أنا يا سيدي طويت أحلامي بعناية من زمن بعيد كمن سيغادر.....حملتها على أكفي رتبتها ....ودعتها ....طبعت قبلتي البريئة على أجنحتها ....أخبرتها حينها أن أقدامي تحن لموطن واقعها....لذا آن الأوان كي أهاجر.
وجدت نفسي بعدها بين وجوه غريبة ....بعضها يعتليها حزن مركب ....بعضها الألم يعصرها...وبعضها سقطت منه كل ألوان الفرح،فالزمن كما يقول كبار السن بعد تجربة مريرة كالبحر غادر....هل أبدأ لك قصتي من أطفال شوارع المدينة ...كيف أن فؤادي يتمنى لهم أحلاما سعيدة ...ودفئا ....رغم أن عطائي عن كل ذلك قاصر....أم أروي لك حكايتي مع مع نساء ورجالٍ يفترشون العراء ليلا ...يعصرون قلبي وهو يبكي من قسوة زمن جائر...أم أطربك أكثر لأقص لك عن قطرات الدم التي تذرفها عيني على وسادتي ليلا....عندما أتذكر أيتام وطني وكل أرض تسلط عليها سلطان جائر.....أم أثقل عليك قليلا بقولي أن لأيتام غزة والعراق .....ومصر حديثا سهاما غائرة تزيد في جرحي ،كلما وقفت عاجزة أمام من بيده شردهم وكان لبرائتهم دون رحمة قاتل....
أنا يا سيدي قد أكون عاجزة ...كبلني عجزي وقيلة حيلتي ....لكني ما كنت يوما شريكة لظالم على أرض مدينتي ولا خنت البراءة بأن صفقت مشجعة للقاتل...
صدقني ...ليست نفسي أبدا بذلك القبح ..
عندما وأنا العاشقة للسير وسط المدينة ...أسقط هوايتي في السير طوعا ...لأتوارى عن عيون أثقلها البؤس ...عن يد خاوية من قطعة خبز....بينما التخمة تكاد تعصف بحياة ربان السفينة...
أنا يا سيدي رغم تهمتي في الحياة أنني" أنثى"وأن عقلي لا يدرك من الحياة إلا مادتها ...وأنني عبء ....ألم يئن الأوان لتدرك كم من صورة في ذهنك عني خاطئة ....مثلك أو أكثر أحمل هما بسبب جراح تكاد تقتل طني ....وأنني ذات فكر ناضج....مثلك أطمح لوطن أجمل....أبدد صمت الليل وسكونه بابتهالات حزينة .هذا بوحي ولتمح بعدها ياسيدي إن استطعت اسمي ووجودي من شريانك الأبهر.