* * بيتُ الجبارين
بينَ الشهد ِ واللَّهب
شِعر:- خالد القيسي

١
أرمدْتُ عَيني وَطَيفُ الوَجدِ يُدْمِيها
في خَيمَةِ الظُــلمِ قَدْ طَالتْ مَآسِيها
٢
أسدَلْتُ جَفني عَلى عَتمٍ يُجَرْجِرُني
حيـثُ الـبـلادُ لَـعَـلَّ الـقلــبَ يُدنيها
٣
نَـذَرْتُ روحي لأمـرِ اللهِ خـالـــِصةً
يا بـيـتَ جِــبرينَ بِـحقِّ اللّه لاقيها
٤
ما لاحَ ومضٌ بِغربِ النهرِ مِــن أمدٍ
حَتى نَهضتُ أُحَيِّ القُدسَ مَنْ فِيها
٥
رُوحي مَلاكٌ وَفِي عَجورَ مَوئـِلُـها
حيثُ الأُسُودُ لِساحِ المَجدِ تَحْمِيها
٦
هَذي البلادُ مِنَ التَارِيخِ مَا نُسيَّتْ
زَيتُونُها ورِجالُ الحقِّ تُحييها
٧
الصَّبرُ مُرٌ عَلى الهُلَّاكِ مَنْطِقهُ
لـٰكِـنَّهُ الشَهدُ يا سَرْحَانُ حَادِيْها
٨
مِن أمِّ مالك َ بالإِسلامِ نُرسِلُها
أَجنادُ خَـيرٍ إلى الأَجْـنَادِ تَـهْدِيها
٩
للهِ دركِ كَلُّ الطُـهْرِ يَعـشَقُها
أرضُ الرِّباطِ ومِـنّا الرُّوحُ تَـفديها
١٠
بَطنُ الشَّواهِدِ هَلْ أَسلافَنا طُوِيَتْ؟!
تُطْوى الجُسُومُ وما يُطوَى الجَوَّى فِيها
١١
هذي السَّمْوعُ وكم أَهفَت أباطرةً
غني الرَصاصُ كما غَنّتْ سَواقِيها
١٢
جَيشُ الكِيانِ مِـن الأَحقادِ يُمطِرُها
أصنافُ مَـوتٍ كَـأَنَّ الـنَّـارَ تُــرْدِيـهَـا
١٣
اللهُ أكبــرُ صَــوْتُ الأُسْدِ جَلْـجْـلهُ
فرسانُ عُــربٍ والقـرآن يُـنْبـِـيــْها
١٤
المَـوتُ حَــقّ والجَــنّاتُ يَــطلُبُها
بِيْضُ القُلوبِ وقد فاضَ الهوى فِيها
١٥
ما النارُ تَحْرِقُ إذ ما اللَّهُ يَأمُرُهَا
خُلْدُ الجِنانِ تُنادِي اليَومَ رَاعِيها
١٦
يا بَيرَقَ المَجدِ لُيوثُ الشَرقِ تُعلِنُها
عَيشُ الكِرامِ وَإِما اللّحْدُ يُؤيها
١٧
فِي الظَاهِريةِ من بِيبَرْسَ مَكرُمَة ٌ
سِفْرُ الكَرامَةِ نَقْشٌ في فَيافِيها
١٨
نُبلُ المُروءَةِ في إذنا تُدَرِّسُهُ
بَيتُ الرِّجالِ قد جَادَتْ بِمَا فِيها
١٩
كما الخَلِيلُ قُدورُ الشَهْدِ تُطْعِمُها
صِحافُ فَخْرٍ أَبَى التَاريخُ يَطْويِها
٢٠
مِنا جِنينُ عَلَى الأَشهادِ تَرْفَعُها
هنا الكتائبُ مَنْ يَجْرُؤ يُلاقِيها
٢١
فِي كُلِّ سَطْرٍ للأبطالِ مَلحَمَةٌ
لن يَكتبَ التَاريخُ إِلا حَوارِيها
٢٢
أمُّ الشَّهيدِ بِدَمعِ العَيّنِ تَمْزِجُها
زَغرُودَةُ النَصرِ عَلى الأَشْباهِ تُعليها
٢٣
يا سِجنَ شَطْةَ مَا أوهَنتَ جَذوَتَنا
عَزمُ الرِّجَالِ بِذاتِ القِفلِ يُذكيها
٢٤
لِلـكَـونِ رَبٌ والأقــدارُ يَــبسُطُها
مَهْدُ الرِسَالَةِ وَرْدُ الـقَـلـبِ يَروِيها
٢٥
في السَّاحِ جُندٌ لعَينِ القُدسِ حاميةٌ
رايةُ الأَوطانِ فَوقَ الشَمْسِ تُعْلِيها
٢٦
من بَــيـتِ لَــحمٍ كَــليمُ اللّهِ نَوَّرَها
طِفْلُ المغارة ِمن الأَعْوادِ يَفْدِيها
٢٧
سَلْ بِنتَ عُمرانَ هَلْ تَدْرِي عَشيرَتُها
مِنْ أَيِّ فَـجٍ كَــانَ الرِّزْقُ يَأتِــيـها
٢٨
هٰـذي البَتُـولُ بِحَبْلِ اللّهِ قَدْ وُثِقَتْ
بــأَيِّ ذَنْــبٍ بِــوَادِي الغِــيلِ نَرْمِيها
٢٩
ذاتُ الصـَوارِي فِي عَـكا نُعاوِدُها
لو جاءَ صلفٌ بِذَاتِ الرُمحِ نُردِيها
٣٠
رَأْسُ الكِيَّانِ وإن أعْلَى فَوَارِغَـه
تَحْتَ النِّعَالِ وَلَو عَافَتْ حَوافِيها
٣١
في جَبَلِ النّارِ آسادٌ كَتيبَتُها
تَهوى النِزَالَ عَلَى الهُلّاكِ تُقْعيها
٣٢
سَلِ الأَوابدَ عَنْ عَكَا وقَلْعَتِها
قُل للأحباب عَنْ يافا وماضِيها
٣٣
لا تَعجبَنَّ مِنْ أبطالِ غَزَتِنَا
هذي الليوثُ لِبانُ العِزِّ يَروِيها
٣٤
لَيّتَ البَيادِرَ والأهرامَ مِنْ ذَهَبٌ
لَيّتَ الخَوابي ما تُجْري الهَوى فِيها
٣٥
في كلّ موقعةٍ يَسَّابقُوا شُهُباً
في كلّ كربٍ مَعْقودُ الرّجا فيها
٣٦
هلا رَأَيتَ شَهيداً كانَ سابِقَها
إلا الأفاضِلَ عَلى الأَكتافِ نُسْجيها
٣٧
وَجْدي عَلى الجُهالِ وقَدْ ضَاعَ مَبدأُها
شاقُّوا البِلادَ ومَا تَدري تَوالِيها
٣٨
يازارِعاً حِقداً بِبطنِ الرّيحِ تَحْصُدُهُ
إعصارُ مَحْقٍ والظُّلّامُ يُخْفِيها
٣٩
سَبعونَ مَوتٍ شَهِدناها بِعَلقَمِها
لا الغِلُّ يُشفي وما أَنْسَتْ مَنافِيها
٤٠
رافَقَنا القُبرُ وَمَلِّ المَوت ُ سِيرَتَنا
صِرنْا النجـومُ سَماءَ الشرقِ نَحويها


.....
١-بـيـتَ جِــبرينَ ،عَجورَ،السموع،أمِّ مالك الظاهرية: بلدات فلسطينية

٢- سَرْحَانُ : الشهيد سرحان ابو كريفة من اوائل الشهداء ضد العصابات الصهيونية في منطقة جبل الخليل.

٣- الشواهدِ : خربة الشواهد وفيها مقبرة مخيم سوف.

٤-بيبرس: القائد المسلم الظاهر بيبرس من أمراء المماليك.
٤- سِجْنُ شَطْةَ :القفل أو سجن جَلبوع.