بحث في جرائم الشرف (نظرة إسلامية)
إعداد د.منجية السوائحي
أٍستاذة الدراسات القرآنية في جامعة الزيتونة

بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على خاتم الانبياء و المرسلين سيدنا محمد وعلى آله و صحبه و سلم تسليما.

موضوع هذه الورقة "جرائم الشرف" بين القرآن و بين تصوّرات المخيال الشعبي في الثقافة الاسلامية والعربية. و سأحاول أن أبرز ما جاء في القرآن حول هذه التهمة الخطيرة و التي تنتهي إلى القول بالرجم.

و حقل هذا البحث الاديان السماوية بكتبها الثلاثة التوراة والإنجيل و القرآن و نماذج مما جاء من قول أو فعل من الرسول عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام.

و سنبحث عن أصل التشريع لهذه العقوبة، هل أصله في التشريع الاسلامي، هل أن القرآن يحمل شيئا عن الرجم، أو أن العقوبة وجدت قبل الاسلام. وإن وجدت قبله، فماهو الموقف منها، هل عضّ عليها بالنواجذ، أم أتخذ عدة طرق لتجنب تطبيقها. هذا ما سيكشف عنه البحث.

1.الرجم في التوراة :

تحدثت التوراة عن عذرية الفتاة العروس. وحُكمُها فيها إذا ادعى الزوج عدم عذريتها وَصَحَّ ذلك بِرَجم الفتاة حسب هذا النص التوراتي "...إذا ثبتت صحة التهمة، ولم تكن الفتاة عذراء حقا، يُؤتى بالفتاة إلى باب بيت أبيها و يَرجُمُها رجال مدينتها بالحجارة حتى تموت، لانها إرتكبت قباحة في إسرائيل، وَزَنَت في بيت أبيها، وبذلك تستأصلون الشر من بينكم" (1).

و تحت عنصر "أحكام في الزنا و الاغتصاب " نقرأ هذه النصوص :

"و إذا ضبطنم رجلا مضطجعا مع امرأة متزوجة تقتلونهما كليهما فتنزعون الشر من وسطكم" (2).

"و إذا التقى رجل بفتاة مخطوبة لرجل آخر في المدينة وضاجعها فأخرجوهما كليهما إلى بوابة المدينة و أرجموهما بالحجارة حتى يموتا" (3) .

وعَلّلوا هذا الحكم بوجود الفتاة المخطوبة في المدينة ولم تستغث و لو استغاثت لأنجدها الناس. "ولكن اذا التقى ذلك الرجل بالفتاة المخطوبة في الحقل و أمسكها و ضاجعها، يُرجَمُ الرجل وحده ويموت وأما الفتاة فلا تُرجَمُ لانها لم ترتكب خطيئة جزاؤها الموت بل تكون كرجلٍ هاجمه آخر و قتله" (4).

باستقراء هذه النصوص نلاحظ أن عقوبة الرجم مشرّعة في الديانة اليهودية ولا تتسامح فيها إلا إذا وقع الزنا في الريف فإنه يعتبر إغتصاباً يُعاقَبُ عليه الرجل و لا تُعاقَب البنت، وهنا يبدو عدم التشدد في عقوبة الرجم في هذه الحالة.

و لنعرض الان لما جاء عن عقوبة الرجل في الانجيل.

2.الانجيل :

نقرأ في الانجيل تحت عنوان "الزانية أمام يسوع" :

"وأحضر إليه معلّمو الشريعة و الفريسيون امرأةً ضُبطت تزني، وأوقفوها في الوسط، و قالوا له : "يا معلم، هذه المرأة ضُبِطَت و هي تزني، وقد أوصانا موسى في شريعته بإعدام أمثالها رجماً بالحجارة فما قولك أنت ... فاعتدل و قال لهم :

"من كان بلا خطيئة فليرجمها أولاً بحجر ... فلما سمعوا هذا الكلام انسحبوا جميعا واحداً تلو الآخر ... و بقي يسوع وحده و المرأة واقفة مكانها فاعتدل و قال لها :

"وأين هم أيتها المرأة ؟ ألم يحكم عليك أحد منهم."

أجابت لا أحد يا سيدي.

فقال لها :

"و أنا لا أحكم عليك، إذهبي و لا تعودي تخطئين" (5).

و يبطل يسوع حكم الرجم بمقولته هذه فتنسخُ شريعتُه شريعةَ موسى عليه السلام.


فماهو موقف القرآن الكريم من عقوبة الرجم هذه.

3.القرآن الكريم :

من يقرأ الايات القرآنية لا يجد فيها ذكراً لرجم الزاني والزانية، و إنما يجد تشنيعا بالزنا ونهياً عن قربه :"و لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة و ساء سبيلا."(الاسراء : 32)

و من يقرب الزنا فالحكم في فِعلته الجلدُ بمنطوق هذه الاية "الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الاخر وليشهد عذابَهُما طائفة من المؤمنين." (النور 2)

و قد نسخت هذه الاية حكماً سابقا في الزنا. فقد كانت عقوبة الزنا في صدر الإسلام الحبس في البيوت والايذاء بالتعبير أو الضرب والأصلُ في ذلك قوله تعالى : "واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوافهنّ الموت أو يجعل الله لهن سبيلا، واللاذان يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا و أصلحا فاعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما" (النساء: 15 – 16) (6)

و لما نزل حكم الجلد صحبته شروط للشهادة :

1.الشهادة على الزنا :

1.أول شرط أربع شهداء بدلالة قوله تعالى : "و اللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهنّ أربعة منكم" (النساء 15) و قوله "و الذين يرمون المحصَّنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" (النور : 4). وقوله "لو لا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذا لم يأتوا بالشهداء، فأولئك عند الله هم الكاذبون" (النور : 13).

2.و في السُنَة النبوية الشريفة ما يؤكد هذا العدد فهذا السعد بن عبادة يقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم :"أرأيت لو وجدت مع امرأتي رجلا أمهِلُهُ حتى آتي بأربعة شهداء؟

فقال النبي صلى الله عليه و سلم : نعم.
و قال عليه الصلاة و السلام لهلال بن أمية لما قذف زوجته بشريك ابن سحماء : "أربعة شهداء وإلا حدّ في ظهرِك". وهذا قبل نزول آيات اللعان.

فالاجماع منعقد على أربعة شهداء في جريمة الزنا "لأن حدّ الزِنا منوط في الواقع بإقرار الزاني، فإذا لم يقر الزاني، فإنه لا يمكن اثباته عليه بالبينة، لأنه لا يثبت إلا بأربعة شهود عدول، يرون الايلاج بالفعل، و ذلك ان لم يكن مُحالا، فهو متعذر" (7).

بناء على هذه الفقرة الشهادة قسمان

1.إقرار الزاني على نفسه :

1.وهنا يشهد على نفسه أربع شهادات ، ولا يتراجع في أقواله، فإذا تراجع لا يُطبّقُ عليه حدُّ الزنا حسب الحنابلة و الشافعية والحنفية (8).

2.ومن أصر على إقراره بالزنا يُقام عليه الحد، و لا يقام على شريكه إن أنكر التهمة.

3.وعند أبي حنيفة إذا اعترف الرجل و أنكرت المرأة تسقط العقوبة عن الاثنين. و يقام حد القذف على الرجل إذا اعترف، وكذلك الحكم إذا اعترفت المرأة و أنكر الرجل (9) .

4.وقد "اتفق الأئمة الأربعة على أن الزنا يثبت بالإقرار سواء كان المُقِر حراً أم عبدا، بشرط أن يكون بالغا عاقلا مميزا غير مُستكرَه على إقرار"، "وكان مع هذا يناقش مناقشة تدل على عدم الرغبة في توقيع هذه العقوبة، فكأن هذه العقوبة لا تُنفذ إلا على من أراد أن يطهر نفسه من هذه الفاحشة، و من أتم الاعتداء على عرض غيره" (10) .

5.ويصح الرجوع عن الاقرار قبل القضاء و بعد القضاء، و يصح قبل الامضاء و بعد الامضاء، و أثناء الامضاء، فإذا رجع أثناء الامضاء أوقِفَ تنفيذ العقوبة، والرجوع عن الاقرار قد يكون صريحا كأن يكذب نفسه في إقراره، و قد يكون دلالة كتهرب المرجوم أثناء الرجم أو الجلد، فإذا هرب لم يؤخذ ثانية للتنفيذ، لان الهرب دلالة الرجوع، والأصل في ذلك أنه لما هرب ماعز تبعوه حتى قتلوه، و لما ذُكِرَ ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم قال : "هلا تركتموه ". و هذا دليل على أن الهرب دليل الرجوع ، وأن الرجوع مسقط للحد، و يعتبر مالك و أبو حنيفة و أحمد مجرد الهرب وقت التنفيذ رجوعا دون حاجة إلى التصريح بالرجوع، أما الشافعية فيرون أن الهرب ذاته ليس رجوعا و لكنه يقتضي الكف عنه لاحتمال أنه قصد الرجوع فإذا كف فرجع سقط الحد، وإذا لم يرجع تحتم تنفيذ الحد (11) .

6.ويمكن أيضا الرجوع عن الاقرار بالإحصان فإذا أقرّ شخص أنه زنى وهو محصن فله أن يرجع عن إقراره بالزنا و له أن يَثبت على الاقرار بالزنا و يعدل عن الاقرار بالإحصان فإذا فعل سقط حدُّ الرجم وَوَجَبَ الجلد (12) .

و ما تنتهي إليه مما ذكرنا أن من أقر بالزنا و شهد عليه الشهود بذلك، ثم رجع عن الإقرار سقط عنه حد الرجم.

هذا فيما يخص القسم الاول من الشهادة و هو اعتراف الزاني على نفسه بجريمة الزنا.

2.شهادة الشهود :
تنطلق من سورة النور : "والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فأجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون، إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم" (النور 4 – 5).

2.ولها شروط :
كما قلنا أن يكون عدد الشهود أربعة تتوفر فيهم شروط عامة سواء المُقِر على نفسه أم البقية وهي: البلوغ و العقل و الحفظ و الكلام و الرؤية و العدالة والإسلام.

7.بالنسبة للبلوغ لا تقبل شهادة غير البالغ ولو كان في وضع يسمح له بآداء الشهادة لقوله تعالى : "واستشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء" (البقرة : 282)، و الصبي لا يعتبر من الرجال، و لأن الصبي لا يؤتمن على حفظ أمواله فأولى أن لا يؤتمن على حفظ حقوق غيره، و إذا كانت شهادة الصبي لا تُقبل في الأموال فلأن لا تُقبل في الجرائم أولى وفيها عقوبة متلفة للنفس أو للعضو (13) .

وشرط العقل ضروري في الشهادة فلا تقبل شهادة المجنون، ولا المعتوه لقوله عليه الصلاة والسلام رفع القلم عن ثلاثة : الصبي حتى يبلغ وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق"(14) و يشترط أيضا في الشاهد الكلام. فالأخرس لا تُقبل شهادته على خلاف في ذلك. ففي المذهب المالكي تقبل شهادة الأخرس إذا فُهمت الإشارة، وعند الحنابلة لا تقبل شهادة الأخرس وان كان مفهومَ الإشارة ، و لا تقبل الحنفية هذه الشهادة سواء بالكتابة أو الإشارة ، و انقسم الشافعية بين رافض لهذه الشهادة و قابل لها(15) .

واختلف الفقهاء في شرط الرؤية أيضا. في المذهب الحنفي لا تقبل شهادة الأعمى فيما يتعلق بالرؤية أو السماع و أجاز أبو يوسف شهادة الأعمى فيما يسمع، وفيما يرى اذا كان بصيرا عند التحمل وعمى عند الأداء في حين يرفض الأحناف شهادته و إن كان بصيرا عند التحمل و أعمى عند الإداء(16) .و يقبل المالكية شهادة الأعمى بشرط أن يكون مبصرا عند التحمل، (17) و لا يجيز الشافعية شهادة الأعمى في الأفعال كالقتل و الغضب، (18) و يقبل الحنابلة شهادة الأعمى في الأفعال إذا كان بصيرا عند التحمل واذا عرف المشهود عليه باسمه و نسبه(13) .والعدالة لا خلاف فيها لقوله تعالى :" واستشهدوا ذوي عدل منكم"( الطلاق 2)

و لقوله تعالى :"ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا" (الحجرات : 6)

8.ولقوله عليه الصلاة و السلام : "لا تجوز شهادة خائن و لا خائنة و لا ذوي غمر على أخيه و لا تجوز شهادة الانع لأهل البيت" (20) .

ومع الشروط السابقة شرط الإسلام. ولا تجوز شهادة غير المسلم على المسلم وهذا ما اتفق عليه الفقهاء عملا بقوله تعالى: "واستشهدوا شهيدين من رجالكم" (البقرة :282) و قوله: "واشهدوا ذوي عدل منكم" (الطلاق2).

و نخرج بمجلة نقاط في الشهادة على جريمة الزنا :

1- عدالة الشهود كما بينّا وأن يكونوا ممن لم يطلق عليهم حد على جرم ارتكبوه.

2- أن تكون الشهادة بالتصريح لا بالتلميح و لا بالكتابة و لا بالإشارة.

3- اتحاد المجلس أي أن يدلي الشهداء بشهادتهم مجتمعين في مجلس واحد ولا يحضرون متفرقين، فإذا جاؤوا متفرقين ثم اجتمعوا تُرد شهادتهم و يعتبرون فسقة ويقام عليهم حذ القذف.

9.لأن أداء الشهادة في مجالس متفرقة شبهة تمنع قبول الشهادة في الزنا، والحدود تُدرأ بالشيهات، وهذا رأي المالكية و الحنفية و الحنابلة 21) .

10.
4- عدم التقادم في آداء الشهادة عند الحنفية لأن الأصل عندهم أن الحدود الخالصة لله تعالى تبطل بالتقادم لأن الشاهد مخيّر في لإسلام بين أن يدلي بشهادته وبين أن يستر على الناس، فإن اختار الستر وبعد مضي مدة زمنية أراد التكلم تُرفضُ شهادته و يقام عليه الحد (22) .

11.
5- الاتفاق الكلي بين الشهداء الأربعة فإذا خالف احدهم أو تراجع أو تخلخل في شهادته يسقط عن المتهم الحد، ويقام حد القذف على الشهود. و قد جلد عمر بن الخطاب الثلاثة الذين شهدوا في قضية المغيرة بن شعبة لتوقف الرابع عن آداء شهادته (23) .

12. 6- معاينة الشهداء الأربعة لعملية الزنا معاينةً واضحة لا شبهة فيها، وأدنى شك يُسقِطُ الحكم. وقد فصّلت كتب الفقه هذه النقطة تفصيلا دقيقا ليتم الجلد أو الرجم (24) .

وشروط الشهادة هذه تلزم الجميع على قدم المساواة. فهذا عمر بن الخطاب خليفة المسلمين يتجوّل ليلا في المدينة فرأى رجلا و امرأة على فاحشة فلما أصبح قال للناس :"أرأيتم أن إمام (حاكما) رأى رجلا وامرأة على فاحشة فأقام عليهما الحد، ما كنتم فاعلين؟"

فقال علي بن أبي طالب : "ليس لك ذلك إذا يقام عليك الحد إن الله لم يأمن على هذا أقل من أربعة شهود".

رأينا شروط الشهادة على الزنا اذا توفرت ومن المستحيل ان تتحقق كاملة الا في مجال الاعتراف. فماهو الحكم في الزنا اذا اتهم الزوج زوجته.


حكم الاسلام في زنى الزوجة :

نزل في سورة النور ما حسم الأمر و أبان الحكم فقال تعالى :"والذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين و يدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين" (النور :7-8).

سبب نزول هذين الآيتين ما رواه أبو داود عن ابن عباس أن هلال ابن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه و سلم بشريك بن سحماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" البينة، أو حدّ في ظهرك".

قال:- "يا رسول الله اذا رأى أحدنا رجلا على امرأته يتلمس البينة"، فجعل النبي يقول :"البينة أوحدّ في ظهرك"

فقال هلال بن أمية :-"والذي بعثك بالحق إني لصادق و لينزلن الله في أمري ما يبرئ ظهري من الحد".

13. فنزلت: " والذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء الا أنفسهم" حتى بلغ :"من الصادقين" (25) .وهناك أقوال أخرى في سبب النزول كلها متشابهة. و ان كان للآيات سبب نزول الا أن حكمها عام في كل من اتهم زوجته بالزنى ولم يكن معه أربعة شهداء والحكم هو الِلعان. وكيفية اللِعان يبدأ القاضي بالرجل فيحلف أربع شهادات يقول :"أشهد بالله لرأيتها تزني" و يقول ذلك أربع مرات و الخامسة يقول: "لعنة الله علي إن كنت من الكاذبين".

14.ويَدرأُ عنها العذاب أن تشهد فتقول: "أشهد بالله ما رآني أزني، أشهد بالله ما رآني أزني". تقول ذلك أربع مرات والخامسة: أن غضب الله عليها ان كان من الصادقين (26) و يجب اللعان إن لم يأت بأربعة شهداء وهذه أقوال جمهور العلماء و عامة الفقهاء و جماعة أهل الحديث" (27).

15.و بعد المُلاعنة يقع الطلاق وإن كانت الزوجة حاملا وأنكر الوالد نسبة الولد إليه يُنسب إلى أمه و تُصان كرامته و كرامة أمه فمن عيّرها أو عيّر ولدها يُقام عليه حدُّ القذف وقد ولدت زوجة هلال بن أمية ولداً بعد الملاعنة و كان بعد ذلك أميراً بمصر وهو لا يعرف لنفسه أبا" (28) .

هذا حكم الاسلام في عقوبة الزنا، الجلد. أما الرجم فيكاد يكون مستحيلا. فمن اين أتى حكمُ الرجم في صدر الإسلام؟ رأينا في مستهل البحث أن الرجم يعود أساسا إلى التوراة ونعلم أن القرآن فُسر بالإسرائيليات وكان لها أثر في توجيه الفكر الإسلامي خاصة في المرحلة التي تخلى فيها المدوّنون عن ذكر سلسلة السند. فاختلط الحابل بالنابل ومن ثم عشّش في المخيال الجماعي كثير من التفسيرات والقراءات الاسرائيلية وأوجد لنفسه أخبارا تُكسبُه شرعية وتزحزح الأصل الحقيقي عن مكانه الى درجة أنه يصبح غريبا عند نفض الغبار عنه و العودة اليه. وسنذكر أدلة من السنة النبوية و مواقف الصحابة الكرام من عقوبة الرجم و تنفر من تنفيذها الا إذا أصر المذنب لتطهير نفسه.


السنة و الرجم :
وردت مجموعة أخبار تثبت أن الرسول طبّق حكم الرجم :

1.16- نقرا في الموطأ أن عبد الله بن عمر قال جاءت اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم و امرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما تجدون في التوراة في شأن الرجم"، فقالوا: "نفضحهم و يجلدون"، فقال عبد الله بن سلام: "كذبتم ان فيها آية الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فوضع أحدهم يده على آية الرجم ثم قرأ ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد الله بن سلام :"إرفع يدك فرفع يده فإذا فيها آية الرجم فقالوا: "صدق يا محمد فيها آية الرجم، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلّم فرُجما" (29) .

حكم الرسول عليه الصلاة والسلام هنا من التوراة و ليس من عنده هو. فلننظر في الأخبار التي تسند الرجم الى رسول الله.

2- قضية ماعز بن مالك الأسلمي : في الخبر هذا النص : أن رجلا من أسلم جاء الى أبي بكر الصديق فقال له :

- ان الآخر زنى فقال له أبو بكر :
- هل ذكرت هذا لأحدٍ غيري. فقال:
- لا. فقال له أبو بكر:

- فتب الى الله و استتر بستر الله، فإن الله يقبل التوبة عن عباده فلم تقره نفسه حتى أتى عمر بن الخطاب فقال له مثل ما قال لأبي بكر فقال له عمر مثل ما قال له أبو بكر فلم تقره نفسه حتى جاء الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له:

- ان الآخر زنى. فقال سعيد :
- "فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث مرات كل ذلك يعرض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أكثر عليه بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهله فقال:
- أيشتكي أم به جنة. فقالوا:
- يا رسول الله والله انه لصحيح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
- أبكر أم ثيب. فقالوا:
- بل ثيب يا رسول الله

17.فأمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم فرُجِم " (30) .

3- قضية الغامدية :

جاءت امرأة الى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته أنها زنت وهي حامل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم :

18.اذهبي حتى تضعي

19.فلما وضعت جاءته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم

20.اذهبي حتى ترضعيه

21.فلما أرضعته جاءته فقال:

22.اذهبي فاستودعيه

23.ثم جاءت فأمر بها فرُجمت (31) .

24 .4- و هذا شاب يعترف لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالزنا فيجلده، ثم يقول هذه الكلمة الرائعة هذه الحكمة الخالدة: " أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله من أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله" (32) .

هذه جملة أخبار اثبتت أن الرسول أقام حد الرجم وحدّ الجلد على الزاني كل حسب حالته. ولكن الملاحظ أن الرسول عليه الصلاة و السلام لم يكن من المسرعين إلى تطبيق العقوبة وإنما كان يراجع المعترف على نفسه المرة تلو المرة علّه يتراجع أو يقر، فلا يطبق عليه الحد حتى أن بعض الروايات تذكر كلامه مع ماعز حيث قال له : لعلك قبلت، أو غمزت، أو نظرت؟ فقال

25.لا

26.وقول الرسول هذا له تعريض منه له بالرجوع عن الاعتراف و الستر على نفسه، ولما أقيم عليه الحد فرّ، و لكن راجميه منعوه و ضربوه حتى مات. و لما اعلموا رسول الله بذلك، قال:

- هلا تركتموه.
ومعنى هذا أن الحد يسقط بالفرار.

27.كل هذا يدل على ان الاسلام لا يرغب في الرجم ويحث على الستر و يكره أن تشيع الفاحشة (33) .و رأينا موقفه من الغامدية وإصرارها على العقوبة. و لما رجمت رماها خالد بن الوليد بحجر فنفخ الدم على وجهه فسبّها فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم سبّه إياهت فقال :

28.- مهلا يا خالد فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له. ثم أمر بها فصلى عليها ودُفنت (34) .

و جاءت امرأة من جهينة اعترفت للرسول بالزنا فأمر برجمها ثم صلى عليها. فقال عمر رضي الله عنه:- أتصلي عليها وقد زنت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

29.لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل (35) .

و مما يؤكد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يدرأ الحدود بالشبهات وخاصة حد الزنا موقفه من هزال الذي جاء الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له :

30.إني رأيت فلانا يزني فقال له الرسول :" ياهزال لو سترته بردائك لكان خيرا لك" (36) .

31.و كذلك موقفه من هذه المرأة التي قال فيها عليه الصلاة و السلام فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما: "لو كنت راجما أحد بغير بينة لرجمت فلانة، فقد ظهر منها الريبة في منطقها وهيئتها ومن يدخل عليها" (37) .

32.وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " إدرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعمتم فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن للإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة" (38) .

33.و روى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما لاعن بين هلال بن امية و بين زوجته حين اتهمها بشريك بن سحماء، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "اللهم بيّن" (39) .قال أنيس: فوضعت شبيهاً بالذي ذَكَرَ زوجُها أنه وجده عندها ومع هذا الدليل لم يُقم الرسول صلى الله عليه وسلم الحد لأن البينة لم تقم ولم يحصل منها اعتراف ومجرد ظهور الحمل عليها لا يقوم دليلا على إقامة الحد وقد درأ عنها الحد و قال عليه الصلاة و السلام: "لولا الإيمان لكان لي ولها شأن".

34.و لم يلحق الولد بالرجل الذي اتهم أنه كان عندها (40) .

هذه نماذج من أقوال الرسول الله و أفعاله تخبرنا عن موقفه من حد الرجم و شدة تحرّيه عند تنفيذه و البحث عن السبل التي تبطل. فما هو موقف صحابته الكرام من هذا الحد :

الصحابة و الرجم :

أثبتت الأخبار أن الصحابة لم يكونوا ممن يسارع إلى إقامة حد الرجم، وأنهم لم يحترزوا من حكمٍ مثل احترازهم من هذا الحكم. ورأينا موقف أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب من ماعز ين مالك لما اعترف لهما بالزنا. فقد طلبا منه أن يستتر بستر الله لأن الله يقبل التوبة من عباده، و لكنه خالف النصيحة وأقر على نفسه بالزنا أمام رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلّم، فأقيم عليه الحد.

35.واخترت من الصحابة عمر بن الخطاب لأنه كان أكثرهم تشددا في حكم الرجم. فقد قال: لولا أن يقول الناس زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله تعالى لكتبتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البينة" (41) . و قال: "الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال و النساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف" (42) .

عمر الذي قال هذا الكلام لم يكن يسارع إلى تنفيذ العقوبة. فقد أتاه رجل وهو بالشام فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلا. فبعث عمر الى المرأة أبا واقد الليثبي يسألها عن ذلك فأتاها وعندها نسوة حولها فذكر لها الذي قال زوجها لعمر بن الخطاب و أخبرها أنها لا تؤاخذ بقوله، وجعل يلقنها أشباه عن ذلك لتنزع فأبت أن تنزع وتمت على الاعتراف فأمر بها عمر فرُجِمت.

و لما جاءت امرأة عمر بن الخطاب تقر بالزنا و قد ظهر عليها الحمل قال لها :- لعله وقع عليك وأنت نائمة لعل استكرهك لعل مولاك زوجك منه و أنت تكتمينه.

و كأن عمر هنا يلقنها كلمة تقولها فتنجو من الحد.

و كذلك يدفع عمر تهمة الزنا عن المرأة التي جاءت الراعي و طلبت منه لبنا فلم يعطها حتى مكنته من نفسها فلم يقم عليها الحد بل قال: "دفع اليها مهرها".

واعتبر ذلك شبهةً تدرأ الحد عنها.

36.وقبل عمر عذر رجل زنى في بلاد الشام وادعى الجهل بتحريم الزنا و لم يقم عليه الحد لهذه الشبهة التي يستطيع أن يتذرع بها كل أحد. و ُروي عنه وعن عثمان بن عفان رضي الله عنهما أنهما عذرا جارية زنت وهي أعجمية، وادّعت أنها لم تكن تعلم تحريمه (43) .

و عمر الحريص على إقامة شعائر الاسلام يقول :

37."لأن أعطل الحدود بالشبهات أحبّ إلي من أن أقيمها بالشبهات" (44) . بناءً عليه، يبدو لنا مدى حرص الصحابة على تجنب تطبيق حكم الرجم، والتنفير منه و العمل على تعطيله، وشدة الخوف من ممارسته.

فإذا أضفنا حرص الصحابة على درء الحدود بالشبهات إلى صعوبة تحقق الشهادة على الزنا، ننتهي إلى أن الرجم يكاد يكون مستحيلا في حضارتنا الإسلامية إلا على من اعترف على نفسه واستقر على اعترافه. فأين هذا مما نسمع اليوم و نقرأ عن تعرض المرأة في بعض البلدان الاسلامية إلى الرجم بتعلة المحافظة على شرف العائلة. وهذا مثال : قتلت ثلاثين بنتا سنة 1996 بتهمة الزنى ثم تبين بعد ذلك أن تسعا وعشرين بنتا ما زالت أبكارا. وأين هذا مما فعله أب بإبنته ضرب رأسها بحجر حتى الموت لانه انتهى إلى سَمَعِهِ أن ابنته لها عشيق. والامثلة كثيرة. ودور المثقف المسلم اليوم أن ينقي الإسلام من مثل هذه الشبهات التي تلصق بالإسلام باطلاً. ولنحافظ على كونية الإسلام، وملاءمته للتشريعات الكونية. وقد انتهينا في بحثنا هذا إلى جملة من النتائج :

النتائج :

1.لا نصّ صريحاً من القرآن يدعو إلى الرجم، و لا نص من السنة قولا أو فعلا أو اقراراً يرغّب في الرجم و يحثّ عليه، وعلى العكس من ذلك كل ما وصلنا من نصوص لاحظنا أنها تنفّر من الرجم و لا تحبذه، و تبحث عن أسباب عدم تنفيذه، و كل ما وجد من حالات رجم وقعت في حياة الرسول، إن صحت الأخبار، كانت نتيجة لإصرار أصحابها على تطهير أنفسهم من ذنب الزنى ولا يمكن أن تتخذ سنةً حميدةً نعضُّ عليها بالنواجذ، ومن ثم يمكننا إيقاف عقيدة الرجم، ومخالفة السنة عملا بهذه القاعدة، "عدم تأبيد بعض أحكام السنة"، و اتباعا لعمل عمر بن الخطاب الذي أوقف حكم قطع يد السارق، ولأن الرسول عليه الصلاة و السلام ما رَغِبَ يوماً في الرجم.

2.أن رجال الحضارة الاسلامية و نساءها يوم أن انشغلوا بعظائم الأمور، وأمهات القضايا، فاحتلوا مكان الصدارة العالمية، لم تسيطر على أفكارهم ومشاعرهم قضايا تافهة كعلاقة رجل بامرأة خارج إطار الزواج. و أكثر من هذا فقد أوجدوا قانونا لمثل هذه العلاقة وهو قانون ملك اليمين من الجواري و المملوكات و السبايا، والمضطهد فيه المرأة.

3.يَمنع وجود الرجم –عقليا- اشتراطُ حضور أربعة شهداء عدول و ثقات رأوا المرأة و الرجل في حالة زنى، لأن هذا الشرط لا يكاد يتحقق بل من المستحيل أن يتحقق على أرض الواقع. فكأن الاسلام بهذا الشرط أراد التأسيس للستر على الناس، فضيّق سبل الكشف عن هذه الجريمة، ومن الأولى أن يقتدي الإنسان بشرع الله فيستر على الناس، عوض اتهامهم، و الإسراع إلى قتلهم لمجرد الظن.

لاحظنا كثرة شروط الشهادة على الزنا، وهذا لسد المنافذ أمام تطبيق الحد. ومعلوم أن الشيء كلما كثرت شروطه قل وجوده، و هذا ما دعا الخوارج وبعضا من المعتزلة إلى القول إن عقوبة الرجم كانت موجودة في صدر الاسلام، ثم نُسِخَت بقوله تعالى:

38."الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة" (45) .

39.فالزانيان يستحقان الجلد مطلقا، سواء كانا محصنين أم لا (46) .

4.ان إثارة مثل هذه الموضوعات، جرائم الشرف وغيرها، ليست من باب الترف الفكري وإنما من باب إعادة النظر في مخزوننا الثقافي الإسلامي و محاولة المحافظة على مسايرة النص المقدس لتطورات الزمن، و ليس من تطور الزمن أن ندعو اليوم إلى تنفيذ عقوبة الرجم، و نحن نرى ونسمع و نقرأ أن العديد من النساء تعاني منها. ولا خير في مثقف لا يشارك برأيه في مستجدات عصره و قضايا زمنه.

5.ان البحث في جرائم الشرف و ما ينتج عنها ليس من باب الاستفزاز أيضا، لانه مبني على أدلة منطقية، تهدف إلى توعية المتلقي و تنوير عقله، والرجوع به الى أصول الأحكام الإسلامية، والغايات السامية من سنّها، وإدراك حقيقتها، والوصول بالإنسان فكريا إلى الفصل بين المُتَصوّر في الخيال الشعبي حول المرأة وبين ما جاء في النصوص المقدسة ونصل به إلى امتلاك القدرة على النقد و الفصل، وإرجاع الأمور لنصابها شيئا فشيئا.

6.إن ما نقوم به من عمل يهدف إلى نفض الغبار عن نصوصنا المقدسة والعودة بها إلى نورها الساطع ليس عملا سهلا، وإنما هو جزء من مجهود جماعي لا بد أن تتضافر فيه الجهود لنصل إلى نتيجة مريحة عقليا. ومعلوم ان الخطاب الموجه للعقل أنصاره قلة، والخطاب الموجه للعاطفة وإرضاء المشاعر أنصاره كثرة ، ولكنهم يسيرون نحو التقلص رويداً رويداً ليحتل الخطابُ العقلي مكان خطاب العواطف، والخطاب العقلي هو منهج الإسلام قرآنا و سنة.

7.و أخيرا لسنا هنا لنحاكم الأحكام و لا الأشخاص و لا التراث، ولكن لنطرح القضايا الحساسة كقضية الرجم، وهدفنا تنزيه النصوص الدينية التي يتخذها البعض متكأ لاستصدار أحكامٍ دون أدلّة، أحكاماً تهدر كرامة الإنسان، و ما جاءت الآيات القرآنية والسنة النبوية إلا لتكرم بني آدم "و كرّمنا بني آدم".

------------------------

1.سفر التثنية 20-22

2.سفر التثنية 22

3.سفر التثنية 23-24

4.سفر التثنية 22-25

5.الانجيل كما دونه يوحنا، 2 – 11

6.عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الاسلامي مقارنا بالقانون الوصفي ج2، ص376. ط.10، مؤسسة الرسالة، بيروت 1409 – 1989

7.عبد الرحمان الجزيري الفقه على المذاهب الاربعة، المجلد 5 ، ص 78 شركة دار الارقام بن أبي الارقم للطباعة و النشر و التوزيع، بيروت دور تاريخ الطبع.

8.ن.م.ص. و المجلد ص 93. و انظر حسن الاسرة بما ثبت من الله و رسوله في النسرة تأليف محمد صديق خان ص.196 (ط.1) قسطنطينية 1301 . و انظر تنوير الحواك شرح على موطأ مالك، جلال الدين السيوطي ج3 ص40-44 ط. دار الكتب العلمية بيروت د.ت. و الام لمحمد بن ادريس الشافعي، مج 3. ج6، ص134 – 135، ط. دار الفكر بيروت (د.ت)

9.الشريع الجنائي الاسلامى، ح2،ص 454، و انظر حسن الاسوة بما ثبت عن رسول الله في النسوة لمحمد صديق خان، ص 196، ط.قسطنطينية، 1301 هـ .

10.الفقه على المذاهب الاربعة ج5، ص89 .

11.الشريع الجنائي في الاسلام ، ج2، ص 438، و انظر شرح الزرقاني على مختصر خليل ، ج8 ص 81، ط. مطبعة محمد أفندي مصطفى د.ت. الطبع، و بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، لعلاء الدينالكساني ج8 ص 61، ط.(1) مطبعة الجمالية (د.ت) و أسنى المطالب شرح روض الطالب لابي يحي زكريا الانصاري ، ج4. ص 132، ط(1) مطبعة الميمنة (د.ت)، و المغني على مختصر الخرقي، لمحمد بن عبد الله بن قدامة، ج 10 ، ص 173 – 197، ط(1) ، مطبعة المنار (د.ت).

12.بدائع الصنائع ج8، ص61، التشريع الجنائي في الاسلام ج2 ، ص438 – 439.

13.إدريس الشافعي ج6 ص137ط دار المعرفة، بيروت د ت

14.اخرجه ابن ماجه، في كتاب الطاق، باب 15، و البخاري في كتاب الحدود باب22، و انظر من احاديث سيد المختار لمحمد بن علي بن محمد

15.اخرجه ابن ماجه، في كتاب الطاق، باب 15، و البخاري في كتاب الحدود باب22، و انظر من احاديث سيد المختار لمحمد بن علي بن محمد

16.نظر، المذهب ج2، ص342، و مواهب الجليل ج6 ص154 و الاقناع لشرف الدين بن موسى الحجاوي، ج 4 ص 436، ط(1) المصنعة المصرية (د.ت)

17.طرق الاثبات الشرعية لأحمد ابراهايم بك ص409-410 ط(1) مطبعة العلوم دت

18.مواهب الجليل ج6 ص 154

19.المذهب ج2 ص353 اسنى المطالب ج4 ص 361

20.المغنى ج12،ص61-62

21.الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي مج6 ج12 ص118 ط(1) دار الكتب العلمية بيروت سنة 1408هـ/1988هـ

22.الفقه على المذاهب الاربعة ج 5 ص 80

23.المدونة الكبرى للامام مالك بن أنس الاصبحي رواية الامام سحنون بن سعيد التنوخي عن الامام عبد الرحمان بن قاسم ج4 ص373، ط دار الفكر (دت)، و الأم الشافعي مج 3، ج6 ص137

24.الأم مج3، ج6 ص155 و المدونة الكبرى ج4 ص 398-410 و الجامع لأحكام القرآن مج 6، ج 12 / ص119.

25.الجامع لأحكام القرآن للقرطبي مج6، ج12 ص122 و الرواية منداولة في كتب الفقه كلها و التفاسير

26.المدونة الكبرى ج2 ص335-336

27.الجامع لأحكام القرآن مج6 ، ج12 ص123

28.الجامع لأحكام القرآن للقرطبي مج6، ج12 ص122

29.تنوير الحوالك شرح على موطأ مالك ج3،ص38،حسن الأسرة ص198 الأم للشافعي ج6 ص134، نيل الأمطار ج7 ص92

30.تنوير الحوالك على موطأ مالك ج3 ص39 حسن الأسرة ص197 و نيل الأوطار ج7 ص87 و ص95

31.تنوير الحوالك على موطأ مالك ج 3 ص40 حسن الأسرة ص 197

32.تنوير الحوالك على موطأ مالك ج3 ص43

33.الفقه على المذاهب الاربعة مج 5 ص94 نيل الاوطار ج7 ص99و ص 102

34.أخرجه مسلم في الجامع الصحيح كتاب الحدود باب 23-24 و ابو داود في السنن كتاب الحدود باب 34 و النسائي في السنن كتاب الجنائز باب64

35.أحسن الأوة ص 197 و الحديث أخرجه مسلم في الجامع الصحيح كتاب الحدود باب 22 و الترمذي في السنن كتاب الحدود باب 22

36.تنوير الحوالك ج3 ص39

37.اخرجه ابن ماجه في كتاب الحدود باب من اظهر الفاحشة 2/855 رقم 2559

38.اخرجه الترمذي في كتاب الحدود باب ما جاء في درء الحد 4/25، رقم 1424

39.اخرجه البخاري في كتاب الطلاق باب قول الامام اللهم بين 7/27 و اخرجه ابن ماجه في كتاب الطلاق باب العان رقم 2067

40.الفقه على المذهب الاربعة ج 5 ص99

41.تنوير الحوالك ج 3 ص 42

42.نيل الاوطار ج7، ص 105

تابع تنوير الحوالك ج3 ص 41-42

43.الفقه على المذاهب الاربعة أص 97 - 98

44.ن.م. ج5 . ص97

45.أخرجه الترمذي في كتاب الديات باب من قاتل دون ماله رقم 1421 و ابن ماجة في كتاب الحدود باب من قتل دون ما له فهو شهيد رقم 2580

46.الفقه على المذاهب الاربعة ج5 ، 75




------------------------------------------------------------

أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن - العدد: 1065 - 2005 / 1 / 1

أكذوبة الرجم الغت تشريعات القرآن في عقوبة الزنا

عقوبة الرجم للزاني والزانية لم تأت في القرآن ، وان كانت قد جاءت في التوراة الموجودة لدينا ، وتأثر المسلمون بذلك فأضافوا عقوبة الرجم لجريمة الزنا في حالة الاحصان او الزواج ، وقد انشغل الفقهاء بأحاديث الرجم التي الغت التشريعات القرآنية الخاصة بعقوبة الزنا ، بحيث اصبحت تلك التفصيلات القرآنية مجهولة .

وقد جاءت عقوبة الزنا في القرآن علي النحو التالي :
الزانية والزاني اذا ضبطا في حالة تلبس ، فالعقوبة مائة جلدة امام الناس ، بذلك بدأت سورة النور بافتتاحية فريدة ترد مقدما علي اولئك الذين يتجاهلون وضوح القرآن وبيان تشريعاته ، يقول تعالي في تلك الافتتاحية الفريدة { سورة انزلناها وفرضناها وانزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون } وبعدها قال تعالي مباشرة { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } .

ومن الصعب اثبات حالة التلبس في جريمة الزنا ، ومن الصعب ايضا ان يحدث اقرار بالوقوع في الزنا ينتج عنه عقوبة الجلد ، ولكن من السهل ان يشاع عن امرأة ما بأنها سيئة السلوك ، وتتكاثر الشواهد علي سوء سمعتها ، وحينئذ لابد من عقاب مناسب بعد الاشهاد عليها بأربعة شهود بأنها من اللاتي ( يأتين الفاحشة ) ولكن لم يتم ضبطها . وذلك العقاب ليس الجلد ، وانما هو عقاب سلبي . يكون بمنعها عن الناس ومنع الناس عنها الي ان تموت او تتزوج وتتوب ، يقول تعالي ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن اربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتي يتوفاهن الموت او يجعل الله لهن سبيلا ) النساء 15 .وبمجرد اعلان توبتها يطلق سراحها او تتزوج ، فقد تخلصت من وصف اللاتي يأتين الفاحشة .

وجاءت تفصيلات القرآن بعقوبة الجارية المملوكة ، اذا وقعت في الزنا .فان كانت الجارية تحت سيطرة سيدها او يجبرها علي ممارسة البغاء فليس عليها عقوبة ، اذ انها لا تملك حرية الاختيار ، يقول تعالي ( ولا تكرهوا فتياتكم علي البغاء ان اردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ، ومن يكرههن فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم ) النور 33
واذا تزوجت الجارية وتحررت من سيطرة مالكها ووقعت في جريمة الزنا فعقوبتها خمسون جلدة أي نصف ما علي المتزوجات الحرائر اذا وقعن في الزنا ، ( فإذا أحصن فان اتين بفاحشة فعليهن نصف ما علي المحصنات من العذاب ) النساء 25 .

وقد تكون الزانية زوجة مطلقة لا تزال في فترة العدة ، ومن حق المطلقة في فترة العدة ان تظل في بيت الزوجية ، ولكن تفقد هذا الحق اذا وقعت في الزنا ، وحينئذ يكون من حق زوجها ان يطردها ، ولكن بشرط ان تكون جريمة الزنا مثبتة حتي لا يتاح لزوجها ان يتجنى عليها بالباطل ، يقول تعالي عن تلك الزوجة المطلقة ( لا تخرجوهن من بيوتهن ، ولا يخرجن الا ان يأتين بفاحشة مبينة ، وتلك حدود الله ) الطلاق 1 .

والقرآن يصف الفاحشة بأنها ( فاحشة مبينة ) أي مثبتة ، ضمانا لعدم الافتراء بلا دليل .. وعقوبة الطرد هنا تضاف الي العقوبة الاخري ، وهي مائة جلدة .

وهناك عقوبة اخري لتلك الزوجة المطلقة اذا وقعت في الزنا بعد اتمام الطلاق ، وهي انه من حق الزوج ان يمنعها عن الزواج الي ان تدفع له بعض ما اعطاه لها في الصداق او المؤخر ، والشرط ان تكون جريمة الزنا في حقها مثبتة بالدليل ، يقول تعالي ( يا ايها الذين امنوا لا يحل لكم ان ترثوا النساء كرها ، ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن الا ان يأتين بفاحشة مبينة ) النساء 19 . والعضل هو منع المرأة من الزواج . والقرآن يحرم العضل الا في حالة المطلقة الزانية .. فيجعل من حق الزوج ان يمنعها من الزواج الا بعد ان تعيد له بعض ما دفعه اليها من مهر .

وفي كل الاحوال فالمرأة الزانية أي التي لا تتوب عن الزنا لا يتزوجها المؤمن ، وتلك عقوبة اخرى اضافية ، يقول الله تعالي ( الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة ، والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك ، وحرم ذلك علي المؤمنين)النور3.

وتأبى تفصيلات القرآن الا ان تضع عقوبة للزنا في حالة استثنائية ومستبعدة ، وهي افتراض وقوع نساء النبي امهات المؤمنين في تلك الجريمة ، وهنا تكون العقوبة مائتي جلدة في تلك الجريمة ، أي ضعف ما علي النساء الحرائر ، وفي المقابل فلهن في عمل الصالحات ضعف ما علي المحسنات ، يقول تعالي ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ، وكان ذلك علي الله يسيرا ، ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها اجرها مرتين واعتدنا لها رزقا كريما ) الاحزاب 30 ، 31 .

ولأن العقوبة هنا مضاعفة فلابد من كون الجريمة مثبتة ، او بالتعبير القرآني ( من يأت منكن بفاحشة مبينة ) فالأمر هنا يخص نساء النبي امهات المؤمنين ، وهو امر فظيع هائل لابد من التثبت فيه .

والتشريع القرآني المحكم يصف عقوبة الزنا – التي هي الجلد – بأنها ( عذاب ) ، والعذاب يعني ان يظل الجاني حيا بعده لا يموت بسببه ، وبتعبير اخر لا محل هنا لعقوبة الرجم التي تعني الموت.

والقران حين تحدث عن عقوبة الزنا قال (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ) ، لم يقل الزاني المحصن والزانية المحصنة او غير المحصنة ، وانما جاء بالوصف مطلقا (الزانية والزاني ) وقدم الزانية علي الزاني لأن المرأة هي العامل الاكثر تأثيرا في تلك الجريمة ، بينما قال عن السرقة ( والسارق والسارقة فاقطعوا ) لأن الرجل هو الاساس والعنصر الغالب في جريمة السرقة .

والمهم ان عقوبة الزنا مطلقا هي الجلد لا الرجم ( فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ، ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ، ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ، وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) اذن فالجلد هو العذاب .

وفي حالة الجارية التي تزنى بعد زواجها قال تعالي : ( فاذا احصن فان اتين بفاحشة فعليهن نصف ما علي المحصنات من عذاب ) أي خمسون جلدة ، أي انه وصف عقوبة الجلد للجارية بانه عذاب .. والقائلون بأن التي تتحصن بالزواج ثم تزني تعاقب بالرجم كيف يفعلون مع قوله تعالي ( فعليهن نصف ما علي المحصنات من العذاب ) هل يمكن تنصيف الرجم ؟ وهل هناك نصف موت ؟

وفي حالة نساء النبي يقول التشريع القرآني ( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين ) . فوصف عقوبة لجلد بأنه ( عذاب ) قدره مائتا جلدة ، والقائلون بان عقوبة المتزوجة هي الرجم ، كيف يحكمون بمضاعفة الرجم لنفس الشخص ؟ وهل يموت الشخص مرتين ؟ هل يقتلونه بالرجم مرتين ؟

والرجل اذا عجز عن اثبات حالة التلبس بالزنا علي زوجته ولم يستطيع احضار الشهود فيمكن ان يشهد بنفسه امام القاضي انها زانية اربع مرات ، ويؤكد شهادته الخامسة بأن يستجلب لعنة الله عليه ان كان كاذبا ، وتلك حالة اللعان ، ويمكن للزوجة المتهمة ان تدفع عن نفسها عذاب الجلد بأن تشهد اربع شهادات بالله بأن زوجها كاذب في اتهامها ، ثم تؤكد في شهادتها الخامسة بان تستجلب غضب الله عليها ان كان زوجها صادقا في اتهامه لها ، يقول الله تعالي ( والذين يرمون ازواجهم ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم فشهادة احدهم اربع شهادات بالله انه لمن الصادقين ، والخامسة ان لعنت الله عليه ان كان من الكاذبين ، ويدرأ عنها العذاب ان تشهد اربع شهادات بالله انه لمن الكاذبين ، والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين ) النور 6 : 9 .

ويهمنا هنا ان الله تعالي وصف عقوبة الزنا بأنها عذاب ، فقال ( ويدرء عنها العذاب ) وهو نفس الوصف الذي سبق لعقوبة الجلد .. اذن عقوبة الزنية المتزوجة هي الجلد وليس الرجم .

ثم ان تشريعات القرآن في الايات السابقة تعامل المرأة الزانية علي انها تظل حية بعد اتهامها بالزنا واقامة عقوبة الجلد عليها ، وكذلك الزاني ، فالقرآن الكريم يحرم تزويج الزاني او تزويج الزانية من الشرفاء ، فلا يصح لمؤمن شريف ان يتزوج زانية مدمنة للزنا، ولا يصح لمؤمنة شريفة ان تتزوج رجلا مدمنا علي الزنا ( الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك وحرم ذلك علي المؤمنين ) النور : 3 ، ولو كان مصير الزاني او الزانية هو الرجم موتا لما كان هناك تفصيل في تشريعات حياته طالما هو محكوم عليه بالموت ، ونفس الحال في اضافة عقوبات للمطلقة الزانية باخراجها من البيت ومنعها عن الزواج حتي تدفع بعض المهر ، واذا كان هناك عقوبة الرجم علي تلك الزانية المحصنة لما كان هناك داع لتشريع يمنعها من الزواج ثانية ، أو يسمح بطردها من البيت في فترة العدة .

واكثر من ذلك ..
فالله تعالي يتوعد الزناة بمضاعفة العذاب والخلود فيه يوم القيامة اذا ماتوا علي اصرارهم علي الزنا ، الا من تاب وآمن وعمل صالحا ، فاولئك يبدل الله تعالي سيئاتهم حسنات ( يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ، الا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فاولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ) الفرقان : 69 ، 70 . فاذا كان مصير الزاني هو الرجم فلن تكون له فرصة للتوبة والايمان والعمل الصالح الذي تتبدل به سيئات الزنا الي حسنات . بحيث تخفي عنه صفة الزاني ليحل محلها وصف الصالح عند الله تعالي … ذلك ان الزاني صفة وكذلك الزانية ، وهذه الصفة تلحق بمن اشتهر بالزنا ولم يستطيع الاقلاع عنه ، فأن اقلع عنه وتاب سقطت عنه تلك الصفة ولحقت به صفة اخري هي التائب أو الصالح ، وذلك عند الله تعالي .

ومع هذا البيان الواضح في تشريعات القرآن فان احاديث الرجم والانشغال بها اضاعت تشريعات القرآن فيما يخص تفصيلات العقوبة في الزنا ، او بتعبيرهم " نسختها " وابطلت حكمها ، ومع ان عقوبة الرجم لم ترد في القرآن ومع ان العقوبة الواردة في جريمة الزنا تؤكد علي الجلد فقط الا ان اقتناع المسلمين بأكذوبة الرجم جعلته الاساس التشريعي السائد حتي الان في كتب التراث وفي تطبيق الشريعة لدي بعض الدول ( الاسلامية ) . ويكفينا في التدليل علي عمق التأثر بذلك التشريع المخالف للقرآن ان القارئ لنا الان يدهش اشد الدهشة حين يكتشف ان الرجم ليس من تشريع القرآن والاسلام .. ويكفينا في عمق التأثر بذلك التشريع المخالف للقرآن انه علي اساسه قتل الالاف رجما و ربما سيقتل مثلهم في المستقبل ، وذلك بحكم ما انزل الله تعالي به من سلطان ، ويقول تعالي ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ) الانعام 151 ، الاسراء 33 ، ويقول ( والذين لا يدعون مع الله الها اخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله الا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق اثاما ) الفرقان 68 .فلا يجود قتل النفس الاسلامية الا بالقصاص فقط وهذا هو الحق القرآني ..

ان من اعظم الحرمات حرمة النفس البشرية وحقها في الحياة .. ومن اعظم الجرائم ان تقتل تلك النفس الزكية بغير حكم انزله الله تعالي الذي حلق النفس والذي انزل الشرع .
واعظم الجرائم علي الاطلاق ان تفتري تشريعا بقتل النفس الزكية ، ثم تنسبه الي الله تعالي ورسوله …
( فمن اظلم ممن افتري علي الله كذبا او كذب بآياته انه لا يفلح المجرمون ، ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، قل اتنبئون الله بما لا يعلم في السموات ولا في الارض ، سبحانه وتعالي عما يشركون ) يونس 17 . وحقا ما افظع الافتراء علي الله تعالي ورسوله في التشريع في الحدود التي يقتلون فيها البشر خارج القصاص وفي العقائد ( اتخاذ شفعاء من دون الله ، مع ان الله وحده هو الشفيع وهو الولي وهو النصير ) .