تَمضي النُفوس كَبيرُها وَصَغيرُها
تَمضي النُفوس كَبيرُها وَصَغيرُهـا/
طُرّاً فَتِلكَ إِلـى الفَنـاءِ مَصيرُهـا

كُلٌّ بـذي الدُنيـا رَهينـةُ ساعـةٍ/
فَـإِذا أَتَـت لا يُرتَجـى تَأخيرُهـا

تَتَفـاوَتُ الأَعمـارُ لَكِـن يَستَـوي/
عِندَ المَمـاتِ طَويلُهـا وَقَصيرُهـا

هَيهاتَ ما الدُنيـا بِـدارٍ يُرتَجـى/
فيهـا البَقـاءُ وَلا يَتـمُّ سُرورُهـا

وَالمَوتُ غايةُ كُلّ نَفـسٍ فَاِستَـوَت/
عِندَ اللَبيـبِ قُصورُهـا وَقُبورُهـا

اِبنِ الحُصونَ العاصِمـات لِأَهلِهـا/
أَقـوى خَوَرْنَقَهـا وَدكَّ سَديـرُهـا

وَمَضَت لبانات المُلـوكِ وَعَفَّـرت/
تَحتَ التُرابِ رُؤؤسَها وَصُدورهـا

عـدمٌ تمثَّـلَ فـي الوُجـودِ كَأَنَّـهُ/
صُوَرٌ عَلى المـرآةِ لاحَ مُرورُهـا

فـي ذمـةِ اللَـهِ الكَريـمِ كَريمـةٌ/
قَد كانَ في ثَوبِ العَفافِ مَسيرُهـا

هِيَ كَالحَمامةِ في الوَداعـةِ وَالنَقـا/
طارَت فَحَلَّقَ في السَماءِ مَطيرُهـا

لَم تَدرِ ما دنس المَعاصي في الوَرى/
يَوماً وَوَعـدُكَ أَن يَفـوزَ نَظيرُهـا

سارَت بِـلا نَكـدٍ وَأَبقَـت بَعدَهـا/
حرقاً تَأَجَّجَ في القُلـوبِ سَعيرُهـا

تَرَكتْ لِوالدِهـا الكَريـمِ حَشاشـةٌ/
حَـرّى يَجَفِّـفُ مَدمَعيـهِ زَفيرُهـا

تِلكَ الصَغيـرةُ غَيـر أَنَّ مَصابَهـا/
جَلَلٌ إِذا اِعتَبَـرَ الأُمـورَ خَبيرُهـا

وَالحُزنُ يَتبَعُ حُبَّ مَـن فارَقَـتَ لا/
أَيـامَ مَفقـودٍ يـعـدُّ كـرورهـا

صَلى الإلهُ عَلى ضَريـحٍ ضَمَّنَـهْ/
قَد غابَ مِن تلكَ الأَشعَّـةِ نُورَهـا

أَرضٌ لَقَد دُفَـنَ الجَمـالُ بِطيّهـا/
وَلِذاكَ تنبـتُ بِالجَمـالِ زُهورَهـا

سارَت بِمحمَلِها الرِجالُ وَسارَ فـي/
أَيدي مَلائكـةِ السَمـاءِ سَريرُهـا

وَثَوَت بِأَكنـافِ التُـرابِ وَنَفسُهـا/
فَتَحَت لَها ضِمنِ السماءِ خُدورُهـا

لا زالَ يوردُهـا الالـهُ نَعيـمـهُ/
أَبَداً وَغادِيـةُ السَحـابِ تَزورُهـا
إبراهيم اليازجي

د. أبو شامة المغربي