زاحم جو السماء برايات الزهد والعدل !!...

عظمة باهرة , شخصية متميزة , سمو فكر نضر ...أضاء الضمير الإنساني بالحق , وزاحم جو السماء برايات الزهد والعدل ...
ضرب للبشرية أروع نماذج لنصرة الإسلام , والثبات على قول الحق والإيمان ...القرائح تعزف أناشيد عدله, وزهده مع رعيته ...حبه للإسلام, والحبيب المصطفى يفيض من وحي يومه , وتأملات أمسه ..
إنه فاروق الأمة !!..
الخليفة العادل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه -..
هل كان يجلس على زرابي مبثوثة !!؟؟..
هل كان في قصره سرر موضوعة , وفرش مرفوعة !!؟؟..
هل كان على موائده كؤوس مترعة ,وأكواب موضوعة !! ؟؟..
هل كان حوله جنود , وجدار عازل, وأسلاك شائكة تمنعه من مصاحبة رعيته!! ؟؟..
لم يكن بيت الخلافة مفروشا بالسجاد العجمي, ولا بالسجاد الفارسي ، إنما الأرض مفروشة من الحصيرة التي ولو أسند أحدهم ظهره عليها لبانت بعد وقت قصير آثار الحصيرة القاسية على ظهره الشريف ..
زهدوا في الدنيا, وتركوها لطلابها ليعلنوا للعالم أجمع أن الله اختارهم ليكونوا خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ... ..

الجيش يقاتل وهو يعدو مسرعا إلى بيوت المجاهدين !!..
يقول لزوج المجاهد :

اجعلي الباب بيني وبينك حجابا !!!!!!!!..
ثم يقول لها : أتريدين أن ترسلين رسالة إلى زوجك !!؟؟..
ماذا تريدين أن أشتري لك من السوق !!؟؟..


وذات يوم وهو في بيت الإمارة , وجلسائه الحضور من الرجال الأشداء علي بن أبي طالب, وعبد الرحمن بن وعوف وغيرهم .. إذ بامرأة تدخل على مجلس أمير المؤمنين, وخليفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم - وبجانبها زوجها وقالت :
يا أمير المؤمنين طلقني من زوجي هذا ؟؟ .
نظر إليها نظرة تأمل فعرف سبب طلب طلاقها من زوجها ..
فقال لعلي بن أبي طالب , وعبد الرحمن بن عوف – رضي الله عنهما –
خذوا الرجل فزينوه.. وطيبوه...وغسلوه ..
الرجل كان في حالة يرثى لها
ملابسه متسخة .. أظافره طويلة ..شعره مسدول على أكتافه ممتليء بالزواحف الضارة ... رائحته نتنة ..
لقد علم بفطنته وذكائه سبب طلبها للطلاق
.. اغتسل الرجل وقص شعره ... واستبدل ملابس نظيفة .. وطيبوه برائحة ذكية ... وجيء به إلى مجلس القضاء ,وجلس بجانب زوجه التي لم تعرفه للوهلة الأولى .. لقد تغيرت ملامح وجهه.. فمد يده إليها .. فقالت له : مه أفي حضرة أمير المؤمنين لأنها لم تعرفه في بادئ الأمر .. لما نظرت إليه بتمعن هدأت وسكنت نفسها .. فبادرها أمير المؤمنين
أما قولك الآن يا أمة الله ..
قالت المرأة الآن أقبله زوجا لي يا أمير المؤمنين ..

وهل لنا أن نعود من جديد ونقرأ سيرة هذا الزاهد المتعبد في عام المجاعة الذي أصاب المسلمون !!؟؟..
ترى ما صنع فاروق الأمة في عام المجاعة !!؟؟..
ينصب بنفسه موائد الطعام للمسلمين ....
لم يسمح لنفسه صاحب الحق, والعدل أن يمر على مشكلة من مشاكل المسلمين دون أن يجد لها حلاً!!..
ونحن يا مسلمون !!؟؟؟..
الخصم العنيد الكافر في يومنا هذا أصبح قاضياً,والذئب صار فيه راعياً,..وأصحاب النهب للثروات في بلاد المسلمين هم أهل الحق , وتقرير المصير !!..
يأتيه الطباخ بقطع من اللحوم ويقدمها له ليأكل منها ..ينظر في الطبق فيرى خلاصة اللحم , فيقول :
لمن هذا اللحم !!؟؟..
لك يا أمير المؤمنين !!..
أهذا الطعام لي !!؟؟
بئس الوالي إن أكلت لحومها ,وتركت عظامها لأمة محمد !!!!!!!!!..
ارفع هذا الطعام عنيّ !!..
بطنه خاوية وهي تصرخ من شدة الجوع !!..
ينادي بطنه :
صوتيّ أو لا تصوتي فلن تذوقي لحما حتى يشبع أطفال المسلمين !!..

لن يأكل الزاهد إلا قليل من الزيت , وحصاد الملح , وقطعة خبز !!!..
زهدت في الدنيا واستصغرتها , وطمعت بلذاذات والآخرة ومتعتها!!!..
فكنت ملكا عظيما , وقائدا مظفرا , وخليفة عادلا , وزاهدا متعبدا !!
لقد جمعت والله في قلبك ما لم يجمعه الرجال من العقل والحكمة , والعدل والزهد , وحسن الخلق !!!...


بقلم : ابنة الشهباء