ألف طيف وطيف...
( الطيف الأول )
بلغني أيها القارئ السعيد أن الذاكرة مالت ميلا خفيفا، فانكشف على إثر ميلها سجل حافل بلحظات تمشي في حزم وعناد .. تخطو ثوانيها متطلعة إلى أفق جميل .. تخطو مترقبة غدا يسير على توقيعات الفؤاد المتوثب ..
فبالأمس تلاحقت تلك اللحظات، وأمسك الحين بالحين، ولم يسدل السجل بعد ستاره، وكأنه ديوان شعر من لون آخر .. لا يعرف رويا في أبياته ولا قافية .. ديوان ينبض بالحياة .. فيه قد صارت خفقات القلب تفعيلات لا كسائر التفعيلات...
ولما أظل القلم بظله الرشيق الورقة البيضاء، واستأذن صاحبه الذاكرة لقراءة بعض ما انطوت عليه، أذنت له واستبشرت خيرا، فمضى يستعرض صفحات من حياته .. تنقل بحروف منتقاة بين صفحة وصفحة .. يرشف من هذه فرحة، ويتجرع من تلك ألما، ويقطف من هذه عبرة، ويجني من تلك دروسا إلى أن أتم جولته ..
جال الكاتب بذكرياته، وجال القلم بحبره في رحاب الورقة البيضاء، وجالت الورقة بما خط عليها، وبعد كل هاته الجولات لم يكن من الفراق بد على أمل اللقاء...
وأدرك الكاتب حد الورقة، فأمسك يراعه عن الحركة
د. أبو شامة المغربي