بين ابن عربي وأبو حامد الغزالي رحمهما الله

يقول ابن عربي في الفتوحات المكية في الباب 226:" ونمنع من الفكر جملة واحدة لأنه يورث صاحبه التلبيس وعدم الصدق. وما ثم شيء إلا ويجوز أن ينال العلم به من طريق الكشف والوجود ... إن أهل الفكر خطأهم في الإلهيات أكثر من إصابتهم سواء كان فيلسوفاً أو معتزلياً أو أشعرياً أو ما كان من أصناف أهل النظر. فما ذمت الفلاسفة لمجرد هذا الاسم وإنما ذموا لما أخطأوا فيه من العلم الإلهي مما يعارض ما جأت به الرسل عليهم السلام بحكمهم بما أعطاهم الفكر الفاسد في أصل النبوة والرسالة ولماذا تستند. فتشوش عليهم الأمر . فلو طلبوا الحكمة حين أحبوها من الله لا من طريق الفكر أصابوا في كل شيء . وأما ما عدا الفلاسفة من أهل النظر من المسلمين كالمعتزلة والأشاعرة فإن الإسلام سبق لهم وحكم عليهم ثم شرعوا في أن يذبوا عنه بحسب ما فهموا منه ، فهم مصيبون بالأصالة مخطئون في بعض الفروع بما يتأولونه"

يقول الإمام أبو حامد الغزالي في كتابه الاقتصاد في الاعتقاد ص 210 دمشق ط 1 دار الحكمة
" المعتزلة والمشبهة والفرق كلها سوى الفلاسفة وهم الذين يصدقون ولا يجوزون الكذب لمصلحة وغير مصلحة ولا يشتغلون بالتعليل لمصلحة الكذب بل بالتأويل ولكنهم مخطئون في التأويل فهؤلاء أمرهم في محل الاجتهاد والذي ينبغي أن يميل المحصل إليه الاحتراز من التكفير ما وجد إليه سبيلاً فإن استباحة الدماء والأموال من المصلين إلى القبلة المصرحين بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك محجمة من دم مسلم وقد قال صلى الله عليه وسلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى أن يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله فإذا قالوها فقد عصموا مني دمائهم وأموالهم بحقها " وهذه الفرق منقسمون إلى مسرفين وغلاة وإلى مقتصدين بالإضافة إليهم ثم المجتهد الذي يرى تكفيرهم وقد يكون ظنه في بعض المسائل وعلى بعض الفرق أظهر وتفصيل آحاد تلك المسائل يطول ثم يسير الفتن والأحقاد فإن أكثر الخائضين في هذا إنما يحركهم التعصب واتباع الهوى دون النصر للدين ودليل المنع من تكفيرهم أن الثابت عندنا بالنص تكفير المكذب للرسول وهؤلاء ليسوا مكذبين أصلاً ولم يثبت لنا أن الخطأ في التأويل موجب للتكفير فلا بد من دليل عليه وثبت أن العصمة مستفادة من قول لا إله إلا الله قطعاً فلا يدفع ذلك إلا بقاطع وهذا القدر كاف في التنبيه على أن إسراف من بالغ في التكفير ليس عن برهان فإن البرهان إما أصل أو قياس على أصل والأصل هو التكذيب الصريح ومن ليس بمكذب فليس في معنى المكذب أصلا فيبقى تحت عموم العصمة بكلمة الشهادة "