النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الحفرة

  1. #1 الحفرة 
    شاعر وقاص الصورة الرمزية محمد محضار
    تاريخ التسجيل
    Mar 2011
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    89
    معدل تقييم المستوى
    14
    الحفرة نص لمحمد محضار

    :شاع الخبرفي المدينة , وانتشربسرعة غريبة , الجميع يتحدث عن السهرة المنتظرة للفنان الكبير شرشور بو كرن الذي حطم ارقاما قياسية في شبابيك التذاكير, وخصص له الناقد المجيد حمان بو قرعة دراسة نقدية إ عتبرها الراسخون في الفنون الشعبية فتحا مبينا في النقد الفني, لأنها تكشف سر تطويع الفنان بوكرن للكمنجة وجعلها في خدمة هز الوسط وتحريك الأ رداف في كل الإ تجاهات دون موانع ولا توابع..

    وقبل يوم من السهرة الهامة..طافت سيارات الجماعة بمكبرات صوت قوية..تعلن الخبر السعيد لسكان مدينة العمارية التليدةو تدعوهم الى الحضور بكثافة لملعب سباق البغال والحمير , الذي تم تدشينه في مدخل المدينة منذ شهر , للاستمتاع بصوت الفنان الأصيل بوكرن, وأنغام كمنجته الشجية .

    قالت الحاجة فنيدة لجارتها أم هاني :

    - أحياني الله حتى ادركت كمنجةسيدي بوكرن ..و استمتعت بأنغامها الشجية
    زوت أم هاني مابين حاجبيها ورفعت يدها مؤكدة, :
    - سهرة الفنان سيدي شرشور بوكرن لن تمر دون ان نحضرها
    قاطعتها الحاجة فنيدة مبتسمة:
    -لقد وعدني حفيدي بأن يرافقني الى الحفل ..ستأتين معنا أليس كذلك؟؟؟

    - لامانع عندي ألعزيزة...
    وعند ناصية درب الرحمة تجمع نفر من الشباب, يعدون العدة لحضور السهرة المعلومة , بعد أن تقاسموا المهام , فقال حميد الجعيبة :
    - لقد أعددت كل وسائل التشجيع من لافتات وأعلام ..
    وقال فوزي القوبعة:
    -أما أنا فقد قمت بشراء كمية مهمة من ماء الحياة والنبيذ الأحمر ..حتى يكون النشاط بزيادة وننال نصيبنا من الأنس والمتعة
    أما سمير زعيم الحي فهتف بالجميع
    - سمعوا أدراري بغيتكم تحمروا لي وجهي راه غادية تحضر معانا أمي لالا الحاجة فنيدة وجارتها لالا ام هاني..شكون يرد ليهم البال...؟؟
    اندفع حميد المزكوري بحماس وهو يقول :
    -أنا سأتكلف بهما كون هاني ألزعيم..
    في اليوم الموعود هبت المدينة عن بكرة أبيها الى مكان الحفل والكل يتحدث بإعجاب عن الفنان بوكرن وأغنيته الجديدة التي زعزعت الوسط الفني وغيرت معطيات كثيرة في أصول وقواعد الاغنية الشعبية ..وكان الجميع متلهفا للاستماع اليها , إضافة الى روائع أخرى من ريبرتواره..
    ضاق المكان بالمحبين وعشاق الفن الاصيل...وكان الجميع يهتف بحياة الفنان بوكرن, ويشدو بأغانيه.
    تقدمت مذيعة شابة الى المنصة وهي ترتدي لباسا كشف عن مفاتنها, وهتفت بصوت أنثوي غنوج عبر مكبر الصوت"مرحبا بالجمهور الكريم ..في سهرة الفنان العبقري مولاي شرشور بو كرن,الذي سيمتعنا بباقة عطرة من أغانيه الجميلة.."ولم تكد تكمل جملتها الأخيرة حتى إ نطلقت الهتافات وصفير المعجبين والمعجبات..

    صرخ سمير زعيم الحي: " عاش بوكرن ...عاش فنان الشعب" . وقالت الحاجة فنيدة لأم هاني: " نهار كبير هذا أختي أم هاني .." ..ظهر الفنان بو كرن على المنصة ببدلة صفراء فاقعة اللون وقميص بني بربطة عنق حمراء , ورفع كمنجته الى الأعلى وصرخ بصوت جهوري قوي:" في خاطر الأحباب أحنا هنا حتى الفجر"
    وتعالى الصراخ والصفير من جديدعندما وضع بوكرن الكمنجة على ركبته وبدا بالعزف ثم الغناء , كانت موجة من العدوى الوجدانية قد سيطرت على الجميع..وإ ختلط الحابل بالنابل..فهناك الراقصون, وهناك الضاحكون الباكون, وهناك المتحرشون والمحتكون..فمع موسيقى بوكرن يصبح كل شيء مباحا.. لأن كؤوس النبيذ وماء الحياوة فعلت فعلها في الشباب والشابات , وحبوب الهلوسة فتحت باب النشاط على مصرعيه للجميع..فإذا القوم صرعى ..وبو كرن سيد عليهم قولا وفعلا..
    ومع توالي الأغاني .عمت هستريا غريبة بين الجمهور , وانتابته نشوة أصبح احتوائها من سابع المستحيلات..
    وكان رجال الأمن والوقاية المدنية, غارقين في حيص بيص يتبادلون الإشارات عبر أجهزة الطولكي ولكي, وهم يحسبون ألف حساب لهذا الطوفان البشري..قال مسؤول كبير من سلطة مدينة العُمارية لزميله :" الله يخَرّج الطَّرح بخير ..بوكرن يربح الفلوس واِحنا نربحوا صداع الراس وتمَارة " أيده زميله وهو يقاطعه بنبرة غاضبة: " هيا هيا ننظم عملية الخروج فبو كرن يستعد لإنهاء الحفل.."
    ...........................................
    انتهى الحفل ولم ينته الهرج والمرج., بل عمت الفوضى , وتزايد الهيجان ..انسحب بوكرن وفرقته على وجه السرعة الى مستودع الملابس , بينما تدافعت الجموع بالمناكب وكثر اللغط والوطأ , وقصد الكل منافذ الخروج , بحثا عن الإفلات من شدة الزحام ..فهناك من وصل وهناك من ظل يراوح مكانه ..وفجأة دوى صوت عويل عند المنفذ الرئيسي للملعب, وقال: مدير الأمن مخبرا رؤسائه عبر جهاز الإرسال" سقط الكثير من الناس عند الخروج في حفرة مقابلة لباب الملعب الرئيسي ..يبدوأن هناك قتلى وجرحى "
    ........................
    في اليوم الموالي صدر بلاغ مقتضب يقول.." توفي أربعون متفرجا في حادث تدافع خلال حضورهم حفلا موسيقيا..رحم الله المتوفين وعجل بشفاء الجرحى.."
    أما موضوع الحفرة التي كانت سببا في المأساة فلم يرد له ذكر, بل أكثر من هذا قام عمال البلدية بردم الحفرة وتبليطها بعد الحادث بلحظات...

    محمد محضار
    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    المشاركات
    69
    معدل تقييم المستوى
    14
    الأخ الفاضل سي محمد محضار .. تحية طيبة ..
    نص جميل وسرد أخاذ بلغته الشيقة ،وأسلوبه المتميز،ووصف دقيق للحدث .. شاع الخبر في المدينة / مؤشر على قيام فوضى عديدة تهم النفوس والذوات والأفكار .. فوضى في الاستعداد ، فوضى في الاستقبال ، فوضى في الحوار والمناقشة ، فوضى في الرقص والمجون ..... إنها فوضى شاملة تمس الجانب النفسي والاجتماعي والاقتصادي والفني ،إلا أن هذا الأخير كان سبباً في مقتل خلائق بشرية عديدة ..
    أعتقد أن النص ينتقد خلسة سوء التدبير والترشيد / التغاضي عن ما هو أهم / الإهمال والتهميش / الاعتناء بالمظاهر الزائفة / ... كلنا نحب الفن لكن ليس لدرجة التقاتل عليه .. ما أحوجنا لفن راق يهذب النفس وينعش الروح .. ..
    نص يوثق لحادثة تاريخية بطريقة خاصة .. جميل لما استبدلت الشخوص الواقعية بشخوص وهمية .. وبذلك أخذ النص ميزته الأدبية والفنية ..
    تقديري واحترامي ..
    الفرحان بوعزة ..
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    نص جميل ورسالة هادفة للقصة

    نهتم بكل ما لا ينفعنا ونترك المهم من الحياة

    أحسنت الفكرة والتقديم
    تحياتي لك
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. الحفرة ...
    بواسطة أبو شامة المغربي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20/03/2008, 06:30 AM
  2. من يردم الحفرة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 24/09/2006, 03:59 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •