يتسرب الوقت وهو مرتمي في أحضان الكسل , فكره يبحر كالمعتاد في رسم لوحة مكررة عناصرها تحوم في رأسه تحاول إخماد شعلة الجوع في جوفه الذي يلاحقه منذ خروجه من السجن الذي أمضى فيه خمس سنوات بعد حادثة سرقه نحتت بعض من عمره ولكنها لم تقوى على جسده الذي بقي مفرطا في السمنة يرسو به الى السكون والصمت الذي يحاول عبثا أن يتغلب عليهما عبر ذلك التلفزيون المنتصب في غرفته التي تقع في طرف المنزل والتي تحوي أثاثا بسيطا قطعة من السجاد ووسادتان ولحاف تمزق جز منه وطاولة يعلوها ذلك التلفزيون ذو المفاتيح المتسخة , ونافذة مشرعة على الدوام هي عرضة للنور والذباب والبعوض .
استفاق من سكونه وامتطى التمني لحظات وأمعن في ود تلك الصورة البشعة مالبث أن اغتالت تمنياته كلمات أخيه الأكبر القاسية التي راح صدها يطرق إذنيه بعدما أن أجهزت على ذاكراته التي طالما دفن بعض من أحداثها في النسيان ولكن كلمات التقريع الممزوجة بالسخرية تعيد نبشها من جديد فتزل بساحة فكره وتعيده الي ماضيه في السجن وهيئة ضابط السجن الذي يصرخ في وجهه بعبارات حقيرة ومهينه تراصت تلك الكلمات وتراكمت مع بعضها البعض وبدأت بشكل حاد تهدم وتحطم شخصيته قتلت في داخله فرص الخروج من دائرة الإحباط الذي تسرب إليه فأعلن الهزيمة وقبض عليه اليأس وسلبه أماله عندها قرر ركوب قطار الخروج من الحياة والاختفاء تحت تراب الأرض , اجتاحه الهياج والصراخ فجاءه مما جعل ذباب المنتشر في الغرفة يهرب من نافذة غرفته وسحب مسدس كان قد استخدمه سابقا في السطو من أدارج طاولته وراح يطلق النار في كل اتجاه ثم صوبه الى رأسه وأطلق منه طلقتين كانت آخر شي يسمعه في حياته .