فن النقد - قصة قصيرة

بينما كنتُ أستمعُ للنقد اللاذع الذي يتبادلهُ الناسُ فيما بينهم ، كنتُ أراقبُ الشفاه والألسنَ والعيون، كانت العيونُ تدورُ كالساعةِ عكسَ عقاربها ، والألسن تتبارز كالسيوف ، والشفاهُ تتدلى كسجادة.
تعلّمتُ فنَّ النقد وصرتُ أتجولُ من مجموعةٍ إلى مجموعة أمارسُ النقدَ اللاذع لكلّ تفاصيلِ الحياة.
انتقدتُ ارتفاعَ الأسعارِ و انخفاضها ، وارتفاعَ درجات الحرارةِ في الصيّف وانخفاضها في الشتاء ، وارتفاعَ الفساتين والسافرات وانتقدتُ الحجابَ والمحجبات ،وانتقدتُ التضخمَ الاقتصادي ولونَ العملةِ الجديدة ولونها القديم ، والغلاءَ والوباءَ وتسلط الأعداء.
وانتقدتُ المنتقدين وخطةَ الإنقاذ حتّى غَابتِ الشمس.
عدتُ إلى غرفتي ، ولففتُ لساني كما ألفُّ السجادة.
علقتُ عينايَ على المروحةِ السقفيةِ، ورميتُ لساني على الشرفةِ فتدلى لأسفلِ البناية ، أمّا شفتاي فوضعتهما في صحنٍ معدني في الثلاجةِ بجانب ساعتي وفأسي.
طارق حقي