الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيراً، وبعث نبيه محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً.. صلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
هذا القرآن جعل الله آياته تحيي القلوب، فأحيت أمماً وشعوباً, وأيقظتها إلى الهداية والخير والصلاح.وقد جعل الله فيه الهداية والسعادة الكاملة، قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9] في كل أمر من الأمور، وكم يختلف الناس، في أمور دنياهم، وفي أديانهم، وتقربهم إلى الله تعالى، وفيما بينهم، وكيف يكون الأفضل؟ وأين الصواب؟
وما من علم ولا فن ولا أمر من الأمور، إلا وللبشر فيه آراء وآراء، وخلافات، فأين هو الطريق الأقوم؟
ولو أننا تدبرنا كتاب الله عز وجل من خلال فهمنا لهذه الآية وأمثالها، لصلحت أحوالنا، فالقلوب الميتة، والعيون العمي، والآذان الصم تحيا -بإذن الله- وترى الحق وتتبعه، عندما تقرأ وتتدبر كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
والشقاء والضياع والخسارة التي تعاني منها الأسر والمجتمعات والأمم، كلها تتبدد خيوطها وأوهامها إذا أقيم كتاب الله تبارك وتعالى، وإذا أقيمت حدوده، ووقف عند أمره ونهيه، واتبعت سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه.
أخي الكريم نحن في حديقة واحدة نكمل بعضنا البعض لانجادل والجدال تعرفه إلى أين يؤدي؟
أخي العزيز نوف-من لم ينتفع بعينه لم ينتفع بأذنه.
•للعبد ستر بينه وبين الله , وستر بينه وبين الناس, فمن هتك الستر الذي بينه وبين الله , هتك الستر الذي بينه وبين الناس.
•للعبد رب هو ملاقيه وبيت هو ساكنه, فينبغي له أن يسترضي ربّه قبل لقائه ويعمّر بيته قبل انتقاله اليه.
أخي في الله-طالب العلم متشبه بمن
ومن الناس من خيره كماء الغيث الذي يهمل فوق الوهاد ويهطل على الثنايا وينزل في كل واد ، فينال منه السهل والجبل والمرتفع والمنخفض والبحر الأجاج وهامدات الفجاج .
فيحيي الله به الأرض بعد موتها ، وتنشرح به الصدور بعد انقباضها ، وينبت به الزرع الهامد ، ويدر به الضرع الجامد ، وتكتسي به الأرض زخرفها .
تفرح به البهائم وتحلو به النسائم ، ولذا فالخلائق ترقبه والكائنات تنتظره ، فإذا ما لاح برقه وصوَّت رعده وتلاحمت مزونه ، ارتفعت الأيدي للمعيد المبدىء بأن يرسله من سمائه وينزله من عليائه .
فالغيث حيثما وقع .. نفع ، فهو طاهر في ذاته ومطهر لغيره .
وهذا مثل العلماء والدعاة ، فخيرهم متعدي لغيرهم ، ونفعهم منبسط لسواهم ، وفضلهم ليس حكرًا عليهم .
تعمر بهم المجالس ، وتأنس بهم النفوس ، وترتاح لهم الأرواح ، فهم يعلمون الجاهل ، وينبهون الغافل ، ويذكرون الناسي ، ويحذرون القاسي .
يذودون عن إسلامهم بنفوسهم ، ويبذلون دنياهم لإعلاء دينهم ، فإذا ما تلذذ أهل الدنيا بدنياهم ، كانوا عنهم بمعزل ، فلا لذَّة لهم في غير دينهم الذي ملك عليهم نفوسهم ، وحكم بشرائعه وشعائره حركاتهم وسكناتهم .
فالناس في حاجة ملحة للعلماء والدعاة أكثر من حاجتهم لطعامهم وشرابهم ، فحياة قلوبهم خير لهم من حياة قوالبهم ، لو كانوا يفقهون !
وهل للأرض حياة دون ماء السماء ؟!
وهل للقلوب حياة دون وحي السماء ؟!
أجيبوا .. أيها العقلاء !
لفته !
رعاكم مولاكم ياورثة الأنبياء ..
فما أجمل أثركم على الناس ! وما أقبح أثر الناس عليكم !
فلا تحزنوا .. ولا تركنوا ، فيوم الجزاء بين أيديكم !
وسلام الله عليكم !
أيها الفاضل-وطالب الجاه والسلطة متشبه بمن
ياكاتب المربد
لما كتبت هذه الكلمات وعيت؟
ألا تستحي من الله؟
وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) سورة الإسراء
الأمثال كقول طرفة بن العبد:
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك من الاخبار مالم تزود
وقول عبد الله بن معاوية :
كلانا غني عن اخيه حياته ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وقول القائل :
إذا تضايق أمر فانتظر فرجاً فأضيق الأمر أدناه من الفرج
يا ربي حمداً ليس غيرك يحمد يا من له كل الخلائق تصمدُ
أبواب كل ملّكٍ قد أوصدت ورأيت بابك واسعاً لا يوصدُ
أرواحنا يا رب فوق أكفنا نرجو ثوابك مغنما وجوارا
لم نخش طاغوتاً يحاربنا ولو نصب المنايا حولنا أسوارا
كنا نرى الأصنام من ذهب فنهدمها ونهدم فوقها الكفارا
صلى عليك الله يا علم الهدى واستبشرت بقدومك الأيامُ
هتفت لك الأرواح من أشواقها وازينت بحديثك الأقلامُ
( خلقت مبرأ من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء
( أنت الذي ناداك ربك مرحبا ... ولقد دعاك لقربه وحباكا )
والنـاس في هذه الدنيـا على رُتبٍ هذا يُحطُّ وذا يعلو فيرتفـع
فأخلِصِ الشكرَ فيما قد حبيـتَ به وآثرِ الصبرَ كلٌّ سوف ينقطع
لأشكرن لك معروفا هممت به ... فإن همك بالمعروف معروف )
( ولاألومك إن لم يمضه قدر ... فالشر بالقدر المحتوم مصروف )
. ومن يشكر المخلوق يشكر لربه ... ومن يكفر المخلوق فهو كفور
ولا تبخلنّ بالشكر والقَرض فاجزه تكن خير مصنوع إليـه وصانع
أخي الفاضل تقبل الله مني ومنك هذا الدعاء.
اللهم يا هادي المضلين ويا راحم المذنبين، ومقيل عثرات العاثرين، نسألك أن تلحقنا بعبادك الصالحين الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين آمين يا رب العالمين.
اللهم يا عالم الخفيات، ويا رفيع الدرجات، يا غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله إلا أنت إليك المصير.
نسألك أن تذيقنا برد عفوك، وحلاوة رحمتك، يا أرحم الراحمين وصلى الله على محمد وآله وصحبه أجمعين.