النظرية الإسلامية في نشوء اللغات وتطورها

سلمى

المؤلف: فخر الدين قباوة
كتاب جميل جمع فيه مؤلفه السوري الأستاذ فخر الدين قباوة مجموعة من تخمينات العلماء حول نشأة اللغة وكيفية تطورها ورأيه فيها… ثم ذكر لنا متوسعا شيئا ما أقوال علماء المسلمين مع اختياره لما رجح عنده ودليله عليه… ثم عرج بعدها للحديث عن تاريخ اللغة العربية…
يقول عن اللغة الأولى كيف نشأت:
(لقد خلق الله في آدم وحواء ملكة التوليد اللغة، كما ذكر إخوان الصفا، وزودهما بالكفايات الواعية والقدرات المنتجة لها، ثم أطلقهما يمارسانها في جنة الأرض بسليقية وبيان، فكان لديهما رموز صوتية محدودة، تركب منها ما ****** آدم به الملائكة، كل الملائكة، فأمروا بالإقرار له والسجود. وهو مما نصت عليه الآية المشهورة في هذا المقام. فتعليم الله هنا لآدم هو، كما أجمع جمهور المفسرين وإخوان الصفا وكثير من العلماء، خلق الكفاية اللغوية بالقوة في الإنسان الأول، وتمكينه بالفعل من إنجاز صور التعبير اللازمة له وممارستها بقدرة وانطلاق، أي: خلق أصول المواضعة. وإنما نسب تعليمها إلى الله _سبحانه_ كما قال الإمام الغزالي، لأنه هو مصدر الخلق والتكوين في كل شيء. هكذا ولدت اللغة الأولى، مع خلق آدم وحواء منذ نشأتهما، وكان له حضور في الجنة واستعمال آني يستوعب الحاجات المتجددة، ويبني الصيغ اللازمة للتعبير عما يجيش في النفس ومتابعة التفكير والتقدير والتخيل والانفعال، أو ما يراد من الحديث ونقل الآراء والمعلومات والتجارب والحوار بين اثنين أو أكثر.
والأسماء في الآية الكريمة تعني الكلمات، صياغة ودلالة واستعمالا في التراكيب، لا المصطلح النحوي المعروف، لأن لفظي الفعل والحرف هما اسمان أيضا، ومن خلال تلك الممارسات تتحقق أساليب وأشكال من التعبير…) ص62-63

الكتاب ممتع ولكنه مختصر… وأني حين شاهدته على الرف صدمني صدمة كبرى، إذ كنت أعول على سفر ضخم يشبع نهمتي _افتراضا_ حين أُعلن عن صورة غلافه في الانترنت… ليتبين أنه كراسة صغيرة…
الكتيب قرأته العام الماضي وكنت وددت لو أخبر أنه صار من المفضلات عندي، إلا أنه أحزنني باختزاله وصغره، وفيه من رؤوس المسائل والنقاشات ما يجعلك تتمنى المزيد… يا ليته كان دراسة مسهبة… لكنه لم يكن… بل كان كأنه محاضرة، وفيه شيء من أساليب الخطابة ممزوجة برشة من غضب لم ترق لي كثيرا…

وإني والله لهذا السؤال محبة؛ كيف كانت اللغة الأولى؟ وإنه لا شفاء منه ولا فكاك… ولا أملّه ولا أمل منه! فهو يعود لغيب اللحظة الأولى؛ لآدم… لجوهر البشري بما تفوضل به عن بقية المخلوقات… لما يشكل مبنانا الداخلي؛ فكرنا ونجوانا ومعانينا… ووعينا بالوجود… بل وعينا بوعينا… وما الإنسان من دون اللغة؟
وإن فيه العطش أكثر من الروى، والحيرة أكثر من البصيرة… وما الصمت اجلالا وتعظيما لرب النطق والناطق إلا أدق جواب… حتى يأذن الله بانكشاف غطاء الحياة الدنيا فيصير البصر حديد، فنرى ما وري عنا… فلن نعرف كيف كانت البداية حتى نشهد النهاية…

النظرية الإسلامية في نشوء اللغات وتطورها
لمؤلفها السوري: فخر الدين قباوة
دار السلام؛ القاهرة، ط1 – 2019

سلمى