كتب أحدهم :
لم أجلس يوماً على مقعدٍ مع أبي، وكنت قد غادرت البيت بعد زواجي . . .
قبل سنواتٍ عديدة، وبعد زواجي، كنت جالساً مع أبي ذات يومٍ حارٍ، وأنا أشرب عصيراً مثلجاً.
إنخرطت في الحديث عن حياة البالغين والزواج والمسؤوليات والإلتزامات، فأخذ والدي يقلّب مكعّبات الثلج في كوبه ونظر الي بنظرةٍ واضحةٍ ورصينة.
و نصحني قائلاً:
"لا تنسَى أصدقاءك أبداً، سيكونون أكثر أهميةً لك كلّما تقدّم بك العمر".
وتابع حديثه: "بصرف النظر عن مدى حبك لعائلتك وأبناءك الذين رُزقت بهم، فلا بدّ أن تحتاج الأصدقاء على الدوام. تذكّر أن تخرج معهم وتقوم وتقابلهم وتتواصل معهم بين حينٍ وآخر".
قلت في نفسي: "يا لها من نصيحةٍ غريبة"، كنت قد دخلت لتوي عالم المتزوجين، صرتُ راشداً وبالتأكيد سوف تكون زوجتي والأسرة التي سنبنيها كل ما أحتاجه لمنح معنى لحياتي.
غير أنني أطعته، وبقيت على تواصل مع أصدقائي وحرصت على أن يزداد عددهم كل سنة. وعلى مدى السنوات، أصبحت أدرك أنّ والدي كان يعرف ما يقوله.
بعد حياةٍ امتدت خمسين عاماً، إليكم ما تعلمته:
الزمن يمضي.
الحياة تسير.
المسافات تزداد.
الأطفال يكبرون ويستقلون بحياتهم وكثيراً ما ينفصلون عن أهلهم، على الرغم من أنّ هذا الإنفصال يكسر قلب الأهل.
الوظائف تأتي وتذهب.
الأوهام والرغبات وعوامل الجذب. .الخ كلها تضعف.
الناس يفعلون ما يجب ألّا يفعلوه.
الأبوان يموتان.
الزملاء ينسون ما قدّمتَ إليهم.
السباقات انتهت.
لكنّ الأصدقاء الحقيقيين موجودون على الدوام، أيّاً كان الزمن أو المسافة بينكم.
أحبوا أهلكم واعتنوا بأبنائكم، لكن ليَكن لديكم أصدقاء.