وتطلُّ الذكرى

بين أمواج الحياة المتلاطمة ، وبين صخبها الذي ما أظنه ينتهي إلا بفنائها ، تطل علينا ذكرى ميلاد الحبيب المصطفى  ونحن ـ جموع المنتمين إليه ـ في حالة من التشرذم والضياع لم يسبق لها مثيل ، وأجد الكلمات التي أنسجها في حق النبي الكريم تقف خجلى منكسرة مطأطئة الرأس منحنية تكاد تلامس الأرض من فرط انحنائها ، وليت شعري هل يقبلها مني أم يعرض عنها ؟ولكن حسبي أنها تنبع صادقة من بين حنايا الفؤاد ، فأقول :

ذكرى تطلُّ وكلنا أشواقُ والدمع من فرطِ الجوى رقراقُ
ضلَّ الأنام ُ، ومالهم عذرٌ سوى حبِّ الهوى ، فأذاقهم ماذاقوا
ولقد تركتَ لهم كتاباً منهجاً والسنَّةَ الغرَّا ، وذا ترياقُ
تركوا الدواءَ وما بهم بُرْءٌ من الـ أمراض لكن ضِلةٌ وشقاق
هل في الأنامِ ترى لبيباً حاذقاً يهوى الظلامَ وحوله ُ إشراقُ ؟

عذراً رسولَ اللهِ إنَّ بلادنا في محنةٍ ، في غفلةٍ تنساقُ
والهفَ نفسي كيف أضحت دورنا في أرض معتصمٍ يئن عراق
والغربُ ويح الغربِ جُنَّ جنونه فقدَ الصوابَ وراقهُ إخفاقُ
إخفاقُ أمتنا بوحدةِ صفِّهمْ فتكالبوا وعلى الفسادِ تلاقوا
رسموا الحبيبَ سفاهةً وجهالةً وتشدَّقوا ، تبَّتْ لهم أشداقُ
كشفوا بفعلتهم خفايا مكرهم فإذا به سمٌّ البلى دفّاقُ
والقوم ُ: إما غافلٌ متجاهلٌ أو تابعٌ لذوي الخنا توَّاقُ

يا سيدي والصدُّ فينا منهجٌ فمتى يحينُ من الصدودِ عِتاقُ
يا سيدي والخُلفُ فينا عادةٌ فمتى يزول من العباد شِقاقُ
يا سيدي والكرهُ فينا سائدٌ فمتى يزين قلوبَنا الميثاقُ

عفواً حبيبَ اللهِ إنا أمةٌ قد قُيِّدتْ بفعالها الأعناقُ
النورُ بين عيونها متهللٌ والزَّيغُ خلفَ ظهورها غسَّاقُ
دارتْ لنورِ اللهِ ظهراً وارتضتْ فإذا القلوبُ برانِـها أغلاقُ

يا سيدي هذي مشاعر مفلسٍ ونوالُ عطفكمُ له مِغداقُ
روحي الفداءُ لكم وما ملكتْ يدي والأهلُ والأولادُ والأحداقُ
صلى عليك الله يا علمَ الهدى ما لاحَ صبحٌ أو بدا إشراقُ