((صالات الجيم المختلطة بابٌ خلفي للمخالفات الشرعية باسم التحضر والمدنية))
((أضرار ومخاطر صالات الجيم ومراكز التدريب المختلطة))
الحمد الله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء، وسيد المرسلين سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وبعد:
فيقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا فِي جُحْرِ ضَبٍّ لَاتَّبَعْتُمُوهُمْ) (متفق عليه).
ومن الأشياء التي قلدت فيها المجتمعات الإسلامية المجتمعات الغربية تقليدًا أعمى ما يعرف اليوم بـ (صالات الجيم المختلطة)، والتي أضحت بابًا خلفيًا للمخالفات الشرعية باسم (التحضر والمدنية)، كالتالي:
1. عدم التزام كل من الطرفين ـ وخصوصًا النساء ـ بالزي الشرعي الذي لا يثير الغرائز والفتن والشهوات، والتبرج والظهور بملابس مثيرة تشف عن أعضاء الجسد والعورة وتجسدهم وتصفهم، تحت مسمى ملابس التدريب، وهي في الحقيقة من خطوات الشيطان، فعن أسامة بن زيد (رضي الله عنهما) قال: كساني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبطية كثيفةً كانت مما أهداها له دحية الكلبي، فكسوتُها امرأتي، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مَا لَكَ لَمْ تَلْبَسِ الْقُبْطِيَّةَ؟). قلتُ: يا رسول الله، كسوتها امرأتي، فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (مُرْهَا فَلْتَجْعَلْ تَحْتَهَا غِلَالَةً، إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَصِفَ حَجْمَ عِظَامِهَا) (رواه أحمد)، و(القبطية) نسبة إلى القِبط وهم: أهل مصر، والقبطية ثوب رقيق لا يَستر البشرة عن رؤية الناظر بل يَصِفها. والغِلالة (بكسر الغين): ثوب يُلبَس تحت الثوب الخارجي وهو الملابس الداخلية اليوم، وقال (صلى الله عليه وسلم): (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا، قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مُمِيلَاتٌ مَائِلَاتٌ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ، لَا يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ، وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا) (رواه مسلم)، فقوله (صلى الله عليه وسلم): (كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ) معناه: يلبسن ثيابًا رقيقة تصف لون أبدانهن، وقال (صلى الله عليه وسلم): (لَعَنَ الْمُتَشَبِّهَاتِ مِنَ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالْمُتَشَبِّهِينَ مِنَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ) (رواه البخاري)، وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: (لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الرَّجُلَ يَلْبَسُ لِبْسَةَ الْمَرْأَةِ، وَالْمَرْأَةَ تَلْبَسُ لِبْسَةَ الرَّجُلِ) (رواه أبو داود).
2. اختلاء الرجال والنساء كل منهما بالأخر، تحت مسمى المدرب الخاص، وهذا مدخل من مداخل الشيطان، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) (رواه الترمذي)، وقال أيضًا: (...وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَلَا يَخْلُوَنَّ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ) (رواه أحمد).
3. الوقوع في الكلام المثير للفتن والغرائز، والتغنج والتكسر والتلميح والتلويح بالفواحش في الكلام بين الرجال والنساء، والله (عزّ وجلّ) قد نهى عن ذلك فخاطب أمهات المؤمنين قائلًا: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا}[الأحزاب:32]، (فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) أي: لا تلِنَّ بالكلام فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ أي: فُجور والمعنى: لا تَقُلْنَ قولًا يجد به منافق أو فاجر سبيلًا إِلى موافقتكن له، والمرأة مندوبة إِذا خاطبت الأجانب إِلى الغِلظة في المَقَالة، لأن ذلك أبعد من الطمع في الرِّيبة. وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا أي: صحيحًا عفيفًا لا يُطمِع فاجرًا، وما خوطب به أمهات المؤمنين يخاطب به سائر النساء.
4. إدامة النظر لبعضهما البعض؛ وإدامة النظر بين الرجال والنساء مدخلٌ من مداخل الشيطان، وتفتح باب الفتن والشهوات، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور:30،29]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (النَّظْرَةُ سَهْمٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومَةٌ فَمَنْ تَرَكَهَا مِنْ خَوْفِ اللَّهِ أَثَابَهُ جَلَّ وَعَزَّ إِيمَانًا يَجِدُ حَلَاوَتَهُ فِي قَلْبِهِ) (مستدرك الحاكم)، وقال (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا على (رضي الله عنه): (يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ) (رواه الترمذي).
5. الوقوع في المسّ واللمس والاحتكاك بينهما بأجزاء الجسد، بحجة التمرين والتدريب والتعليم، والله تعالى يقول مدحًا للفتاتين ولعدم اختلاطهما: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}[القصص:23]، وقال (صلى الله عليه وسلم): (لَأَنْ يُطْعَنَ فِي رَأْسِ أَحَدِكُمْ بِمِخْيَطٍ مِنْ حَدِيدٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّ امْرَأَةً لَا تَحِلُّ لَهُ) (المعجم الكبير للطبراني)، إن المسّ واللمس والاحتكاك من الأمور المحرمة، وقد يؤدي إلى أمور محرمة.
6. التحرشات الجسدية، والاعتداء على الأعراض والحرمات وانتهاكها، فقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي والسوشيال ميديا حالات الزنا وقعت في تلك الصالات، أو كانت تلك الصالات مقدمة وتمهيد لارتكاب هذه الفاحشة في أماكن أخرى، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.


((كلمة في الختام))
الخير كل الخير في اتباع شريعتنا الإسلامية الغراء، وإياكم ثم إياكم من دعاة التحضر والمدنية، فهم ذئابٌ في صورة بشرية، وأذيالٌ وأبواقٌ للمستشرقين، وأعوانٌ للشيطان، ولا همّ لهم إلا إفساد الأسرة والمجتمع الإسلامي ككل والمرأة على وجه الخصوص.
فحينما عجز الشيطان وأتباعه عن إخراج المسلمين من دينهم عمد وعمدوا لخطة بديلة وهي الالتفاف على القيم والأخلاق والدين باسم الفن والأدب والرياضة، والحرية....الخ، وانظروا ما كتبه المستشرق (زويمر) حينما فشل في حملته التبشيرية في بلاد العرب والمسلمين فدعا إلى إفساد المرأة المسلمة وتغييرها، والاكتفاء بإخراج المسلم من دينه فقط وعدم إدخاله إلى ديانة أخري، وانظروا إلى (بروتوكولات حكماء صهيون) وغيرهما كثير.
إن الرياضة ليست بمحرمة للرجل أو المرأة إن أُمنِت الخلوة بين الرجال والنساء، والاختلاط الخالي من الضوابط السابقة، وكان اللباس محتشمًا، وتحت تدريب امرأة، ولا بد من تنبيه الفتيات بأساليب الشياطين ووضع كاميرات في أماكن خلع الملابس أو المسابح أو صالات الرياضة، ولا ننسى أنه ما من امرأة خلعت ملابسها في غير منزلها لعنتها الملائكة، لقول النبي (صلى الله عليه وسلم): (أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، فَقَدْ هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ) (رواه ابن ماجه)، ولو أن أهل الدين والدعاة إلى الله طرقوا هذه الأبواب وصانوها بالآداب الإسلامية لسدوا بابًا من أبواب الشيطان.
إن التسليم لجميع الشرائع والشعائر الإسلامية أمرٌ لابد منه حتى يكمل إيماننا ويكون مقبولًا عند الله (عزّ وجلّ)، قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:65].
والله أعلى وأعلم وهو المستعان وعليه التكلان
كتبه الشيخ الدكتور
مسعد أحمد سعد الشايب