ربيع السياسة
شعر عزالدين مبارك

جاء ربيع السياسة
حافلا بالوعود الكاذبة
ولم يأت الخطاف
وأم سيسي للمزرعة
فحلت الغربان
لتأكل الجيف المتعفنة
وتركت الدود ممددا
يعيث فسادا
وقد حل القحط
كاللعنة النائمة
فبعنا الشياه
التي سكتت عن الثغاء
فشح الحليب
وغاب علف الماشية
وقد جف ماء الساقية
ولم يبق في الدوار
غير الديك
صاحب الكبرياء والعافية
يؤذن كل صباح
معلنا هول الفاجعة
أين المفر
وقد حلت بنا الكارثة
فهل للجياع في بلدي
مشروع رغيف
مبلل بالعرق
أو مستقر بمنفى
خلف بحار الموت
ومدن الصقيع النائية
فهل للفقراء في بلدي
لقمة معفرة بالتراب
وحلم ليلة بائسة
والبطالون يجوبون الشوارع
والدكاكين الفارغة
يتسولون مربضا
محجوزا للمترفين
وأعوان السلطة القاهرة
وينظر المحتاجون
لهؤلاء الصبية
وولائمهم العامرة
فوجود البؤس في البلد
يعطيهم أقداح النعم
والجنة الدائمة
والنياشين تهدى في المحافل
للمتزلفين
ومداحي السلطان
كرشوة ثابتة
كان الانسان على الدوام
قصير الحكمة والموعظة
يخال نفسه جبلا شامخا
وهو طوبة فانية
وقشة في مهب الريح
ولحظة عابرة
وقد عد التاريخ
أمما آفلة
وحسبناها دررا
وقلاعا حافلة
وكم من شخوص
انتهت إلى مزبلة التاريخ
وهي بأشباه الرجال عامرة
ولا تجد في الوديان
بعد هدير السيول الجارفة
غير حجر الصوان
وبقايا الحطب اليابسة
ولا تترك البغال خلفها
غير الروث
وأصواتها الجامحة
وفي أعالي الاشجار
تغني البلابل
وفي قمم الجبال
تحلق مرحا
الطيور الجارحة
استهزاء بما يجري
في الدهاليز الخافية
وحول المستنقعات
والغدران الراكدة
يعيش البعوض
مصاص الدماء
والحشرات الهائمة