زيارة الحبيب المصطفى
عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام
*************

ومن بعد مـا طفنـا طواف وداعنــا//

رحلنـا لمغنى المصطفى ومصـلاه
ووالله لو أن الأســنة أشـرعــت//

وقـامت حروب دونه ما تركنــاه
ولو أننـا نسعـى على الروس دونـه//

ومن دونه جفـن العيون فرشنـاه
وتمـلك منـا بالوصـول رقـابنــا//

ويسـلب منـا كل شيء ملكنــاه
لكــان يسـيرا في مـحبة أحمــد//

وبالروح لو يشرى الوصال شريناه
ورب الورى لولا محمــد لـم نكـن//

لطيبة نسـعى والركـاب شددنـاه
ولولاه مــا اشتقنـا العقيق ولا قبـا//

ولولاه لـم نهـو المدينــة لولاه
هو القصـد إن غنت بنجـد حـداتنـا//

وإلا فمــا نجـد وسـلع أردنـاه
ومــا مكة والخيف قل لي ولا منـى//

ومــا عرفـات قبل شرع أرانـاه
بـه شـرفت تلك الأمـاكـن كلهــا//

وربك قـد خـص الحبيب وأعطـاه
لمسجـده سـرنا وشـدت رحـالنـا//

وبين يديه شـوقنـا قـد كشفنـاه
قـطـعنـا إليـه كـل بر ومـهمـه//

ولا شــاغل إلا وعنـا قطعنــاه
كـذا عزمـات السـائرين لطـيبــة//

رعى الله عزمــا للحبيب عزمنـاه
وكم جبـل جـزنا ورمـل وحـاجـر//

ولله كم واد وشـعب عـبرنـــاه
ترنحـنـا الأشـواق نحـو محمــد//

فنسري ولا ندري بما قد سـرينـاه
ولمـا بدا جــزع العـقيق رأيتنــا//

نشاوى سكارى فـارحين برؤيــاه
شـممنـا نسـيما جاء عن نحو طيبة//

فأهلا وسهلا يا نسيمـا شـممنـاه
فقـد ملئت مـنــا القلـوب مسـرة//

وأي سرور مثل مـا قد سررنــاه
فـواعجبـاه كـيف قـرت عيـوننـا//

وقـد أيقنت أن الحـبيب أتينـــاه
ولقيـاه مـنــا بعـد بعـد تقـاربت//

فوالله لا لقيــا تعــادل لقيـــاه
وصـلنــا إليـه واتصـلنـا بقربـه//

فلله مــا أحلى وصـولا وصلنـاه
وقفنــا وسـلمنــا عليـه وإنــه//

ليسمعنـا مـن غير شك فدينـــاه
ورد علينــا بالســـلام سـلامنـا//

وقـد زادنـا فوق الذي قـد بدأنـاه
كـذا كـان خلـق المصطفى وصفاته//

بذلك في الكتب الصحـاح عرفنــاه
وثـم دعـونــا للأحبــة كلهــم//

فكم من حبيب بالدعـا قد خصصنـاه
وملنـا لتســليم الإمـامين عنــده//

فإنهمـا حقــا هنــاك ضجيعـاه
وكم قد مشينـا في مكـان به مشـى//

وكم مـدخـل للهـاشمي دخلنــاه
وآثــاره فيهــا العيـون تمتعـت//

وقمنـا وصـلينـا بحيث مصــلاه
وكم قـد نشرنـا شوقنـا لحبيبنــا//

وكـم مـن غليل في القلوب شفينـاه
ومسجــده فيـه سجدنـا لربنــا//

فلله ما أعـلى سـجودا سـجدنــاه
بروضتـه قمنـا فهــاتيك جنــة//

يـا فوز مـن فيهـا يصلي وبشـراه
ومـنبره الميمــون منـه بقيــة//

وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنــاه
كـذلك مـثل الجـذع حـنت قلوبنـا//

إليـه كمــا ود الحـبيب وددنــاه
وزرنـا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى//

عسى قدما يخطو مقامــا تخطــاه
لنبعـث يوم البعـث تحـت لوائــه//

إذ الله مـن تلك الأمـاكـن نــاداه
وزرنـا مـزارات البقيـع فـليتنــا//

هنـاك دفنـا والممــات رزقنــاه
وحمـزة زرناه ومـن كـان حولـه//

شهيـدا وأحـدا بالعيـون شهدنـاه
ولمـا بلغنـا مـن زيــارة أحمـد//

منانا حمدنــا ربنــا وشكرنــاه
ومن بعد هذا صـاح بالبين صـائـح//

وقـال ارحلوا يا ليتنـا ما أطعنــاه
سـمعنـا له صـوتـا بتشتيت شملنا//

فيـا مـا أمر الصوت حين سمعنـاه
وقمنـا نؤم المصطفــى لوداعــه//

ولا دمـع إلا للـوداع صـببنـــاه
ولا صـبر كيف الصـبر عند فراقـه//

وهيهـات إن الصـبر عنه صرفنـاه
أيصـبر ذو عقــل لفرقـة أحمــد//

فلا والذي من قـاب قوسين أدنــاه
فـوا حسـرتـاه مـن وداع محمـد//

وأواه مــن يــوم التفــرق أواه
سـأبكي عليـه قـدر جهدي بناظـر//

من الشوق ما ترقى من الدمع غربـاه
فيـا وقت توديعـي له مـا أمـره//

ووقت اللقـا والله مــا كـان أحـلاه
عسـى الله يدنيني لأحمـد ثانيــا//

فيـا حبذا قـرب الحـبيب ومدنــاه
فيـا رب فـارزقني لمغنـاه عـودة//

تضـاعف لنـا فيه الثواب وترضــاه
رحلنـا وخلفنـا لديـه قلوبنـــا//

فكم جســد مـن غير قلب قلبنــاه
ولمـا تركنـا ربعـه من ورائنــا//

فـلا نـاظــر إلا إليـه رددنـــاه
لنغنـم منـه نظـرة بعد نظـــرة//

فلمــا أغبنــاه الشـرور أغبنــاه
فلا عيش يهنى مع فراق محمـــد//

أأفقـد محـبوبي وعيشـي أهنـــاه
دعوني أمت شوقا إليه وحرقـــة//

وخطـوا عـلى قـبري بأني أهــواه
فيا صـاحبي هذي التي بي قد جرت//

وهذا الذي في حجنــا قـد عملنــاه
(الأمير الصنعاني)



د. أبو شامة المغربي

kalimates@maktoob.com