أَوْغَلَ الأَلَمُ فِي جَسَدِهِ بِشِدَّةٍ فَرَحَّلَ بِهِ نَحْوَ السُّكُونِ وَالجُمُودُ وَكَبَّلَ حَرَكَتَهُ الَّتِي كَانَتْ مُفَرِّطَهُ لِأَزْمَتِهِ مُنْذُ عُنْفُوَانِ شَبَابِهِ سَكَبْتَ فِي نَفْسِهُ بَعْضَ الزُّهُوَّ وَالفَخْرُ الَّذِي كَانَ يُلَاحِقَهُ بِشَغَفٍ لِكَيْ يَغْتَالُ مِنْ ذَاكِرَتِهِ الطُّفُولِيَّةِ صُورَةَ الضُّعْفِ وَالخَوْفُ الَّتِي جَعَلَتْ مِنْ أَصْحَابِهُ يَتَهَكَّمُونَ بِهِ فِي ضَآلَةٍ وَنَحُفَ جِسْمُهُ, وَالَّتِي مِنْ اجْلِهَا رَاحٌ يَقْوَى بِنِيَّةِ جِسْمِهِ عَلَى نَحْوٍ مُلَفِّتٍ حَيْثُ مَعَ مُرُورِ الوَقْتِ بَرَزَتْ عَضَلَاتُ صَدْرِهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ كَانَ يَسْتَعْرِضُهُمْ فِي سَيْرِهِ فِي الشَّارِعِ, وَلُكْنَةٌ الآنَ مُسَجًّى عَلَى السَّرِيرِ الأَبْيَضِ لَا يَدْرِي عَنْ نَفْسِهُ فِي غَيْبُوبَةٍ أَثَّرَتْ فِي طَبِيبِهِ, الَّذِي أَسْرَعَ بِجَدٍّ فِي فَحْصِ جِسْمِهِ لِلوُصُولِ إِلَى تَشْخِيصِ حَالَتِهِ وَالَّتِي لَمْ تُدْمِ طَوِيلًا فَتَسَرَّبَتْ إِلَيْهِ الحَيْرَةُ الَّتِي جَعَلْتُهُ بَعْدَهَا يُحِيلُ الأَمْرَ إِلَى الفَحْصِ المَخْبَرِيِّ وَالإِشْعَاعِيِّ الَّذِي أَمَاطَ اللِّثَامَ عَنْ حَقِيقَةِ عِلَّتِهِ وَالَّتِي أَكَّدَتْ أَنَّهُ مُصَابٌ بِمَرَضٍ مُزْمِنٌ وَ يَحْتَاجُ إِلَى عِلَاجٍ طَوِيلٍ جَعَلَتْ العَطْفَ وَالشَّفَقَةُ تَتَوَقَّدُ فِي دَاخِلِهِ, فَجَاهِدٌ نَفْسُهُ عَلَى إِخْفَاءِ مَرَضِهِ بَعْدَمَا اِسْتَفَاقَ مِنْ غَيْبُوبَتِهِ وَأَخْذٍ يَزْرَعُ الأَمَلُ فِي شِفَاءَهُ وَرَغْمَ الأَسْئِلَةِ المِلْحَةُ الَّتِي يُطَلِّقُهَا بِشَكْلٍ مُتَكَرِّرٍ عَنْ وَضْعِهِ, أَلَا أَنَّ الطَّبِيبُ تَمَسَّكَ بِالمُرَاوَغَةِ الَّتِي كَانَتْ تُبَالِغُ فِي التَّطْمِينِ.
وَأَخَذَ يَتَرَدَّدُ يَوْمِيًّا عَلَيْهِ وَيُمَازِحُهُ وَ يَدْعُوَهُ بِالضَّيْفِ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُقَدِّمُوا لَهُ الرِّعَايَةَ الكَامِلَةُ, رَغْمَ إِصْرَارِهِ الشَّدِيدِ عَلَى الخُرُوجِ مِنْ المُسْتَشْفَى, تَصْرُمُ الوَقْتُ وَجَسَدُهُ فِي مُقَاوَمَةٍ تَأْتِيهُ عَبْرَ عِلَاجِهِ الَّذِي جَعَلَهُ مِثْلَ الغريق الَّذِي يَتَشَبَّثُ بِطَوْقِ النَّجَاةِ.