قُصَارَى ما يُقالُ هو أنَّ الحَياةَ في هذا الشَّرقِ على اختِلافِ نِحَلِهِ ومَذاهِبِهِ وأديانِهِ وأحزابِه، قد صار كأهلِ سَفينَةٍ جُنَّ أكثَرُ مَن فيها، وكُلُّهُم يُريدُ أن يَقودَ السَّفينةَ كما خَيَّلَتْ له طَوائِفُ وَساوِسِهِ وأوهامِه، مُستَبِدًّا بما يَرَى من الرَّأي. ولكِنِّي مع ذلك لن أيأسَ ساعةً من أهلِ الخَيرِ، لن أيأسَ من رَجُلٍ أو رِجالٍ تُوقِظُهُم هذه البَلوَى المُحِيطَةُ بالجَماعةِ، فيَدفَعُها حُبُّ الحَياةِ وحُبُّ الخَيرِ إلى نَفْضِ غُبارِ القُرونِ عن أنفُسِهِم، ثُمَّ تَنشَطُ من عِقالِها إلى قِيادَةِ هذه النَّاسِ بقُوَّةٍ تَنفُثُ في هؤلاء جَميعًا رُوحًا مُسَدَّدَةً هادِيَةً تُبْرِئُهُم مما أصابَهُم، وَتستَنقِذُ منهم مَن يَصلُحُ للبَقاءِ والعَمَلِ في جِيلٍ جَديدٍ، له هَدَفٌ مُعَيَّنٌ، وله طَريقٌ لا يُفارِقُهُ، وله هِمَّةٌ جَيَّاشَةٌ تَجعَلُهُ يَطوِي المسافاتِ المُتَرامِيَةِ طَيًّا حتَّى يَصِلَ إلى غايَتِهِ لم يَلحَقهُ كَلَلٌ ولا سَآمَةٌ ولا إعياء.

[لِمَن أكتُبُ؟ || جمهرة المقالات]