ويسقطُ ظِلْ



إلى النور الذي تفجّر من ظِلّ . . محمد الدُرّة

(وظلٌّ صغيرٌ يلوذُ بظلْ
يفلُّ المحاجرَ عبر الهواءْ)
يلوحُ الشتاءُ حزيناً كظيمْ
وتندسُّ بين الغيومْ
نسائمُ حُبلى بما نَزَفَتْهُ الدروبْ
تجوسُ الوعودُ الرؤى والقلوبَ
وتمحو الظلالَ بأرضٍ تميدْ
. . . . .
نهاجرُ عبرَ القيودِ . . الوجودِ
وأنّى نعود . .؟
نلملمُ أشلاءَنا الناظرة:
أهازيجُ حبٍ بدونِ رُواء
وأحلامُ طفلٍ بدفءٍ قريبْ
بقايا غناءْ . . على الجسرِ
إيقاعُ دبكٍ يغيبْ
وكهلٌ سعيدْ
يباهي بنسلٍ شهيدْ
حصاةٌ مغللّةٌ بالدماءْ
وريشُ جناحْ
يتوقُ لمرأى الحدودْ
وقبضةُ من شاقَهُ الثأرُ
زيتونةٌ صابرةْ
(وظلاّن يلتمسان البقاءْ)
. . . . .
وأنّى نعود . .؟
ورائحةُ الجندِ تولغُ عبْرَ الحقولِ
ورملِ الصحاري
تواري بكارَتنا الغابرةْ
(وترصدُ ظلّين بين الخِباء)
. . . . .
تُحاورُنا صهواتُ الخيولْ:
لماذا ترجَّلتَ بعد أن اجتزتَ؟
كنتَ عبرتَ!
دنوتَ!
تدلّيتَ!
ثم غُشيْتَ برغمِ النداءْ
يشعُّ من القُبَّةِ الثائرة
تُجَنُّ وتُبْرقُ دون انطفاءْ
سوى أن وَهْناً أصابَ الرجالْ
تولولُ منه النساءْ
يعدّدن ما قد حَفِظْنَ بجوفِ الصدورْ
شقائقَ نارٍ ونورْ
تَطِنُّ تميمتُها السائرة
(وتُبْقِي الظلالَ بحِضن الرجاءْ)
يُزَفُّ لنا الجوعُ
نأكلُ ما قد تجودُ نهودُ الإماءْ
تفارقُ من يأسِها الأمنياتُ
مع الصبحِ
تسحبُ أمْشَاجَنا العابرةْ
إذا ما دنا القاتلونَ
يديرونَ قِبلتَنا للخُواءْ
وفي جِلسةِ الصلحِ
بين أكُفِّ الخِصَاءْ
تُراق قُرانا
وتنثالُ منها المدائنُ صرعى
تحفُّ بدنِّ الغريمِ الدماءْ
تفورُ . . تلاطمُ بحبوحةً سادرةْ
(ويسقطُ ظلُّ الصغير فداءْ)
تُرى هل نعودْ . . ؟
وكلُّ الهضابِ اعتلتها الذئابُ
تبادرُ حِمْلانَنا بالهزيعْ
. . . . .
تحنُّ القبابُ لغيثِ اللقاءِ
يفيضُ الجميعْ . . . . .
تُفيقُ على موكبِ الشهداءْ
ولم يُجْدِ كعبَ الرضيعِ رجاءْ
لقطرةِ ماءْ
اكتوبر 2000
شعر: أسامة فرحات