ص

    717- عواد محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

    850- عواد، محمد حسن - خواطر مصرحة - ص

    951- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس- ص

    1015- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج 2- في الأفق الملتهب - ص

    1162- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص

    1264- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج1- آماس وأطلاس - ص

    1320- عواد، محمد حسن - ديوان العواد - ج2- في الأفق الملتهب - ص63
    المصدر

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  10. #22 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقي 
    شكرا لك دكوة ألق

    على التوضيح والرد
    أقلل عتابك فالمقام قليلُ

    والدهر يعدل تارة ويميلُ
    رد مع اقتباس  
     

  11. #23 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقي 
    ...... الصورة الرمزية د.ألق الماضي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2005
    الدولة
    بين الكتب
    المشاركات
    10,196
    مقالات المدونة
    12
    معدل تقييم المستوى
    31
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الحسن مشاهدة المشاركة
    شكرا لك دكوة ألق

    على التوضيح والرد
    أهلا بك ،،،

    ألقٌ من السِحرِ ..أم سِحرٌ بـهِ ألقُ
    وفي حروفِكِ يأتي البدرُ والشـفقُ
    وحِـسُ قلبِكِ أثْـرَىَ لحنَ أغنيتي
    فصـار قلبي على كفَّـيْكِ ينطلقُ
    أأكتبُ الشّـِعرَ أم أُهـديكِ قافلةً
    من الورودِ عليها القلبُ والحَـدَقُ
    ورمزُ اسمـِكِ مكتُوبٌ على شَفَتي
    من قبلِ أن يُولدَ القِرطاسُ والوَرَقُ
    ثروت سليم
    رد مع اقتباس  
     

  12. #24 رد: في القصيدة الحديثة..ريادة العواد حقيقة عل 
    شاعر عباسي،،،، الصورة الرمزية الناصري
    تاريخ التسجيل
    May 2008
    الدولة
    الكون ..
    المشاركات
    510
    معدل تقييم المستوى
    17
    .
    .
    شكرا د. ألق
    .
    .
    معلومات خطيرة ..
    .
    .
    لكن العجيب هو عدم اهتمام كثيرين بهذا الرأي !
    .
    .
    مضحك !!!!
    .
    .
    حين تكون الغشاوة على أدبٍ ما ....!
    .
    .
    ولا زال الأدب السعودي مهضوما رغم ريادته ..!
    .
    .
    شكرا ً
    إذا ترحلتَ عن قومٍ وقد قدروا.....ألا تغادرهم فالراحلون هُمُ
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الآجهزة الحديثة والمتطورة للبيع مع بعض الصور
    بواسطة أحمد الجاموس في المنتدى حاسب
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11/05/2009, 10:04 AM
  2. في تقرير لجمعية تأهيل المرأة الحديثة ..
    بواسطة أمل أحمد في المنتدى مكتبة المربد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 20/06/2008, 10:44 AM
  3. أدب السيرة الذاتية الحديثة في ظل الإسلام (الجزء الثالث)
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 18/03/2006, 05:42 PM
  4. وظائف أدب السيرة الذاتية الإسلامية الحديثة
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 16/03/2006, 10:25 AM
  5. أدب السيرة الذاتية الحديثة في ظل الإسلام (الجزء الثاني)
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 15/03/2006, 01:27 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •