صباحٌ برائحة الياسمين
يستعذبون مناياهم كأنّهمُ
لا ييأسونَ من الدنيا إذا قُتلوا
قَوْمٌ إذَا وعدوا أَوْ أَوْعَدُوا غَمرُوا
صدقاً ذوائبَ ما قالُوا بما فعلوا
أبو تمّام
بشائرُ النهارِ في تمّوز
تفُضُّ باقتدارْ
محارةَ العيونْ
(لاستفيقَ، عامداً قبلَ الظهيرة
تركتُ فُرجةَ الستارْ)
فالساعةُ البكماءُ قد خَبَتْ
من بعد سقطةٍ أخيرةْ
استمرئُ المنامْ
يصّاعدُ النباحُ من حناجرِ الكلابْ
لا مَفَرَّ من قيامْ !
والذبابْ
يطنُّ في انتظارْ
إنْ أفتحَ الشُبّاكْ
يجئُ ساحباً بعضَ الغبارْ
(من يكنسونَ الحيَ يطلقونَهُ
نِكَايةً في هَوْجةِ الأسعارْ)
. . . .
أحسستُ شيئاً غامضاً هذا الصباح
جاء النسيمُ مُفعماً بالياسَمينْ
الصحوُ يستبي السماءْ
لولا قليلٌ من غمامةْ
بوجهها الثلجي
تراودُ البقاءَ بابتسامةْ
. . . .
أسيرُ في الأزقّةْ
الجوُّ عامرٌ بالهَمْهَمَاتْ
لا مِنْ أيادٍ تُمَدُ للسؤالِ لا مشاحناتْ
لا هَسْهَساتِ للتجّارْ
كي يَغْنَموا بصفقةْ
شئٌ غريبٌ
يرتديه الكونُ في هذا النهارْ
كأنما السماءْ
تعيرُ سَمْعها أخيراً
لحَشْرَجاتِ هذه المدينةْ
لا حاجةٌ لوصفةِِِ الدواءْ
(متاعبُ الهضمِ القديمةْ
تحَامَتْ الأمعاءْ)
ما أشتهيهِ الآنَ هدأةَ السكينةْ
وأنْ أعودَ في المساءْ
أداعبُ الأطفالَ كيفما أشاءْ
. . . .
تقودني خُطاي
لمقهايَ الأثيرْ . . (حديقةُ الجُندول)
النادلُ المعهودُ إذْ يراني
أهُمُّ بالدخولْ
يجئ حاملاً كرسيّاً
لجِلستي المعتادةْ
في ظُلَّةِ الكافورْ
يضيفُ هامساً وباسماً:
الشايُ بالحليبْ . .
أم قهوةٌ زيادةْ؟
استريبْ
من فائضِ الترحيبِ والتهذيبْ
عنْ غيرِ عادةْ
ودون أن أجيبْ
أشرتُ نحو كوبْ
يلوحُ بين كفِّهِ المقلوبْ
. . . .
على الرصيفْ
كانت عصافيرٌ ترشرشُ
الغناءَ ثم تلقطُ الفُتاتْ
ورفرفاتُ سِربٍ من حمامْ
يطيرُ هارباً
من الرَمْضَاءِ للغَمامْ
تلوح ُمن وراءِ الواجهاتْ
الطاولاتْ
النردُ والدومينو ولا من قرقعاتْ
اللاعبونَ اليومَ لا يبادرونَ
بالنِكاتْ
هذا النهارْ
يلفُّ تحتَه السكونْ
. . . .
أجولُ في المكانْ
أراقبُ العيونَ كلَّها تطلُّ بانتباهْ
ترنو إلى فيروزْ
قيثارةِ الإلهْ
فتلمعُ الجباهْ:
(قلتلن بلدنا عم يخلق جديد
لبنان الكرامة والشعب العنيد)
كتابةٌ في أسفلِ الشريط
تضئ في المرناةْ:
مباشرٌ من المنارْ
ونحنُ في انتظارْ
حديثِِ نصرُ الله
يوليو 2006

شعر: أسامة فرحات