زعموا ...
... وأن القوم أناخوا خيامهم في أرض سهلة، وفي زمن أخذت فيه زخرفها، وأفصحت لهم بلسان طلق عن بهائها وروعتها، ولم تبخل عليهم بمائها، وعشبها، وثمارها، وقد كانوا من قبل في أرض وعرة جدباء، وكذلك كانت قلوبهم من قبل صخرة صماء، إذ أرخى عليها الغل والحسد سدولهما، ودق فيها المكر والنفاق أوتاد فتنتهما ...
ثم ما إن استوت الأقدام على سهل من ذهب، بعد رحلة طويلة من قفر إلى خصب، وبعد أن ألقت الأجساد عنها الأثقال وكل نصب، وتخلصت النفوس مما علق بها من تعب، عاد القوم إلى رشدهم بعد أن كانوا في عطب، وغيروا ما بأنفسهم أخذا بكل سبب، فصفت القلوب وفاضت بالود بعد جدب، وعلا البشر الوجوه بعدما غاب في حجب، وجالت دموع الفرحة في العيون قبل أن تنساب دافئة على الخدود وتنسكب، فسادت الطمأنينة وأشرقت في سماء كل صوب وفي أرض كل حدب، ونزلت السكينة رقراقة في حلل قشب، ثم إن القوم توجوا تصافح أيديهم بالعناق وكلمات شهب.
د. أبو شامة المغربي
kalimates@maktoob.com
