الأرنب والضفادع
*****
رأيت أرنباً ذليلاَ خائفاً*
أوى إلى بَيْتٍ هناك واختفى
ودام في شغلٍ من الأفكار*
في حندسِ الليلِ، وفي النهار
حتى عَفَا، من همّه وغمِّه*
ومن أبيه يشتكي، وأمِّه
ولي يقول: ليت لم تجدني*
وليت أُميِّ قطُّ لم تلدني!
وكيف لا، وعيشه منغَّصُ*
وكل يوم تعتريه الغُصَصُ
إن هبَّ ريحٌ بفروع الشجرِ*
يرجف منه خائفاً، ويجري
ينام، لكن عينه يقظانه*
وروحه من فزعٍ ملانه

فجاءه محدَّث ذو عقلِ*
وقال: ذا خوفٌ بغير أصلِ

ما هذه الحال؟ فقال: خوف*
والناسُ مثلي، واحدٌ وألفُ
وبينما يقول هذا القولا*
إذ هبَّ ريح، فانثنى
وولَّى ومرَ في هروبه بتُرْعَهْ*
وكان في الترعةِ ألف ضفدعة
فاستشعرت بسيره فهربتْ*
وانزعجت من وجهه واضطربتْ
ومذ رآها هربت من كَرتهْ*
وفزعت في الماء خوف حضرته
قال: عجيبٌ أنني أخيفُ!*
فذاك غيري قلبه ضعيفُ!
في كَّرتي طردت ألفَ نفسِ*
فانهزمت من قوتي وبأسي
من أين جاءت هذه الحماسة؟*
وفرَّ منِّي صاحبُ الفراسة!

إني إذاً لبطلٌ ذو عصبة*
كأَنَّ في يدي اليمينِ حربة
يا أيها الجبان، أبشرْ وافرحِ*
وإن هربت خائفاً لا تستحي
إنك إن كنت جباناً تُلْفي*
أجبنَ منك نحو ألفِ ألفِ!
محمد عثمان جلال

*****

د. أبو شامة المغربي