القـَضِيّة الكـُردِيّـة ... فـِي الإعــلام الــعــربــي . ؟؟ !!
عبر سنين طويلة نجح إخواننا الأكراد في إيصال جوهر وفحوى قضية الشعب الكردي إلى العالم العربي والدولي رغم خطورة و صعوبة الإعلام آنذاك وأساليبها البسيطة ... إلاّ أن الشارع العربي وأقصد الأنظمة الحكومية وجيوشهم من الإعلاميين المرتزقة والمرتبطين بهذه الحكومات ، قرروا وبإصرار المتعصبين الجبناء أن لا يظهروا كل حقيقة ومأساة الشعب الكردي في الإعلام ، لـكي لا يتحملوا أعباء المسؤولية الإنسانية. وبينما يرى المتتبّع للإعلام الكردي ومنذ القديم كيف يتعامل مع القضايا العربية الساخنة في أغلب البلدان،يرى كل الصدق والأمانة والإنسانية ... فلايوجد من الإعلاميين العرب إلا القليل المنصف الذين آثروا وتأثروا وسعوا جاهدين إلى إظهار حقيقة الأكراد كما هي للعالم الخارجي وجاء ذلك من باب الإحسان مقابل الإحسان ...
إن الإعلام الكردي ومن زمان ليس بقريب فـعـّال ونشط في إيصال المسألة الكردية
إلى المهتمين بها وإلى كل أقطار العالم ... والباقي يعتمد على المحيط العربي في أن يتحمل مسؤولياته وليقوم ويخطوا ويتقدم أكثر من القضية الكردية ومن هذا الشعب الذي عانى ماعانى وهو يدافع عن جزء مهم من أجزاء الوطن العربي وأقصد به العراق الحبيب، مثلما ضحى بالغالي والنفيس وهو يدافع عن حقوقه المشروعة التي سحقها وأهانها النظام الاستبدادي الشمولي البائـد، فكل العالم رأى وبأمِّ عينه كيفيـّة تعرض الشعب الكردي الحبيب إلى عمليات الإبادة الجماعية والأسلحة الكيمياوية وسياسة الأرض المحروقة والتهجير القسري بين مدن وقصبات العراق ، والكثير من السياسات والأساليب غير الإنسانية التي مارسها النظام العفلقي المقبور ضد أبناء الشعب الكردي على الخصوص و ضد باقي أبناء الشعب العراقي بشكل عام .
إن إختلاف القوميات وتعدد ألوانها في أيّ مجتمع يعتبر مصدر قوة وفخر لذلك البلد
لما فيه من التنوع الثقافي والحضاري ...... بعكس القوميين العنصريين الذين لايريدون لغير قوميتهم من حق المشاركة السياسية أو الإسهام في مجالات الحياة العامة ... لأنهم يعتبرون باقي الأقوام من الدرجة الثانية أو الثالثة وهذا كان ينطبق ونراه واضحا في نظام الطاغية المقبور. الحقيقة المــرّة هي
أن الإعلام العربي لم يهتم بالقضية الكردية حق الاهتمام واكتفى بالأخبار الهامشية والسطحية عن معانات الأكراد الموزعين في البلدان الأربعة والمعروفة للجميع ،وهذا
بطبيعة الحال أصاب الأكراد بالإحباط في كثير من الأحيان .... الأكراد الذين وقفوا إلى جانب الشعب العراقي العربي في محنته أيام النظام المقبور(( وإلى جانب باقي اضطهادات الأقليات والقوميات التي يتكون منها المجتمع العراقي)) .. وآوَوا الكثير من مجموعاته اللاجئة الى أراضيها هربا من أزلام النظام وعصاباته ، فاكرموهم وحَمَوهُم في مناطقهم
ولسنين عديدة ... الذين وقفوا وقفة شجاعة وجريئة إلى جانب الشعب العراقي المتعدد القوميات في السرّاء والضرّاء .... كل هذا وذاك .. ترى بعض أجهزة ووسائل الإعلام العربية المرئية خاصة منها حيث قنواتهم الفضائية ومع كل الأسف يرددون ماكان يقوله ويزمّر عنهم إعلام النظام المقبور. فتراهم يُخَوِّنونَ الأكراد تارة ويتهمونهم بالباطل تارة أخرى، أو يتجاهلونهم في أحسن حالات الاهتمام بهم ... كـل هذا وبالرغم من أن الأكراد ورموزهم التاريخية بذلوا جهودا مشهودة للعيان في الاقتراب من المحيط العربي ، سياسيا ، دبلوماسيا و ثقافيا .. ولاأحد ينسى توجيهات الراحل الملا مصطفى البارزاني(رحمة الله عليه) وبذله للجهود المضيئة عبرالأزمان .
ومثلما يعلم الجميع أن الاهتمام بالشعب الكردي هو اهتمام بالعراق كله .. لأنهم جزء أساسي من تركيبة المجتمع العراقي المتعدد القوميات ..... والمختلف كليا عن باقي البلدان العربية من حيث التركيبة الاجتماعية الجميلة التي يتمتع بها .. وإن أىّ تقصير أو عدم اهتمام بالشعب الكردي هو تقصير وعدم اهتمام وطعن بالشعب العراقي كله .. وإن الاهتمام لقضايا الأكراد هو اهتمام لقضايا العرب بشكل عام . والحقيقة الظاهرة كالشمس هي أن الأكراد و عبر التاريخ المرير الذي مرّوا به في العراق قدّموا للعرب خدمات كثيرة وعظيمة وجليلة في نفس الوقت ، وسيظل العرب مدينين لهم مابقوا وبقى الدهر، وخدماتهم جاءت على عدّة أصـعـدة ... فمن صعيد الفقه والدين إلى علم اللغة وآدابها كالشعر والقصة والرواية وماشابه ، وعلى صعيد الفلسفة والتصوف.. حتى في مجال الفن والإعمار ، وعلى صعيد القيادات السياسية والعسكرية. وإن مثقفي الأكراد لهم الجهود المشكورة للتقريب بين الساحتين الثقافيتين العربية والكردية ، من خلال عقد الندوات الثقافية المشتركة في العواصم العربية .
ونحن و بهذه السنين المظلمة والأيام العصيبة التي تمر على العراقي العربي وعلى العراقي الكردي وعلى باقي العراقيين المنتمين للأعراق والقوميات المختلفه .... نقول
ألا يكتفوا نباحا ويزيحوا غشاء الجاهلية ... غشاء القومية والعنصرية المقيتة التي تتغنى بها بعض أجهزة إعلام العرب وفضائياتهم المأجورة ........ أ وَ لاَ يكفي شتاتا وتمزيقا للجسد العراقي الواحد .. أم أنه بغض وحقد وحسد علينا نحن العراقيين من قبل أولئك القوميين العرب العنصريين ، لأننا نريد أو بالأحرى وصلنا إلى مرحلة حرية الكلام والتعبير .. وإلى حرية الانتخاب .. وهل كون مجتمعنا العراقي المتحلـّى بالعديد من القوميات والأديان والمـِلل أصــبـح خطرا وبلاء على عنصريتهم العربية المريضة ، ورأوا أنفسهم زائـلين لامحالة ، وبضاعتهم بارت في أسواق هذا العصر.
وأىّ مجتمع راقي ينادي بالعنصرية أو القومية أو المذهبية إلاّ المجتمعات التي تفشى فيها فايروس اللاوطنية والالتهاب الإ نـسـانــي ...!!
بقلم/ محمّد حسين .
