الاستهلال في القصة
طارق شفيق حقي
1- تمهيد.
الاستهلال مصطلح نقدي تراثي نصدره من الشعر للنثر.
كليني لهم يا أميمة ناصب.....وليل أقاسيه بطيء الكواكب
- لعل ليل النابغة الذبياني ليس بأقسى عليه منا , وليلنا ليالي وليله ليل واحد, وليله بكواكب وليلنا بلا قمر ولا كواكب وربما بلا ليلى كذلك ولا أميمة.
رغم ذلك سنقف عند قدرة النابغة على الاستهلال بل, وأكثر من ذلك سنتعداه لتصدير هذا الاستهلال لفن من فنون النثر وهو السيدة قصة.
-وقد يقول قائل : ما الدافع لهذا الأمر, ونحن لدينا الكثير من المصطلحات الغربية التي تفي بنقد القصة. ؟!
-نجيب: يضيف بعض النقاد خيبة فوق خيبة القصاص باستيرادهم لمصطلحات نقدية نشأت في بيئة تخص هذه المصطلحات ولن تنجم بذرتها في غير أرضها , وكما ساهم بعض النقاد في تغريب فنون العرب , فابتعد الشعر عن مركزه الشعبي الأول وصار نخبوياً, كذلك صارت إليه القصة التي كانت تتداول في المجالس العامة ,وفي المقامة الواحدة للجماعة, صارت فناً خاصاً بالنخب , وجمهور القصة هم القصاص أنفسهم لا غير, اللهم إلا القليل.
- ونحن حتماً لا نلغي دور المثاقفة , ولا نتعصب تعصباً أعمى للتراث , بل ندعو أن ننطلق منه ونطوره لأنه لباسنا الحقيقي الأمثل , وفي ذلك لعمري رسالة يجب أن يلتزم بها كل باحث , وفي بحثنا هذا حاولنا أن نفعل فعلتنا , ونجرب تجربتنا , ونخترق القاعدة , وما محاولتنا هنا إلا تلمس لما نريد, وقد تلمست من خلال البحث قدرة قصصية لدى بديع الزمان الهمذاني فامتلك ناصية فن القصة الحديثة لكن بروحها العربية, وكان لديه القدرة الفذة على التحليل النفسي لشخوصه, والتحليل الاجتماعي لمجتمعه , واستطاع أن يجمع في كتاب واحد فناً جميلاً , وتكلم عن موضوع واحد وهو الكدية وقد ****** بذلك من تقدموه بمئات السنين , ووقفنا عند الاستهلال في بعض قصصه, ونحن نقول عنها قصصاً لا مقامة,وسنبين أنها قصص بكل ما تعنيه الكلمة من معايير فنية .
-وقد بدأنا مع الاستهلال , وهو نهج أكثر منه محاولة بكر, وقد أكمل بقية المصطلحات وقد يكملها غيري, لنقيم معماراً جديداً يليق بروح القصة العربية .