دموع على صخرة المعتقل .. كريم محسن
أتيت ُ عمري معي يسعى بأزمنتــــــــــي
تشدني ذكرياتي صوب َ شطــآنـــــــــــي
أما تراني , جراحي أينعت وطنـــــــــــــا ً
لولاه كنت ُ مـُضاعا ً دون عنـــــــــوان ِ
أبصرت فيه : أبي , أمي , فما انتسبت ْ
إلا إلى جذره القدسيّ أغصانـــــــــــــي
يا أيها الوطن ُ المزروع ُ في جســـــدي
جذ ّر يديك َ فإني قد فقدت ُ يــــــــــــدي
و صوت ُ أمي على الآفاق : وا ولـــدي
يروي جذور انتماءاتي وأركانـــــــــــي
2
فما التفت ُ و سوط ُ الحقد يأكلنـــــــــي
إلا إليك وكم أغلقت ُ آذانـــــــــــــــــــي
أحوك ُ من حلمي َ المخبوء أجنحــــــــة ً
ليلا ً و أطلقها سرا ً لأفنانـــــــــــــــــي
أهلي هناك َ أصلي كلما عبـــــــــــــرت ْ
ْ
ريح ُ الجنوب ويغلي دفق ُ شريانــــــــي
في غرفة القتل ِ كان الوقت ُ من حجــر ِ
يدوس ُ صدري كمحمول ٍ على سفـــــر ِ
كأنما الصمت ُ جمرا ً جيئ من سقـــــر ِ
يشيب ُ جذر التياعاتي وحرمانــــــــــي
3
وكان حولي فراغ ُ الصمت ِ ألمســـــــه
قسرا ً فيملؤني صبري وإيمانــــــــــــي
يقول لي يا عراقي َ الهوى احتملــــــت ْ
عيناك ملحهما فاصرخ ْ بكتمـــــــــــان ِ
سجانك َ اليوم تنمو في مفاصلـــــــــه ِ
عفونة ُ الحقد , لا تأبه ْ بسجــّــــــــــان ِ
فالواقفون على أبواب محنتنــــــــــــــا
يقاتلون بقايا روح ِ عزلتنـــــــــــــــــا
ويشربون انتصارا ً في مذلتنــــــــــــا
ونرسم ُ الحلم َ في أحداقنا مدنـــــــــا
نحمـّـلُ الريح َ من أشواقنا سفنـــــــــا
لكن ّ شيطانهم يقتص من دمنــــــــــا
ذنبا ً له ليـُـرينا ذنبه الثانــــــــــــــــي
4
كانت شياطينهم ْ تقتص من دمنــا
ذنبا ً لها فتـُـرينا ذنبها الثانــــــــي
سياطهم ْ لغة ٌ مبحوحة ٌ أبـــــــــدا ً
و جـِـلدنا الناي ُ يحكي صبر َعريان ِ
كنا نخبئ ُ تحت الجلد عودتنـــــــا
خرائطا ً يحتويها حلم ربـــــــــــان ِ
فليل ُ (سمنان َ)1 لم يـُـغـمض ْ لنا بصرا
والأسرُ لم يقتطع ْ من لحننا وتـــــرا
كنا نغني بصمت ٍ كلما عبـــــــــــــرا
صوت ٌ ينادي(( بلاد العرب ِ أوطانــي
......................من الشام ِ لبغدان ِ
....................ومن نجد ٍ إلى يمن
......................إلى مصر فتطوان ِ))
5
فالذكريات ُ بعمق الجرح تسعفنــــــا
فنشرب ُ المنتهى والبدء َ فـــــــي آن ِ
نحن الذين تعتقنا بأزيــــــــــــرة ِ ال
منفى خمورا ً ولم نحفل ْ بندمــــــان ِ
ما زال تحت َ ثرى (سمنان َ) بئـر ُ دم ٍ
وما تزال ُ دمانا في فم ِ الجانــــــــي
وها أنا اليوم محمول ٌ على تعبــــــــي
خلفي دروب الأسى , والحلمُ في هـُدبي
أناشد الريح عن نخلي وعن رطبـــي
وعن رصيفي وعني , عن أخي وأبي
عن كلّ أم ٍّ بكت ْ في فقد ِ مغتـــــــرب ِ
عن الشظايا التي ضاقت ْ بصدر نبــي
عن كل حلم وعن مشروع ِ نسيانــــي
عن كل حلم ٍ وعن مأساة سجانــــــي ..