الأمن القومي الأمريكي يمتد الى ربوع الكرة الأرضية و من اجله تشن أمريكا حروبا استباقية في كل أرجاء العالم .و الأمن القومي الإسرائيلي يمتد الى كل أرجاء العالم الإسلامي .فقنبلة نووية باكستانية تهدد امن إسرائيل و مشروع نووي إيراني كذلك. ووجود جيش مصري في سيناء يمس أمنها مثلما هو وجود جيش عراقي قوي كذلك .ووجود حزب الله يهدد أمنها القومي مثلما يهددها فوز حماس. لكن اين يبتدئ امن العرب القومي و أين ينتهي . الجواب واضح انه يبتدئ بالكرسي و ينتهي عنده .فالأمن القومي العربي لا وجود له الا في غرف نوم الحكام العرب .فلو تقرر إسرائيل جعل غزة محرقة فلن تتحرك دولة عربية واحدة و قد جعلت منها كذا مرة كذلك .و أحرقت لبنان في 82 و عاودت الكرة 2006 بل تعدته حتى الى دول ليست في حرب معها مثل قصف مفاعل تموز العراقي و في تونس عندما اغتالت ابو جهاد. نعم ان إسرائيل محمية و بفيتو أمريكي وهذا ليس خفي لكن الحقيقة أنها محمية بفيتو الصمت العربي لذا لم يكن مستبعدا ان يسحب تشافيز و هو رئيس دولة ما وراء المحيط سفيره من إسرائيل أحتجاجا على حرب لبنان بينما يصر أصحاب الفخامة و الجلالة و السمو على علاقاتهم بإسرائيل لان ذلك يخدم العرب استراتيجيا و أي استرتيجية اللهم الا استرتيجية دفن الرؤوس في الرمل كالنعام و التفريط في كل شيء في سبيل بقائهم و يرسمون ذلك في سياسة من التناقضات لا مثيل لها في راي أي متابع للسياسة في العالم . فقد يستغرب انتقاد مسؤول دولة عربية علم دول عربية بتوقيت العدوان على لبنان في حين تقول بعض المصادر الصحفية انه كان في رحلة استجمام مع عائلته في تل أبيب وقت العدوان .و قطر ليست الاستثناء الوحيد ففي تونس و المغرب و البحرين و عمان مثلا توجد مكاتب تمثيلية. و في مصر عرابة السلام عفوا*الاستسلام* فقد اعتبرت هي و الأردن وجود سفارات و اتفاقيات السلام تكتيك و إستراتيجية في حين قال رئيس موريتانيا المخلوع ان السفارة الإسرائيلية ستكون مصدر للمنح و المساعدات التي لم تستفد منها موريتانيا من أصحاب البترودولار و بعد قدوم الرئيس العسكري لم تتغير سياسة الطمع هاته .و الحال لا يختلف مع دول عربية أخرى على حد تعبير المثل الجزائري *تريد اللبن و تخفي الطاس* فدولة كالجزائر مثلا صارت مواقفها اتجاه إسرائيل اقل حدة من المعهود تحت تأثير المصافحة الشهيرة بين بوتفليقة وباراك في جنازة الحسن الثاني .
فما يحدث في فلسطين و ما حدث في لبنان هو تبول(عفوا) على جميع القيم و المبادئ الإنسانية . لماذا يتحسر عليه فتدمير بلد واختطاف نواب منتخبين و محاصرة شعب بسبب خياراته هو جزء من إستراتيجية و سياسة من لا يراها الا المصاب بالخلل و العمى و لمن يرفض الإقرار بهاته الحقيقة يتذكر وقائع السنوات الأخيرة و كيف قضى الراحل ياسر عرفات سنواته الأخيرة محاصرا داخل مكتبه و لم يشفع له كبره او مرضه او ثقله التاريخي و كيف اغتيل المرحوم احمد ياسين بطريقة همجية بصاروخ صنعه الخبراء لتفجير الدبابات لا لتفجير البشر. و تدمير كل مقومات الحياة في العراق بحصاره لعقود ثم إرجاعها سنين طويلة للوراء بتدميره .فإجرام الصهاينة تأكيد مطلق لحقيقة واحدة و هي أنهم لا يؤمنون أصلا بوثائق مشاريع التصفية و التسوية التي وقعوا عليها المعروفة عند الحكام العرب بمشاريع السلام و الخيار الاستراتيجي .
اذ لا يؤمل منهم في التصدي لهذا التوجه الإيديولوجي الهدام الذي يسعى لتفجير المنطقة تحت قناع الفوضى الخلاقة و الذي كان تدمير لبنان و العراق مخاضا له على حسب تعبير كوندليزا رايس المبنية على إثارة النعرات الإثنية و الطائفية في المنطقة بل لا نستبعد سياسة كسياسة زعيم اكبر دولة عربية و لبنان تدك و هو *يردد ان مصر لن تدخل الحرب و الجيش المصري لن يحارب الا عن مصر*بينما يقتل العراقيون و الفلسطينيون و اللبنانيون قرابين على مذابح الحرية الأمريكية لان حقيقة هاته النظم مرتبطة بالرضا الأمريكي و ليس بشرعية شعوبها او على حد قول شيمون بيريس في تصوره للشرق الاوسط الجديد *ان المسألة ليست ديمقراطيات او دكتاتوريات ان المسالة في ان علاقة هاته الأنظمة مع إسرائيل أحسن من علاقاتها مع بعضها* فقد كان زعيم يهود بلجيكا للأسف أفضل من الحكام العرب قاطبة بانتقاده الجرائم الإسرائيلية و الدعم الأمريكي لها .بينما يدين الحكام العرب عمليات حزب الله و حماس بل ان مسئولا عربيا حتى تجرأ على تسمية المظاهرات المنددة و الداعمة لحزب الله بالغوغاء . و ان على المسئولين التعامل بواقعية و براغماتية بدل الانسياق للعاطفة علما ان الواقعية هي ان تغير الواقع ليس ان تكون أسيرا له و البراغماتية تعني ان معيار الحقيقة هو النجاح أي ان الأفكار هي وسيلة الى عمل مفيد لان العبرة بالنتائج فماذا قدمتم للغوغاء كبديل .أو انه من الواقعية أن تتكالب على الضحية السكاكين و يزيدها تجريح بني القربى * و ليت أمثاله عملوا بالمثل القائل* لا خيل لك تعطيها ولا مال فليسلم القول ان لم يسلم الحال *و باسم الغوغاء*علما أن أصوات الغوغاء هو من تبنى عليه السياسات في الدول المتقدمة* اسأل أصدقاء أمريكا مجتمعين ماذا أعطتكم في مقابل إسرائيل بدل الخلط بين الجبن و الواقعية و بين العاطفة و السريالية.
لذا فإسرائيل تقيم في جزء من أرض مصر منطقة حيوية لأمنها القومي .و تقيم منطقة أخرى جنوب لبنان و أخرى بحكم جمود الجبهة السورية ولا نتحدث عن الأردن التي صارت مملكة تابعة لإسرائيل .فبدون ان نحس نحن العرب فقد أصبح أمننا القومي هو أمن إسرائيل وحدها.
في زمن الزعامات او الشعارات كما يحلو للمستغربين تسميته كان حشد الجيوش و التهديد بقطع النفط و اليوم إسرائيل تشيد بعلاقاتها مع دول عربية و تشكرها لتفهمها الوضع و هي تدك و تحرق شعبا عربيا .