ما الأدب الإسلامي :
وقفة عند المصطلح :
الأدب الإسلامي هو التعبير الفني الهادف عن واقع الحياة والكون والإنسان على وجدان الأديب تعبيراً ينبع من التصور الإسلامي للخالق عزّ وجلّ ومخلوقاته.
والمراد بفنية التعبير جمالة وروعته, ولا غرو فإشراق العبارة وجمالها شرطان أساسيان لازمان لكل أدب, فكيف إذا كان إسلامياً نابعاً من كتاب الله متأسياً بحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) !!؟؟
ثم إننا اشترطنا في هذا الأدب أن يكون هادفاً لأن أفعال المسلم وأقواله مصونة عن اللغو والعبث, بعيدة عما ما طائل تحته. وعلى هذا فالأدب الإسلامي لا يكتفي بجمال التعبير وإبداع التصوير وإنما يشترط فيه أن يكون ممتعاً نافعاً في وقت معاً, ذلك لأن الأكواب الفارغة لا تروى العطاش .
ثم إن موضوع هذا الأدب رحب الآفاق, متعدد الجوانب فهو يشمل الإنسان بعواطفه وأشواقه, وآماله وآلامه, وحسناته وسيئاته, ودنياه وأخرته, كما يشمل الحياة بكل ما فيها من سعادة وشقاء, ومقومات وقيم, وهو يشتمل على الكون بره وبحره, وأرضه وسمائه, كما يشتمل على الطبيعة بطيرها السابح, وحيوانها السارح وربيعها الجميل, وشتائها العاصف, وما إلى ذلك.
وعلى هذا فإن الأدب الإسلامي ليس مقصوراً على الموضوعات الدينية, وإنما هو أعم من ذلك وأشمل.
وعلى الرغم أن المصطلح لم يكن وليد المؤتمر الأول للأدب الإسلامي العالمي عام 1981م ، والذي تم عقده في "لكهنؤ" بالهند، فإن الإعلان عن تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ، على يد المفكر الهندي الراحل :
أبو الحسن الندوي" ، وإصدار مجلة "الأدب الإسلامي" ، كان إيذانًا بانطلاق المصطلح وشيوعه.
وقد قدمت الرابطة إصدارات أدبية ودراسات نقدية تسعى جميعها إلى ترسيخ مفهوم ما تسميه "نظرية الأدب الإسلامي"؛ فجمعت الرابطة حولها من الأدباء المسلمين من كل أنحاء العالم ، وأصبح مفهوم الأدب الإسلامي يتسع زيادة على الأدب العربي لآداب الأمم الإسلامية الأخرى :
كالأدب الفارسي، وأدب الأوردو، والأدب التركي، وغيرها...
وقد رسخ مفهوم الأدب الإسلامي على يد الكثيرين من رواده، مثل: عميد الأدب الإسلامي المقارن الدكتور "حسين مجيب المصري"، الذي عرَّفه على أنه :
"الأدب الناطق في أبعاده وأعماقه بالإسلام، روحًا وعقيدة وحضارة".
أما الشيخ "الندوي" نفسه فيعبر عن هدف الأدب ووظيفته قائلاً:
"إنني أتصور الأدب كائنًا حيًّا، له قلب حنون، وله ضمير واع ٍ، وله نفس مرهفة الحسّ، وله عقيدة حازمة، وله هدف معين".
وإن الأدب من أكبر الوسائل للوصول إلى الأهداف النبيلة ، ورغم أن البعض يتهم الأدب الإسلامي بأنه جامد ومباشر فإن أحد عظماء هذا الأدب ، وهو الشاعر الكبير ، والمفكر العبقري "محمد إقبال" يؤكد :
"لا خير في نثر وشعر إذا تجرد من تأثير عصا موسى".
ولعل مقصوده واضح من تأكيده على أهمية الصنعة والحرفة التي تسحر المتلقي وتخاطب نفسه وتؤثر فيه.
ولكن نظرية الأدب الإسلامي كأي ظاهرة أدبية ينقسم الناس حيالها إلى مؤيد ومعارض.
ومن الوجهة التاريخية فالأدب الإسلامي هو عمر الإسلام ؛ فقد بدأ ببعثة النبي -صلى الله عليه وسلم- في جميع خطبه البليغة ، وفي شعر الشعراء ، مثل :
"حسان بن ثابت" وكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة ، وكعب بن زهير بن أبي سلمى ، وغيرهم ....
وامتد هذا الأدب على مدار التاريخ، وتعددت موضوعاته، ونهض حتى فيما نسميه بعصور الظلام ، وإن اختلف مستواه الفني علوًّا وانخفاضًا تبعًا لحالة الأدب والحركة النقدية في العصر.
وفي العصر الحديث كان للأدب الإسلامي وجوده الواضح في أشعار "البارودي" في مديح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وفي ديوان "مجد الإسلام" ، المعروف :
بالإلياذة الإسلامية لأحمد محرم
وملحمة محمد ، للشاعر الكبير عمر أبو ريشة ، وملحمة عمر وخالد للشاعر حافظ إبراهيم وغيرهم.
والرابطة لم تنشئ هذا النوع من الأدب ، ولكن نستطيع أن نقول :
إنها بعثت القديم، وأظهرت ما غفل عنه الآخرون، هذا مع تكاتف جهود الأعضاء على بعث الأدب الإسلامي وتحديد مفاهيمه، ويظهر ذلك بوضوح في المجلة التي تصدرها الرابطة بعنوان "الأدب الإسلامي".