ابتسم قال: السماء كئيبة! وتجهما*
قلت: ابتسم، يكفي التجهم في السما!
قال: الصبا ولى! فقلت له: ابتسم*
لن يُرجع الأسفُ الصبا المتصرما!
قال: التي كانت سمائي في الهوى*
صارت لنفسي في الغرام جهنما
خانت عهودي بعدما ملكتُها*
قلبي، فكيف أُطيقُ أن أتبسما!؟
قلتُ: ابتسم واطرب فلو قارنتها*
قضيت عمرك كله متألما!
قال: التجارة في صراع هائل*
مثل المسافر كاد يقتلهُ الظمَا
أو غادةٍ مسلولةٍ محتاجةٍ*
لدم، وتنفث كلما لهثت دما!
قلت: ابتسم ما أنت جالب دائها*
وشفائها، فإذا ابتسمت فربما...
أيكونُ غيركَ مجرماً، و تبتُ في*
وجَلٍ كأنك أنتَ صرتَ المُجرما؟
قال: العِدى حولي عَلَت صيحاتُهُم*
أَأُسَرُّ والأعداءُ حولي في الحِمى؟
قلتُ: ابتسم، لم يطلبوك بذمهم*
لو لم تَكُن منهم أجلَّ وأعظما!
قال: المواسمُ قد بَدَت أعلامُها*
وتعرَّضت لي في الملابس والدُّمي
وعليَّ للأحباب فرضُ لازمُ*
لكنّ كفِّي ليس تملكٌ درهما
قلتٌ: ابتسم، يكفيكَ أنك لم تزل*
حيًّ، ولست من الأحبَّةِ مُعدما!
قال: الليالي جرَّعتني علقماً*
قلتٌ: ابتسم ولئن جرعتَ العلقما
فلعلَّ غيرَكَ إن رآكَ مرنِّماً*
طَرَحَ الكآبةَ جانباً وترنَّما
أَتُراكَ تغنمُ بالتبُّرم درهماً*
أم أنتَ تخسرٌ بالبشاشةِ مغنما؟
يا صاح، لا خَطَرُ على شَفتيك أن*
تتثلَّما، والوجهِ أن يتحطَّما
فاضحك، فإن الشّهبَ تضحكُ والدُّجَى*
متلاطَمُ، ولذا نحبُّ الأنجُما!
قال: البشاشةُ ليس تُسعِدُ كائناً*
يأتي إلى الدنيا ويذهبُ مُرغَما
قلت: ابتسم ما دامَ بينكَ والردى*
شبرُ، فإنَّكَ بعدُ لن تتبسَّما
(إيليا أبو ماضي)