صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 1 2
النتائج 13 إلى 18 من 18

الموضوع: الإستراتيجيات الصينيـة الـ36(الفـنُّ السِّـري للحـرب)-السياسة الحربيـة

  1. #13  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    يقـول المؤلـف عن الأستراتيجيات السـت التاليـة (13-18) :
    "مثل السداسية الأولى، يمكن انتهاج هذه السداسية عندما تكون غير مقيد بعنصري الوقت والموارد، بهدف تحقيق النصر عبر الهجوم المباشر"


    الإستراتيجيـة الثالثـة عشـرة

    (( اضرب العُـشب لتستفز الثعبان ))

    يقول المؤلف:

    إذا عجزت عن كشف نوايا العدو، شن هجومًا مباشرًا عليه، لكن اجعله شكلياً بطريقة تسمح لك بمراقبة ردود أفعال العدو، والتي ستكشف لك عن نواياه الحقيقية.

    يضرب بالمثال الآتي:

    تحكي الأساطير الهندية عن قاض صيني حكيم، عُرضت عليه قضية سرقة، المتهمون فيها كثر، والأدلة فيها غير كافية. فكر القاضي في حيلة: أعلن للمشتبه فيهم عن جرس سحري يستطيع أن يميز السارق من البريء، ولا يلزم سوى أن يلمس المشتبه بهم الجرس وإذا رن الجرس كان هذا معناه أنه هو السارق. جمع القاضي المشتبه فيهم، وشاركهم صلاة خاصة لهذا الأمر، ثم جعل كل منهم يدخل بمفرده على هذا الجرس المزعوم والذي تمت إحاطته بستائر تحجبه عن العيون. كان القاضي قبلها قد دهن الجرس، ولذا كان من السهل ملاحظة أن أصابع الجميع قد علق بها الدهان، عدا رجل واحد خاف أن يلمس الجرس، والذي اعترف بجرمه فيما بعد.


    ======
    التعليـق
    ======

    من مميزات الإستراتيجية كما نرى وفرة الوقت و الموارد مما يدفع القائد لاستهلاك بعضهما لجس نبض الخصم و معرفة نواياه...

    كشف نوايا الخصم تعني معرفة خططه العسكرية و أسلوب هجومه أو دفاعه و قوة جيشه من ناحية المعنويات و الحجم... قبل بدء الحروب و المعارك يسعى كل طرف إلى التنصت على الآخَر عبر جواسيس إما أفراد أو آلات... كشف نوايا جيش ما سيجعله لعبة بيَـد عدوه فيسهل المكر و الإيقاع به و يتنبَه العدو من مكره...

    فأهمية معرفة نوايا الخصم كبيرة و لكنْ أحيانا يعجز القائد عن كشفها فيلجأ للمكر و الحِيل... من ذلك ما تذكره الإستراتيجية الحالية بشن هجوم شَكلي و دراسة ردود أفعال الخصم...

    نجاح الإستراتيجية يعتمد بشكل كبير على فهم ردود أفعال العدو و دراسة الاحتمالات على سبب ردة الفعل تلك... فمثلا لو قامت مجموعة من الجيش بهجوم و كانت ردة فعل الخصم بوابل من السهام دون استخدام تشكيلات قتالية هجومية كمُشاة و فرسان فسينطبع للقائد أن الخصم ينـوي الدفاع فقط دون الهجوم... أما لو كانت ردة الفعل دفاعية مع هجوم مضاد ضعيف فسيحتاج القائد إلى عرض عدة احتمالات فلا يجزم بشيء حتى يحتاج إلى تكرار هجمات شكلية و تنويعها ليكشف نوايا خصمه أو يترجح له نية ما...


    أسلوب الهجوم الشكلي متنوع فمثلا يُمكنه الهجوم بتشكيلات قليلة و ضعيفة مع الاستعانة بمؤثرات صوتية و بصرية للخداع لمحاولة تضخيم حجم القوة المهاجمة بنظر عدوه حتى يعتقد العدو بأن الهجوم بدأ فيُبطبق خطته و من ثم تنكشف الخطة للقائد...

    أحيانا يهجم القائد بتشيكلات أكبر طالباً منها هجوم شَكلي دون خوض قتال حقيقي عن طريق الكَر و الفـر... و الأسلوب الحالي أقرب لخداع العـدو حيث تكون ردة فعله هي الخطة التي ينوي القتال بها...

    كل ذلك لن ينجح إلا إنْ تمكن القائد من مراقبة أرض المعركة و ردة فعل عدوه... الإستراتيجية مع دقة ملاحظة القائد ستكشف خبايا و خدع أعدها العدو كنوع الأسلحة التي سيدافع أو يهجم بها و كيفية انتشار قواته لحظة الدفاع أو الهجوم و حجمها ليتنبأ بكمائن أو التفافات ربما قام بها...

    لا يعني ذلك أن الخطة ستنكشف تلقائيا... بل ربما يحتاج القائد وقتاً ليكتشف نوايا الخصم و أحيانا يُكرر الهجمات الشكلية بأشكال عدة... خلال الوقت و مراقبته الدقيقة لأرض المعركة و ما حولها لمتابعة تحركات خصمه...

    كما نلاحظ كذلك فحين دمج الإستراتيجية الحالية مع إستراتيجيات ماضية سيُعطيها قوة أكبر... فتكرار الهجمات الشكلية بعمليات الكَـر و الفَـر سيُعطي القائد فائدتين فأولا يكشف نية خصمه و ثانياً سيوقع خصمه بفخ الروتيـن... حيث يتوقع الخصم طبيعة الهجوم التقليدية كل مرة بالكفر ثم الفر... بالتالي سيهجم القائد بأسلوب مغاير بإحدى عمليات الكَـر بشكل لا يتوقعه الخصم و قد اعتاد الروتين مما يعني خسائر بصفوفه أو هزيمة...

    المزج بين الإستراتيجيات و تنويعها ميزة إستراتيجية بحد ذاتها و تقود لحسم المعارك بصورة أكبر حتى إن فطن العدو لبعض الإستراتيجيات فسيغفل عن أخرى إلا ما شاء اللـه...

    رد مع اقتباس  
     

  2. #14  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الإستراتيجية الرابعة عشـر

    (( اقترض جثة الغير لتحضير الأرواح ))

    يقول المؤلف:

    قم بإحياء فكرة، طريقة، عادة، تقليد، تقنية من الماضي نسيها الناس، واستغلها لصالحك، عبر إكسابها غرض أو مفهوم جديد.

    يُضيف بمثال:
    عندما توفى الإمبراطور الصيني هودي 188 سنة قبل الميلاد، لم يترك وريثًا للعرش. على أن أم الإمبراطور كانت قد احتاطت للأمر من قبل، إذ اشترت طفلاً قبل وفاة الإمبراطور بعدة سنوات، وجعلت زوجة ابنها تدعي أنه ابنها. لتخفي آثارها، أمرت الإمبراطورة بإعدام أم الطفل الحقيقية. بعد وفاة الإمبراطور، نصبت الأم الطفل إمبراطورًا، وجعلت نفسها الوصية عليه. بعد مرور عامين، علِم هذا الطفل بما حدث لأمه الحقيقية، ونقل عنه جواسيس أم الإمبراطور قوله أنه يعرف ما يجب فعله عندما يصبح إمبراطورًا. لم تتأخر الأم، إذ أمرت بقتله ووضعت طفلاً غيره مكانه. خلال ثمان سنوات غيرت الأم ستة أطفال، حتى ماتت بعدها بمرض غريب.


    =======
    التعليق
    =======

    يعني المؤلف بالفكرة القديمة الجثـة... و الروح هي الغاية الجديدة التي تريدها بواسطة تلك الفكرة...
    صراحة لم أجد مثالاً حياً على الإستراتيجية و هي تبدو أقرب لعالم السياسة منها للحروب... الإستراتيجية تستند إلى وسيلة قديمة يفهمها الناس بمفهومها العام و لكــنَّ غايـة استخدامها الحقيقية هي مُغايـرة...

    والدة الإمبراطور أرادت حكم البلاد عبر الوصاية... فكان لا بد من وجود طفل على الكرسي... و التقاليد تقول أن الإمبراطور الطفل يحتاج وصيـاً عليه و هذا سهَّـل لوالدة الامبراطور غايتها... فاستعانت بذلك التقليد القديم لغايـةٍ أخرى تريدها... طبعا احياء التقليد بالمثال تطلب منها عدة جرائم كما رأينا...

    لو أسقطنا الإستراتيجية على واقع السياسة الحربي فسنرى أمثلة عدة على ذلك: منها قصة سيدنا يوسف عليه السلام و إخوته عليهم السلام... حينما أرادوا التخلص منه بحثوا عن وسيلة شائعة يتقبل والدهم يعقوب -عليه السلام- قبولها... فكانت قصة الذئب يأكل الطفل... القصة تلك شائعة قديما و خاصة بالغابات و من المحتمل أن إخوة يوسف سمعوا جرائم سابقة عن قتل الذئب للناس فكان احياء هذه القصة...

    أمثلة أخرى بعالم السياسة حتى تكون عقول الناس لُعبـة... فيتم تجييش مشاعرهم أو معتقادتهم نحو هدف يسعى له السياسي... تُجار الحروب بأمريكا أرادوا تحقيق أرباحاً لشركاتهم سواءا مصانع الأسلحة أو النفط و الاتصالات و إلخ فكـان لا بد من ايهام الشعب الأمريكي و المجتمع الدولي بغايات وهميـة... كمثل التهديد العراقي بأسلحته للدمار الشامل و أنه سيُعيد تاريخ هتلر ليتوسع بدول الجوار للعراق...

    السـودان بلد غنية بالنفط و موقعها إستراتيجي فأشاعـوا أن حربَ إبادة و تطهير عرقي تشتعل فيها... و أنَّ غايـة الأمريكان و الغرب إنساني بحـت حتـى أثاروا الرأي العام ضد السودان و رئيسه رغـم أن جرائم دارفور مثلا لا تُقارن مطلقا بجرائمهم ببلاد كثيرة... لكنَّهم ملكوا آلة الإعلام و استثاروا الشعوب من مفاهيم الإبادة الجماعية و صورها حتى وصلوا لمرادهم الحقيقـي...

    لو صرح الغرب بنواياه الحقيقية مُسبقاً فلن يجني سوى الفشل... لأجل ذلك فعالم السياسة هو عالم بمجمله مخـادِع و يظهر عكس ما يُبطن... لباسه العام الكذب و الزيف لتنفيذ مآرب بعادات و مفاهيم يظنها الناس عكس الحقيقة التي يُريدون...
    رد مع اقتباس  
     

  3. #15  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الإستراتيجية الخامسة عشرة

    (( اغوِ النمر ليهبط من أعلى الجبل ))

    يقول المؤلف:

    لا تشن أبدًا هجومًا مباشرًا على عدو متخندق متحصن (ميزته سببها المكان) لكن أغرِه واغوِه حتى يخرج من مكمنه القوي (المكان الذي ميزه) ثم افصل بينه وبين مصدر قوته.


    يضرب بمثال:

    أراد الحاكم الصيني سون سي غزو جارته الشمالية لوجيانج، لكنها كانت محصنة بقوة ويحميها جيش متمرس، كما أنها تتمتع بحماية طبيعية لارتفاع أراضيها إلا من ممرين تحرسهما بشدة ويقظة. قرر سون سي إرسال وفد يحمل الهدايا وثمين الكنوز لحاكم لوجيانج، ومعه رسالة من سون سي قال فيها أنه يدعو حاكم لوجيانج لغزو جارتهما مدينة شانغلياو التي طالما ناصبته العداء والاعتداء، ولكنه بسبب ضعف بلاده لا يستطيع الهجوم عليها، ولذا يمكن لحاكم لوجيانج الهجوم عليها وضمها لبلاده دون معارضة من سون سي. رغم معارضة الوزراء، قام حاكم لوجيانج بالهجوم على المدينة وحصارها، وبعد مرور أسابيع على هذا الحصار، شن سون سي هجومه على لوجيانج التي رحل عنها جيشها، فسقطت سريعاً بين يديه، وبذلك توقفت الإمدادات عن جيش حاكمها المخلوع الذي خرج ليحاصر شانغلياو، فتوقف عن حصاره وحاول العودة لمدينته، التي وقفت أمامه عصية بسبب تضاريسها ودفاع سون سي عنها، فاضطر إلى الفرار هو وجيشه.



    ======
    التعليق
    ======

    حاول المشركون يوم الخندق جر المسلمين للقتال خارجه... تضاريس المدينة المنورة أعطتها ميزة دفاعية ازدادت قـوةً بعد سد نقاط الضعف بواسطة الخنادق... حينها عجز جيش المشركين أنْ يفعل شيئا حتى انهار بعد مدة بحمد اللـه...

    الاحتمالات أمام جيش يُقاتل عدو متحصن بشكل قوي يصعب الوصول إليه:هي إما أن يبدأ القتال و ستكون خسائره أكثر لأنه يُقاتل أولا ضد التحصين و ثانيا ضد العـدو... الاحتمال الآخر هو بضرب حصار شديد كما حاول المشركون بالمدينة المنورة... حينها سيكون عامل الصبر و الوقت حاسمين... فكِلا الجيشين سيُعاني من الحصار من ناحية تموين و جهد وغيره...

    من التطبيقات الإسلامية على الإستراتيجية عملية استدراج رأس اليهود "كعب بن الأشرف" خارج حصنه ثم قتله... و كان الصحابي محمد بن سلمة -رضي اللـه عنه- بطل تلك العملية بحنكته و دهائه العظيمين... فدخل عليه بدايةً ثم شكا إليه حاجته للصدقة و كأنه استثقل الإسلام طالباً منه ديناً فطلب منه كعب بن الأشرف رهاناً حتى اتفقا على رهن أسلحته... جاءه بالليل يطرق باب حصنه فنزل كفب بن الأشرف رغم خوف زوجته عليه لكنه اغتر بحديث ابن سلمة -رضي اللـه عنه- و كانت مقتلته خارج حصنه...

    من الأمثلة كذلك ما فعله القائد المظفر صلاح الدين -قدس اللـه روحه- بالصليبيين في حطين... فبعد أن كاتبهم بالهدنة لبضع سنين كي يبني الدولة الإسلامية و يوحد الأقاليم المتفرقة حتى تحين الفرصة لتحرير القدس... نكث ملك الكرك الهدنة و هاجم قافلة إسلامية متحصناً بقلعته...

    حاول صلاح الدين حل الأزمة سلمياً لأسباب عدة منها أنَّ شوكة الصليبيين قوية و خاصةً تحصنهم بحصون تتطلب أسابيع لفتحها... فطبق ما يُشبه الإستراتيجية الحالية لاستدراج الصليبيين خارج نقاط قوتهم حتى يكون القتال بأرضٍ دون حصون...

    كان ذلك باثارة غضبهم و حميتهم حينما هاجم حصن طبريا الذي تحكمه زوجة أحد ملوك الصليبييـن... فاجتمع ملوك الحصون ببيت المقدس و طرابلس و الكرك لانقاذ طبريا و تركوا خلفهم حصونهم التي كانت مصدر قوتهم...


    طبعا خطة القائد صلاح الدين امتازت بعدة إستراتيجيات حربية ذكرنا سابقاً بعضها...

    فحقق هذه الإستراتيجية كذلك استراتيجية اختيار أرض و موعد المعركة مُسبقا و غايات أخرى سعى لها كإنهاك جيش الصليبيين بعناء السفر و جاهزية جيشه -كما فعل النبي صلى اللـه عليه وسلم يوم بـدر- و استعان كذلك بالجغرافيا و المناخ ليكون بصالحه ضدهم... فأحرق الأشواك و الأعشاب لتزداد حرارة الجو و آثارها على الصليبيين مستغلاً اتجاه الرياح الذي أرسل الدخان و النيران نحو معسكرهم... كذلك ادخال الرهبة بقلوبهم عبر التكبيرات من حناجر جيش المسلمين بالليل... إلى غير ذلك من إستراتيجيات الحرب التي امتاز بها القائد الفـذ جزاه اللـهُ عنا خيرا
    رد مع اقتباس  
     

  4. #16  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الإستراتيجية السادسة عشـرة

    (( لتقبض على عدو، عليك أولاً أن تطلق سراحه ))

    يقول المؤلف:

    الطريدة المحاصرة في ركن لا مهرب منه ستقوم دائمًا بشن هجوم مستميت أخير. لتمنع حدوث ذلك، أوهم العدو بأن هناك مهربًا باقيًا، ما يجعل رغبته في القتال تخبو، في مقابل انتعاش رغبته في الهروب. عندما يتضح للعدو في نهاية الأمر استحالة الهروب، ستخبو معنوياته حتى يضطر للاستسلام في النهاية دون قتال.

    و المثـال التالي:

    خلال معاركه الكثيرة، جمع الجنرال تان داو-جي قرابة أربعة آلاف أسير، حتى صاروا عبئًا عليه، فنصحه مستشاروه بذبحهم، لكن الجنرال أحسن معاملتهم وأطلق سراحهم. عند عودة هؤلاء الأسري إلى بيوتهم، حدثوا أقاربهم عن حسن معاملة الجنرال تان لهم وإطلاقه سراحهم، ما سهل مهمته أينما ذهب وجعل الكثيرون ينضوون تحت لوائه ويحاربوا معه.


    =====
    التعليق
    =====

    الهدف منها هو الروح القتاليـة للخصم... خاصة حينما يُحاصَر و لا خيار أمامه سوى القتال... سيُقاتل بضراوة لأنه السبيل الوحيد أمامه للنجاة قبل التفكير بالاستسلام... المطلوب من الإستراتيجية هو تشتيت تركيز الخصم عن القتال للهروب... ذلك بايهامه أنه غير محاصر بالتالي تخف حدة قتاله و هذا الشطر الأول من الإستراتيجية...

    و هو كافٍ لخفض الروح القتالية للخصم المُحاصر... إلا أن الإستراتيجية أوسع و تهدف لاجباره على الاستسلام... ذلك عبر اغلاق باب النجاة مرة أخرى ليدخل اليأس لقلب المقاتلين و يبدأ انهيار الروح القتالية بنفوسهم... بدون شك سيكون القتال بحدة أقل بكثير عن السابق و يكون الاستسلام أقرب القرارات التي سيتخذها...

    أما عن آلية تطبيق الإستراتيجية فهي أولا تخص حالات معينة بالقتال خاصة حين محاصرة مقاتلين و روحهم القتالية عالية... لتحقيق الشطر الأول من الإستراتيجية و هو ايهامهم بباب نجاة من الحصار يُمكن تطبيق ذلك معنويـا أو حقيقةً على الأرض أو كليهما معا...

    الضغط المعنوي عبر اتصالات بالمقاتلين و أنهم سيلقون معاملة حسنة و سيرون أهاليهم و غيرها من المحفزات التي ستُدخل التردد بقلب المقاتل فيتشتت تركيزه من القتال الخالص إلى التفكير بينه و بين الخضوع لتلك المحفزات... بشكل عام فالضغط النفسي هدفه أن يتمسك المقاتل بالحياة و أن استسلامه ليس النهاية... فلو وافق حينها على الاستسلام فقد اختصر الطريق و الجهد على أعدائه... و إن تردد فسيتشدد أعداؤه بقتاله و حرمانه من الامتيازات التي سينالها و قـد حققـوا مرادهم في أن روحه القتاليـة خَبـتْ عن البدايـة...

    تطبيق الشطر الأول عبر أساليب أخرى مادية بساحة القتال كمثل ايهامه بممر آمن للهروب حتى يوطـن نفسه على الانسحاب ثم ما يلبث أنْ يظهر له عكس ما توقعه كأنْ يتخفى أعداؤه بالممر و يستمر الحصار و تنخفض روحه القتالية و يُصبح أقرب للاستسلام...

    أمثلة ذلك كثيرة بيومنا الحالي و بالحروب العالمية حين القبض على الأسرى المقاتلين فقبيل ذلك يبدأ الضغط النفسي من الخصم لاجباره على الاستسلام بعد تقلبات بقلبه...

    رد مع اقتباس  
     

  5. #17  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الإستراتيجية السابعة عشرة

    (( ارم حجرًا لتصطاد زمردة ))

    يقول المؤلف:

    انصب فخًا وأغرِ عدوك ليقع فيه مستخدمًا طُعمًا (شِركاً). أثناء الحرب، يكون الطُعم الإيهام بفرصة للفوز، وفي الحياة يكون الإيهام بالثروة أو القوة أو الجنس.

    يُتابع بمثال:

    عندما أراد زي مهاجمة بلاد وي، أرسل لمليكها هدية عبارة عن 400 فرسًا صغيرًا وزمردة. سعد الملك بهذه الهدية غير المتوقعة، وسارع الوزراء لتقديم التهاني، عدا وزير واحد، عبَّر عن شكوكه في مثل هذه هدية، وعلل لذلك بالقول أن من تأتيه هدية غير متوقعة أو مبررة، ودون استخدام القوة، عليه دائمًا أن يفكر في دوافع هذا الإهداء. 400 فرس وزمردة تناسب هدية تهديها إمارة صغيرة لأخرى كبيرة، فما بال هدية من إمارة قوية وكبيرة. اتخذ الملك الاحتياطات اللازمة، وزاد عدد الجنود على الحدود، وأمرهم بزيادة الحيطة والحذر. عندما وصل زي إلى الحدود وجد الحراسة الزائدة على الحدود، ولاحظ ارتفاع درجة الاستعداد، فعاد أدراجه قائلاً: هناك رجال جديرون بالاحترام في بلاد وي، فلقد توقعوا خططي لهم.


    ======
    التعليق
    ======

    مرت إستراتيجية شبيهة بالحالية و هي عن التضحية بشيء مقابل آخَر أكبر... كذلك إستراتيجية استدراج العدو من حصونه فكلاهما توازي الإستراتيجية الحالية...

    الشيء المشترك بالإستراتيجيات الثلاث هو الحيلة للإيقاع بالعدو... الإيقاع به ليس شرطاً بساحة قتال فكما القصة الماضية كان الطعم يهدف إلى احداث الغفلة بصفوف العدو عبر كسب ودهم بالهدية... خطط القائد أن يدخل بجيشه المدينة و قد ساد جو من الغفلة و عدم الحيطة جنودها و السبب ايهامهم أنه صديق محب... لكن الحيلة لم تنطلي عليهم...

    أحيانا يكون الطعم بساحة القتال كانسحابات تكتيكية و تسليم حصون و مدن أو عبر جواسيس لتسريب شائعات ما و الغاية تحريك جيش الخصم إلى مناطق للإيقاع به و قد شاع بنفوس جيشه اقتراب النصر... و تتغير أحداث المعركة نفسياً و ميدانياً حين اكتشاف الطعم... يوجد أمثلة عدة على الإستراتيجية بالأعلى...
    رد مع اقتباس  
     

  6. #18  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الإستراتيجية الثامنة عشرة

    (( لتقبض على المتمردين، اقبض على قائدهم أولاً ))

    يقول المؤلف:

    إذا كان جيش العدو قويًا لكنه يوالي قائده لأسباب مادية أو خوفًا منه فقط، ساعتها صوّب هجومك على هذا القائد. سقوط مثل هذا القائد يؤدي لتشتت جنوده وربما انضمامهم إلى جانبك. إذا كان الجنود يوالون القائد بسبب الوفاء، ساعتها احذر من سقوط هذا القائد، فجيشه سيقاتل بعده طلبًا للثأر له.

    يُتابع:

    في عام 756 قبل الميلاد، قاد ين زيكي جيشه ليحاصر مدينة سويانغ. لاحظ حاكم المدينة أن القوات الغازية استعدت جيدًا للحصار، إذ نظم زيكي قواته بحيث تقف خارج مدى سهام رماة أسوار المدينة. أيقن حاكم المدينة أن القضاء على زيكي سينال من معنويات المتمردين، ولذا خطط مع أبرع رماته بحيث رموا في اليوم التالي طلائع المتمردين التي تحاول تسلق الأسوار بفروع الأشجار عوضًا عن السهام، ففهم زيكي ذلك على أن الرماة قد نفدت منهم السهام، ولذا أمر قواته بالتقدم من الأسوار، إذ أن الفروع مداها أقصر من السهام، لكن زيكي اقترب من الأسوار ليشاهد بنفسه انتصاره الذي اجتهد من أجله، ودون أن يعلم حيلة الرماة، أصابه سهم في رأسه أسقطه صريعًا في التو. نال هذا السهام حين نال من معنويات الجنود قبل زيكي، فما أن سقط على الأرض حتى فترت معنويات جنوده لدرجة جعلتهم يعدلون عن حصار المدينة.


    ======
    التعليـق
    ======

    القائد رأس الجيش و عماده خاصةً لو كان ذا شخصية قوية... الجنود و حتى المدنيين سينظرون له كعنوان لهم لذا كان و ما زال ليومنا استهداف قادة الجيوش من أولويات الخصم في أي معركة... ليس لضرب معنويات أتباعه بل فقدانه هو خسارة مادية لهم...

    إلا أن طبيعة ولاء الجند للقائد تُحدد استهدافه من عدمه... الأنظمة الدكتاتورية جعلت علاقة القائد بالجند مبنية على القـوة و الانصياع المُطلق كمبدأ العبـد و سيـده... كثيراً ما كان قادة لا يحترمون جنودهم و يرون عاقبة ذلك حين الحصار و اشتداد القتال...

    القائد الإستبدادي قتله يعني انعدام دافع القتال لجنده... و من الصعب إيجاد محبين له لللثأر لدمائه بل ربما يفرح أتباعه بمقتله... السبب بذلك هو أخلاق الضابط مع الجند...أما الجند الوفـي لقائده فقتله يُشعل القتال و ربما يعود بخسائر أكبر من المصالح التي يُمكن للعدو أن يجنيها...

    مثال ذلك قديما سعي الجيوش لقتل حامل الراية بالمعارك أو الوصول لقائد الجيش كما حاول المشركون يوم أحد و يوم حنين كذلك فعل المسلمون بقادة و ملوك المشركين و الصليبيين...

    أيضاً ما حصل بالجيوش العربية من تمرد على الطواغيت المستبدين و انشقاقاتهم ليقاتلوا ضده...
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. التياسة في السياسة
    بواسطة تحسين في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07/08/2008, 09:22 AM
  2. بعيداً عن السياسة
    بواسطة مروان قدري عثمان مكانسي في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 07/06/2008, 10:25 PM
  3. السياسة الشرعية
    بواسطة بشير صابري في المنتدى إسلام
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02/05/2008, 09:36 AM
  4. حوار د.أسد مع جريدة السياسة
    بواسطة د.أسد محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11/03/2006, 02:11 PM
  5. حوار د.أسد مع جريدة السياسة
    بواسطة د.أسد محمد في المنتدى قضايا أدبية
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 05/02/2006, 05:06 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •