صاحب الجمل الأحمر في معركة بدر الكبرى

قال ابن إسحاق : وقد ارتحلت قريش حين أصبحت ، فأقبلت ، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها ، تحادك وتكذب رسولك ، اللهم فنصرك الذي وعدتني ، اللهم أحنهم( أهلكهم) الغداة .

وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - ( وقد ) رأى عتبة بن ربيعة في القوم على جمل له أحمر - إن يكن في أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر ، إن يطيعوه يرشدوا.

فلما وصف أحدهم شدة بأس المسلمين ونصح الناس بالعدول عن الحرب ، سمع بذلك حكيم بن حزام ، فأتى عتبة بن ربيعة ، فقال : يا أبا الوليد ، إنك كبير قريش وسيدها ، والمطاع فيها ، هل لك إلى أن لا تزال تذكر فيها بخير إلى آخر الدهر ؟
قال : وما ذاك يا حكيم ؟ قال : ترجع بالناس ، وتحمل أمر حليفك عمرو بن الحضرمي ، قال : قد فعلت ، أنت علي بذلك ، إنما هو حليفي ، فعلي عقله وما أصيب من ماله ، فأت ابن الحنظلية.
قال ابن هشام : والحنظلية أم أبي جهل ، - فإني لا أخشى أن يشجر أمر الناس غيره ، يعني أبا جهل بن هشام .

ثم قام عتبة بن ربيعة خطيبا ، فقال : يا معشر قريش ، إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً ، والله لئن أصبتموه لا يزال الرجل ينظر في وجه رجل يكره النظر إليه ، قتل ابن عمه أو ابن خاله ، أو رجلاً من عشيرته ، فارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب ، فإن أصابوه فذاك الذي أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون .

قال حكيم : فانطلقت حتى جئت أبا جهل ، فوجدته قد نثل درعاً له من جرابها ، فهو يهنئها . - ( قال ابن هشام ) : يهيئها - فقلت له : يا أبا الحكم إن عتبة أرسلني إليك بكذا وكذا ؛ فقال : كلا والله لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد ، وما بعتبة ما قال : ولكنه قد رأى أن محمداً وأصحابه أكلة جزور( الأبل) ، وفيهم ابنه ، فقد تخوفكم عليه .

ثم بعث إلى عامر بن الحضرمي ، فقال : هذا حليفك يريد أن يرجع بالناس ، وقد رأيت ثأرك بعينك ، فقم فانشد خفرتك ، ومقتل أخيك .

فقام عامر بن الحضرمي فاكتشف ثم صرخ : واعمراه ، واعمراه ، فحميت الحرب ، وحقب الناس ( فسد أمرهم ) ، واستوسقوا ( اجتمعوا )على ما هم عليه من الشر ، وأفسد على الناس الرأي الذي دعاهم إليه عتبة.