أرى الجحود في أعينكم
شعر عزالدين مبارك

أرى الجحود في أعينكم
ونكران الجميل
أيها السفلة
أيها الناقمون
أيها الحاقدون
فقد ماتت ضمائركم
ومات الانسان فيكم
يا عبدة أوثان المناصب
والنياشين
تبا لكم
فما أوضع معدنكم
وما أوسخ ماضيكم
وحاضركم
ومستقبلكم
يا أصحاب الوجوه الكالحة
تبوسون'' لحي الشيوخ’’
في الصباح
من أجل البركة
ودوام النعيم
وتقبلون جباه الفاسدين
في المساء
من أجل البقاء
في زريبة السلطان
وتسبحون بحمد أسيادكم
والرب يشاهدكم
من أجل متاع الدنيا الفانية
وحفنة من المال
أفلا تخجلون
لكم ألف وجه
وألف قفاء
كألوان الحرباء
تنثرون سمومكم
كالأفاعي
أينما حللتم
وتمشون في جنازة قتلاكم
منتشين فرحين
تتاجرون بآلام المشردين
والجوعى
وتركضون وراء الولائم
كالكلاب الجائعة
ولكم في كل مقام
دسيسة
وفي كل زمان
خسيسة
وتبيعون الوهم للغفلة
والطيبين
ونراكم مع السماسرة
تبيعون وتشترون
ضمائر الناس
بنقود المغفلين
تزيفون الواقع
فتحولوه جنة موعودة
من هواء
وتعممون الخراب
والبؤس على الضعفاء
وتقسمون الغنائم
وأموال الفساد
واللصوصية
على أهل القبيلة
سرقتم بلادا بشعبها
بأرضها ومائها
وترابها المعفر بالطين
وبعرق الكادحين
أرى الجبن في أعينكم
وقلة المروءة والمعروف
لا أراكم بشرا مثلنا
تجوبون الشوارع المحفرة
وتركبون الحافلات الصفراء
وتمشون في المدينة العتيقة
وفي أزقتها الضيقة
لا أراكم غير قابعين
في دهاليز القصور المظلمة
لا تزورها شمس الحرية
وظلال الحب الوارفة
عسس يعسون عل العسس
والأبواب مقفلة بالحديد
فالتعليمات اليوم غائبة
والسيد نائم بالشخير
يغط كالهرة الهرمة
والبلاد تسوسها الكلاب
والذئاب الجائعة
ولصوص الطريق
فأين المفر
هذه أيام الجحود والضيق
فقد حلت بنا النكبة الجاحدة
لنهرب إلى السهل
أو إلى القمم الشاهقة
فنجد أمامنا بنو آوى
والبغال الجامحة
وروائح الروث
والمزابل في كل فج عميق
وقد ''زطلنا'' من حيث لا ندري
فوقعنا في لب الغريق
تائهين كالحمقى
ولا أظن أننا من كبوتنا
سنفيق.