((توووووووت .... وسع السكه ....توووووت .... السريع وصل ....)) قالها محركا كلتا يديه بمحاذاه جانبي خصره الرقيق
لم امتلك بسماتي وانا اري قطاره يجوب المنزل مخلفا خلفه سحبا من الذكريات لا من الدخان
عندما التقيت امه للمره الاولي كانت في محطه القطار
نحيفه ..رقيقه... وهادئه
هادئه الي درجه تثير التساؤلات
لن انسي ابدا كيف سألتها عن الساعه اربع مرات خلال خمس دقائق
وفي كل مره تحيب (( اسفه مش معايا ساعه ))
لعل عنادها و الساعه الجميله التي زينت معصمها كانا يدفعاني لتكرار السؤال الذي رفضت الاجابه عليه
علي مدي سته اعوام كنت اتساءل عن سر هذه الهاله المضيئه التي تحيط وجهها
ربما لم تكن هاله بالمعني المفهوم
منذ ثلاثه شهور وهي علي سريرها الابيض الذي تعلوه شاشه الكترونيه خضراء كان اخر لقاء لنا
دون ان ادري همست في اذنها مداعبا (( مش العيشه معايا احسن من لو قعدتي لوحدك ))
لم تكن قادره علي ان تفتح عيناها المنهكتان من فرط المسكنات التي ضخوها الي جسدها بلا هواده
ولكن ذات البسمه الرقيقه ارتسمت علي وجهها قبل ان تنطق بصوت مبحوح كله وهن (( هستناك هناك ))
ضحكات هستيريه لم اتمالكها ولم انتبه لها الا عندما جذبني الاطباء بعدما اغرقت وجهها بدموعي
لا لم تكن ضحكات ....... لا اعرف ماذا كانت
(( حرام عليك نفسك يا استاذ .... ادعي ربنا يغفر لها و يهون عليها وعليك )) قالها احدهم بعدمااحتضنني
ولفني احساس غريب بالبروده و رعشه ربما لم استشعرها من قبل
كانوا يتقاذفونني بين ايديهم كما يتقاذف الاطفال كراتهم و عرائسهم الخشبيه
كلمات ......وكلمات..... وكلمات لا اكاد اذكر منها سوي نظرات الشفقه الغبيه
في اليوم التالي
لم اذهب الي المستشفي
كنت اعرف انها ستكون سعيده عندما اكون ذلك الذي يوصلها الي بيتها الجديد
لم اكن قادرا علي توديعها
اخترت ان تكون اخر ما اذكره عنها وجهها وهي لا تزال حيه
(( تووووووت ..... بابا مش هتركب معايا القطر ))
(( لا يا حبيبي ...... انا مستني قطر تاني ))
..
.
18\3\2005