يا رَبّ نشكو إليكَ ظلامة من حولنا...

وهكذا غدوت مع مرّ الليالي أتذوق بؤس قلب ذو جلل خطب , لن تصفو له طلعة الأمل , ولن يقف معه قرين الصدق …
وصل إلى أعظم ما في الخطر , بعد أن عرف من ذات النفس , ورؤى القلب أنه لن يحمد أمر ما به, وهو يجتذب إلى الردى, والشقاء والألم....
ما فيه طيل سنين هذا العمر هوان وسقم , قد استبكته صر وف الدهر , وجوانح الفكر ليسلب المنام من المقل ...
بحر متلاطم أمواجه يعتو على وسط روحه , فلا ساحل للنجاة منه , ولا موجة عاتية للقضاء عليه...
معركة حامية الوطيس منذ زمن تدور رحاها حول دائرة العمر..
الصلة وثيقة بين المعركة , والملابسات الخاصة التي تدور داخل ساحة النفس ..
من ناحية تجد مخالفات لأمور قضايا أخلاق البراءة والطهر , ومن ناحية أخرى تجد أنّه لابد من الاعتزاز بالإيمان والصدق...
ومطارق الفطرة تضطرب مع أصحاب المذاهب الأرضية , لتتطاول فروعها بعيداً عن هذا أو ذاك , فتجد الفكر في جولة مع زمن يملأه التناقض والصراع , ويمتد إلى طريق يحرقه ظمأ الهجر , ويلتهب من جوى القلب !!...
تحاول إنضاجه بكل وسائل الفطرة الهادئة المتزنة , التي لم تجدها سوى شجرة باسقة لن يكسرها , ولن يحطّمها آفة العدوان, و البغي والطغيان ...
ولم تلبث بين هذا وذاك , وهي تبحث عن الحق الصريح الواضح دون لبسٍ ولا غبش ..
ترى أفلتة عابرة تلك, أم مصادفة غير مقصودة تدور حول دائرة النفس !!؟؟؟؟..
لن يكون من المؤكد هذا أو تلك!! ؟؟..
أجل!!...
إنه والله منهج الله الأصيل القابع في هذا الكون!!..
الغاية إليه واضحة , قد يمتد على بطء وعلى هينة , ليكون القلب دائما مع ما يريده أن يكون رحمن الخلق ..
ليس للإنسان فيه موضع اختيار, إما الصدق والحق , وإما الزيغ و الباطل , والعودة للاحتكام إليه في كلّ الأحوال , وليس للإنسان فيه موضع اختيار..

يا الله !!!..
يا عالم الأسرار , وعلم اليقين!!...
مسكينة أنا !!!...
حائرة في أمري!!..
أعلم بحقّ أنّني لن أجد الرشد والهدي , ولا الراحة لقلب ذاق بؤس الأيام , وظلم الطغيان , وألم العدوان على الأخ الإنسان , إلا باللجوء إلى الرحيم الرحمن !!...
جهاز القلب ما خلقته باطلا يا رب...
جهاز دقيق عظيم لطيف , تعلم مساربه ومداخله..!!
أقسم يا الله...
بأنّ هذا القلب لا يريد إلاّ أن يحمل الوفاء , و الأمانة والصدق لأمّة الإسلام ...
عليم أنت يا لله بذات الروح الطريدة التائهة..
عليم أنت يا الله بما يجري في مكنونات سرها...
عليم أنت يا الله برغبات النفس التي تأمل أن تعطي أفضل ثمارها لأمة الحبيب وقائدها...
عليم أنت يا الله بأن هناك من يريد أن لا تتجمّع , وتتناسق أمر دعوتها وتخرج إلى برّ الاستقرار والأمان ...
عليم أنت يا الله بأنّ هناك من يريد أن يوخز بإبرته السامة حُسن العبارة ,وبهاء البيان !!!...
أدعوك أن تكون مؤنسا لوحشة حالنا , فأنت الوكيل والشهيد على ما نحن فيه من الضعف, والمهانة , والذلّ في هذه الأيام !!..
يارب نشكو إليك ظلامة من حولنا...
نشكو إليك من حاصروا , واغتصبوا الأرض, ونهبوا الثروات وقالوا اليوم يومنا
ولا نريد إرهاب !!؟؟..
نشكو إليك من قالوا حان الآن وقت المفاوضات , ولا نريد مظاهرات !!؟؟.
نشكو إليك من قتل المئات, وشرد الآلاف, واعتقلوا آلاف الآلاف !!؟؟؟..
نشكو إليك من مشى على طريق الخيانة , والغدر, والمؤامرات ,ورقصوا على أنغام سوبر ستار , ونسوا أن أبطال عراق الجريح , وفلسطين الحبيبة , ولبنان الصامدة قد حملوا أكفانهم على أكفهم ليرفعوا بها راية العزة , والمجد لأمة العرب والإسلام!!؟؟..

يا الله !!!... يا الله !!!... يا الله!!...
تفضلا منك لعبادك المكرمين استجب لدعاء صرخة الثكلى , وارحم نحيب الأطفال اليتامى !!...
انصرنا يا ربّ على من اغتصب بلادنا , وهتك الحرمات والأعراض !!..
يا الله !!!...
إنا مغلوبون فانتصر!!...
يا رب !!..
يا سميع يا عليم بذات الصدور , في قلوبنا مشاهد ظلم , وطغيان عدوّ تجبّر , وبغى في القتل والتشريد, وهتك حرمة الإنسان ..
مشهد يا رب تهتز له المشاعر , وتقض فيه المضاجع ....
مشاهد يستجيش فيها وجدان الغيارى , وتخشع لها ضمائر الحيارى ..
ليس هذا سوى تصوير حي يجيش بآلامه وأتراحه في قلوب أبناء الأمة ...

ندعوك أن تبعد ظلمة الضياع والهلاك , وظلمة الحيرة والآلام, وظلمة الذلة والمهانة عن أمة حبيب الله الرحيم الرحمن..
ندعوك يا رب أن تبعد ظلمة الشرود عن الإيمان , وظلمة الكفر والطغيان من بلاد العرب والإسلام..
إليك يا رب يا قدوس نترك الاحتكام, فأنت حسبنا وكافينا من هؤلاء الظلمة الخونة الجبناء !!...


بقلم : ابنة الشهباء