إن نص "هو و الآخر و أنا" محاولة تجربة تعدد الرواة داخل النص الواحد. و تعدد المتلقي في نفس الوقت. و توظيف لعبة الإيهام...
فالمتلقي هو أولاً المتلقي المفترض؛ أي ذلك الذي يفترض الكاتب وجوده وقت إنتاج النص، و هو حاضر في النص، وفي ذهن الراوي، يستحضره وقت الكتابة، و يحاوره : "عفواً"، لم يكن الوقت وقتاً متأخراً بل كان بداية المساء" فعبارة "عفواً" مفعول مطلق لفعل و فاعل محذوفين تقديره اعف عفواً، أي يلجأ الراوي إلى مخاطبة المتلقي. و الأمر ذاته بالنسبة لجملة" و أكرر اعتذاري مرة ثانية"، " عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة...." حيث إن ضمير المخاطب يحيل على المتلقي أياً كان و متى وجد..
. ثم إن مثل هذا الأسلوب يؤدي وظيفة أخرى هي " لعبة الإيهام" أي يوهم الراوي أن ما يحكيه أمر واقع قد حدث فعلاً، و أن "طلب الاعتذار" يوهم القارئ أن العدول عما قاله الراوي قبل حين، خطأ فعلاً، وأن الراوي يسعى إلى تصحيح حكيه و بذلك يوهم المتلقي بصدق ما يحكيه.
و الوحدة الثانية من النص من :" سألني إن كنت قد خرجت... إلى نهاية الوحدة " ولم ألبث أن تغاضيت عن إجابته..." تروى من طرف راو ثان، ذلك الذي كان موضوع الرواية في الوحدة الأولى " سألني إن كنت قد خرجت أمس صحبة أخي الصغير.." أصبح موقع الراوي هنا راوياً وفاعلاً/شخصية داخل النص... في حين أصبح راوي الوحدة الأولى مروياً عنه.
ثم نصل إلى الوحدة الموالية حيث يظهر راو ثالث من موقع الرؤية الخلفية يرويعن أحداث الراويين السابقين: " غريب أمرهما، كل واحد منهما يحاول وضع مسافة بينه و بين الآخر"
و لم يكن الغرض أو المقصدية من النص/ الكتابة مضونها و إنما أدبيتها أو تجريب هذا الشكل من الكتابة.
قلت النص/ الكتابة و ليس القصة ، وهذا نقاش سبق أن خضنا فيه، أخي طارق شفيق حقي و أنا، على صفحات المربد عند الحديث عن القصة/الخاطرة الكتابة، لأن القصة هنا جاءت "عبثية" و لم تكن إلا وسيلة للتجريب. "و أنا ما شأني بهما، ثم قبل كل ذلك، ما أدراني بما جرى، لأني لم أغادر بيتي أمس أصلاً...عفواً، أخذتكم في الكلام، فمعذرة....".
فالتجربة بين أيديكم ، فلا تبخلوا علي بانتقادها و تقييمها وتقويمها، و لكم مودتي.
البشير الأزمي
تطوان/المغرب 03/2/2007