قصة قصيرة على هامش صورة

التحدي




كعادتها, خرجت تجري تثقل كتفها الأيمن الغض محفظة مهترئة...تجري لتلحق موعد المناوبة.
تلقف الصغير المحفظة,أفرغها,وضع ما يلزمه داخلها واتجه يجري هو الاخرصوب البوابة التي كادت توصد في وجهه...ثم غاب وسط موجة رؤوس.
ليلى, كان هذا اسمها,لم تبلغ عقدها الأول بعد.وجنتين خدشهما قر الشتاء,عينين رغم الذكاء المتقظ فيهما, لفهما العياء وشعر كستنائي عليه أثر قص عشوائي ...
قرفصت ليلى خلف الصندوق البلاستيكي الأسود.عدت القطع النقدية القليلة,ألبست يدها قفازاـ ليس سوى كيسا بلاستيكيا ـ وشرعت ترصف قطع الحلوى بمهارة مدهشة...
أعياها القرفصاء فجلست تفترش قطعة أسفنجية بالكاد تحمي اليتيها الصغيرتين من وخز الإسفلت.
مدت ليلى يدها,التقطت مجلة تعج بالصور,تستعملها عادة للف قطع الحلوى,سرحت تتملى صورة طفلة في عمرها أو أقل بقليل,معطف صوفي بنفسجي اللون,أطرافه زينها فرو ناعم. كانت الطفلة تداعب قطة بلون البساط الرمادي الدافئ...تحسست ليلى معطفها وتململت كي تريح ظهرها قليلا من طول انحناء...
وضعت جانبا تلك المجلة,أخرجت كراسة مدرسية وانهمكت في حل مسألة رياضية تتعلق بالربح والخسارة.ليلى تبحث عن راحة مفتقدة لكثرة تململها...
ـ القطعة...درهم واحد.
أجابت ليلى بسرعة.
قبالتها طفلة تبكي وتشد أطراف جلباب الأم...الأم تبسط الأمر الذي منعها من اقتناء قطعة الحلوى...ليلى تسمع وتتمنى لو أن الأم طاوعت صغيرتها تبتعد الأم ,يعلو بكاء الطفلة...يتحول الى نحيب...أدركتها ليلى ودست في يدها الصغيرة المبللة بالدموع نصف قطعة الحلوى ...رفعت رأسها نحو الأم...أمي تحرص على نظافة الكعكة ...لا تخافي.
ثم عادت ليلى لمسألتها الرياضية التى تتعلق برأس المال والخسارة...
عادت تتململ في جلستها تبحث عن وضع أفضل في انتظار أن تطل تلك الرؤوس الصغيرة من البوابة الكبيرة التى كادت توصد في وجه أخيها...
بقلم الحمري محمد