اخترت لكم أبياتاً من قصيدة ( قلبي يحدّثني )لإمام العاشقين
ابن الفارض
قلبي يُحدّثُني بأنّكَ مُتْلِفي *** روحي فِداكَ , عرَفْتَ أمْ لمْ تعْرِفِ
لم أقضِ حقّ هواكَ إن كُنتُ الذي *** لم أقضِ فيه أسىً , ومِثلي مَن يَفي
مالي سوَى روحي , وباذِلُ نَفسهِ ,*** في حُبّ من يَهواهُ ليسَ بمُسرفِ
فَلئِنْ رَضِيتَ بها , فقد أسعَفْتَني ,*** يا خيبةَ المسعْى , إذا لم تُسْعِفِ!
يا مانِعي طيبَ المنامِ , وما نِحي *** ثوبَ السّقامِ بهِ ووَجْدي المُتْلفِ
عطفاً على رمَقي , وما أبْقَيْتَ لي *** منْ جِسميَ المُضْنى , وقلبي المُدْنَفِ
فالوجدُ باقٍ , والوصالُ مُماطلي ,*** والصّبرُ فانٍ , واللّقاءُ مُسَوّفي
لم أخلُ من حسَدٍ عليكَ , فلا تُضِعْ *** سَهري بتَشنيعِ الخيَالِ المُرْجِفِ
واسألْ نجومَ اللّيلِ : هل زارَ الكرَى *** جَفني , وكيف يزورُ مَن لمْ يعْرِفِ ؟
لا غَرْوَ إنْ شحّتْ بِغُمْضِ جفُونها *** عيني , وسحّتْ بالدّموعِ الذُّرَف ِ
وبما جرَى في مَوْقفِ التّوْديعِ من *** ألمِ النّوَى , شاهدتُ هَوْلَ المَوْقفِ
فالمَطْلُ مِنْكَ لدَيّ , إنْ عزّ الوّفا , *** يحْلو كَوَصْلٍ من حَبيبٍ مُسْعفِ
أهْفُو لأنفاسِ النّسيم ِ. تَعِلّةً , *** ولوَجْهِ مَن نَقَلتْ شَذاهُ تشوُّفي
فَلعلّ نارَ جَوانحي بهُبوبِها *** أنْ تنطَفي , وأوَدّ أن لا تَنطَفي
يا أهْلَ وُدّي ! أنتمُ أمَلي , ومَنْ *** ناداكُمُ يا أهْلَ وُدّي قد كُفي
عُودوا لما كُنْتم عليهِ من الوَفا, *** كرَماً , فإنّي ذلكَ الخِلُّ الوَفي
وحياتِكُم وحياتِكُم , قسَماً , وفي *** عُمري , بغيرِ حياتِكُمْ , لمْ أحْلفِ
لو أنّ رُوحي في يدي ووَهَبْتُها *** لمُبَشّري بِقُدومِكُمْ , لم أنصِفِ
لا تحسَبوني , في الهوى , مُتَصَنّعاً , *** كَلَفي بِكُمْ خُلُقٌ بغَيرِ تكلُّفِ
أخفَيتُ حُبّكُم ُ, فأخفاني أسىً , *** حتى , لعَمري , كِدتُ عني أختَفي
وكَتمْتُهُ عنّي , فلو أبدَيْتُهُ *** لوَجْدتُهُ أخفى من اللُّطْفِ الخَفي
ولا أقولُ لِمَنْ تحرّشَ بالهَوَى :*** عرّضْتَ نَفسكَ للبَلا , فاستَهدِف ِ
أنتَ القتيلُ بأيّ مَنْ أحْبَبْتَهُ , *** فاخترْ لنَفْسِكَ , في الهوى , مَن تصطفي
قُلْ للعَذولِ : أطَلْتَ لَوْمي , طامِعاً *** أن المَلامَ عن الهوَى مُستَوقِفي
{ابن الفارض شاعر الوقت شرف الدين عمر بن علي بن مرشد الحموي ثم المصري صاحب الاتحاد الذي قد ملأ به التائية توفي سنة اثنتين وثلاثين وله ست وخمسون سنة }
[سير أعلام النبلاء ج22ص862]
وقيل بأنه عرف بابن الفارض , لأن أباه كان يكتب فروض النساء على الرجال .
وكان ينحو في شعره منحى الصوفية ...