رحلة إلى الجنون
رويدك ياقلبي، من الشوق ما قتل *** فأسمى معاني الحب حب ولا أمل
يراودني جفن السهاد، مدغدغا *** وكنت-قبيل اليوم- أسمو عن الغزل
دموعي- من البين المشت- غزيرة *** فرب جفاء منه يستأسد الحمل
وأرعى نجوم الليل، وهي رضيعة *** وقلبي خفاق يطير إلى "زحل"
"أخنساء" فجرت الدموع هواطلا *** بعينين أودى فيهما ألق المقل
رحلت إلى "البيضاء" أسكب عبرة *** يطير بها وجدي إلى عالم المثل
أقطع أبيات الأنين، تحرقا *** لظبي سبي قلبي، فلا نجمه أفل
وفي "الأشقر المهياف" فيض خواطري *** وأرسل أشعاري، تسابيح مبتهل
أفي"زرقة العينين" منبر قسوة *** وذا "البحر" مضياف، ويرهبه الملل؟
يقولون: في شعري سمات قديمة *** فما بال "بنت العصر" تكتب في "الجمل"؟
ضحكت دموعا، من هشاشة فكرهم *** فقد تدمع العينان ضحكا على البصل
فياويحهم، كم قيد الحس "عجزهم" *** عن الوصف يحدوه بكاء على طلل
وما شعر هذا العصر، غير مطية *** على مر دهر قد تؤول إلى عطل
ومن شعراء اليوم كل عجيبة *** فقولهم فوضى، وشعرهم خطل
قريضهم يغزوه، لفظ مهلهل *** تصك به الأسماع، ياله من خبل!
وشعرهم، خنثى" عديم رجولة *** عجبت له-ظلما- يتوج من سفل!
فلا الضاد تكسوه النصاعة هيبة *** ولا نغمة الوزن الخليلي تبتهل
ولا رونق الأسلوب، يحدو قصيدهم *** تجشأ أخطاء، ولا لفظهم جزل
إلـى " شعراء الجاهلية "، وجهتـي *** أسائل عنهم كـل من حـل، وارتحـل!
كفاني افتخارا، أنني "ابنة معبد" *** وعن سكة "الشعر الأصيل" فلم أمل
فشعر "القدامى"،بالنضار مرصع *** ومرجانة تختال في الحلي، والحلل
ولولا "القدامى"، فالأغاني عقيمة *** وما كانت الألحان،أو عرف الزجل
ورب خيال، في السماء مجنح *** لينحت صخر الشعر من قمة الجبل
وهجر تراث الأولين، جناية *** وليس عدو الشيء غير الذي جهل
كواعظ أهل البيت، إن يلق فرصة *** يعرج على الأحضان، مرتشف القبل
ويخدش وجها، مستنيرا براءة *** ولكن إذا التقريع حاق به انفعل
بربك خبرني الحقيقة، يا فتـــى *** فأين بريق الشعر، يا.."حضرة البطل"؟
أفق من سبات العجز، واعلم بأن في *** تراثك آلاء يباركها الرسل
رويدك، يامغرور... لست بخالد *** سيهوي بجحر"الصفر"من ظن أن وصل
رقيت على أكتاف من ثرت ضدهم *** فأصبحت مشهورا، وفي مضرب المثل
حدودك! فالزمها، تمت متحررا *** فحرية الأسياد أنجبها "الكبل"
سمات "عليل الذوق" ينحى بلومه *** على كل ممتاز، ويستمرئ "الخلل"
ولكن إذا دارت عليه دوائر *** يجر ثياب العار: رباه ما العمل؟
فتب عن رخيص الذوق، يكفي تطفلا *** فجسمي صرح ليس يخشاك من بلل
وقوم "لسان الضاد" ثم تحدني *** وربك -ذو الإكرام- جل عن الزلل
فلا تفترش بالشوك دربي، فإن لي *** يراعا لقول الحق يقذف بالأسل
ولا تقحمني فـي الحديــث بباطـل *** فهذا ضياع الوقت... إني على عجــل


قالمة: يوم السبت 02 رمضان 1417هـ.
الموافق لـ: 10 كانون الثاني (جانفي) 1997.