توفي أبو بكر رضي الله عنه، وقام عمر بعده، فأتى أبو هريرة بمال من البحرين، وكان مبلغه ثمانمائة ألف درهم، وفي أخرى خمسمائة ألف درهم فخطب الناس فقال: " إنه قد جاءكم مال، فإن شئتم كلته لكم كيلاً، وإن شئتم عددنا لكم عدداً " ، فقال له الفيرزان - وروي أن غيره قال له - إن العجم تدون ديواناً لهم يكتبون فيه الأسماء وما لواحد واحد. فأمر باتخاذ الديوان.
وقد روي أن عمر بعث بعثاً فقال له الفيرزان: إن تخلف من هذا البعث أحد كيف تصنع به وكيف يعلم عاملك بخبره؟ قال: فما ترى؟ فأشار بالديوان فعمله، وجعل المال في بيت مال، وجعل الأرزاق مشاهرة، وكل ذلك برأي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واجتماع منهم فكان هذا أوله. ثم كثر المال عليه، فقالوا: بمن تبدأ؟ قال: أشيروا علي. فقالوا: أبدأ في الكتاب والقبض بنفسك. فقال: بل بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب عائشة في اثني عشر ألفاً في كل سنة، وكتب سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف، لكل واحدة وكتب بعد أزواج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في خمسة آلاف، ومن شهد بدراً من بن هاشم، ومن مواليهم، ثم كتب عثمان بن عفان في خمسة آلاف، ومن شهد بدراً من بني أمية ومواليهم على سواء.
ثم قال: قد بدأت بآل الرسول صلى الله عليه وسلم وبأقاربه فيمن ترون أن نبدأ بعدهم؟ فقالوا: بنفسك. قال: بل بآل أبي بكر فكتب طلحة في خمسة آلاف وبلالاً في مثلها. ثم قال للناس: بمن أبدأ؟ قالوا بنفسك. قال: صدقتم فكتب لنفسه، ولمن شهد بدراً، من بطون قريش، خمسة آلاف خمسة آلاف. ثم كتب لمن شهد بدراً من الأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف. فقالوا: قصرت بنا عن إخواننا المهاجرين. فقال عمر: لا أجعل الذين قال الله: " للفقراء والمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون " كمن كانت الهجرة في داره، فرضوا. ثم كتب لمن شهد أحداً بثلاثة آلاف لكل واحد منهم. ثم فرض لمن شهد فتح مكة في ألفين ألفين