النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الساعات الأخيرة للرئيس ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق

  1. #1 الساعات الأخيرة للرئيس ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية بوفاتح سبقاق
    تاريخ التسجيل
    Jun 2008
    المشاركات
    40
    معدل تقييم المستوى
    0
    الأخبار تتوالى على القصر الرئاسي ، الإعتصامات في كل الميادين الإستراتيجية الرئيس في ركن من مكتبه واضعا جريدته أمامه و يشطب من حين لآخر كلمة
    إنها هوايته المفضلة البحث عن كلمة السر ، و أين له أن يجد هذه الكلمة في ظل واقع البلد الذي أضحت أسراره ظاهرة للعيان ؟ إختلاسات كبار السلطة أضحت حديث العام و الخاص و الجرائد تتحدث عنها كل يوم ، المواطن المعدم يدفع دنانير معدودة فقط ليقتني أي جريدة يومية ليجد رائحة نهب المال العام تطغى على كل الصفحات ، أرقام فلكية هنا و هناك بالملايير و لكن من يسرق دجاحة يودع السجن و من يستولى على الملايير أقصى عقوبة له أن يعيش في الخارج يتنعم بأموال الشعب المغلوب على أمره.

    فجأة دخل مدير الأمن الرئاسي مسرعا ...
    - سيدي الوضع جد خطير ، إنهم يقتربون من القصر الرئاسي ...

    نهض الرئيس من مكانه بكل تثاقل يجر ثقل السنين ، ثلاثون سنة في الحكم جعلته يتأقلم مع كل الظروف و لكن هذه المرة يحس بأن النهاية أضحت قريبة
    إنه شعب جديد يختلف عن ذالك الشعب الذي ظل صامتا سنوات ، كان يملك ناس كلهم طيبة و إخلاص و وفاء دائم له و لأركان حكمه ، أما اليوم إنه زمن الفضائيات و الفايس بوك و غيرها من وسائل الإعلام .
    - يتعين على كل الأسلاك الأمنية أن تحمي القصر الرئاسي إنه رمز سيادة و لا تنس أن التغيير يبدأ من هنا ، و يجب إعطاء تعليمات بحراسة جيدة للإذاعة.
    - لكن سيدي حتى مقر التلفزيون مهم ، أما بخصوص الإذاعة فهناك إذاعة في كل مدينة اليوم .
    - يجب إيقاف بث المحطات الإذاعية الصغيرة ، و الإكتفاء بإذاعة واحدة تكون تحت سلطتنا.
    - و ماذا عن القنوات الفضائية ؟ كلها معادية لنا .
    - أليس لديك طريقة لإيقاف بثها أيضا ؟ إنها مصدر إزعاج كبير ...
    - إنها تبث عبر عدة أقمار صناعية و تتحكم فيها شركات تجارية و لا يمكن أن تخضع لنا .
    - أليس لدينا إتفاقيات مع الدول التي توجد فيها هذه الشركات ؟
    - الأمر صعب في هذه الظروف و هناك بعض الأنظمة تؤيد المعارضة لدينا و لا تنس أن الأنترنات هو عدونا الأكبر .
    - ألا يمكن إيقافه هو الآخر ؟ ... غريب هذا الزمن ، في السنوات الأولى التي أعتليت فيها سدة الحكم ، كان أي صوت معارض أتخلص منه في أربع و عشرون ساعة أما اليوم الأعداء كثر و لكنني لا أرى أحد كلهم وسائل إعلام و إزعاج إفتراضي ، بالفعل إنها أصعب أنواع المعارضة التي شاهدتها في حياتي و لكن إخبرني كيف يصل الأنترنات لبيوت الناس ؟
    - يصل الى بلدنا عن طريق كابلات تحت البحر من أوربا ..
    - إقطعوا كابلات المصائب و قولوا للشعب أن أسماك القرش هي السبب .
    - فكرة جهنمية سيدي سنفعل ذالك .

    - و الآن تابع ما يقع و إخبرني بكل جديد ، و عليك أيضا بالتأكد من جاهزية كل الفرق المكلفة بخروجي المحتمل من هذا البلد اللعين .

    - إطمئن سيدي كلهم رهن إشارتك ، طائرة الهليكوبتر جاهزة في باحة القصر و الطائرة أيضا محركها يدور في المطار العسكري ، بالإضافة الى الباخرة الرئاسية على شاطئ إقامتك الخاصة و طبعا الفرق الأخرى الجاهزة عبر الحدود البرية ، نحن جاهزون لكل الإحتمالات .

    - نشرات الأخبار المختلفة الحكومية يجب أن تركز على إنعدام الأمن و خوف المواطنين و أهمية دور الأسلاك الأمنية في الحفاظ على أمن الأشخاص و الممتلكات ، و طبعا لابد من الإشارة الى فزاعة الأيادي الأجنبية و العدوان الخارجي فهي صالحة دائما في مثل هذه الأزمات ، مع أنه في هذا الوقت أصبحت الدول الكبرى أقل تدخلا مباشرا ، أيام زمان كانت الإمبريالية مشجب مميز تعلق عليه كل الأزمات و يقضى فيه على كل المعارضين .

    - إنه زمن الأنترنات و الفايس بوك سيدي ثورات في كل مكان و كل مواطن صعلوك يحمل معه هاتف نقال بكاميرا يوثق به ما يشاهده و يضعه مباشرة على مواقع الأنترنات ، و منه يستغل مباشرة من طرف الفضائيات المعادية لنا .

    بقي الرئيس صامتا يطل من نافذة القصر الرئاسي على جموع الجماهير الغاضبة ، إنهم مجرد أوباش يريدون تغيير التاريخ و لن ينجحوا ، التاريخ يكتبه العظماء و لا يخربشه الأوغاد .
    خرج مدير الأمن الرئاسي مسرعا ليطبق كل تعليمات الرئيس ، و لكن في ذهنه أيضا مخطط للهروب ، كل أركان السلطة لديهم مخططاتهم الخاصة سفينة الحكم ليست سفينة نوح و ستغرق بكل تأكيد و الذكي من يفكر في إنقاذ نفسه قبل فوات الأوان ، الشعوب حين تنتفض دائما ما تجعل نهاية الزعماء و أتباعهم دموية إما المشانق أو السحل في الطرقات.

    ثلاثون سنة من الحكم مرت و كأنها أياما ، ما زال لديه الكثير من الأفكار و البرامج يريد أن يحققها لهذا الشعب المسكين ،فهو مقتنع بأنه حاول أن ينقل كل برامج التحضر من الخارج ، و لكن ذهنية الناس ما زلت متخلفة ، و الآن يطالبون بالديمقراطية و التداول على السلطة ، إنهم ضحايا القنوات الفضائية و الثورات المزيفة ، يعرف أن الخراب سيكون مصير هذه البلاد إن رحل ، نمط تسييره هو الذي حافظ على كيان الدولة و إستمراريتها.
    إقترب الرئيس من مكتبه متثاقلا ، سيقوم بإجراء مجموعة من الإتصالات الهاتفية مع مختلف الرؤساء الذين يعانون أيضا من هذه الثورات الغريبة
    لا شك أنها مؤامرة خارجية كبرى تهدف الى زعزعة الإستقرار و الإستيلاء على منابع النفط العربي ، لقد قضوا على الدب الروسي و يريدون الآن تركيع الجمل العربي ، أعجبته أفكاره كثيرا ، إن تسنى له الوقت سيتصل بقناة الجزيرة الفضائية و يقدم نفسه كمحلل إستراتيجي ، و إن تعذر ذالك سيقدم نفسه كشاهد عيان و ما أكثرهم في هذه الأيام .

    أنهى إتصالاته في دقائق و أدرك من خلال ما سمعه من مختلف الرؤساء و الزعماء أن الأزمة شاملة و المؤامرة كبيرة ، نفس السيناريو في كل بلد ، شباب ، مظاهرات ، مسيرات ، إحتجاجات ، يوتوب ، فايس بوك ، فضائيات و النهايات متقاربة إما تنحي أو هروب ، بالنسبة له كل الفرضيات ممكنة فالفوضى مضى عليها أكثر من شهر و لا دليل على توقفها ، و من الأحسن أن يستفيذ من تجارب الرؤساء الآخرين ، لا يلدغ رئيس من جحر مرتين ، بقاءه في البلد مستبعد جدا ، فقد بلغه أن بعض المعارضين يطالبون بمحاكمته و إعدامه ، هذا جزاءه بعد ما أفنى سنوات عمره خدمة لهذا الشعب ، البحث عن دولة صديقة تستضيفه أمر أكثر من عاجل ، الهروب حتمية و لكن الأفضل أن يكون مبكرا ، حتى يستبق كل النهايات المؤلمة ، و ما أدراه ربما هناك في مكان ما من يخططون لإنقلاب عسكري ضده ، فهو لا يضمن ولاءهم بالرغم أنه صاحب الفضل في كل نياشينهم .

    نهض من مكتبه و توجه الى صالونه الخاص ، جلس أمام شاشة التلفزيون المسطحة ، ليتابع ما يجري هنا و هناك ، ما أكثر الفضائيات في هذا الزمن الملعون ، أغلبها إخبارية متخصصة ، الشيطان يختبئ في التفاصيل و هذه القنوات تتحالف مع كل شياطين الكون من أجل الوصول الى الخبر ، مع أنه رفض تواجد مكاتب لأغلبها ، إلا أنها ما زالت تعتمد على مراسليها في الظلام و تصطاد كل ما ينشر على مواقع الأنترنات ، الجزيرة ما زالت عراب كل الثورات بما تمتلكه من خبرة في نقل الخبر و إضافة توابل إستفزازية عليه و تقديمه كطبق مغري للمشاهدين ، أضحت المحطة معروفة أكثر من قطر الدولة ، إنها بكل تأكيد أداة تحرك لفائدة عدة قوى خارجية ، ما أثار إنتباهه هو ظهور قنوات أخرى تابعة لدول أوربية تبث باللغة العربية و تهتم بالشأن العربي ، إنها بالفعل مؤامرة كبرى دبر لها في عدة ليالي ، توقف في جولته الفضائية عند قناة فنية تبث أغنية رومانسية مميزة ، إنها نانسي عجرم التي سحرته منذ أول ظهور لها ،يتذكر جيدا أنه أنشأ مهرجانا سنويا من أجل إستضافتها في قصره إنها نموذج الأنوثة المركزة لا يمكن لأي إمرأة أن تنافسها .

    و فجأة سمع صراخ و فوضى و رصاص في ردهة القصر ، سارع الى أخذ مسدسه و إقترب أكثر من النافذة ، لا يصدق ما يراها العسكر يغزون المكان ، فتح باب المكتب بقوة ، و دخل مجموعة من العساكر مدججين بكل أنواع الأسلحة .
    - إنتهت اللعبة أيها الرئيس ، من الآن أنت الرئيس السابق.....

    - من أنتم ؟ من أنتم ؟

    تذكر الزعيم معمر القذافي في خطابه الشهير ، لا يدري هل هو بصدد مواجهة جرذان أم صقور ؟ تأمل وجوه الحركة الإنقلابية جيدا ، لا يعرف أي واحد منهم ، من أين خرج هؤلاء الأوغاد ؟ إستطاع أن يلمح في وسطهم مدير الأمن الرئاسي ، الذي بدت عليه علامات الإرتباك و هو يقترب من الرئيس .

    - لا تستغرب ، رحيلك حتمية تاريخية لا مفر منها ، الشعب يريد تغيير النظام و أنت رمز كل هذا النظام ... لا تنس أن مجيئك الى السلطة منذ ثلاثون سنة كان عن طريق إنقلاب .
    - على كل كنت مستعد لهذه النهاية أو غيرها ، تسونامي الثورات لا يمكن أن يتوقف عند حدودنا .

    تم إقتياد الرئيس السابق خارج القصر و طلقات الرصاص تسمع في كل مكان إنها فرحة مؤقتة برحيله ، يدرك جيدا أن تنحيته ستؤدي الى إنهيار البلد و شيوع الفوضى و الخراب ، سيندمون على فترة حكمه بكل تأكيد و لكن أكثر ما يزعجه أنه لا يعرف مصيره وسط هذه العساكر ، هل سيتركونه يرحل ؟ أم سيتكفلون بإعدامه خارج نطاق القضاء ؟ ركب معهم السيارة العسكرية و هو في قمة الإنحدار النفسي ، من القمة الى ما تحت الحضيض ، شيء واحد يجعله ربما سعيد و حزين في نفس الوقت ، سيكون هذا المساء مادة دسمة لكل الفضائيات الإخبارية و سيبحثون في الأرشيف للكشف عن مساره و نهايته
    سيتحول الى خبر رئيسي في دقائق ثم يتم دحرجته الى شريط الأخبار و من ثمة يخرج من نادي الرؤساء الى مزبلة التاريخ .

    بقلم بوفاتح سبقاق
    كتبت بتاريخ 30/07/2011

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,619
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    منذ أشهر قلت أن الأدب قد دخل فترة التحول
    ولا كلام جديد بعد صوت الرصاص ومعركة التغير في الشارع العربي

    قرأت ما كتبت
    لو كتبت هذه الكلمات قبيل الأحداث لكنت اليوم بطلاً

    لكن ما الجديد الذي قدمت فيما عرضته هنا

    كثيرا ما يبحث الانسان عن معنى حياته
    ولا بد للكاتب أن يبحث كذلك عن معنى كتابته

    تحياتي
    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    25
    معدل تقييم المستوى
    0
    القصة القصيرة جدا تختلف عن المقال أو النشر الاخبارية بما تحملة من تفاعلات نفسية بعيدا عن السرد وبما توحيه للمتلقى اكثر مما تخبره به

    مع خالص تحياتي
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. رجل الأفكار..... قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 30/08/2008, 09:28 PM
  2. الإقتراح العجيب .. قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 24/08/2008, 07:18 PM
  3. بؤرة توتر ....قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 24/08/2008, 07:11 PM
  4. الشبكة ............فصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08/08/2008, 04:53 PM
  5. الشبكة ...قصة بقلم بوفاتح سبقاق
    بواسطة بوفاتح سبقاق في المنتدى القصة القصيرة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08/07/2008, 09:17 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •