يقول الغزالي
أما بعد: فقد تناطق قاضي العقل، وهو الحاكم الذي لا يعزل
ولا يبدل، وشاهد الشرع وهو الشاهد المزكى المعدل، بأن الدنيا دار
غرور لا دار سرور، ومطية عمل لا مطية كسل، ومنزل عبور لا متنزه
حبور، ومحل تجارة لا مسكن عمارة، ومتجر بضاعتها الطاعة، وربحها
الفوز يوم تقوم الساعة، والطاعة طاعتان، عمل وعلم، والعلم أنجحها
وأربحها، فإنه أيضا من العمل، ولكنه عمل القلب الذي هو أعز
الاعضاء، وسعي العقل الذي هو أشرف الاشياء، لانه مركب الديانة،
وحامل الامانة، إذ عرضت على الارض والجبال والسماء فأشفقن من حملها
وأبين أن يحملنها غاية الاباء.